◄| خبراء التربية: الغلق .. العقاب الرادع لمدارس التحرش إذا كانت ظاهرة التحرش واغتصاب الأطفال بالشوارع والطرقات مصيبة، فأن المصيبة أعظم، إذا ما انتقلت إلى داخل مدارسنا، وبين جدران فصولها، المعدة للتعليم، واكتساب الفضيلة .. وعلى يد بعض المدرسين المنتمين إلى طائفة العلماء، تشوه صورة ورثة الأنبياء، وتتحطم ثقة أولياء الأمور على صخرة بعض المرضى النفسيين، وتتحول المدرسة من المكان الآمن على فلذات أكبادنا إلى مرتع للفساد والرذيلة.. ففي الآونة الأخيرة انتشرت حالات التحرش واغتصاب الأطفال بالمدارس لتصل إلى 5 حالات في مدرسة واحدة، لذلك قامت «الأخبار المسائي»، لتدق ناقوس الخطر على مستقبل أبنائنا، وخاصة بعد دعوة البعض إلى العودة إلى عصور الجهل ورفض بعض أولياء الأمور إرسال أبنائهم للتعليم إذا ما كان المقابل هتك الأعراض.. الحل يبدأ بالمصارحة في البداية يقول جيلانى كساب، مؤسس حملة امسك مخالف، المهتمة بشئون التعليم، أن«الأمر أصبح ظاهرة، نظرا لتعدد حالات اغتصاب الأطفال داخل المدارس، ففي مدرسة خالد ابن الوليد الابتدائية بمنطقة العمرانية، قام المدرس علي ثابت باغتصاب الطفلة ندا، داخل حمامات المدرسة، وفى مدرسة أحمد زويل تم الاعتداء الجنسي على الطفلة مريم، وفى مدرسة سقارة الخاصة تم التحرش بالطفل حمزة، وعندما قاما والديه بتحرير محضر بقسم الهرم تحت رقم 5687 لعام 2016 إداري قام بعض العاملين بالمدرسة بضربهما من أجل إرغامهما على التنازل عن المحضر». ويضيف كساب أنه «تتجلى الظاهرة في أبشع صورها من خلال محاولة اغتصاب طالب الإعدادي محمد عبد الفتاح، وعندما فشل المغتصب، قام بالاعتداء عليه بالضرب بآلة حادة فوق رأسه، وإصابته بجرح، والحل يبدأ بالمصارحة والمكاشفة لأن معظم مديري المدارس يفضلون التعتيم خوفا على سمعة المدرسة والتلاميذ، ولكن هذا الأسلوب يتيح للذئاب البشرية الإفلات من العقاب، وحملة امسك مخالف كشفت عن قضية جديدة من قضايا الإهمال بمدارس الجيزة، والضحية هذه المرة طفلة لا يتعدى عمرها 12 عاما بالصف السادس الابتدائي بمدرسة خالد بن الوليد الابتدائية التابعة لإدارة العمرانية التعليمية». مروة البرجي، المتحدث الرسمي لحملة امسك مخالف، قالت إن الطفلة مي نبيل عبدالفتاح تعرضت لحادث داخل فصلها بمدرسة خالد بن الوليد الابتدائية والذي نتج عنه حسب التقرير الطبي اشتباه في فض غش البكارة، لافتة إلى أنها علمت من والدة مي بأن المتسبب في الحادث هو مدرس داخل المدرسة، وتم عمل محضر بقسم الطالبية ضده. وأضافت المتحدث الرسمي باسم امسك مخالف، أن هذه الحادثة ليست الأولي بالنسبة لإرهاب وتعذيب الأطفال داخل المدارس بالجيزة. حلول للمواجهة ويقول محمد صلاح الدين، رئيس جمعية أولياء أمور ومدرسي مدارس مصر، أن «الأمر يحتاج إلى وقفة حازمة، وسن قانون تصل فيه العقوبة إلى حد الإعدام، لأن المدرسة يجب أن تكون المكان الآمن على أولادنا، وأن يكون المدرسين هم حماة أبنائنا، وعندما تتبدل الأحوال ويصبح القائم على تعليم الفضيلة منتهكا لها يعنى حاميها حرميها يجب أن يعاقب بالإعدام ليكون عبرة لغيره، ويجب على الوزارة متابعة عمليات التفتيش المستمرة. ويتابع: «تقدمنا للوزارة ببعض الحلول لمواجهة الظاهرة، ومنها إجراء تحليل