قدم العندليب الأسمر عبد الحليم حافظ مشواراً فنياً كبيراً، خلال حياته القصيرة، التي لم يحالفه الحظ في الاستمتاع بها وبنجاحه، فكان يعاني من مرض خطير وهو في شبابه ومجده. أما عن الحب فلم يأتي إلا مرة واحدة، ويأخذه القدر منه مرة أخرى، حتى يكمل حياته وحيداً، على عكس ما قدم العندليب في أفلامه وأغانيه العاطفية. نتذكر الأربعاء 30 مارس، أنه في مثل هذا اليوم كانت وفاة صاحب "كراسة الحب والوطنية"، عبد الحليم حافظ، وهذا الاسم الذي أطلقه صديق عمره "مجدي العمروسي"، على كتاب جمع 230 أغنية من تاريخ العندليب. نشأته: ولد عبد الحليم علي شبانه في قرية الحلوات التابعة لمركز الإبراهيمية محافظة الشرقية، وهو الابن الأصغر بين أربعة إخوة هم إسماعيل ومحمد وعلية، و توفيت والدته بعد ولادته بأيام وقبل أن يتم عبد الحليم عامه الأول توفي والده ليعيش اليتم من جهة الأب كما عاشه من جهة الأم. إصابته بمرض البلهارسيا: كان يلعب حليم مع أولاد عمه في ترعة القرية، ومنها انتقل إليه مرض البلهارسيا الذي دمر حياته، ولقد قال مرة أنا ابن القدر، وقد أجرى خلال حياته واحد وستين عملية جراحية للمحاولة في الشفاء من هذا المرض اللعين. دراسته: التحق العندليب بمعهد الموسيقى العربية قسم التلحين عام 1943، حين التقى بالفنان كمال الطويل حيث كان عبد الحليم طالبا في قسم تلحين، وكمال في قسم الغناء والأصوات، وقد درسا معا في المعهد حتى تخرجهما في عام 1948، ورشح للسفر في بعثة حكومية إلى الخارج لكنه ألغى سفره وعمل 4 سنوات مدرساً للموسيقى بطنطا ثم الزقازيق وأخيرا بالقاهرة، ثم قدم استقالته من التدريس والتحق بعدها بفرقه الإذاعة الموسيقية عازفا على آله الأبواه عام 1950. اكتشافه: حالفه الحظ وخدمه القدر للمرة الأولى في حياته القصيرة حين تقابل مع صديق دربه الأستاذ مجدي العمروسي في عام 1951، في بيت الإذاعة، وشاهده الإذاعي الكبير حافظ عبد الوهاب الذي سمح له باستخدام اسمه "حافظ" بدلا من شبانه. صدمة الجمهور له: صٌدم الراحل عبد الحليم عندما ظهر للجمهور بأغنيته "صافيني مرة" التي كانت من كلمات سمير محجوب، وألحان محمد الموجي في أغسطس عام 1952، ورفضها الجمهور من أول وهلة حيث لم يكن الناس على استعداد لتلقى هذا النوع من الغناء الجديد. ذكرت مصادر أن حليم نجح في الإذاعة بعد أن قدم قصيدة "لقاء" من كلمات صلاح عبد الصبور، ولحن كمال الطويل عام 1951، في حين ترى مصادر أخرى أن إجازته كانت في عام 1952 بعد أن قدم أغنية "يا حلو يا اسمر" كلمات سمير محجوب، وألحان محمد الموجي. حب "الأسانسير" الذي لن ينساه: وقع الفنان عبد الحليم حافظ في حب أجمل عينان رآها في حياته، قابل فتاة جميلة وصفها حليم بصاحبة أحلى عيون، وهو يستقل مصعد العقار الذي يعيش به في الإسكندرية، ومن شدة إعجابه بهذه الفتاة لاحقها بسيارته حتى عرف مكان "الشاليه" التي تسكنه. قالت ليلى العمروسي زوجة صديق عمره أن الكاتب الراحل مصطفى أمين ذكر أنه حضر إحدى حفلات عبد الحليم التي كان يغني فيها أغنية "بتلوموني ليه"، ولاحظ أمين أن عبد الحليم طوال الأغنية كان ينظر إلى اتجاه معيّن، فنظر إلى الاتجاه نفسه الذي كان ينظر إليه عبد الحليم، فوجد سيدة جميلة صاحبة عينين لم يشاهد بجمالهما من قبل، فعرف أنها هي حبيبة عبد الحليم الذي لم يفصح عنها لأحد. ولكن من جانب آخر وقعت في حبه السندريلا سعاد حسني، من كثرة اهتمامه بها ومساعدته لها في بداية مشوارها الفني، وقيل أنهم تزوجوا في السر، ولكن تم التأكيد بعد وفاة السندريلا من قبل أقاربها، أنها بالفعل تزوجت من العندليب سراً وكان هو السبب وراء إخفاء هذه الزيجة مما أدى إلى طلب سعاد الانفصال عنه. وفاته: أصيب العندليب الأسمر بتليف في الكبد سببه مرض البلهارسيا، والذي أدى إلى وفاته في الأربعاء 30 مارس في عام 1977، عن عمر يناهز السابعة والأربعين عاما، وكان السبب الأساسي في وفاته هو الدم الملوث الذي نقل إليه حاملا معه التهاب كبدي فيروسي فيروس سي الذي تعذر علاجه مع وجود تليف في الكبد. جنازة مليونية : حزن الجمهور حزنا شديدا وصل إلى حد الانتحار لبعض الفتيات بعد معرفتهن بهذا الخبر. وتم تشييع جثمانه في جنازة مهيبة لم تعرف مصر مثلها سوى جنازة الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، والفنانة الراحلة أم كلثوم سواء في عدد البشر المشاركين في الجنازة الذي بلغ أكثر من 2.5 مليون شخص، أو في انفعالات الناس الصادقة وقت التشييع.