صلاة الجنازة على 4 من أبناء الفيوم ضحايا حادث مروري بالسعودية قبل نقلهم إلى مصر    ترامب: الولايات المتحدة ستوقف الهجرة من دول العالم الثالث بشكل دائم    هشام حنفي: مصطفى شوبير قادر على حراسة الأهلي بجدارة أمام الجيش الملكي    حريق يلتهم محل حلويات في منطقة الفلكي بالإسكندرية    ساقية الصاوي تستعد لاحتفالات رأس السنة بتجهيزات خاصة وعروض فنية متنوعة    وزير الخارجية يشيد بما تشهده العلاقات المصرية - الأوروبية من زخم متصاعد    أسعار الخضراوات والفاكهة في أسواق الجملة اليوم الجمعة    منتخب مصر الثاني يطير اليوم إلى الدوحة استعدادا لكأس العرب    أسعار الذهب فى الصاغة اليوم الجمعة 28 نوفمبر 2025    الأعلى للجامعات يجري مقابلة المتقدمين لرئاسة جامعة مطروح    وزير البترول: مصر بصدد إطلاق مسح جوي لتحديد الأماكن الواعدة تعدينيا    بإجابات عائمة: داخل أم خارج السجن.. جدل حول العقيد أحمد قنصوة المعتقل بسبب ترشحه أمام السيسي في 2018    ممدوح الصغير يكتب: السكوت من ذهب    أخبار فاتتك وأنت نائم| زلزال في الزمالك.. أزمة تصريحات حسام حسن.. ترامب يوقف الهجرة من دول العالم الثالث    تفاصيل عملية بيت جن.. هذا ما فعله الجيش الإسرائيلي بريف دمشق    مصرع 3 شباب إثر حادث غرق سيارة بترعة المريوطية فى أبو النمرس    طقس اليوم: معتدل الحرارة نهارا مائل للبرودة ليلا.. والعظمى بالقاهرة 26    شبورة كثيفة على الطرق.. الأرصاد تحذر السائقين من انخفاض الرؤية    45 دقيقة تأخير على خط «طنطا - دمياط».. الجمعة 28 نوفمبر 2025    أول صورة من «على كلاي» تجمع درة والعوضي    رسائل حاسمة من الرئيس السيسي تناولت أولويات الدولة في المرحلة المقبلة    سوريا.. شهداء وجرحى في توغل عسكري إسرائيلي بريف دمشق    محمد الدماطي يحتفي بذكرى التتويج التاريخي للأهلي بالنجمة التاسعة ويؤكد: لن تتكرر فرحة "القاضية ممكن"    أستراليا.. يعتقد أن ضحيتي هجوم القرش بشمال سيدني مواطنان سويسريان    ارتفاع عدد ضحايا حريق هونج كونج إلى 94 شخصًا وسط عمليات إنقاذ مستمرة    ستاد المحور: أندية إماراتية تدرس التقدم بعروض لضم مروان عطية في يناير    كورونا وسلالة الإنفلونزا الجديدة، موجة فيروسات تجتاح إيران واكتظاظ المستشفيات بالحالات    حبس سيدة وابن عم زوجها 4 أيام بالفيوم بتهمة علاقة غير شرعية بالفيوم    رمضان صبحي بين اتهامات المنشطات والتزوير.. وبيراميدز يعلن دعمه للاعب    تفاصيل صادمة.. زميلان يشعلان النار في عامل بسبب خلافات بالعمل في البحيرة    تعليم القاهرة تواجه الأمراض الفيروسية بحزمة إجراءات لوقاية الطلاب    بعد أزمته الصحية، أحمد سعد يتألق في حفل الكويت تحت شعار كامل العدد (صور)    توقيت أذان الفجر اليوم الجمعه 28 نوفمبر 2025.. ودعاء مأثور يُقال بعد الانتهاء من الصلاة    مصر تستقبل بعثة صندوق النقد: اقتراض جديد لرد أقساط قديمة... والديون تتضخم بلا نهاية    عبير نعمة تختم