تناول المخدرات على جميع العاملين بالمدارس، بدأً بمديرها وحتى العمال والفراشين وكذلك الطلبة من بداية المرحلة الإعدادية، ووعدتنا وزارة التربية والتعليم بأخذ موافقة وزارة الداخلية لتنفيذ الفكرة، وطالبنا الوزارة بتخصيص حصة دراسية أسبوعية لتوعية تلاميذ المدارس وشرح كيفية التصرف إذا ما وقع التلميذ في فخ محاولة الاغتصاب، وهذا ما يحدث من خلال إحدى صفحات فيسبوك (safe) ويقوم القائمون عليها بنشر التوعية من خلال البوسترات والرسومات التي تصل بالمعلومة إلى الأطفال، كما تقوم بتدريس دورة للطفل بقيمة 50 جنيها ودورة مكملة لأولياء الأمور بقيمة 75 جنيها هدفها كيفية حماية أبنائنا من براثن شياطين الإنس». واستطرد: «الغريب ما تدعيه نادية رشاد مديرة مدارس المستقبل، من خلال أحد البرامج الفضائية، وردا على وقوع خمس حالات اغتصاب بمدارسها واتهامها لأولياء الأمور بالابتزاز، فهل يعقل أن يدعى ولى أمر تلميذ أو تلميذة بأن ابنه أو ابنته، قد تعرض لاغتصاب أو حتى محاولة لأسباب أخرى، مهما كانت ويصيب ابنه أو ابنته بحالة نفسية يصعب الخروج منها، وكان عليها الاعتراف بالسلبيات ومحاولة إيجاد الحلول بدلا من توزيع التهم على أولياء أمور كل ما اقترفوه إنهم وثقوا في قلة من البشر غير أمناء». إدارة قوية للمدرسة د.علي سليمان أستاذ علم النفس بجامعة القاهرة، قال إن «مشكلة التحرش تزيد وتتفاقم عندما يصل إلى حد اعتداء موظف أمن أو إداري أو مدرس على طالب أو طالبة، فيرجع ذلك لسوء التربية أو عدم حسن اختيار الموظفين، وهذا يحتاج لوجود شروط واختبارات للعاملين بالمدرسة وخاصة المدارس الخاصة والدولية، فأحيانا تتجه المدارس الدولية لتوظيف عاملين بسعر رخيص، وهذا يكلف المدرسة كثيرا من سمعتها بسبب أخلاقه السيئة، ويكلف الأطفال براءتهم، والأسر تدفع ثمن زيادة معاناة الطفل الذي تم تدميره نفسيا». وأوضح سليمان: «أننا لابد من حسن اختيار العاملين سواء كانوا موظفين أو حراسات أمنية أو كانوا مدرسين، ولابد من وجود إدارة قوية للمدرسة، فالمشكلة في وجود إدارات ضعيفة، وبالتالي فالعامل لا يتعرض لأي عقاب رادع من قبلها، ومن هنا تحدث المشكلة، فلابد من وجود رقابة شديدة وهذا يحتاج لقوة إدارة المدرسة الخاصة أو الدولية أو أي مدرسة أخرى، ويتم عمل تقييم سلوكي للمدرسين والعاملين في المدرسة دائما، فالإدارة هي التي تحكم السلوك البشرى». وذكر: «أننا نعانى من احتضار الضمير، فلابد من وجود تدريب على رأس العمل وتعليم الأخلاقيات والقيم، للحفاظ على التلاميذ، والحفاظ على سمعة المدرسة، والصحة النفسية للأطفال، وعلى ثقة أولياء الأمور في المدرسة، فالوقاية خير من العلاج، والوقاية تعنى المتابعة والرقابة وتطبيق أقصى العقوبة على المتحرش حتى يكون عبرة لمن تسول له نفسه في التعدي على أي تلميذ في المدرسة، فأحيانا يوجد فرص يستغلها من مات ضميره مثل تأخير ولي الأمر على ابنته أو ابنه في انتهاء اليوم الدراسي، وبالتالي عند حدوث الفعل الإجرامي يتعرض الطفل لتدمير الصحة النفسية للأطفال والأسرة». رقابة التربية والتعليم وعلقت د.عزة عبد السميع، أستاذ التربية بجامعة عين شمس، على حوادث التحرش التي زادت بشكل ملحوظ في الفترة الأخيرة في المدارس الدولية، متسائلة: «هل المدارس الحكومية يوجد بها رقابة من قبل وزارة التربية والتعليم بالشكل المطلوب؟»