جامعة السويس تستضيف مهرجان الأنشطة الطلابية    بعد قليل، بدء محاكمة المتهمين في نشر أخبار كاذبة بواقعة طالبة جامعة العريش    تجديد حبس 3 أشخاص متهمين بتجارة الأسلحة في المرج    بالصور- يحملون الصليب والسنبلة وقلب الورود.. أقباط بورسعيد يحتفلون بأحد السعف    بسبب وراثة غير طبيعية.. سيدة تلد طفلا ب 12 إصبعا    ألفا طالبة.. 4 محافظات تحصد المراكز الأولى ببطولة الجمهورية لألعاب القوى للمدارس -تفاصيل    نقيب أطباء مصر: لن نقبل بحبس الطبيب طالما لم يخالف قوانين الدولة    عضو جمعية مستثمري جمصة: 4 إجراءات إصلاحية عاجلة تساعد المصدرين على تحقيق 145 مليار دولار    تباين أداء مؤشرات البورصة في مستهل تعاملات اليوم الأحد    أسعار الحديد والأسمنت اليوم الأحد (موقع رسمي)    توريد 57 ألف طن قمح لشون كفر الشيخ    مصرع 20 شخصا في انفجار بقاعدة عسكرية بكمبوديا    زيلينسكي يشجب الهجمات الروسية على البنية التحتية للغاز    مصادر فلسطينية : مستعمرون يقتحمون المسجد الأقصى    السفير الروسي بالقاهرة: مشروع الضبعة النووية رمزًا للصداقة بين موسكو والقاهرة    إعصار يودي بحياة 5 أشخاص ويصيب 33 آخرين في «قوانجتشو» الصينية    موعد مباراة أرسنال وتوتنهام في الدوري الإنجليزي والقناة الناقلة    لم أرَ لمسة اليد.. مخرج مباراة الأهلي ومازيمبي يفجر مفاجأة بشأن تدخله في الهدف الملغي    إنتر ميلان يلتقي تورينو في يوم الاحتفال بالدوري الإيطالي    المصري والداخلية.. مباراة القمة والقاع    إحالة أوراق المتهمين بقتل أب وترويع نجليه في الشرقية للمفتي    الأزهر للفتوى الإلكترونية: دخول المواقع المعنية بصناعة الجريمة أمر محرام    حالة الطقس المتوقعة غدًا الإثنين 29 أبريل 2024 | إنفوجراف    رجل يقتل زوجته أمام أطفالهما وأمها في الغربية ب 8 طعنات    ضبط وإعدام 1.25 طن من الأغذية غير المطابقة للمواصفات    6 متنافسين بينهم مصري وحيد، إعلان الفائز بجائزة البوكر العربية اليوم    السيسي: صرفنا مليارات الدولارات على الرقمنة وتكنولوجيا المعلومات لهذا السبب    ما هي شروط الاستطاعة في الحج للرجال؟.. "الإفتاء" تُجيب    الصحة: تقديم الخدمات الطبية لأكثر من مليون مواطن فوق ال 65 سنة    كان محقا في غضبه.. شيرار يقف بجانب محمد صلاح ضد كلوب    رئيس الوزراء يلتقى كريستالينا جورجيفا المدير العام لصندوق النقد الدولى    جدول عروض اليوم الرابع من مهرجان الإسكندرية للفيلم القصير    الرئيس السيسى: إنشاء رقمنة فى مصر تحقق التقدم المطلوب    ثوران بركان في إندونيسيا والسلطات تدعو السكان للابتعاد عن المنطقة (تفاصيل)    خلال افتتاح مؤتمر كلية الشريعة والقانون بالقاهرة.. نائب رئيس جامعة الأزهر: الإسلام حرم قتل الأطفال والنساء والشيوخ    ذهاب وعودة.. السكة الحديد تعلن عن رحلة اليوم الواحد احتفالا بشم النسيم (تفاصيل)    بدء التشغيل التجريبي لوحدة كلى الأطفال الجديدة بمستشفى أبوكبير المركزي    أحمد مراد: الشخصيات التاريخية التي يمكن تحويلها لأعمال فنية لا تنضب أبدا    توافد الأقباط على الكنائس للاحتفال بأحد الزعف في المنوفية.. صور    مش هتقطع تاني.. توجيهات جديدة من الحكومة لوقف انقطاع الكهرباء.. اعرف الأسباب    شكوك حول مشاركة ثنائي بايرن أمام ريال مدريد    وزير المالية: آخر فرصة للاستفادة من مبادرة سيارات المصريين بالخارج .. غداً    غدا.. «بلينكن» يزور السعودية لمناقشة وقف إطلاق النار في غزة وإطلاق سراح الرهائن    العودة في نفس اليوم.. تفاصيل قيام رحلة اليوم الواحد للاحتفال بشم النسيم    إعلان اسم الرواية الفائزة بجائزة البوكر العربية 2024 اليوم    بعد اتهامها بالزنا.. عبير الشرقاوى تدافع عن ميار الببلاوى وتهاجم محمد أبو بكر    التصريح بدفن جثة شاب لقى مصرعه أسفل عجلات القطار بالقليوبية    لعدم الإحالة إلى لنيابة.. ماذا طلبت التموين من أصحاب المخابز السياحة؟    