حفل مهرجان «صدى الأهرامات» ب«اسلمي يا مصر»    شروط حددها القانون لجمع البيانات ومعالجتها.. تفاصيل    إعلام فلسطيني: الاحتلال يشن غارات جوية على مدينة رفح جنوب قطاع غزة    شعبة السيارات تدعو لإعادة التفكير في تطبيق قرار إجبار نقل المعارض    والدة الإعلامية هبة الزياد تكشف ل مصعب العباسي سبب الوفاة    واشنطن بوست: أوروبا تسعى جاهدة للبقاء على وفاق بينما تُقرر أمريكا وروسيا مصير أوكرانيا    دار الإفتاء توضح حكم إخراج الزكاة للأقارب.. اعرف قالت إيه    القانون يحدد ضوابط لمحو الجزاءات التأديبية للموظف.. تعرف عليها    حذر من عودة مرتقبة .. إعلام السيسي يحمل "الإخوان" نتائج فشله بحملة ممنهجة!    رئيس التصنيع بالصيادلة: استهلاك مصر من بنج الأسنان يصل إلى 600 ألف عبوة سنويًا    سيناريست "كارثة طبيعية" يثير الوعي بمشكلة المسلسل في تعليق    بيونجيانج تنتقد المناورات العسكرية الأمريكية-الكورية الجنوبية وتصفها بالتهديد للاستقرار    طولان: ثقتي كبيرة في اللاعبين خلال كأس العرب.. والجماهير سيكون لها دورا مع منتخبنا    الهجرة الأمريكية تراجع البطاقات الخضراء ل19 دولة مثيرة للقلق    أبوريدة: بيراميدز ليس له ذنب في غياب لاعبيه عن كأس العرب    شعبة الدواجن تحذر: انخفاض الأسعار قد يؤدي لأزمة في الشتاء القادم    فضائل يوم الجمعة.. أعمال بسيطة تفتح أبواب المغفرة والبركة    غلق كلي لشارع الأهرام 3 أشهر لإنشاء محطة مترو المطبعة ضمن الخط الرابع    وزير الثقافة والمحافظ يشهدان ختام الدورة ال18 من ملتقى الأقصر الدولي للتصوير    أحمد السعدني: دمعت من أحداث "ولنا في الخيال حب".. وشخصيتي في الفيلم تشبهني    أخبار 24 ساعة.. رئيس الوزراء: لا انتشار لفيروس غامض والمتواجد حاليا تطور للأنفلونزا    الشيخ خالد الجندي يحذر من فعل يقع فيه كثير من الناس أثناء الصلاة    هيئة الرعاية الصحية تمنح الدكتور محمد نشأت جائزة التميز الإداري خلال ملتقاها السنوي    مواقيت الصلاه اليوم الخميس 27نوفمبر 2025 فى المنيا.....اعرف مواعيد صلاتك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



انهيار أسعار النفط يزلزل النظام الاقتصادي والسياسي الإقليمي والعالمي
أمريكا تربح .. وإيران تخسر.. وروسيا وفنزويلا على حافة أزمة مالية

أصاب التدهور السريع في أسعار النفط النظام العالمي الاقتصادي والسياسي بهزة شديدة تسببت في تغيير مفاجئ للثروة لصالح الولايات المتحدة.. ودفع ذلك عددا من كبرى الدول المصدرة للنفط – خاصة تلك التي لها "علاقات عدائية" مع الغرب مثل روسيا وإيران وفنزويلا - إلى حافة أزمة مالية.
انخفاض أسعار النفط إلى ما يقرب من 50% منذ يونيو كان له تداعيات سلبية واضحة على الاقتصاد الروسي والرئيس فلادمير بوتين.. وحذر وزير المالية السابق اليكسي كودرين - وهو صديق قديم لبوتين – هذا الاسبوع من "ازمة مالية متفجرة" ودعا الى تحسين العلاقات مع اوروبا والولايات المتحدة.
