أكدت محكمة القضاء الاداري بالإسكندرية الدائرة الأولى بالبحيرة برئاسة المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجي نائب رئيس مجلس الدولة، أن صيد وتهريب زريعة الأسماك ببحيرة أدكو جريمة جنائية والتعدى على مساحة 201 فدان داخل منطقة الحظر ببوغاز المعدية بحيرة ادكو والتعدى على مساحة 856 فدان أخرى خارج البوغاز ببحيرة ادكو فيكون مجموع مساحات التعدى 1057 فدان تستوجب جميعا التنفيذ العاجل بالازالة حفاظا على المال العام المنهوب. وأكدت المحكمة أن عقوبة الاضرار بالثروة السمكية 100 جنيه وتناشد المشرع تعديل عاجل للعقوبة الهزيلة وجعل الحبس وجوبيا وجعل التجريم لحماية المجتمع دون اباحته بتصريح من هيئة الثروة السمكية وان السياسة الجنائية الرشيدة يتعين أن تقوم على عناصر متجانسة، كما أكدت على مسئولية هيئة الثروة السمكية وشرطة المسطحات المائية فى تنفيذ ازالة التعدى على 1057 فدان حتى لا تكون مجرد قرارات صورية على الورق حماية للمال العام المنهوب وأكدت أن الدستور المصرى قرر لأول مرة إلزام الدولة دستوريا بحماية الثروة السمكية وحظر التعدي عليها باعتبارها حقاً للمجتمع والمواطن. وقضت المحكمة برئاسة المستشار محمد عبد الوهاب خفاجى نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية المستشارين محمد حراز وخالد شحاتة ووائل المغاوري نواب رئيس مجلس الدولة بتأييد قرار رئيس الهيئة العامة للثروة السمكية بازالة التعدي الواقع من كبار محتكرى الصيد داخل منطقة الحظر ببوغاز المعدية ببحيرة ادكو بإقامة مزارع سمكية على مساحة 201 فدان وإزالة التعدى الواقع على مساحة 856 فدان الواقع من كبار محتكرى الصيد ببحيرة ادكو خارج منطقة الحظر ببوغاز المعدية ببحيرة ادكو وإلزام المعدين بالمصروفات. قالت المحكمة ان المشرع الدستورى ولأول مرة الزم الدولة بحماية الثروة السمكية وحماية ودعم الصيادين وتمكينهم من مزاولة أعمالهم دون إلحاق الضرر بالنظم البيئية كما الزمها بحماية هذه البحيرات وحظر التعدي عليها بقصد الحفاظ على الثروة السمكية واضحى الحفاظ على الثروة السمكية حقاً للمجتمع والمواطن وما من ريب في أن الدافع الذي حدا بالمشرع الدستوري إلى إفراد نص في الدستور يقرر حماية الثروة السمكية إنما هو نابع من أهمية تلك الثروة باعتبارها مصدراً مهماً من مصادر الغذاء، فضلاً عن قيمته الاقتصادية إذا ما تم تصديره للخارج. وأضافت المحكمة أن المشرع العادي منح الهيئة العامة للثروة السمكية اختصاصاً هاماً ومكملاً لاختصاصها بتنظيم استغلال المزارع السمكية بالقيام بكافة الأعمال والمشروعات المتعلقة بوسائل وأساليب تربية الثروة السمكية والعمل على صيانة هذه المزارع وتنميتها وتطهير فتحاتها ومنافذ المسطحات المائية والزمها بإزالة التعديات والمخالفات الواقعة عليها أو على شواطئها بالطريق الإداري، كما أن جميع الأعمال والتصرفات الصادرة من الهيئة في هذا الشأن ينبغي أن تستهدف غاية واحدة وهي تنمية الثروة السمكية، فإن استهدفت غاية أخرى خلاف ذلك أصبحت مخالفة لأحكام القرار الصادر بإنشاء تلك الهيئة وذلك عملا بقاعدة تخصيص الأهداف التي تخضع لها الهيئات العامة خاصة وان المشرع اسبغ عليها الحماية المقررة لمثيلاتها من أموال الدولة العامة. وأضافت المحكمة إن الثابت