طارق الطيب محمد «عزيز النفس» مشعل الثورات العربية الذي لم يتحمل الإهانة «بائع الفاكهة والخضار»، صاحب الكبرياء الذي صفع أمام الملأ من الشرطية «فادية حمدي» بعد ان قالت له «أرحل» لتكون هذه الكلمة شعار الثورات العربية للإطاحه بالأنظمة الفاسدة، وعلي الرغم من مرور 3 سنوات من أندلاع ثورات الربيع العربي لا يزال أسم البوعزيزي يمثل شرارة إنطلاق هذه الثورات التى أضاءت طريق الحرية أمام الشعوب العربية وتخلصت من طغاه حكموا تونس ومصر وليبيا واليمن عشرات السنوات. طارق الطيب محمد البوعزيزي ولد يوم 29 مارس 1984 ، كان والده عاملا في ليبيا وتوفي عندما كان يبلغ محمد من العمر ثلاث سنوات، وتزوجت والدته من عمه، وبدأ العمل في العاشرة لأن عمه كان مريضا ولا يعمل، ليصبح «بوعزيزي» عائل اسرته المكونة من 9 أفراد، من بينهم فرد معاق، «بوعزيزي» لم يكمل تعليمه الثانوي، وحاول التقدم للجيش لكنه لم يوفق، وكغالبية شباب الوطن العربي، حاول الألتحاق بأي وظيفة ولكنه فشل، ليجبر على بيع الخضار والفاكهة في شارع «سيدي بوزيد». لم تكتفي الأقدار من ظلم بوعزيزي، بعد أن حرمته من والده، وتعلميه، ووظيفته، لتحرمه ايضأ من مصدر رزقه الوحيد بعد أن اجبر على بيع الحضار والفاكهة لكي يعول أسرته، وفي فجر يوم الجمعة 17 ديسمبر أعترضت قوات الأمن عربة الفاكهة التي كان يجرها البوعزيزي اثناء سيره إلى سوق الفاكهة وحاولوا مصادرة بضاعته، وعندما رأي عم البوعزيزي هذه الواقعة هرع لمحاولة إقناع عناصر الشرطة بأن يدعوه يكمل طريقه إلى السوق، ثم ذهب إلى مأمور الشرطة وطلب مساعدته، واستجاب المأمور وطلب من الشرطية فادية حمدي أن تدعه وشأنه. غضبت فادية حمدي من أوامر المأمور، وقررت أن تذهب إلى السوق مرة أخرى في وقت لاحق، وبدأت مصادرة بضاعة البوعزيزي ووضعت أول سلة فاكهة في سيارتها وعندما حملت السلة الثانية اعترضها البوعزيزي، فدفعته وضربته بهراوتها، ثم حاولت أن تأخذ ميزان البوعزيزي، وحاول مرة أخرى منعها، عندها دفعته هي ورفيقاها فأوقعوه أرضًا وأخذوا الميزان، وقامت بتوجيه صفعة للبوعزيزي على وجهه أمام حوالي 50 شاهدا، مما أدي إلي إنفجار البوعزيزي بالبكاء من شدة الخجل ولعزة كرامته، وصرخ في الشرطية قائلا «لماذا تفعلين هذا بي؟ أنا إنسان بسيط، لا أريد سوى أن أعمل». حاول البوعزيزي بعد هذه الواقعة أن يلتقي بأحد المسئولين ولكنه لم ينجح، وعاد إلي السوق ليخبر زملاءه من الباعة بأنه سوف يشعل النار في نفسه ولكنهم لم يأخذوا كلامه على محمل الجد. وقف البوعزيزي أمام مبنى البلدية وأشعل النيران في جسده، وأسرع الناس إليه لينقذوه، وأحضروا طفايات الحريق ولكنها كانت فارغة، واتصلوا بالشرطة ولكن لم يأت أحد، ولم تصل سيارة الإسعاف إلا بعد ساعة ونصف من إشعال البوعزيزي النار في نفسه. وفي اليوم التالي السبت 18 ديسمبر، تظاهر المئات من سكان «سيدي بوزيد» للتضامن مع «بوعزيزي»، واشتبكوا مع قوات الأمن، لتعم هذه التظاهرة كافة أرجاء تونس لتحول إلي ثورة شعبية تطالب بالعدل والعدالة الاجتماعية والمواطنة والمساواة، هذه الثورة التي أجبرت الرئيس التونسي زين العابدين على التنحي وترك البلاد هاربا بفساده وظلمه. توفي البوعزيزي يوم الثلاثاء 4 يناير عام 2011م عن عمر 26 سنة متأثراً بالحروق التي أصيب بها منذ 18 يوماً، وشيع جثمانه الآلاف، بعد أن أعربت والدته عن شعورها بالفخر بما قام به ابنها وبالدور الذي لعبه في تحقيق التغيير في البلاد. الأم الصالحة التي أنجبت البوعزيزي «المظلوم» الذي دفع حياته ثمناً للفقر والبطالة والفساد والظلم، سحبت شكواها ضد الشرطية فادية حمدي في 19 أبريل 2011 «لتجنب الكراهية وللمساعدة في مصالحة سكان سيدي بوزيد». وللأسف بعد مرور 3 سنوات علي فراق البوعزيزي لم نرى أي تحقيق لأهداف ثورته، ونأمل من المولى أن يساعد الشعوب المظلومة في تحقيق العدل والمساواة والعدالة الاجتماعية. شاهد فيديو عن بوعزيزي