توجه الرئيس عبد الفتاح السيسي، صباح الخميس 3 مارس، إلى مقر رئاسة الجمهورية الكورية المعروفة ب«البيت الأزرق»، واستقبلته بارك جوين- هاي رئيس جمهورية كوريا الجنوبية. وصرح المتحدث الرسمي باِسم رئاسة الجمهورية، السفير علاء يوسف، بأن الرئيس عقد جلسة مباحثات موسعة مع رئيسة جمهورية كوريا الجنوبية، بحضور وفدي البلدين، استهلتها الرئيسة بالترحيب بالرئيس في زيارته الأولى إلى سول، معربة عن سعادتها بلقائه للمرة الثانية بعد لقائهما في نيويورك على هامش أعمال الجمعية العامة عام 2014. ووجهت الرئيسة الكورية، التهنئة للرئيس على استكمال استحقاقات خارطة الطريق وتشكيل مجلس النواب الجديد، وكذلك لإنجاز مشروع قناة السويس الجديدة خلال عام واحد فقط، مما يعكس الإرادة القوية للشعب المصري، وتصميم القيادة المصرية على مواصلة عملية التنمية الشاملة. وأعربت الرئيسة الكورية، عن سعادتها بالاتفاق خلال زيارة الرئيس على إصدار إعلان مشترك للارتقاء بالعلاقات إلى مستوى الشراكة الشاملة والتعاون بين البلدين. من جانبه، أعرب الرئيس، عن سعادته بزيارة كوريا الجنوبية، مشيرا إلى أن مصر تنظر إليها باعتبارها قصة نجاح وتجربة تنموية هامة تتطلع للاستفادة منها، منوها إلى أهمية العمل على الارتقاء بالعلاقات الثنائية إلى آفاق أرحب من التنسيق والتعاون المشترك في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية. واستعرض الرئيس، مجمل تطورات الأوضاع في مصر خلال السنوات القليلة الماضية، مشيرا إلى أنه بالتوازي مع العملية السياسية، تمكنت مصر خلال الفترة الماضية من تحقيق نجاحات اقتصادية كبيرة من أبرزها قناة السويس الجديدة، وإدخال العديد من الإصلاحات الاقتصادية والتشريعية التي جعلت المناخ الاقتصادي أكثر جذباً للمستثمرين. وأكد، في هذا الصدد، على تطلع مصر لاستقبال المزيد من الاستثمارات الكورية، ودعوة الشركات الكورية للاستفادة من المشروعات العديدة المطروحة للاستثمار في مصر، وفى مقدمتها مشروع التنمية بمنطقة قناة السويس، ومشروع إنشاء عاصمة إدارية جديدة، ومشروع استصلاح وتنمية المليون ونصف المليون فدان. وأعرب عن اعتزاز مصر بالاستثمارات الكورية، مؤكدا حرص الحكومة المصرية على تذليل كافة العقبات التي تواجه الشركات الكورية في مصر، ومشيرا إلى مزايا الاستثمار في مصر، وما يوفره من نفاذ لأسواق أفريقيا والشرق الأوسط وأوروبا التي ترتبط مصر مع عدد من دولها باتفاقيات للتجارة الحرة. وأشار، إلى ترحيب مصر بعودة السياحة الكورية إلى مصر لسابق عهدها، مشيرا إلى تحسن الأوضاع الأمنية في مصر والاستقرار الذي تتمتع به في الوقت الحالي. وذكر السفير علاء يوسف، أن الرئيسة الكورية، وجهت الشكر للرئيس على إشادته بالتجربة التنموية الكورية، مؤكدة على توافر الإرادة السياسية لتطوير التعاون بين البلدين والارتقاء به إلى آفاق أرحب، لاسيما في ضوء الإجراءات والقوانين الجديدة التي اتخذتها وأصدرتها مصر لتحسين بيئة الاستثمار. وأكدت الرئيسة الكورية، اهتمام بلادها بزيادة الاستثمارات الكورية في مصر، لاسيما فيما يتعلق بالصناعات التحويلية مثل البتروكيماويات، فضلا عن التعاون في مجال الطاقة، وخاصة الطاقة المتجددة، في ضوء التزام كوريا بتعهداتها الواردة في اتفاق باريس لتغير المناخ. وأشارت إلى أن تاريخ التعاون في البنية التحتية يعود إلى عام 1976، وخاصة الطرق والموانئ والسكك الحديدية، معربة عن تطلع بلادها لتعزيز التعاون في مجالات البنية