من الأوراق أن المدعين كانوا يستأجرون العديد من الافدنة بإحدى مناطق الاستزراع السمكي ببحيرة إدكو إلا أن المجلس الشعبي المحلي لمركز إدكو أعدّ تقريره أورد به ملاحظاته بشأن تأجير مزارع سمكية من بحيرة إدكو تقع في داخل نطاق الحظر في نطاق دائرة نصف قطرها 2 كم من فتحة بوغاز المعدية ترتب عليه إساءة استغلال زريعة الأسماك وأثّر على إنتاجها وتكاثرها لكون هذه المساحات مخصصة لتكاثر الأسماك، فضلاً عن الإضرار بمصالح صائدي البحيرة من عامة الشعب نظراً للانتقاص من المساحة المخصصة للصيد الحر خاصة و أن فتحة بوغاز المعدية هي المصدر الوحيد لدخول الزريعة السمكية داخل نطاق البحيرة، كما أنها المصدر الوحيد لتجديد المياه داخل البحيرة وتم إحالة المسئولين إلى المحكمة التأديبية لمستوى الإدارة العليا والتى أصدرت حكمها بمجازاة بعض العاملين المحالين إليها في تلك القضية بالخصم من الراتب وبمجازاة آخرين بالغرامة والثابت أيضا أن المساحة التي يستغلها المدعون تقع ضمن منطقة الحظر ببوغاز المعدية، الأمر الذي يصبح معه وجودها داخل تلك المنطقة يشكل تعديًّا وتهديداً لإنتاج وتكاثر الزريعة السمكية، وعائقاً أمام حركة ملاحة السفن العابرة للبوغاز ويكون قرارها بإزالة تعدى المدعين على المساحات المشار إليها فإن قراراها يكون قد صدر متفقاً وصحيح أحكام القانون. وأشارت المحكمة ان صيد وتهريب زريعة الاسماك تعد جريمة جنائية بمقتضى القانون رقم 124 لسنة 1983 بشأن صيد الأسماك والأحياء المائية وتنظيم المزارع السمكية وهى من اخطر الجرائم المهدرة للثروة السمكية وأصبحت ظاهرة متفشية بين فئة كبار محتكرى الصيد نظرا لانتشار المزارع السمكية المطلة على البحيرة ومعظمها غير مرخص وهذه المزارع تحصل على احتياجاتها من زريعة الاسماك المضادة من حول البواغيز المطلة على البحيرات ومنها بحيرة ادكو او البحر الابيض المتوسط بالمخالفة لأحكام القانون الامر الذى يؤدى الى فقد مالا يقل عن 75% من الزريعة أثناء الجمع والتداول والنقل والتحضين. وأوضحت المحكمة أنه قد تلاحظ للمحكمة أن جريمة صيد وتهريب زريعة الاسماك المنصوص عليها فى المادتين 19 و55 من القانون رقم القانون رقم 124 لسنة 1983 بشأن صيد الأسماك والأحياء المائية وتنظيم المزارع السمكية وهى من اخطر الجرائم المهدرة للثروة السمكية تحتاج الى تعديل تشريعى عاجل من ناحيتين: الناحية الأولى: كيف ينص المشرع على تجريم جريمة صيد وتهريب زريعة الاسماك ثم يسمح بشرعيتها الجنائية بتصريح من هيئة الثروة السمكية مما يمثل مخالفة صارخة لمبدأ شرعية الجريمة والعقوبة التى لا تقبل الانقسام بين التجريم والإباحة بتصريح، فالأصل ان كل واقعة مادية مطابقة لما هو وارد في نص التجريم يكون مفترضا فيها مساسها بالحق أو المصلحة التي يحميها هذا النص أي عدم مشروعيتها، ومن ثم فان اباحة هذه الواقعة ونفي معاني الاثم والعدوان عنها لا يجب ان يتأتى بتصريح من هذه الهيئة لان الغاية من التجريم تتمثل فى حماية الزريعة السكمية وليس لحماية التصريح بذاته والتى لا يجب أن تخضع لرضاء اباحتها من اية جهة، ذلك أن اسباب الاباحة يتعين إلا تكون بيد الجهة الادارية فهى فى الاصل يجب أن تظل أسباب موضوعية تتعلق بذات الفعل فترفع عنه الصفة الاجرمية وتقلبه إلى عمل مشروع مباح، وتمنع