لكن, التأثيرات المتموجة تتدفق بشكل اوسع نطاقا.. فانهيار الأسعار ربما يكون له تأثير على محادثات ايران بشأن ما اذا كانت ستتوصل الى اتفاق حول برنامجها النووي مع الغرب.. كما يدفع الدول الغنية بالنفط في الشرق الأوسط الى اعادة تقييم دورها في ادارة معروضها من النفط عالميا, وهذا يعزز اقتصاديات كبرى الدول المستهلكة للنفط بشكل ملحوظ لاسيما الولايات المتحدة والصين.
أيضا ربما كان انهيار اسعار النفط عنصرا اخيرا ساهم في قرار كوبا بالتصديق على التقارب مع واشنطن.
في تقرير مطول شارك فيه مراسلوها في بروكسيل ولندن وبكين والقاهرة وكراكاس وطهران وريو دي جانيرو رصدت صحيفة "نيويورك تايمز" وحللت تداعيات انهيار اسعار النفط على السياسة والاقتصاد العالمي.
بعد الانحدار الشديد في سعر برميل النفط الى اقل من 60 دولارا لكل برميل من نحو 115 دولارا لكل برميل في يونيو, استقرت اسعار النفط عند مستوى منخفض هذا الأسبوع.. وتسبب هذا في زعزعة استقرار خطط وتطلعات العديد من الحكومات.
فقد خابت آمال بوتين في التصدي للعقوبات التي فرضها الغرب على بلاده بسبب التدخل الروسي في اوكرانيا.. ايضا ستتحطم تطلعات فنزويلا في الاستمرار في سياسات الانفاق المجانية التي انتهجها الرئيس السابق هوجو تشافيز.
روسيا.
ويبدو أن روسيا حتى الآن هي اكبر ضحية لانهيار اسعار النفط حيث تمثل عائداتها من الطاقة اكثر من نصف ميزانية حكومتها.. كان بوتين قد بنى دعائم قوية لتجنب الاضطرابات الاقتصادية التي اثرت سلبا على حكم سلفه بوريس يلتسن.. لكن منذ اسبوع بدأت روسيا ترجع الى الخلف مع انخفاض قيمة الروبية بشكل افزع الروسيين الذين كانوا يزحمون المحلات لانفاق ما لديهم.
وقال ستروبي تالبوت – كبير مستشاري الرئيس الأمريكي السابق بيل كلينتون لشئون روسيا في اعقاب انهيار الاتحاد السوفيتي 1991 والرئيس الحالي معهد بروكينجز في واشنطن – "لقد شاهدنا هذا الفيلم من قبل".
الاضطرابات الروسية سيكون لها صدا حول العالم.. ستنخفض حجوزات منتجعات الجليد في استراليا وكذلك الانفاق على عقارات لندن.. وستنشر حالة من الفزع في دول مجاورة مثل روسيا البيضاء الحليف القوي لروسيا, حتى انها ستهدد بطولة الهوكي القارية التي يتم الدفع فيها للاعبيين بالروبية.
.."إنه لدعم كبير للولايات المتحدة عندما يضعف بشدة ثلاثة من أكبر اربعة اعداء لها.. عندما تديق مساحة المناورة لديهم بشكل كبير", هكذا يقول لتواك مستشار البنتاجون.
العدو الكبير الوحيد المتبقي للولايات المتحدة ولم يصب بضرر جراء انهيار اسعار النفط كوريا الشمالية التي تستورد جميع اجتياجاتها النفطية.
فنزويلا
فنزويلا – التي يقدر انها تمتلك اكبر احتياطي نفطي في العالم تقول انها تستخدمه لاسقاط "الامبريالية الأمريكية" – كانت تحصد 95% من مكاسب صادراتها من النفط قبل انهيار اسعاره.. الآن اصبحت فنزويلا تعاني من اضطرابات في الداخل لعجزها عن الدفع لمشاريعها الاجتماعية وسياستها الخارجية التي تروج لها بالتمويل بسخاء بما في ذلك تصدير شحنات من النفط منخفض السعر الى كوبا ودول اخرى.
ووسط قلق بالغ في سوق السندات قد يجعل فنزويلا عاجزة عن الوفاء بالتزاماتها في سداد القروض, قال الرئيس نيكولاس مادورو – الذي انتخب العام الماضي بعد وفاة تشافيز – ان بلاده سوف تستمر في دفع ديونها.. لكن التضخم في فنزويلا بلغ اكثر من 60% وهناك نقص في البضائع الاساسية ويعتقد العديد من الخبراء ان الاقتصاد في حالة كساد.