التحتية، في ضوء التوقيع خلال زيارة الرئيس على اتفاق إطاري لتمويل المشروعات الكورية في مصر يقدر بنحو 3 مليارات دولار. وبدوره، أعرب الرئيس، عن تطلع مصر لأن تشهد الفترة القادمة البدء في تنفيذ مشروعات التعاون التنموي الجاري التباحث بشأنها حالياً بين الجانبين، خاصة أنها تتعلق بمجالات هامة بالنسبة لجهود التنمية الاقتصادية والاجتماعية في مصر، مثل مشروعات الطاقة والنقل، إلى جانب مجال التعليم الذي تأمل مصر في الاستفادة من الخبرة الكورية فيه. وعلى الصعيد الإقليمي، أكد، أهمية التوصل إلى حلول سياسية للأزمات التي تواجه دول منطقة الشرق الأوسط للحفاظ على سلامتها الإقليمية وسيادتها على أراضيها وصون مقدرات شعوبها. ونوَّه إلى مخاطر الإرهاب التي تضاعف من معاناة دول المنطقة، مؤكداً أنه على الرغم من اختلاف مسميات الجماعات الإرهابية، فإن كافة هذه الجماعات تستقي أفكارها المتطرفة والمغلوطة من ذات المصدر. وأكد أيضا، أهمية تكاتف جهود المجتمع الدولي لمواجهة الإرهاب من خلال مقاربة شاملة لا تقف عند حدود المواجهات العسكرية والتعاون الأمني ولكن تمتد لتشمل الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية للقضاء على الظروف الصعبة التي تمثل بيئة خصبة لنمو الإرهاب، علاوة على أهمية الأبعاد الفكرية والدينية من خلال تصويب الخطاب الديني وتنقيته من الأفكار المغلوطة التي علقت به، ونشر تعاليم الإسلام السمحة التي تحض على التسامح والرحمة وقبول الآخر، مشيدا في هذا الصدد، بالجهود التي يبذلها الأزهر الشريف باعتباره منارة للإسلام الصحيح بقيمه الوسطية المعتدلة. وفيما يتعلق بالأوضاع في شبه الجزيرة الكورية والتجربة النووية الكورية الشمالية، أكد الرئيس اهتمام مصر ومتابعتها للتطورات، ولاسيما في ضوء عضويتها الحالية بمجلس الأمن، حيث وافقت مصر على قرار مجلس الأمن الصادر مساء أمس بشأن تشديد العقوبات على كوريا الشمالية. وأشار إلى موقف مصر الذي عبرت عنه إزاء تجربة التفجير النووي التي قامت بها كوريا الشمالية في يناير 2016، حيث اعتبرت مصر ذلك تهديداً صريحاً لجهود منع انتشار أسلحة الدمار الشامل وللسلام العالمي، مؤكداً على ضرورة العمل على تخفيف حدة التوتر في العالم ووقف سباق التسلح بين الدول. ومن جانبها، أعربت الرئيسة الكورية عن تقديرها للمواقف المصرية الداعية إلى إحلال السلام والأمن والاستقرار. وفي ختام المباحثات، وجَّه الرئيس الدعوة للرئيسة الكورية لزيارة مصر، وهو الأمر الذي رحبت به، وتم الاتفاق على تنسيقه عبر القنوات الدبلوماسية بين البلدين. وعقب انتهاء المباحثات، شهد الرئيس السيسي ونظيرته الكورية مراسم التوقيع على عدد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم في الكثير من المجالات، ومنها اتفاق إطاري لتنظيم إتاحة القروض الكورية إلى مصر، ومذكرة تفاهم بشأن إتاحة حزمة تمويلية لمصر بقيمة 3 مليار دولار، ومذكرة تفاهم للتعاون بين وزارة التعليم العالي المصرية ووزارة التعليم الكورية، وأخرى بين وزارتيّ العدل، وكذلك بين وزارتيّ الصناعة والتجارة في البلدين، ومذكرة تفاهم للتعاون بشأن تطوير ميناء الإسكندرية، وإنشاء الكلية المصرية الكورية للتكنولوجيا، واتفاق قرض بين سكك حديد مصر وبنك التصدير والاستيراد الكوري، ومشروع تطوير نظم إشارات السكك الحديدية من نجع حمادي إلى الأقصر. الجدير بالذكر أن رئيسة كوريا الجنوبية أقامت مأدبة غداء تكريما للرئيس السيسي والوفد المرافق له.