خبط أمين الشرطة بقوة علي زجاج السيارة الميكروباص مسببا حالة من الذعر للسائق الذي اضطر للوقوف في عرض الطريق لينزل سيدة مسنة أمام مستشفي قصر العيني، طلب أمين الشرطة الرخص من السائق الذي بدا متوترا وهو يقول لأمين الشرطة إن الرخص بالفعل مسحوبة!.. كنت أجلس علي المقعد الذي خلف السائق احتضن رضيعتي نادين التي جلست تتابع باهتمام شديد المشهد ولاسيما أمين الشرطة وهو يطلب بعنف من السائق أن يركن السيارة ويأتي معه!.. بصوت مرتفع قلت لأمين الشرطة : «فيه إيه بالظبط؟ وبتتعامل كده ليه؟ السواق مش غلطان كان بينزل ست كبيرة.. مش ده يعني اللي عطل المرور.. الطريق كده كده واقف»!.. صرخ في أمين الشرطة «محدش كلمك يا ست إنتي» وبدأ يسحب السائق من ملابسه ليأخذه معه!.. أخرجت الموبايل من الحقيبة لأصور الأمين الذي ما إن رآني حتي هاج وماج وقال بتصوري إيه ؟ إنتي بتصوري إيه؟.. قلت له ببرود واثق «بصور حضرتك وبعد خمس دقايق هيكون الفيديو علي مكتب وزير الداخلية وهعرفه مين اللي بيشوه صورة رجال الشرطة الشرفاء»!. ومن جانبها شاركت نادين في الحوار وهي تقول: بتشيكا بتشيكا بتشيكا !. ملحوظة : لم أصور شيئاً لأن كارت ميموري الموبايل الكحيان كان علي آخره.. جرجر أمين الشرطة السائق المعدم الذي كان يرتدي شبشبا بلاستيكيا مقطوعا وملابس عفي عليها الزمن وأكل وشرب وبصق كمان وأخذه معه إلي حيث يقف الضابط في الإشارة !. سخنت الركاب قائلة: «ياجماعة الراجل ده مغلطش في حاجة دي كانت ست كبيرة ولو سيبناه نبقي مش جدعان والصراحة الصراحة نبقي ناس فالصو لأن الست الكبيرة دي ممكن تكون والدتك أو والدتي وهي تعبانة يا عيني ومش قادرة»!. نزل جميع ركاب الميكروباص معي وقلت لهم «متنسوش يا جماعة في مصر كله بالحنية بيفك.. عاوزين نثبت الظابط بشوية كلام حلو.. يعني من الآخر كله بالحب» ارتسمت علي وجوهنا ابتسامات عريضة جعلتنا كسلاحف النينجا ومشينا بحماس وإحساس فظيع بالأهمية ووقفنا جميعا أمام الضابط.. وبدأ كل واحد منا في إلقاء كلمات من البَكش المصري علي مسامع الضابط من عينة «إنتم اخوتنا اللي بتحمونا.. إنتم أهلنا.. إنتم سندنا» وهلم جرا من البَكش الفارغ الذي يذيب أوصال أي مصري بالرغم من أنه نفاق معتق !.. كان أمين الشرطة قد سبقني وأمن نفسه وأعطاني زومبة عند الضابط وحكي له أنني صورته والله أعلم ماذا قال أيضا.. خمنت هذا من نظرات الضابط لي، فرأيت أن دوري في البكش قد حان فقلت للضابط «يرضيك يا بيه أمين الشرطة يضرب السواق الغلبان قدامنا وبعد كده ييجي الناس الوحشين يقولوا الشرطة بتضرب الشعب»!.. ده احنا اللي وقفنا جمبكم في ٢٥ يناير لما كل الناس كانت ضدكم.. ونظرت لكتلة سلاحف النينجا من حولي منتظرة أن يأمنوا علي كلامي وهو ما أكدوه بكل ثقة ويقين!. قال الضابط: بس إنتي صورتيه!.. قلت له: كان نفسي أصوره وأوريه لسيادتك عشان تاخد منه موقف بس الموبايل مفيهوش ميموري!.. ظهر الإرتياح علي وجه الضابط وقال لي: في ٢٥ يناير انتم وقفتم جنب الحق وبالنسبة للأمين والسواق فالإثنين غلطانين.. ده اتعامل غلط وده مش معاه رخص!.. وظللنا نمارس البكش المصري علي الظابط حتي زهق ومل وصدع وترك السائق يمشي بدون مخالفة.. بعد أن تحرك بنا الميكروباص قال الركاب للسائق إنه يجب أن يوصلني مجانا لأي مكان نظرا لجدعنتي معه.. وسألني السائق عن المكان الذي أريد أن أذهب إليه فأخبرته أنني أريد أن أذهب للكوكب الجديد الذي اكتشفوه!.. فقال لي: غالية والطلب رخيص!.. رددت عليه ضاحكة: يا أسطي ده الطريق له ياخد مليون سنة!.. قال السائق: «ما تقلقيش.. المصريين هيلاقوا له طريق مختصر.. مش لما كانوا بيعملوا المحور لقينالكم طريق مختصر»!.. قلت له: «سيبك من الكوكب الجديد.. أنا عاوزة أساعدك ترجع الرخص»!.. ضحك السائق وأخرج لي الرخص من جيبه واعترف لي بأنه «ضارب» إيصال سحب الرخص!.. كشرت تكشيرة زلومة الفيل التي تتشكل بها ملامحي لاإراديا حينما أصدم واحتضنت نادين وتنفست بعمق وأنا أفكر جديا في الكوكب الجديد!.