بطلوا تريندات وهمية.. مها الصغير ترد على شائعات انفصالها عن أحمد السقا    تصفح هذه المواقع آثم.. أول تعليق من الأزهر على جريمة الDark Web    رفض الاعتذار.. حسام غالي يكشف كواليس خلافه مع كوبر    فضل الصلاة على النبي.. أفضل الصيغ لها    بالأسماء.. مصرع 5 أشخاص وإصابة 8 في حادث تصادم بالدقهلية    هل مرض الكبد وراثي؟.. اتخذ الاحتياطات اللازمة    ما حكم سجود التلاوة في أوقات النهي؟.. دار الإفتاء تجيب    نصف تتويج.. عودة باريس بالتعادل لا تكفي لحسم اللقب ولكن    هل يمكن لجسمك أن يقول «لا مزيد من الحديد»؟    ما هي أبرز علامات وأعراض ضربة الشمس؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في كامب ديفيد .. الشيطان يعظ ويصلح ساعات
نشر في بوابة أخبار اليوم يوم 13 - 05 - 2015

يمكنك أن تقرر في بساطة وضمير مستريح، أن الأمريكان كما حلفائهم الإخوان، لا ينسون شيئاً وأيضاً لا يتعلمون شيئاً، وعلي دول التعاون الخليجي أن يعوا ذلك قبل ذهابهم لاجتماع كامب ديفيد مع الرئيس الأمريكي، وألا يكرروا أخطاءهم بإعادة رهن قرارهم الاستراتيجي بشأن النظام الإقليمي في الشرق الأوسط لمشيئة اليانكي الأمريكي المغامر بطبعه والمتآمر عليهم بسياساته عبر كل المراحل السابقة والقادمة أيضاً. أقول هذا وخلفي شواهد تاريخية عديدة، وأمامي أيضاً وثائق داعمة مما نشر مؤخراً في الصحافة العالمية عن لقاء كامب ديفيد المنتظر.
الكاتب الأمريكي الشهير توماس فريدمان في مقابلة متلفزة له مع الرئيس الأمريكي بارك أوباما نشرتها صحيفة النيويورك تايمز يشيد بسياساته تجاه إيران، ويؤكد أن الرئيس الأمريكي تعهد بعدم المساس بأمن إسرائيل ويدعو العرب إلي مواجهة التحديات الداخلية، وأن طهران ليست بحاجة للسلاح النووي لتكون قوة إقليمية. ومما نشر حول هذا الموضوع يمكنك أن تطالع في الميديا العالمية عناوين دالة وكاشفة، علي غرار: أوباما للعرب: السخط داخل بلادكم أخطر عليكم من إيران، الشباب عاطل ولا يجد حلولا سياسية لمظالمه، خامنئي رجل صعب.. وايران ليست الخطر الأكبر في الشرق، أي اضعاف لاسرائيل سيكون فشلا أخلاقيا لرئاستي، العرب السنة يتعرضون لتهديدات خارجية، ثم يصف أوباما الاتفاق مع إيران باعتباره فرصة العمر لاستقرار المنطقة، بينما التصريحات الواردة من طهران تقول إن الاتفاق لا يؤثر علي أصل برنامجنا النووي. ويكمل أوباما: علي العرب التدخل المباشر في سوريا، ويقول لدول الخليج: المشكلة فيكم، وأن التهديد الأكبر لحلفائنا العرب داخلي، وليس إيرانياً، وكيف يمكننا تعزيز الحياة السياسية في هذه البلاد حتي يشعر الشبان أن لديهم شيئاً آخر غير المتطرفين مثل داعش. ويمكنك أن تقرأ أيضاً في الصحافة العالمية كما قرأت بنفسي: قال الرئيس الأمريكي باراك أوباما إن العرب يتعرضون لتهديدات خارجية، لكن التحديات الأكبر التي تواجههم تنبع من الداخل وليس من احتمال غزو إيراني. وأكد، أن العرب يواجهون بعض التهديدات الخارجية الحقيقية، لكن لديهم أيضاً بعض التهديدات الداخلية المتمثلة في سكان مقصيين في بعض الحالات، وشبان عاطلين عن العمل، وأيديولوجية هدامة، وإحساس بعدم وجود مخرج سياسي لمظالمهم، وأوضح أنه سيناقش مع الحلفاء في الخليج كيفية بناء قدرات دفاعية أكثر كفاءة، وقال »‬هذا ربما يخفف بعضاً من مخاوفهم، ويسمح لهم بإجراء حوار مثمر بشكل أكبر مع الإيرانيين».