، متابعة: «فمن المفترض وجود رقابة شديدة وإشراف من قبل وزارة التربية والتعليم على المدارس الدولية، وخاصة أنهم هم من يمنحوهم الترخيص لفتح المدرسة، ولابد عند ثبوت وجود بعض حوادث التحرش، يتم عدم تجديد ترخيص المدرسة وغلقها مباشرة دون تردد». وتضيف عزة: «أنه للأسف السلبيات الموجودة متعددة، ولا يصح التعميم على وجود سلبيات في كل المدارس الدولية أو الحكومية أو أي نوع من المدارس، فلا يمكن الجزم بأن كافة المدارس الدولية مدانة، لأن ما يحدث ما هي إلا حالات فردية، ولا يمكن التأكيد على انضباط المدارس الحكومية لأن بها أيضا حالات فردية لبعض الحوادث سواء تحرش أو عنف، وبالرغم من ارتفاع المستويات الاجتماعية والمادية داخل المدارس الدولية، ولكن يوجد نفوس ضعيفة في كل مكان، ومن الصعب عدم وجود سلبيات وإخفاقات في المدارس الدولية». وتشير إلى «أن ما نتعرض له من برامج ومسلسلات وأفلام في التلفزيون من عنف وتحرش، كفيل بانتشار مثل هذه الحوادث، فحتى برامج التوك شو الضيوف تتراشق بألفاظ غير ملائمة وإيحاءات ويصل الأمر إلى حد الضرب، ومن المفترض أن يكونوا قدوة للشباب، ولكن الواقع يعكس وجه آخر للشباب، فضلا عن غياب دور المدرسة والمنزل والمسجد، فلا يوجد متابعة من المنزل سواء للانشغال بأكل العيش أو أي سبب آخر». وتطالب عزة «بعودة دور المدارس الحقيقي، وتفعيل حصص التربية الدينية والأخلاق، وأن يكون المدرس قدوة لتلاميذه لأن دوره أصبح مهمش، وفقد هيبته أمام الطلاب بسبب الدروس الخصوصية، فالمدرس أصبح ليس له فضل على الطالب وهى نقطة خطيرة جدا، بالإضافة أن العملية التعليمية لا تتجه نحو الانضباط، طالما الدروس الخصوصية تزداد يوما بعد يوم، حتى وصلت إلى مراحل الحضانة». الدراما والأفلام ويرجع د.محمد أمين، أستاذ التربية بجامعة عين شمس، أسباب انتشار حوادث التحرش في المدارس سواء بين الطلاب بينهم البعض أو بين المدرسين والطلاب إلى أسباب متعددة، ومنها عدم وجود المتابعة والتربية الجيدة في المنازل، فالآباء منشغلين ويهملوا متابعة أبنائهم وتربيتهم بطريقة صحيحة، فضلا عن انتشار الدراما والأفلام الموجود بها العنف والجنس التي تذاع وتبث على قنوات التلفزيون. ويقول أمين: إن «الشباب في مرحلة المراهقة ولديهم طاقة مكبوتة، وهذا يجعله يتوحد مع دور الشخصية في الفيلم أو المسلسل، ويذهب للمدرسة وينفذ ما شاهده على شاشات التلفزيون سواء كان عنف أو تحرش، فالرقابة في المدارس على الطلاب يوجد بها ضعف، فعندما يحدث حوادث عنف أو تحرش فالعقاب لا يتناسب مع ضخامة الفعل نفسه، فهي من أهم أسباب اتجاه الشباب لمثل هذه الأفعال». ويؤكد أمين: «أننا في مجتمع شرقي متدين ومحافظ، ويجب أن يكون هناك رقابة من وزارة الشباب، ورقابة على المصنفات الفنية سواء الأفلام أو المسلسلات أو الكليبات والأغاني، لمنع كل هذه الأشياء التي توجه الشباب لأفعال غير صحيحة، فحوادث التحرش تحدث بين التلاميذ بينهم البعض وبين المدرسين والتلاميذ، فلابد من وجود رقابة مشددة من جانب الجهات المعنية بتربية الشباب، ويكون العقاب لمن يتحرش رادع وقاس، حتى يكون عبرة لأي شخص بعده يفكر في فعل جرم التحرش».