نشرت صحيفة الوطن القطرية الصادرة، 1سبتمبر، مقالا بعنوان " اقتصاد مصر وتكريس التبعية للنظام الرأسمالي" ذكرت الصحيفة انه في خطوة جاءت على النقيض من موقف حزب الحرية والعدالة الاسلامي الذي كان قد رفض الاستدانة باعتبارها ربا وحراما، طلبت حكومة الرئيس المصري محمد مرسي من صندوق النقد الدولي قرضا بقيمة 4.8 مليار دولار، ووافق الصندوق على الطلب وتخفيض الفائدة من 1.2% الى 1.1% لمدة خمس سنوات. واشارت انه واضحاً أن هذا التبديل السريع في موقف حزب الإخوان المسلمين بعد وصوله الى السلطة قد برر بحجة أن هناك تركة ثقيلة ورثتها مصر من نظام حسني مبارك الذي حكم مصر على مدى ثلاثة عقود من الزمن، وتتمثل هذه التركة في عجز في الموازنة بلغ 170 مليار جنيه، في حين يتوقع ان يصل الدين العام الى 1.4 تريليون جنيه مصري، وهو ما يكلف الموازنة العامة أكثر من 130 مليار جنيه فوائد سنوية. إلا أن اللجوء الى الاستدانة لمواجهة هذه التركة لا يقود الى احداث تغيير في النهج الاقتصادي الذي كان قائما وتسبب بها، وانما يشكل استمرارا له، وهذا يعني ان انتظار وصول الإخوان المسلمين إلى السلطة واحكام سيطرة الرئيس مرسي على مفاصل الحكم لم يؤد الى حصول أي تغيير في السياسات الاقتصادية والاجتماعية بما يحدث تحسنا في الوضع المعيشي للمواطنين، وانما يبشرهم بمزيد من التدهور في وضعهم الاجتماعي الأمر الذي يبدد كل آمالهم وتطلعاتهم بتحسن ظروف حياتهم، وتحقيق العدالة الاجتماعية بعد سقوط مبارك، وصعود الاخوان الى السلطة بعد انتخابات نيابية ورئاسية. واوضحت انه بعد أن أكد النظام المصري برئاسة مرسي استمرار التزامه باتفاقية كامب ديفيد، وما تعنيه من موجبات التنسيق الأمني مع الكيان الصهيوني، والولاياتالمتحدة الاميركية، والذي تجسد في إدخال الجيش المصري إلى سيناء لأجل ضبط الأمن فيها، وإعادة احكام الحصار على غزة بما يحمي أمن الكيان الصهيوني، اقدم مرسي على تجديد وتأكيد مواصلة مصر لسياساتها الاقتصادية والاجتماعية القائمة على الارتباط بعجلة النظام الرأسمالي الغربي من خلال طلب استدانة 4.8 مليار دولار من صندوق النقد الدولي، وقبول شروطه الاقتصادية والاجتماعية التي تعزز تبعية الاقتصاد المصري للدول الرأسمالية الغربية، وفي مقدمها الولاياتالمتحدة الاميركية، واستطراداً التبعية السياسية، ذلك أن مؤسسة الصندوق الدولي لا تعدو كونها سلاحاً غربياً لإخضاع الدول بواسطة القروض والتسهيلات المالية التي تقدمها مقابل دفع هذه الدول المقترضة لاعتماد وصفات الصندوق الاقتصادية والاجتماعية واشارت ان الإمعان في سلوك هذه السياسات الاقتصادية والاجتماعية من قبل حكم الإخوان المسلمين يعني: أولاً: استمرار الازمة الاجتماعية وتفاقمها، فالموافقة على الاقتراض من صندوق النقد الدولي وقبول شروطه المعروفة سيؤدي الى رفع الدعم عن المحروقات والكهرباء وغيرها من السلع الحيوية التي تدخل في تركيب جميع اسعار النقل والمواد الغذائية، مما يرفع الاسعار ويحدث تدهورا مفاجئا في القدرة الشرائية للمواطنين، ومثل هذا الاجراءات كانت قد تسبب اعتمادها في نشوب احتجاجات شعبية في السودان والمغرب وغيرها من الدول التي قبلت تنفيذ وصفات صندوق النقد. في حين انعكست زيادة في المديونية الخارجية ووضع نظام الحكم تحت وصاية المؤسسات المالية الدولية الخاضعة لهيمنة الدول الاستعمارية. ثانياً: تكريس نظام العلاقات الاقتصادية القائم على نهج النيوليبرالية الذي حول مصر منذ توقيع اتفاقية كامب ديفيد إلى جرم يدور في فلك التبعية للنظام الرأسمالي الغربي بقيادة الولاياتالمتحدة الاميركية الحليف الاستراتيجي لكيان العدو الصهيوني. ثالثاً: عدم وجود توجه لدى الإخوان المسلمين في إحداث تغيير حقيقي يقود إلى استعادة مصر لدورها الاستقلالي في الاقتصاد والسياسة، الذي فقدته بعد رحيل الرئيس جمال عبد الناصر. رابعاً: إن ما يجري في مصر لا يعدو كونه إعادة تكريس وتجديد نظام التبعية بكل اشكاله الاقتصادية والسياسية والأمنية والعسكرية، الذي جرى إشادته بعد توقيع اتفاقية كامب ديفيد، التي نقلت مصر من موقع الدولة العربية المستقلة اقتصاديا وسياسيا، والقائدة للمشروع القومي العربي التحرري النهضوي الساعي إلى تحرير الأمة من السيطرة الاستعمارية، إلى موقع الدولة التابعة الفاقدة لأي استقلال وطني واقتصادي والحليفة لأميركا والعدو الصهيوني. خامساً: إن ما يحصل من حملة عسكرية في سيناء اثر الهجوم الذي تعرض له الجنود المصريون في نقطة رفح، والقلق الإسرائيلي لدخول الدبابات والطائرات المصرية إلى سيناء باعتباره مخالفة لاتفاقية كامب ديفيد، إنما يندرج في السياق ذاته وهو تكريس التزام مصر بتعهداتها الأمنية مع الكيان الصهيوني، الأمر الذي اعاد التأكيد عليه وزير الدفاع المصري كامل عمرو الذي عينه مرسي بديلا عن المشير طنطاوي، عبر تجديد الالتزام باتفاقية كامب ديفيد. وهكذا يبدو أن حكم الإخوان يعيد تثبيت سياسات مبارك التي جعلت مصر جزءاً من الإستراتيجية الاميركية في المنطقة. واضافت ان برنامج ال100 يوم لمرسي اتضحت مقدماته منذ الآن، فكما يقال المقدمات تصنع النتائج، ولو كانت هناك مقدمات لتغيير لظهرت مؤشراتها منذ الآن، أما وقد تم استئناف العمل بالسياسات السابقة أمنيا وسياسياً واقتصاديا فانه لا جديد في برنامج مرسي سوى إعطاء دفعة جديدة للسياسات التي كان ينتهجها مبارك. ولذلك علينا انتظار انعكاسات هذه السياسات على واقع الشارع المصري، وعلى الأخص على قواعد الإخوان المسلمين، الذين كانوا ينتظرون أن يروا تغييراً في السياسات فإذا بهم يحصدون وهما وانتظاراً مقيماً. فهل تأتي زيارة مرسي المرتقبة لواشنطن في سبتمبر المقبل على غرار زيارة زميله راشد الغنوشي لتتوج تطمين واشنطن بأن مصر لن تغادر تحالفها معها.