ماذا تخلص من ذلك كله؟ الخلاصة أن إدارة باراك أوباما لا يعنيها في منطقة الشرق الأوسط إلا حماية أمن إسرائيل وضمان تفوقها العسكري، وترسيخ وجودها كقوة إقليمية فاعلة، وأن تضمن تدفق عوائد النفط العربي إلي خزانة شركات السلاح الأمريكية، وأن تعيد رسم خرائط المنطقة بما يرسخ لنظام إقليمي تتلاشي فيه ملامح أية قوة عربية، سواء عسكرية أو أيديولوجية أو حتي مالية، وهو في تصريحاته يغسل يديه من أية إخفاقات للسياسات الأمريكية التي صنعت داعش كما صنعت القاعدة من قبل، وهو يحاول أن يقنعنا بأن العيب فينا وليس في ممارسات الإدارة الأمريكية في منطقتنا، وعلي غرار نعي المرابي اليهودي كوهين لابنه: كوهين ينعي ابنه ويصلح الساعات، فهو ينعي علي دول الخليج سياساتها الداخلية التي تدفع شبابها للالتحاق بداعش ومنظمات الإرهاب التي زرعها وصنعها ويرعاها، وفي نفس الوقت يروج لمبيعات سلاح أمريكي للمنطقة تكون درعاً صاروخية حماية للخليج، في إشارة لا يخطئها منصف للتأسيس لشق الصف العربي ومشروعه الناشئ في المنطقة باعتماده علي قواه الداخلية لحماية أراضيه ومصالحه، وهي السياسات العربية الجديدة التي تؤسس لدور مصري فاعل في المنطقة، يحاول هو من ناحيته جاهداً إحباطها، وشق الصف العربي واستبعاد مصر من معادلة القوي في الإقليم، وإبعادها عن التحالف مع الخليج الذي هو واحد من روافد الدعم الاقتصادي والعسكري لمصر، وهو يلمح لصراع سني شيعي، صراع طائفي تأسس له الممارسات والسياسات الأمريكية لجر المنطقة لحروب لا تنتهي، في نفس الوقت الذي يحاول فيه التمهيد لإدماج قسري لإيران وسياساتها التوسعية وأطماعها في المنطقة العربية بما يضمن استنزاف قدراتها ويهدد استقرارها ويؤخر تنميتها ويبدد احتمالات وحدتها وتماسكها.
