ذكرت صحيفة الثورة السورية ان ثمة أسباب تدعو إلى قلق المؤسسة الإسرائيلية بفعل تراجع وجفاف الهجرة اليهودية التي كانت على الدوام إحدى الركائز الأساسية لاستمرار المشروع الصهيوني في المنطقة العربية . وتشير الدراسات ومراكز الأبحاث الإسرائيلية وكذلك الجهاز الإحصائي الإسرائيلي أن مجموع اليهود في فلسطين وصل إلى 650 ألف يهودي عشية إعلان الدولة الإسرائيلية. وكانت الفترة الممتدة بين عامي 1948 و1960 ذهبية بالنسبة لأرقام الهجرة اليهودية التي ساهمت بنحو خمسة وستين في المائة من إجمالي الزيادة السكانية لليهود في إسرائيل خلال الفترة المشار إليها. تراجعت أرقام الهجرة بشكل ملحوظ خاصة في عقد السبعينيات من القرن الماضي نظراً لتراجع العوامل الطاردة والجاذبة. ومع انفراط عقد الاتحاد السوفييتي السابق في بداية عقد التسعينيات من القرن المذكور استطاعت إسرائيل جذب أكثر من مليون مهاجر يهودي روسي إليها والى الأراضي العربية المحتلة. وارتفعت بذلك مساهمة الهجرة اليهودية من إجمالي الزيادة السكانية لليهود في إسرائيل لتصل إلى 69 في المائة خلال الفترة (1991-2001)، ولتصبح الطائفة اليهودية -الروسية هي الأكبر بين اليهود في إسرائيل. ومع تراجع أرقام الهجرة اليهودية من روسيا خلال السنوات الأخيرة تحاول المؤسسة الإسرائيلية الحاكمة تهيئة الظروف لجذب يهود الأرجنتين وفرنسا وبعض اليهود من الدول الأسيوية مثل إيران. لكن ثمة معوقات أساسية لتحقيق هجرة يهودية كثيفة يطمح إليها المخططون الإستراتيجيون في إسرائيل . ومن أهم تلك المعوقات عدم وجود عوامل طاردة حقيقية من الدول التي توجد فيها أعداد كبيرة من اليهود مثل الولاياتالمتحدة الأميركية وفرنسا وبريطانيا وكندا. حيث دخل الفرد والرفاه الاجتماعي في غالبية الدول المذكورة هو أعلى من مثيلاتها في إسرائيل حسب تقارير التنمية البشرية التي صدرت عن برنامج الأممالمتحدة الإنمائي حتى عام 2011 . وكذلك لا توجد عوامل جاذبة للمهاجرين اليهود إلى إسرائيل كتلك التي كانت في بداية إنشاء إسرائيل ، بل على العكس ظهرت تناقضات اجتماعية تمً التعبير عنها في مظاهرات عديدة خلال عامي 2011و2012 . واللافت أنه رغم الدعاية الإعلامية المبرمجة لم تستطع الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة خلال الفترة (1948-2012) من جذب سوى خمسة ملايين وتسعمائة ألف يهودي من أصل ثلاثة عشر مليون يهودي في العالم إليها . وهذا بدوره يعتبر انكفاء ديموغرافياً خاصة إذا أخذنا بعين الاعتبار أرقام الهجرة اليهودية المعاكسة خلال السنوات الأخيرة والتي تفوق الأرقام التي يصدرها الجهاز الإحصائي الإسرائيلي ، نظراً لأنه لا يتم تسجيل المهاجر بشكل فعلي إلا بعد انقضاء أربع سنوات على مدة هجرته إلى خارج إسرائيل . في حين يتم تسجيل المهاجر اليهودي إليها منذ الساعات الأولى لوصوله مع حصوله على مساعدات تصل إلى آلاف الدولارات لتحقيق التوازن الديموغرافي مع الفلسطينيين من جهة وتأمين المادة البشرية اليهودية للدولة الإسرائيلية بكونها العنصر الأساس في تشكيلها واستمرار الحياة لها في المدى البعيد.ومن الأهمية الإشارة أخيراً الى أن تراجع الحلم الديموغرافي الإسرائيلي في عدم القدرة على جذب غالبية يهود العالم كان سبباً في التسريع في بناء الجدار العازل الإسرائيلي في عمق الضفة الغربية ، بعد أن كان شعار إسرائيل منذ عام 1948 « حدودك يا إسرائيل من الفرات إلى النيل » .