وحذر ديفيد جولدوين منسق الطاقة الدولية بوزارة الخارجية الأمريكية اثناء الفترة الأولى لادارة اوباما من ان انفجار اقتصاد فنزويلا الداخلي قد يضر بدول الكاريبي وامريكا اللاتينية بشكل لا ترحب به الولايات المتحدة.
وأضاف: "لكن عموما, انهيار اسعار النفط امر ايجابي للولايات المتحدة.. بسبب ان المستهلكين الأمريكيين سيوفرون اموالهم.. وسيضر هذا روسيا ويضع ضغوطا على ايران".
كوبا
انهيار اسعار النفط كانت احدى التداعيات غير المباشرة التي عملت على تحريك العلاقات الدبلوماسية المتأزمة - منذ نصف قرن - بين واشنطن وهافانا, والتي صبت بشكل عام في صالح الولايات المتحدة. وهناك مخاوف من قطع فنزويلا – الداعم الرئيسي – امداداتها من الأموال والنفط منخفض السعر لكوبا بعد ان صدقت على اتفاق تاريخي مع الولايات المتحدة ترفع بموجبه الأخيرة عقوباتها المستمرة على الدولة اللاتينية.
روسيا البيضاء
روسيا البيضاء المقاطعة السوفيتية السابقة التي يصفها المسئولون الأمريكيون بانها آخر ديكتاتورية اوروبية, ضحية اخرى لانهيار اسعار النفط.. روسيا البيضاء تنتج كمية ليست كبيرة من النفط الخام, وعلى الرغم من ذلك تأثرت بشدة.. هذا بسبب ان اقتصادها يعتمد على صادراتها من المنتجات البترولية التي تنتجها باستخدام النفط الخام الذي تحصل عليه باسعار تفضيلية منخفضة جدا من روسيا.
ايران
وأوضح ادوارد لوتواك - وهو مؤلف عدة كتب حول السياسة الجغرافية والاستراتيجية الاقتصادية وعمل لفترة طويلة مستشارا للبنتاجون الأمريكي – ان انهيار اسعار النفط "ستصدم الاعداء الاساسيين للولايات المتحدة بدون ادنى تدخل لنا".. بالنسبة لايران, التي من المقدر انها تخسر مليار دولار شهريا بسبب تدني اسعار النفط, فالأمر كما لو ان الكونجرس كان قد مرر اقصى عقوبات ضد طهران والتي يعارضها البيت الأبيض.
وقال حسين رغفر الاقتصادي الايراني لصحيفة اعتماد ان ايران تعاني من صدمة شديدة جعل حكومتها تبحث عن سبل لملئ فجوة متسعة في ميزانيتها, مشيرا الى انها تعرض على شباب التجنيد خيار شراء خدمتهم الالزامية التي تمتد لعامين في الجيش.. واضاف: "نحن على اعتاب ازمة كبيرة.. الحكومة تحتاج الى اموال بشكل ملح".
سوريا
توقع مروان المعشر - وزير الخارجية الأردني السابق ونائب رئيس مركز كارنيجي اندومنت للسلام الدولي حاليا – تعاقب الأحداث جراء انهيار اسعار النفط على سوريا بما يشبه تأثير الدومينو بينما تجد روسيا وايران نفسهما في صعوبة للاستمرار في دعمهما الاقتصادي والعسكري والدبلوماسي للرئيس بشار الأسد.
وتوقع آخرون ان دول الخليج العربي – التي لاتزال غنية – قد تزيد دعمها المالي للجماعات الاسلامية المتطرفة المتمردة في سوريا.
وقال معشر ان انخفاض الاسعار قد يدفع ايضا الدول الشرق اوسطية المنتجة للنفط الى تغيير سياسي واقتصادي, ويضعها في تحد امام ما يطلق عليه "الأنظمة الريعية" وهو نظام تطبقه حكومات دول تستمد معظم دخلها من ايجارات يدفعها اجانب مقابل استغلال مواردها.. واضاف في تقرير نشره كارنيجي: "مهما كان الوضع.. يبدو ان تأثير مستويات اسعار النفط الجديدة لن تكون منحصرة في النطاق الاقتصادي".
