حلمي عبد الباقى وسعد الصغير وطارق عبد الحليم في انتخابات «الموسيقيين»    جامعة أسوان تُطلق معامل التنسيق الإلكتروني وتُرحب بطلاب المرحلة الأولى    محافظ القاهرة يتفقد عددًا من اللجان المعدة لاستقبال الناخبين    عبور كابلات أسفل السكة الحديد.. «الكهرباء» توضح تطورات انقطاع التيار بالجيزة    وزير البترول يبحث تعزيز التعاون مع وزير الطاقة والبنية التحية الإماراتي    الرقابة المالية توافق على تأسيس وترخيص عدد من الشركات    وزارة الكهرباء تعلن موعد إنهاء عطل محطة محولات جزيرة الدهب    وزير الخارجية يؤكد على ضرورة تضافر الجهود الدولية لحقن دماء الشعب الفلسطيني    تايلاند تتهم كمبوديا بانتهاك وقف إطلاق النار فور دخوله حيز التنفيذ    انطلاق مسيرة «مصر النهاردة رياضة» في كفر الشيخ بمشاركة 500 شاب وفتاة    زيارة تثير الجدل.. محمد صلاح في معبد «إيكو ين» البوذي باليابان    حادث مروع بالقليوبية.. إصابة مستشار و6 آخرين في تصادم سيارتين    مصرع شخص مجهول الهوية أسفل عجلات قطار في قنا    ضبط المتهمين بالتعدي على شخص بالضرب في إمبابة    محافظة الإسكندرية تكرم نخبة من رموزها في العيد القومي ال73    وفاة شقيق المخرج خالد جلال.. ورئيس الأوبرا ينعيه بكلمات مؤثرة    هند عاكف: المسرح يقدم إيرادات ملموسة.. والفخراني رمز حي لتراث المسرح |خاص    جمهورية مصر العربية تحتفل باليوم العالمي لالتهاب الكبد بعنوان مصر تشارك معرفتها الذهبية... صحة كبد، من أجل مستقبل أكثر إشراقا    6 مشروبات تناولها قبل النوم لإنقاص الوزن بسرعة    «الصحة» تنظم برنامجاً تدريبياً مكثفاً لأطباء امتياز الأسنان بجامعة سيناء    رواتب تصل ل 160 ألف جنيه، فرص عمل مغرية في هذه التخصصات بالإمارات    الخارجية الفلسطينية: الضم التدريجي لقطاع غزة مقدمة لتهجير شعبنا    رئيس الوزراء: الحرف اليدوية أولوية وطنية.. واستراتيجية جديدة لتحقيق طفرة حتى 2030    الخط الساخن لصندوق مكافحة الإدمان يتلقى 620 اتصالا من سائقين لطلب العلاج    قصة الانتخابات البرلمانية في مصر.. من 1976 الانتخابات التي غيرت وجه الحياة السياسية إلى 2025 "انتخابات الصفقات الغامضة".. شهادة صحفية تكشف المستور فى عصر السادات وتنذر بمخاطر كبرى    بالفيديو.. المركز الإعلامي للوزراء: الدولة تمضي قدمًا نحو تطوير المنظومة الصحية والارتقاء بصحة المواطن    ياشاري خارج حسابات ريال مدريد.. وكوناتيه يواصل جذب الأنظار    «التضامن» توافق على إشهار جمعيتين في محافظة البحيرة    رئيس «جهار» يستقبل وفدا من منظمة دعم أداء النظم الصحية والابتكار العالمية    إصابة جابرييل شيكودي بكسر في الساق    انتظار صدور حكم في قضية سرقة عملات ذهبية أثرية من متحف ألماني    اليوم بدء الطعون على نتيجة الشهادة الثانوية الأزهرية للدور الأول.. تفاصيل    "حرارة مرتفعة ورطوبة خانقة".. الأرصاد تكشف عن تفاصيل طقس الثلاثاء    القبض على رمضان