القاعدة الأزلية تقول إن المعالجات الخاطئة تؤدي لكوارث فادحة، وضمن إطار تلك المعالجات انعدام الشفافية، واللجوء لسياسات المناورة الخائبة، وأساليب « اللف والدوران « المكشوفة التي قد تجدي في الداخل لكنها لا تنطلي علي من هم في الخارج، الغموض لا يجدي في قضايا حساسة جدا لا يصلح فيها إغلاق ملفات تفتقر للمعلومات والأدلة المنطقية التي تقنع الأطراف الأخري في القضية، وهذا ما حدث، ومازال يحدث في قضية مقتل الطالب الإيطالي جوليو ريجيني التي بدأت تتخذ أبعادا خطيرة بالفعل سوف تضر بالمصالح العليا لمصر. لم يقتنع الداخل المصري بالفيلم الهندي الذي تضمنه بيان وزارة الداخلية حول تصفية عصابة سرقة الأجانب والعثور علي حقيبة ريجيني ومتعلقاته لدي شقيقة أحد أفراد العصابة، وبالتالي لم ينطل ما جاء في البيان علي والدي ريجيني وكافة الأجهزة المعنية بالقضية في إيطاليا، ولهذا زادت ضغوط والديه علي الحكومة الإيطالية لاتخاذ رد قوي إذا لم تكشف مصر الحقيقة بشأن مقتل ابنهما، وهددت والدته بأنها ستنشر صورة لجثة ابنها ليري العالم ما حدث له في مصر من تعذيب ووحشية، وقالت في المؤتمر الصحفي مبينة حجم ما تلقاه ابنها من تعذيب «عرفت ابني من أرنبة أنفه، أي شيء آخر فيه لم يكن هو»، وقالت أيضا «إذا اتضح أن الخامس من أبريل مجرد نفض لليد، فنحن نتوقع ردا قويا من حكومتنا، نتوقع ردا قويا حقا»! الحكومة الإيطالية تعمل عند كل مواطن إيطالي، ولهذا خرج وزير الخارجية الإيطالية بتهديدات واضحة في حواره مع صحيفة «كورييري ديلا سيرا» يقول فيها «في مواجهة فقر التعاون، سوف نسلك الإجراءات الممكنة، ولكننا نأمل في أن تجد العلاقات بين مصر وإيطاليا طريقًا للتحسينات اللازمة، وإذا لم يحدث هذا، أكرر، سنكون مستعدين للنظر في العواقب»، واختتم حواره برفض الحكومة الإيطالية للقصص التي تقدمها الحكومة المصرية لتفسير سبب مقتل ريجيني، لهذا أصبحت زيارة المسئولين المصريين لروما في الخامس من أبريل لبحث تطورات القضية ووضع كل الحقائق بشفافية تامة أمام الجانب الإيطالي هو اليوم الفاصل الذي يجعلنا نستريح من صداع هذه القضية التي - لا قدر الله - قد تتسبب في ضرر بالغ لمصالحنا العليا، بعد تصاعد حدة التهديدات التي ستضر بالعلاقات السياسية والاقتصادية بين البلدين، والتي بدأت من « لويجي مانكوني « رئيس لجنة حقوق الإنسان في البرلمان الإيطالي الذي طالب حكومته باستدعاء السفير الإيطالي من القاهرة، وإعلان مصر بلد غير آمن للزائرين إذا لم يفض التحقيق إلي شيء، وإخضاع العلاقات المصرية الإيطالية لمراجعة شاملة! ويجب ألا نغفل أن هناك تهديدات سابقة صدرت بتوجه إيطاليا إلي مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة لإصدار قرار لجنة تقصي حقائق مستقلة دولية حول الحادث، واللجوء للبرلمان الأوروبي لتصعيد الأمر ! واضح كما قلت في البداية، أن المعالجات الخاطئة تؤدي إلي كوارث فادحة، وواضح أن الجهات المسئولة لم تدر ملف القضية بالمعالجة الصحيحة التي ننتظرها الثلاثاء القادم في اللقاء مع الجانب الإيطالي بروما بما يحفظ لمصر مصالحها العليا، لأن مصر أهم وأبقي من أي أحد، ويجب أن نتعلم من تلك الأزمة الدروس المستفادة في كيفية المعالجات الصحيحة لمثل تلك القضايا، مثلما أدرنا أزمة الطائرة المخطوفة في قبرص بحكمة وروية وشفافية