أيام قليلة ويعقد مجلس النواب دور انعقاده الأول، حيث يواجه مأزق دستوري يلزمه بمناقشة القوانين التي صدرت في غيبة السلطة التشريعية وقد بلغ عددها 507 قانون ويتخذ فيها قراره. ويثور جدل حول إمكانية المجلس اتخاذ قراراته خلال تلك المهلة، وطرحت "بوابة أخبار اليوم" المسألة على فقهاء دستوريين فذكروا فيما يلي حلولا علمية دون مصادرة على فكر وآراء النواب. وزير الشئون القانونية والمجالس النيابية والتنمية المحلية الأسبق المستشار د.محمد عطية يقول أن هناك رأيين الأول يستند إلى قاعدة تشريعية أصولية تقضى بأنه لا تكليف بمستحيل وهى تنطبق على هذه الحالة تماما، حيث يستحيل إطلاقا مناقشة هذا الكم الكبير من القوانين في الخمسة عشر يوما المقررة. الدكتور فتحي فكرى أستاذ القانون الدستوري والوزير الأسبق يرى أن القوانين التي صدرت قبل إقرار الدستور لا تعرض على البرلمان لأن السلطة التنفيذية كانت تجمع بين سلطتي التشريع والتنفيذ والدولة كانت تعيش فترة انتقالية، كما أن القواعد الدستورية والسياسية في ذلك الحين لم تكن تنص على العرض. أما القوانين التي صدرت في أعقاب صدورالدستورفيجب عرضها على أصحاب الاختصاص الأصيل للتشريع وهم النواب، وفيما يتعلق بإشكالية عرض هذا الكم من القرارات بقوانين ومناقشتها وإقرارها خلال15يوما من انعقاد مجلس النواب فهذا الموعد تنظيمي يمكن تجاوزه لأن المراجعة والمناقشة خلال هذه المدة ستكون شكلية لا قيمة لها والمشرع أرادها حقيقية فيجب تنفيذ إرادته. ولا يعنى ذلك أن يتحلل البرلمان من أي قيد زمني بل يجب أن يبت في هذه القوانين قبل نهاية دور انعقاده الأول باعتبار ذلك زمنا معقولا ومقبولا. الدكتور محمد حسنين عبد العال، أستاذ القانون العام بكلية الحقوق جامعة القاهرة يتفق مع عرض القرارات بقوانين فقط التي صدرت في غير أدوار انعقاد برلمان قائم على مجلس النواب الجديد. أما الحالة المذكورة بالدستور فمقصود بها قوانين أصدرتها السلطة التنفيذية وقت أن كانت سلطة تشريعية لعدم وجود برلمان، وبالتالي فلا وجوب لعرضها على مجلس النواب، وذلك ليس انتقاصا من سلطاته لأنه عندما يريد يستدعى القوانين ليعدلها أو يلغيها كيفما يشاء. ويضيف أن هناك من يرى أن ميعاد الخمسة عشر يوما ليس ميعادا قطعيا بل هو موعد استرشادي والمجلس يستطيع أن يستغرق في مراجعة ومناقشة القوانين وإصدار قراره حولها أكثر من هذه المدة. ويؤكد أنه من المناسب أن يتصل علم المجلس بكل الآراء في أول جلسة ومن ثم يختار وجهته فيبلغ النواب بالقرارات بقوانين التي سيتم مراجعتها ومناقشتها ويبدأ العمل وفق ما تم إقراره. الدكتور شوقي السيد المحامى والبرلماني السابق يوضح أن عدد القوانين التي صدرت بعد ثورة 25يناير ومنذ عام 2011 بلغت 507 وما صدر منها في غياب السلطة النيابية المتمثلة بمجلسي الشعب أو الشورى- منذ صدور الإعلان الدستوري الشهير في 5 يوليو 2013، بلغ 435 قانون وهذه هي التي يتعين دستوريا عرضها على مجلس النواب الجديد خلال 15يوما فإذا لم يتم ذلك أو لم يقرها المجلس ألغيت وزال أثرها رجعيا بقوة القانون. ونرى أنه يمكن أن يتم ذلك بعرض قائمة برقم وعنوان وتاريخ كل قانون على المجلس مجتمعاً ومن ثم يتقرر إحالتها للجان المختصة لمناقشتها وتقديم تقرير حولها لأنه من المستحيل مناقشة كل هذه القوانين خلال 15يوما والإصرار على ذلك يعنى أن أعضاء المجلس سيتحولون إلى "بصمجية" يوافقون عليها دون دراستها. ويؤكد أن الشعب لا يقبل ذلك ولا يقبله نوابه أنفسهم لأن هذه القوانين نظمت كثيراً من حقوق وحريات المواطنين ومست مصالح عديدة لهم وخلقت مراكز قانونية استقرت على مدى عامين، والمناقشة والدراسة يجب أن تكون متخصصة جادة متأنية دون استعجال ولكن دون ترخى يؤدى للتأخير. ومن المناسب البدء بالقوانين الهامة المؤثرة بشدة في حياة الناس كقوانين الخدمة المدنية والتظاهر وحوافز الاستثمار والمصالحة في قضايا الكسب غير المشروع وغيرها مما يماثلها من قوانين ذات مصالح مباشرة وآنية. وهناك رأى آخر يرى أن الميعاد المذكور هو ميعاد تنظيمي وليس إلزاميا فيمكن عرض كل القوانين على النواب خلال هذه الفترة ثم تحال إلى اللجان المختصة لفحصها ومناقشتها ويتم عرضها على المجلس بعد ذلك ليقرر فيها ما يراه، ويجب أن يسبق اتخاذ الخطوة التي سيتبعها المجلس طرح الإشكالية عليه ليقرر قراره. د. محمد باهى أستاذ القانون العام وعميد كلية حقوق الإسكندرية يؤكد أن الأصل العام هو أن النصوص الدستورية نصوصا آمرة والإجراءات التي تفرضها جوهرية والمواعيد التي يحددها الدستور حتمية ملزمة وليست تنظيمية يمكن تجاوزها. ويستدرك أن هذا الأصل يمكن تفسيره في ظل أصل عام آخر يقرر أن الضرورات تبيح المحظورات وكذلك مبدأ لا تكليف بمستحيل لذلك يجوز التعامل مع الموعد المحدد في الدستور على أنه ميعاد تنظيمي يمكن للبرلمان تجاوزه دون السقوط في حماة المخالفات. ويوضح أن هناك سوابق دستورية مهمة يمكن الارتكان عليها منها ما جاء بالفقرة الأخيرة من المادة 230 من الدستور التي تقرر أنه في جميع الأحوال تبدأ الإجراءات الانتخابية لمجلس النواب خلال مدة لا تجاوز ستة أشهر من تاريخ العمل بالدستور- وهو 15 يوليو2014- وقد تجاوزنا تلك المدة بحوالي عاما ونيف ولم يتم تحديد موعد لنهاية الإجراءات التي مازالت ممتدة حتى اليوم. كذلك المادة 115 من الدستور التي تنص على دعوة رئيس الجمهورية مجلس النواب للانعقاد للدور العادي السنوي قبل يوم الخميس الأول من شهر أكتوبر، وقد اعتبر هذا الموعد تنظيميا وإلا كان على الرئيس الانتظار حتى يأتي الخميس الأول من أكتوبر 2016 ولكنه وعد بأن ينعقد البرلمان قبل نهاية الشهر الحالي.