«شرارة الحرية التي اندلعت من تونس إلى بقية الدول العربية بما فيها مصر، الذي أشعل فينا نار الثورة من أجل العيش والحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية، أطلق العنان لروحه ففاض إلى السماء لتهبط علينا أمطار العيش الكريم»، إنه التونسي محمد البوعزيزي، الذي فقد سبل الحياة والكرامة، فأطلق صرخة سمعتها دول العالم أجمع. حياته ونشأته والشاب التونسي محمد البوعزيزي ولد في 29 من مارس عام 1984، في عائلة تتكون من تسعة أفراد أحدهم معاق، فقد والده وهو في الثالثة من عمره، تزوجت بعدها والدته من عمه وكان لا يستطيع العمل لمرضه، فاضطر بوعزيزي للعمل وهو في العاشرة من عمره. كان يبيع الفاكهة والخضار على عربة خشبية يتجول فيها في شوارع سيدي بوزيدبتونس، وفي فجر يوم الجمعة 17 ديسمبر عام 2010 اعترض بعض أعوان الشرطة عربة الفاكهة التي كان يجرها البوعزيزي في شوارع سيدي بوزيدالتونسية وحاولوا مصادرة بضاعته لكنه حاول اعتراضهم فدفعته الشرطية فادية حمدي وضربته بهراوتها وصفعته على وجه أمام 50 شاهدا. نيران الحرية عندها عزّت على البوعزيزي نفسه وانفجر يبكي من شدة الخجل. وبحسب الباعة وباقي الشهود الذين كانوا في موقع الحدث، صاح البوعزيزي بالشرطية قائلا: "لماذا تفعلين هذا بي؟ أنا إنسان بسيط، لا أريد سوى أن أعمل". حاول أن يلتقي البوعزيزي بأحد المسؤولين لكن دون جدوى. ثم عاد إلى السوق وأخبر زملاءه الباعة بأنه سوف يشعل النار في نفسه ولكنهم لم يأخذوا كلامه على محمل الجد. وقف البوعزي أمام مبنى البلدية وأضرم النار في جسده، اتصل الناس بالشرطة، لكن لم تأتي، ولم تصل سيارة الإسعاف إلا بعد ساعة ونصف من إشعال البوعزيزي النار في نفسه. تم نقله إلى مركز الإصابات والحروق البليغة ببنعروس، وزاره الرئيس التونسي آن ذاك زين العابدين بن علي في محاولة منه لتهدئة الأوضاع وامتصاص الغضب الشعبي. احتجاجات تنديد ومن جانبها نفت الشرطية فادية حمدي صفعها للبوعزيزي وأصرت على براءتها، وأدى حادث محمد البوعزيزي إلى احتجاجات من قِبل أهالي سيدي بوزيد في اليوم التالي للحادثة السبت 18 ديسمبر عام 2010م، حيث قامت مواجهات بين مئات من الشبان في منطقة سيدي بوزيد وقوات الأمن. والمظاهرة كانت للتضامن مع محمد البوعزيزي والاحتجاج على ارتفاع نسبة البطالة، والتهميش والإقصاء في هذه الولاية الداخلية. وسرعان ما تطورت الأحداث إلى اشتباكات عنيفة وانتفاضة شعبية شملت معظم مناطق تونس احتجاجاً على ما اعتبروه أوضاع البطالة وعدم وجود العدالة الاجتماعية وتفاقم الفساد داخل النظام الحاكم. وخرج السكان في مسيرات حاشدة للمطالبة بالعمل وحقوق المواطنة والمساواة في الفرص والتنمية. ولم يفلح خطاب الرئيس التونسي زين العابدين بن علي، ليضطر إلى أن يرضخ في خطاب قال فيه: "أيها الشعب التونسي أنا فهمتكم فهمت الجميع". هروب بن علي ولم تهدأ الاحتجاجات رغم وعود بن علي حول إصلاح الأحوال الاقتصادية ومزيد من الحرية لشعبه حتى اضطر للسفر –الهرب- مع زوجته ليلي الطرابلسي من تونس إلي السعودية، الذي كان يحكم البلاد بقبضةٍ حديدية طيلة 23 سنة، وأجبرته ثورة البوعزيزي على التنحي عن السلطة والهروب من البلاد خِلسةً في 14 يناير 2011. والثورة التونسية دفعت بعض البلدان العربية للثورة على حكامها وما سمي بعد ذلك بثورات الربيع العربي الذي يعد البوعزيزي هو بمثابة شراره أنطلقها.