بالنتيجة العقاب عن كل من قام بالفعل أو شارك أو تدخل فيه، وهذا النص من هذه الزاوية يتعارض مع السياسة الجنائية الرشيدة التى يتعين أن تقوم على عناصر متجانسة فإن قامت على عناصر متنافرة نجم عن ذلك افتقاد الصلة بين النصوص ومراميها، بحيث لا تكون مؤدية إلى تحقيق الغاية المقصودة منها لانعدام الرابطة المنطقية بينها تقديراً بأن الأصل في النصوص التشريعية - في الدولة القانونية -هو ارتباطها عقلاً بأهدافهما باعتبار أن أي تنظيم تشريعي ليس مقصوداً لذاته، وإنما هو مجرد وسيلة لتحقيق تلك الأهداف، كما لا يسوغ للمشرع أن يجعل من نصوصه العقابية شباكاً أو شراكاً يلقيها ليتصيد باتساعها أو بخفائها من يقعون تحتها أو يخطئون مواقعها، وكان الجزاء الجنائي لا يعد مُبرَّراً إلا إذا كان واجباً لمواجهة ضرورة اجتماعية لها وزنها، ومتناسباً مع الفعل المؤثم فإن جاوز ذلك كان مجافياً للعدالة، ومنفصلاً عن أهدافه المشروعة. والناحية الثانية: أنه يتعين مناشدة المشرع بصدد جريمة صيد وتهريب زريعة الاسماك تعديل السلطة الجوازية للقاضى الجنائى بين الحبس او الغرامة وجعلها سلطة وجوبية بالحبس دون تخيير وكذلك تغليظ العقوبة إذ أن الغرامة ما بين مائة جنيه وخمسمائة جنيه لا تتناسب البتة مع خطورة الجرم الجنائى بإهدار الثروة السمكية وهو ما ينطبق كذلك على مدة الحبس الهزيلة بين ثلاثة أشهر و ستة أشهر وحتى يمكن للمشرع العادى ان يواكب ما نص عليه المشرع الدستورى لأول مرة فى الدساتير المصرية من حماية الثروة السمكية وحظر التعدى عليها. واختتمت المحكمة حكمها الذي أعاد للدولة 1057 فدانا منهوبة انه قد تلاحظ لدى المحكمة كذلك أن جودة مناطق المسطح المائي لبحيرة ادكو تم التعدى عليها خاصة المنطقة المحظور الصيد فيها المسماه بمنطقة الزريعة، وأنه يتعين على المسئولين بالهيئة العامة للثروة السمكية بالتعاون مع شرطة المسطحات المائية ان تنهض الى وضع قرارات ازاله كافة التعديات على مسطح البحيرة موضع التنفيذ الفعلى حتى لا تبقى تلك القرارات صورية او مكتبية دون فاعلية، اذ كشفت دراسات المتخصصين أنه ما زال يوجد داخل البحيرة بعض الفئات تقوم باستقطاع اجزاء كبيرة من البحيرة باقامة الحوش والسدود والتحاويط وغيرها من المسميات المخالفة بغرض تجميع الأسماك فيها كمزارع سمكية طبيعية واحتكارها لحسابهم فى غيبة من هيئة تنمية الثروة السمكية والتى ارجعت خطورة الحوش إلى استنزاف المخزون السمكى وتدميره حيث يقوم المتعدين بفتح الحوشة وإغلاقها وتجفيفها لصيد ما دخل بها ثم اعادة الكرة مرة اخرى وعلى حساب المخزون الذى يهلك فية الاسماك الصغيرة والزريعة، وذلك كله بسبب ضعف الرقابة من الهيئة التى ناط بها القانون حماية البحيرات ودون محاسبة عسيرة منها إهمالا أو عمدا كشف عنه سيل الدعاوى المتعلقة بالتعدى على آلاف الافدنة من البحيرة وما كان ذلك سيحدث لو أن هذه الهيئة نشطت إلى أعمال رقابتها بشكل جدى فعال على نحو يرقى الى الالتزام الدستورى الذى القاه المشرع الدستورى على عاتق الدولة بحماية الثروة السمكية والحظر الدستورى الذى استحدثه المشرع بحظر التعدى عليها وهو ما يثير المسئولية القانونية للهيئة المذكورة بكافة اشكالها نحو التقاعس عن وضع قراراتها بإزالة التعدى على البحيرة موضع التنفيذ الفعلى .