وهكذا يتضح لنا أن اليانكي الأمريكي المغامر لا يتعلم من دروس التاريخ ويصر علي المخاتلة والمراوغة، يحاول احتواء الفرقاء جميعاً وضربهم ببعضهم، وسبق أن فعل ذلك مع إيران والعراق في ثمانينيات القرن العشرين، أجج الصراع وسلح كليهما، وليست فضيحة »‬الكونترا» لعقد صفقات سلاح سرية لإيران تحت زعم تمويل حركة الكونترا المناوئة للنظام الشيوعي في نيكاراجوا ببعيد. ولعلنا نحن العرب نعاني ذاكرة ضعيفة تتناسي استنزاف قوة العراق في الحرب مع إيران ثم الإجهاز عليه وتدميره. ولعل أخطر ما قرأت عن رهن الإرادة العربية للأمريكان مرة أخري، ما كتبه الأستاذ غسان شربل في افتتاحية الحياة اللندنية الإثنين الماضي، تحت عنوان »‬قمة القنبلتين» عن لقاء كامب ديفيد المرتقب بين دول الخليج الستة وباراك أوباما، إذ رغم تحذيره من قنبلتي البرنامج النووي، والدور الإقليمي لإيران، يقول صراحة: »‬غابت عن الإقليم الإدارة الدولية القادرة علي ترويض نموره أو ذئابه، وفضل أوباما المقعد الخلفي. اختار فلاديمير بوتين سياسة الثأر علي أطراف روسيا فهبت رياح تكاد تشبه الحرب الباردة.» ثم يقرر »‬لا مبالغة في القول أن القمة الأمريكية الخليجية في كامب ديفيد تشكل موعداً استثنائياً سيترك بصماته علي مصير الشرق الأوسط لسنوات أو عقود. فالمطلوب ببساطة رسم ملامح نظام إقليمي جديد يعيد القدر اللازم من التوازن ويوفر صمامات أمان توقف مسلسل الانهيارات والانقلابات والاختراقات». ويالغرابة ما يقوله كاتبنا الكبير، إذ مؤداه أن ما نحن فيه من مشاكل ومصائب ليست جراء الممارسات الأمريكية المغرضة في المنطقة، وإنما بسبب غياب القوي الدولية التي عليها ضبط إيقاع الإقليم وترويض نموره وذئابه، وكأنه نسي أن الذئب المتلمظ هو باراك أوباما نفسه، ثم يسلم طواعية بأن قمة كامب ديفيد عليها رسم ملامح نظام إقليمي جديد، ويالها من مفارقة، حيث يسلم بائتمان أوباما علي المنطقة وتحديد ملامح نظامها الإقليمي بينما سياساته هي المهدد الحقيقي لمصالح العرب والخليجيين في المقدمة.
يا سادة النظام الإقليمي مسئولية عربية لا ينبغي التفريط فيها للأمريكان أو غيرهم، وإن الانهيارات والانقلابات والاختراقات لا يصنعها ويؤسس لها إلا الشريك الأمريكي المخالف، وليست هناك ضمانة لاستقرار المنطقة ونموها إلا الاعتماد علي قدراتها وتعاونها وتضامنها، وألا تسمح لغيرها برسم خرائط نظامها بما يشوش عليها ويحول مخاوفها من التوجه نحو إسرائيل وقدراتها النووية الفعلية، إلي إيران حتي مع التسليم بأطماعها في المنطقة. علي العرب أن يتعلموا من دروس التاريخ ولا يكرروا الرهان علي السياسات الأمريكية، فقد ثبت أنه رهان خاطئ، وألا يستمعوا لأوباما، فإن الشيطان يعظ، ويتآمر ويشق الصف ويبيع السلاح ويستنزف مواردنا، وينعي ويصلح الساعات في نفس الوقت.
يمكنك أن تقرر في بساطة وضمير مستريح، أن الأمريكان كما حلفائهم الإخوان، لا ينسون شيئاً وأيضاً لا يتعلمون شيئاً، وعلي دول التعاون الخليجي أن يعوا ذلك قبل ذهابهم لاجتماع كامب ديفيد مع الرئيس الأمريكي، وألا يكرروا أخطاءهم بإعادة رهن قرارهم الاستراتيجي بشأن النظام الإقليمي في الشرق الأوسط لمشيئة اليانكي الأمريكي المغامر بطبعه والمتآمر عليهم بسياساته عبر كل المراحل السابقة والقادمة أيضاً. أقول هذا وخلفي شواهد تاريخية عديدة، وأمامي أيضاً وثائق داعمة مما نشر مؤخراً في الصحافة العالمية عن لقاء كامب ديفيد المنتظر.