صبحى فى مطار القاهرة أثناء العودة من تركيا    معيط: دمج مراجعتي صندوق النقد يمنح مصر وقتًا أوسع لتنفيذ الإصلاحات    دخول 9 شاحنات مساعدات إنسانية إلى معبر كرم أبو سالم تمهيدًا لدخولها لقطاع غزة    سبورت تكشف موعد عودة برنال لتدريبات برشلونة    ثنائي المصري أحمد وهب وأحمد شرف ضمن معسكر منتخب الشباب استعدادًا لبطولة كأس العالم بشيلي    ارتفاع حصيلة ضحايا إطلاق النار فى نيويورك ل5 أشخاص بينهم ضابط شرطة    مقتل 16 شخصا وإصابة 35 في غارات روسية جنوب شرق أوكرانيا    السوداني يجدد موقف العراق الثابت والداعم للقضية الفلسطينية    نقيب المهندسين ل طلاب الثانوية العامة: احذروا من الالتحاق بمعاهد غير معتمدة.. لن نقيد خريجيها    وزير التنمية المحلية: شركاء التنمية حليف قوي في دفع العمل البيئي والمناخي في مصر    يوسف معاطي: سعاد حسني لم تمت موتة عادية.. وهنيدي أخف دم كوميديان    "بقميص الزمالك".. 15 صورة لرقص شيكابالا في حفل زفاف شقيقته    مصرع 30 شخصًا في العاصمة الصينية بكين جراء الأمطار الغزيرة    «Jaws».. نصف قرن على عرض الفيلم الأشهر فى العالم    الاَن.. الحدود الدنيا وأماكن معامل التنسيق الإلكتروني للمرحلة الأولى 2025 في جميع المحافظات    محافظ سوهاج يوجه بتوفير فرصة عمل لسيدة كفيفة بقرية الصلعا تحفظ القرآن بأحكامه    «النادي ممكن يتقفل».. رسائل نارية من نصر أبوالحسن لجماهير الإسماعيلي    سعر طن الحديد الاستثماري وعز والأسمنت بسوق مواد البناء اليوم الثلاثاء 29 يوليو 2025    مفتي الجمهورية السابق يوجه رسائل عاجلة لأهالي البحيرة قبل إنتخابات مجلس الشيوخ    صراع على السلطة في مكان العمل.. حظ برج الدلو اليوم 29 يوليو    اليوم.. «الأعلى للثقافة» يعقد اجتماعه ال 72 للتصويت على جوائز الدولة لعام 2025 (قوائم المرشحين)    ما الوقت المناسب بين الأذان والإقامة؟.. أمين الفتوى يجيب    هل "الماكياج" عذر يبيح التيمم للنساء؟.. أمينة الفتوى تُجيب    إلقاء بقايا الطعام في القمامة.. هل يجوز شرعًا؟ دار الإفتاء توضح    أحمد الرخ: تغييب العقل بالمخدرات والمسكرات جريمة شرعية ومفتاح لكل الشرور    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في كامب ديفيد .. الشيطان يعظ ويصلح ساعات
نشر في الأخبار يوم 12 - 05 - 2015

يمكنك أن تقرر في بساطة وضمير مستريح، أن الأمريكان كما حلفائهم الإخوان، لا ينسون شيئاً وأيضاً لا يتعلمون شيئاً، وعلي دول التعاون الخليجي أن يعوا ذلك قبل ذهابهم لاجتماع كامب ديفيد مع الرئيس الأمريكي، وألا يكرروا أخطاءهم بإعادة رهن قرارهم الاستراتيجي بشأن النظام الإقليمي في الشرق الأوسط لمشيئة اليانكي الأمريكي المغامر بطبعه والمتآمر عليهم بسياساته عبر كل المراحل السابقة والقادمة أيضاً. أقول هذا وخلفي شواهد تاريخية عديدة، وأمامي أيضاً وثائق داعمة مما نشر مؤخراً في الصحافة العالمية عن لقاء كامب ديفيد المنتظر.
