أي نفس بشرية تلك التي تقوى على فعل ذلك سوى نفس أصابتها اللعنة، فعاشت بين الناس بلا قلب أو ضمير. حيث اكتشف الأب بعد عودته من صلاة الجمعة مصرع زوجته (34 عاماً)، وطفليه عبد الرحمن (8 سنوات، وحبيبة 6 سنوات). بينما شاء القدر أن يمتد الأجل بابنه الأكبر يوسف (10 سنوات) ليكون شاهداً وليقص ما قد حدث ويروي عن مأساة الفجيعة التي تعرضت لها عائلة الأب المنكوب. انطلق صوت المؤذن يدوي في حنو تبعثه ميكروفونات المسجد بجوار منزل العائلة، معلناً عن قيام الصلاة ليوم الجمعة، هرول الأب مسرعاً، بينما تراود مخيلته وإحساسه بالذنب لعدم اصطحاب ابنه الأكبر (10 سنوات)، الذي اعتاد الصلاة معه، حيث تغلبت عليه مشاعر الأبوة ولم يحاول إيقاظه عندما وجده يغط في نوم عميق. فرغ الأب من صلاته وما أن توجه إلى منزله بقرية كفر خضر التابعة لدائرة مركز طنطا بمحافظة الغربية، وقعت المفاجأة على رأسه كالصاعقة وانهار في البكاء الذي صاحبه عويل عندما وقعت عيناه على الزوجة ليجدها جثة هامدة وسط بقع الدماء التي تتساقط من رأسها، جن جنونه. وعلت صرخاته وهو يجوب الشقة جيئة وذهاباً بحثاً عن أطفاله الثلاثة الذين وجدهم أيضاً جثث هامدة بلا حراك وتتساقط أيضاً من رؤوسهم بقع من الدماء وانتفاخ بالوجه. تجمع الجيران الذين علت وجوههم الدهشة فالمشهد أكبر من تحمله، ووسط كلمات التعاطف ونحيب النساء انتفض الأب من مكانه. وما أن اقترب من ابنه الأكبر أحس بتقطع أنفاسه وصوت أنينه حيث شاءت إرادة المولى أن يمتد به الأجل ليقص ما قد حدث ويروي عن مأساة الفجيعة التي أحلت بالعائلة. لم تراوده نفسه ولو برهة احتضن صغيره وسابقت قدماه الرياح وبصرخات مدوية واستغاثة يطالب الجيران والأهل بسرعة إحضار أي وسيلة مواصلات لإنقاذ الابن. استقبله الأطباء وبتوقيع الكشف الطبي المبدئي، تبين إصابته بكسر في الجمجمة ونزيف داخلي نتيجة ضربه بآلة حادة. وبإخطار اللواء نبيل عبد الفتاح مدير أمن الغربية، انتقل على الفور رجال المباحث والمعمل الجنائي للوصول إلى اللغز ومعرفة الجاني الذي تحجر قلبه وأمسك بعصا إبليس ليبطش بها ويقضي على أسرة كانت كل أحلامها عودة عائلها لتأنس به ويأنس بها. انهار الأب فوق أقرب مقعد، بينما كان رجال المباحث الجنائية ورجالات النيابة العامة يقومون بالبحث ورفع البصمات، في مشهد يشوبه الصمت الحزين والنظرات الزائغة. تم تحرير محضر بالواقعة وصرحت النيابة بدفن جثة الأم والطفلين بعد العرض على الطب الشرعي، وقررت سرعة تحريات المباحث حول الواقعة، والقبض على الجاني في أقرب وقت، ومازال رجال المباحث يكثفون مجهوداتهم حتى كتابة هذه السطور.