الكاتب الأمريكي الشهير توماس فريدمان في مقابلة متلفزة له مع الرئيس الأمريكي بارك أوباما نشرتها صحيفة النيويورك تايمز يشيد بسياساته تجاه إيران، ويؤكد أن الرئيس الأمريكي تعهد بعدم المساس بأمن إسرائيل ويدعو العرب إلي مواجهة التحديات الداخلية، وأن طهران ليست بحاجة للسلاح النووي لتكون قوة إقليمية. ومما نشر حول هذا الموضوع يمكنك أن تطالع في الميديا العالمية عناوين دالة وكاشفة، علي غرار: أوباما للعرب: السخط داخل بلادكم أخطر عليكم من إيران، الشباب عاطل ولا يجد حلولا سياسية لمظالمه، خامنئي رجل صعب.. وايران ليست الخطر الأكبر في الشرق، أي اضعاف لاسرائيل سيكون فشلا أخلاقيا لرئاستي، العرب السنة يتعرضون لتهديدات خارجية، ثم يصف أوباما الاتفاق مع إيران باعتباره فرصة العمر لاستقرار المنطقة، بينما التصريحات الواردة من طهران تقول إن الاتفاق لا يؤثر علي أصل برنامجنا النووي. ويكمل أوباما: علي العرب التدخل المباشر في سوريا، ويقول لدول الخليج: المشكلة فيكم، وأن التهديد الأكبر لحلفائنا العرب داخلي، وليس إيرانياً، وكيف يمكننا تعزيز الحياة السياسية في هذه البلاد حتي يشعر الشبان أن لديهم شيئاً آخر غير المتطرفين مثل داعش. ويمكنك أن تقرأ أيضاً في الصحافة العالمية كما قرأت بنفسي: قال الرئيس الأمريكي باراك أوباما إن العرب يتعرضون لتهديدات خارجية، لكن التحديات الأكبر التي تواجههم تنبع من الداخل وليس من احتمال غزو إيراني. وأكد، أن العرب يواجهون بعض التهديدات الخارجية الحقيقية، لكن لديهم أيضاً بعض التهديدات الداخلية المتمثلة في سكان مقصيين في بعض الحالات، وشبان عاطلين عن العمل، وأيديولوجية هدامة، وإحساس بعدم وجود مخرج سياسي لمظالمهم، وأوضح أنه سيناقش مع الحلفاء في الخليج كيفية بناء قدرات دفاعية أكثر كفاءة، وقال »‬هذا ربما يخفف بعضاً من مخاوفهم، ويسمح لهم بإجراء حوار مثمر بشكل أكبر مع الإيرانيين».
ماذا تخلص من ذلك كله؟ الخلاصة أن إدارة باراك أوباما لا يعنيها في منطقة الشرق الأوسط إلا حماية أمن إسرائيل وضمان تفوقها العسكري، وترسيخ وجودها كقوة إقليمية فاعلة، وأن تضمن تدفق عوائد النفط العربي إلي خزانة شركات السلاح الأمريكية، وأن تعيد رسم خرائط المنطقة بما يرسخ لنظام إقليمي تتلاشي فيه ملامح أية قوة عربية، سواء عسكرية أو أيديولوجية أو حتي مالية، وهو في تصريحاته يغسل يديه من أية إخفاقات للسياسات الأمريكية التي صنعت داعش كما صنعت القاعدة من قبل، وهو يحاول أن يقنعنا بأن العيب فينا وليس في ممارسات الإدارة الأمريكية في منطقتنا، وعلي غرار نعي المرابي اليهودي كوهين لابنه: كوهين ينعي ابنه ويصلح الساعات، فهو ينعي علي دول الخليج سياساتها الداخلية التي تدفع شبابها للالتحاق بداعش ومنظمات الإرهاب التي زرعها وصنعها ويرعاها، وفي نفس الوقت يروج لمبيعات سلاح أمريكي للمنطقة تكون درعاً صاروخية حماية للخليج، في إشارة لا يخطئها منصف للتأسيس لشق الصف العربي ومشروعه الناشئ في المنطقة باعتماده علي قواه الداخلية لحماية أراضيه ومصالحه، وهي السياسات العربية الجديدة التي تؤسس لدور مصري فاعل في المنطقة، يحاول هو من ناحيته جاهداً إحباطها، وشق الصف العربي واستبعاد مصر من معادلة القوي في الإقليم، وإبعادها عن التحالف مع الخليج الذي هو واحد من روافد الدعم الاقتصادي والعسكري لمصر، وهو يلمح لصراع سني شيعي، صراع طائفي تأسس له الممارسات والسياسات الأمريكية لجر المنطقة لحروب لا تنتهي، في نفس الوقت الذي يحاول فيه التمهيد لإدماج قسري لإيران وسياساتها التوسعية وأطماعها في المنطقة العربية بما يضمن استنزاف قدراتها ويهدد استقرارها ويؤخر تنميتها ويبدد احتمالات وحدتها وتماسكها.
