بين يدي كتاب رائع من تأليف عبد المجيد شكري وهو أستاذ محاضر في علوم الاتصال الجماهيري. أهم ميزة في هذا الكتاب أنه يطرح سؤالاً مهما عن المسرح كوسيلة اتصال جماهيرية يمكن أن تفيد في عملية التنمية وربما يعيد إلي الأذهان كيف ساهم الأدباء وكتاب المسرح في الدعوة إلي مؤازرة ومساندة ثورة 23 يوليو 1952 وأفكارها الاشتراكية وكيف قام جيل من الكتاب آمال نعمان عاشور وميخائيل رومان ومحمود دياب وسعد الدين وهبة ويوسف إدريس وتوفيق الحكيم ونجيب سرور وغيرهم في الدعوة لتغيير المجتمع وخلق فكر جديد باعتبار أن الكتابة والتأليف والإعداد المسرحي فن رفيع وتلك حقيقة لا يمكن أن يشكك أحد في صدقها.. والفن أي فن عبارة عن عملية إبداعية يمارسها بالضرورة فنان مبدع موهوب.. وحقيقة الأمر أن هذا الكتاب يتحدث عن المسرح من زاوية أنه فن جماهيري أو فن الاتصال الجمعي.. بدأ المؤلف من فترة أرسطو ثم الكلاسيكية مروراً إلي ما بعد الأرسطية وصولا إلي العصر الحديث الذي وضح فيه وجود علاقة وثيقة بين المسرح وبين الإعلام والاتصال الجماهيري بمعني بث المسرحية أو تسجيلها ثم بثها وعرضها عن طريق وسيلة من وسائل الاتصال الجماهيري مثل السينما والتليفزيون والسيديهات والراديو من خلال بث أرضي أو فضائي.. ومع سقوط الحائط الرابع أو الحائط الوهمي الذي يتصور أنه يفصل بين الممثلين والمتفرجين تتضح المشاركة والتفاعل وهو الأوضح في المسرح السياسي أو المسرح الثوري.. لذا تناول المؤلف العديد من قضايا المسرح الخاصة بالمسرح النثري والشعري والثوري أو مسرح العالم الثالث في أفريقيا جنوب الصحراء "المسرح الأسود" أو مسرح أمريكا اللاتينية أو المسرح في العالم العربي، إضافة إلي المسرح الراقص الحديث والكباريه السياسي والمسرح الفقير ومسرح الاحتجاج ليؤكد أن هناك علاقة وثيقة بين المسرح وفنون الاتصال الإعلامي أو الاتصال الجماهيري.. إن الكتاب يدعو إلي التعاون بين دارسي فنون الاتصال ودارسي المسرح من أجل توصيل الرسالة المطلوبة.. وفي رأيي أن المؤلف وضع يده علي أهمية فن المسرح كوسيلة يمكن أن تساهم في نهضة المجتمع وليس كما يظن الكثيرين من أنه فن للتسلية والترفيه فقط فلم يكن المسرح يوما منذ بدأت إرهاصاته علي يد أرسطو وأفلاطون فنا منعزلا عن الناس.. أخيراً.. فإن كتاب "فن الشعر" لأرسطو ما يزال هو الكتاب الأشهر في قواعد التأليف المسرحي من خلال دراسته لعدد من المسرحيات الإغريقية التي سبقت ظهوره بنحو قرن كامل وهو الكتاب الذي لابد أن يقرأه كل دارسي المسرح في العالم.. وأيضا هذا الكتاب المهم الذي بذل فيه مؤلفه جهدا كبيراً..