تعتبر تحسين الخدمات المقدمة للمواطنين، إحدي الأولويات الرئيسية في جميع برامج الحكومات التي تولت المسئولية في مصر، فلم يخلو برنامج حكومة من تلك الأولوية، ودائما ما تكون في مقدمة المهام التي يتم التأكيد علي تسخير كل الامكانيات لتحقيقها، وللأسف فلم تنجح حكومة واحدة في تنفيذ ما تعهدت به! فقد استمرت الخدمات علي حالة السوء التي تقدم بها دون أن يطرأ عليها تغيير بما يثير العديد من التساؤلات حول أسباب الفشل في إجراء أي نتيجة في هذا الملف المهم الذي يمس جموع المواطنين! ربما تكون عدم وفرة الاستثمارات العائق في تنفيذ المشروعات التي توفر فرص عمل جديدة وتحقق رفع مستوي معيشة المواطنين، ولكن أين المشكلة في تحسين مستوي الخدمات، بما يحقق لأي مواطن إنهاء أي خدمة في جهة حكومية بسهولة ويسر، وأين هي المشكلة في حصول المواطن علي رغيف خبز صحي دون الوقوف في طوابير، ودون فرض رغيف خبز غير مطابق للمواصفات. الواقع يكشف أن جميع من يقفون في طوابير الخبز يحصلون علي احتياجاتهم، كما يتمكن المواطنون من انهاء خدماتهم ولكن بعد دفع ثمن باهظ من الوقت والجهد والعناء، ويكون السبب عدم وجود نظام او تقصير من مقدم الخدمة. فعلي سبيل المثال، عندما تدخل في أي مكتب يقدم خدمات جماهيرية، فانك دائما ما تجد اكثر من منفذ امامك، وعلي كل منفذ علقت لافتة بالخدمة المقدمة من خلاله، ولكن للاسف فإن جميع المنافذ تكون كأنها لم تكن بسبب جلوس الموظفين مع بعضهم البعض، وتشغيل منفذ واحد لتقديم كل الخدمات مجمعة، مما يسفر عن حدوث اختناق وتزاحم واهدار لكرامة المواطن ولوقته وعافيته، فيخرج من المكان منهكا، محبطا، ولو كان لديه التزام بعمل، فإنه يتخذ قراره بالعودة إلي منزله للراحة، أو الجلوس علي مقهي أو التسكع في الشوارع أو غيرها من الخيارات دون الذهاب لعمله، ولا تكون تلك هي النتيجة الوحيدة، ولكن هناك رد فعل آخر قد يلجأ اليه البعض ممن يتعرضون لمثل هذه المعاناة، وهو أن يخرج كل ما تعرض له علي غيره من المواطنين كرد فعل انتقامي، وتلك هي المأساة، أن يقتص كل منا من غيره، بمبرر أن أحدا ليس أفضل من أحد. تحسين الخدمات المقدمة للمواطنين لا تتطلب منا سوي وضع نظام، وتطبيق مبدأ الثواب والعقاب، فمن يخالف يحاسب، ومن يخطأ يعاقب. لو فعلنا فإن كثيرا من المعاناة التي نتعرض لها، في الحصول علي أي خدمة ستختفي، طالما سيكون هناك موظف يقوم بأدائها علي أكمل وجه، دون أي تقصير أو تهاون أو تعال علي المواطن، ولن تكون هناك أي طوابير أمام أي منافذ. الحكومة تستطيع إحراز إنجاز عظيم، لو نجحت في قطع خطوات حقيقية نحو تحسين الخدمات بشرط أن تطبق مبدأ الثواب والعقاب، فمن ينجز يكافأ ومن يقصر، يعاقب، ولو تكرر الخطأ والتقصير، يستبعد من مكانه ويأتي غيره