الكاتب الأمريكي الشهير توماس فريدمان في مقابلة متلفزة له مع الرئيس الأمريكي بارك أوباما نشرتها صحيفة النيويورك تايمز يشيد بسياساته تجاه إيران، ويؤكد أن الرئيس الأمريكي تعهد بعدم المساس بأمن إسرائيل ويدعو العرب إلي مواجهة التحديات الداخلية، وأن طهران ليست بحاجة للسلاح النووي لتكون قوة إقليمية. ومما نشر حول هذا الموضوع يمكنك أن تطالع في الميديا العالمية عناوين دالة وكاشفة، علي غرار: أوباما للعرب: السخط داخل بلادكم أخطر عليكم من إيران، الشباب عاطل ولا يجد حلولا سياسية لمظالمه، خامنئي رجل صعب.. وايران ليست الخطر الأكبر في الشرق، أي اضعاف لاسرائيل سيكون فشلا أخلاقيا لرئاستي، العرب السنة يتعرضون لتهديدات خارجية، ثم يصف أوباما الاتفاق مع إيران باعتباره فرصة العمر لاستقرار المنطقة، بينما التصريحات الواردة من طهران تقول إن الاتفاق لا يؤثر علي أصل برنامجنا النووي. ويكمل أوباما: علي العرب التدخل المباشر في سوريا، ويقول لدول الخليج: المشكلة فيكم، وأن التهديد الأكبر لحلفائنا العرب داخلي، وليس إيرانياً، وكيف يمكننا تعزيز الحياة السياسية في هذه البلاد حتي يشعر الشبان أن لديهم شيئاً آخر غير المتطرفين مثل داعش. ويمكنك أن تقرأ أيضاً في الصحافة العالمية كما قرأت بنفسي: قال الرئيس الأمريكي باراك أوباما إن العرب يتعرضون لتهديدات خارجية، لكن التحديات الأكبر التي تواجههم تنبع من الداخل وليس من احتمال غزو إيراني. وأكد، أن العرب يواجهون بعض التهديدات الخارجية الحقيقية، لكن لديهم أيضاً بعض التهديدات الداخلية المتمثلة في سكان مقصيين في بعض الحالات، وشبان عاطلين عن العمل، وأيديولوجية هدامة، وإحساس بعدم وجود مخرج سياسي لمظالمهم، وأوضح أنه سيناقش مع الحلفاء في الخليج كيفية بناء قدرات دفاعية أكثر كفاءة، وقال «هذا ربما يخفف بعضاً من مخاوفهم، ويسمح لهم بإجراء حوار مثمر بشكل أكبر مع الإيرانيين».
ماذا تخلص من ذلك كله؟ الخلاصة أن إدارة باراك أوباما لا يعنيها في منطقة الشرق الأوسط إلا حماية أمن إسرائيل وضمان تفوقها العسكري، وترسيخ وجودها كقوة إقليمية فاعلة، وأن تضمن تدفق عوائد النفط العربي إلي خزانة شركات السلاح الأمريكية، وأن تعيد رسم خرائط المنطقة بما يرسخ لنظام إقليمي تتلاشي فيه ملامح أية قوة عربية، سواء عسكرية أو أيديولوجية أو حتي مالية، وهو في تصريحاته يغسل يديه من أية إخفاقات للسياسات الأمريكية التي صنعت داعش كما صنعت القاعدة من قبل، وهو يحاول أن يقنعنا بأن العيب فينا وليس في ممارسات الإدارة الأمريكية في منطقتنا، وعلي غرار نعي المرابي اليهودي كوهين لابنه: كوهين ينعي ابنه ويصلح الساعات، فهو ينعي علي دول الخليج سياساتها الداخلية التي تدفع شبابها للالتحاق بداعش ومنظمات الإرهاب التي زرعها وصنعها ويرعاها، وفي نفس الوقت يروج لمبيعات سلاح أمريكي للمنطقة تكون درعاً صاروخية حماية للخليج، في إشارة لا يخطئها منصف للتأسيس لشق الصف العربي ومشروعه الناشئ في المنطقة باعتماده علي قواه الداخلية لحماية أراضيه ومصالحه، وهي السياسات العربية الجديدة التي تؤسس لدور مصري فاعل في المنطقة، يحاول هو من ناحيته جاهداً إحباطها، وشق الصف العربي واستبعاد مصر من معادلة القوي في الإقليم، وإبعادها عن التحالف مع الخليج الذي هو واحد من روافد الدعم الاقتصادي والعسكري لمصر، وهو يلمح لصراع سني شيعي، صراع طائفي تأسس له الممارسات والسياسات الأمريكية لجر المنطقة لحروب لا تنتهي، في نفس الوقت الذي يحاول فيه التمهيد لإدماج قسري لإيران وسياساتها التوسعية وأطماعها في المنطقة العربية بما يضمن استنزاف قدراتها ويهدد استقرارها ويؤخر تنميتها ويبدد احتمالات وحدتها وتماسكها.