وهكذا يتضح لنا أن اليانكي الأمريكي المغامر لا يتعلم من دروس التاريخ ويصر علي المخاتلة والمراوغة، يحاول احتواء الفرقاء جميعاً وضربهم ببعضهم، وسبق أن فعل ذلك مع إيران والعراق في ثمانينيات القرن العشرين، أجج الصراع وسلح كليهما، وليست فضيحة »‬الكونترا» لعقد صفقات سلاح سرية لإيران تحت زعم تمويل حركة الكونترا المناوئة للنظام الشيوعي في نيكاراجوا ببعيد. ولعلنا نحن العرب نعاني ذاكرة ضعيفة تتناسي استنزاف قوة العراق في الحرب مع إيران ثم الإجهاز عليه وتدميره. ولعل أخطر ما قرأت عن رهن الإرادة العربية للأمريكان مرة أخري، ما كتبه الأستاذ غسان شربل في افتتاحية الحياة اللندنية الإثنين الماضي، تحت عنوان »‬قمة القنبلتين» عن لقاء كامب ديفيد المرتقب بين دول الخليج الستة وباراك أوباما، إذ رغم تحذيره من قنبلتي البرنامج النووي، والدور الإقليمي لإيران، يقول صراحة: »‬غابت عن الإقليم الإدارة الدولية القادرة علي ترويض نموره أو ذئابه، وفضل أوباما المقعد الخلفي. اختار فلاديمير بوتين سياسة الثأر علي أطراف روسيا فهبت رياح تكاد تشبه الحرب الباردة.» ثم يقرر »‬لا مبالغة في القول أن القمة الأمريكية الخليجية في كامب ديفيد تشكل موعداً استثنائياً سيترك بصماته علي مصير الشرق الأوسط لسنوات أو عقود. فالمطلوب ببساطة رسم ملامح نظام إقليمي جديد يعيد القدر اللازم من التوازن ويوفر صمامات أمان توقف مسلسل الانهيارات والانقلابات والاختراقات». ويالغرابة ما يقوله كاتبنا الكبير، إذ مؤداه أن ما نحن فيه من مشاكل ومصائب ليست جراء الممارسات الأمريكية المغرضة في المنطقة، وإنما بسبب غياب القوي الدولية التي عليها ضبط إيقاع الإقليم وترويض نموره وذئابه، وكأنه نسي أن الذئب المتلمظ هو باراك أوباما نفسه، ثم يسلم طواعية بأن قمة كامب ديفيد عليها رسم ملامح نظام إقليمي جديد، ويالها من مفارقة، حيث يسلم بائتمان أوباما علي المنطقة وتحديد ملامح نظامها الإقليمي بينما سياساته هي المهدد الحقيقي لمصالح العرب والخليجيين في المقدمة.
يا سادة النظام الإقليمي مسئولية عربية لا ينبغي التفريط فيها للأمريكان أو غيرهم، وإن الانهيارات والانقلابات والاختراقات لا يصنعها ويؤسس لها إلا الشريك الأمريكي المخالف، وليست هناك ضمانة لاستقرار المنطقة ونموها إلا الاعتماد علي قدراتها وتعاونها وتضامنها، وألا تسمح لغيرها برسم خرائط نظامها بما يشوش عليها ويحول مخاوفها من التوجه نحو إسرائيل وقدراتها النووية الفعلية، إلي إيران حتي مع التسليم بأطماعها في المنطقة. علي العرب أن يتعلموا من دروس التاريخ ولا يكرروا الرهان علي السياسات الأمريكية، فقد ثبت أنه رهان خاطئ، وألا يستمعوا لأوباما، فإن الشيطان يعظ، ويتآمر ويشق الصف ويبيع السلاح ويستنزف مواردنا، وينعي ويصلح الساعات في نفس الوقت.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.