وهكذا يتضح لنا أن اليانكي الأمريكي المغامر لا يتعلم من دروس التاريخ ويصر علي المخاتلة والمراوغة، يحاول احتواء الفرقاء جميعاً وضربهم ببعضهم، وسبق أن فعل ذلك مع إيران والعراق في ثمانينيات القرن العشرين، أجج الصراع وسلح كليهما، وليست فضيحة «الكونترا» لعقد صفقات سلاح سرية لإيران تحت زعم تمويل حركة الكونترا المناوئة للنظام الشيوعي في نيكاراجوا ببعيد. ولعلنا نحن العرب نعاني ذاكرة ضعيفة تتناسي استنزاف قوة العراق في الحرب مع إيران ثم الإجهاز عليه وتدميره. ولعل أخطر ما قرأت عن رهن الإرادة العربية للأمريكان مرة أخري، ما كتبه الأستاذ غسان شربل في افتتاحية الحياة اللندنية الإثنين الماضي، تحت عنوان «قمة القنبلتين» عن لقاء كامب ديفيد المرتقب بين دول الخليج الستة وباراك أوباما، إذ رغم تحذيره من قنبلتي البرنامج النووي، والدور الإقليمي لإيران، يقول صراحة: «غابت عن الإقليم الإدارة الدولية القادرة علي ترويض نموره أو ذئابه، وفضل أوباما المقعد الخلفي. اختار فلاديمير بوتين سياسة الثأر علي أطراف روسيا فهبت رياح تكاد تشبه الحرب الباردة.» ثم يقرر «لا مبالغة في القول أن القمة الأمريكية الخليجية في كامب ديفيد تشكل موعداً استثنائياً سيترك بصماته علي مصير الشرق الأوسط لسنوات أو عقود. فالمطلوب ببساطة رسم ملامح نظام إقليمي جديد يعيد القدر اللازم من التوازن ويوفر صمامات أمان توقف مسلسل الانهيارات والانقلابات والاختراقات». ويالغرابة ما يقوله كاتبنا الكبير، إذ مؤداه أن ما نحن فيه من مشاكل ومصائب ليست جراء الممارسات الأمريكية المغرضة في المنطقة، وإنما بسبب غياب القوي الدولية التي عليها ضبط إيقاع الإقليم وترويض نموره وذئابه، وكأنه نسي أن الذئب المتلمظ هو باراك أوباما نفسه، ثم يسلم طواعية بأن قمة كامب ديفيد عليها رسم ملامح نظام إقليمي جديد، ويالها من مفارقة، حيث يسلم بائتمان أوباما علي المنطقة وتحديد ملامح نظامها الإقليمي بينما سياساته هي المهدد الحقيقي لمصالح العرب والخليجيين في المقدمة.
يا سادة النظام الإقليمي مسئولية عربية لا ينبغي التفريط فيها للأمريكان أو غيرهم، وإن الانهيارات والانقلابات والاختراقات لا يصنعها ويؤسس لها إلا الشريك الأمريكي المخالف، وليست هناك ضمانة لاستقرار المنطقة ونموها إلا الاعتماد علي قدراتها وتعاونها وتضامنها، وألا تسمح لغيرها برسم خرائط نظامها بما يشوش عليها ويحول مخاوفها من التوجه نحو إسرائيل وقدراتها النووية الفعلية، إلي إيران حتي مع التسليم بأطماعها في المنطقة. علي العرب أن يتعلموا من دروس التاريخ ولا يكرروا الرهان علي السياسات الأمريكية، فقد ثبت أنه رهان خاطئ، وألا يستمعوا لأوباما، فإن الشيطان يعظ، ويتآمر ويشق الصف ويبيع السلاح ويستنزف مواردنا، وينعي ويصلح الساعات في نفس الوقت.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.