مؤامرة أمريكية - سعودية
وتتهم الدول المنتجة للنفط المناهضة للولايات المتحدة قيام الآخيرة بتدبير مؤامرة ضد اعدائها بالاتفاق مع السعودية لتخفيض اسعار النفط.
هذه الرؤية تلقى صدا قويا في روسيا حيث يعتقد وكلاء ال"كي جي بي" السابقين والقريبين من بوتين ان واشنطن هندست انهيار الاتحاد السوفيتي بحث السعودية على زيادة انتاجها من النفط, مما دفع الاسعار الى الانخفاض ومن ثم تم تجفيف عائدات موسكو من النفط.
بطريقة او بأخرى, فان انهيار اسعار النفط حقيقة هو من صنع الولايات المتحدة مدفوعا بتوسع كبير في انتاج النفط بتطوير موارد بديلة مثل الزيت الحجري.
مع البدء في تخفيض انتاج النفط المتفق عليه في اوبيك (منظمة الدول المصدرة للنفط), شهد انتاج النفط من الزيت الحجري زيادة جعلت متوسط انتاج خام النفط الأمريكي يرتفع الى نحو تسعة ملايين برميل يوميا مقارنة بخمسة ملايين برميل يوميا في 2008, بحسب ادارة معلومات الطاقة الأمريكية.. الأربعة ملايين برميل الزيادة تبلغ اكثر مما ينتجه سواء العراق او ايران - ثاني وثالث اكبر منتج للنفط في "اوبك" بعد السعودية – يوميا.. وهذا تسبب في ضغوط قوية لتخفيض اسعار النفط عالميا.
التنافس الجيوسياسي اظهره سوق النفط ولم يكن مجرد تخطيط امريكي بشكل كامل.. الاضطرابات في روسيا لم يبدو انها دفعت بوتين نحو موقف تصالحي بشأن أوكرانيا, بينما يعتقد بعض المحللين انها قد تجعل موسكو اكثرا ميلا لتأجيج الوضع.
وحذرت لجنة السياسات المالية في بنك انجلترا – التي تراقب التهديدات النظامية المحتملة – في مذكرة صدرت هذا الاسبوع ان "اسعار النفط المستمرة في الانخفاض من المحتمل ان تعزز من مخاطر جيوسياسية محددة.. كما حذرت ايضا من زيادة المخاطر جراء انكماش في منطقة اليورو حيث تستخدم 18 دولة العملة الأوروبية الموحدة.
الصين
كل انخفاض 10% في اسعار النفط يقابلة 0,15% نمو في اقتصاد الصين وفي الوقت الذي تعاني فيه روسيا, تجني الصين ثمار انهيار اسعار النفط.. فالصين تستورد ما يقرب من 60% من احتياجاتها النفطية لتقوية اقتصادها.
وأصبحت الصين في العام 2013 اكبر مستورد للنفط في العالم لتتخطى الولايات المتحدة.. والآن, تتهيأ لتعظيم الاستفادة من اسعار النفط المنخفضة.. وقدر "بنك اوف اميركا ميرل لينشي" الشهر الماضي ان كل 10% انخفاض في اسعار النفط قد يقابلها زيادة في نمو الاقتصاد الصيني تقدر ب0,15%.
النمو الكبير في الاقتصاد الصيني سوف يزيد معدل الطلب على النفط بما يساعد في تخفيض الصراع الحالي بين دول اوبيك - التي تضخ ثلث النفط العالمي – بسبب الانتاج الامريكي المتزايد الذي افقد المنظمة قدرتها على تحديد اسعار النفط بالتحكم في الانتاج.. في مقابلة مع "ميدل ايست ايكونوميك سيرفاي" الاسبوع الماضي المح وزير النفط السعودي علي النعيمي الى اعادة التفكير بشكل اساسي في عمل اوبيك, قائلا ان "المنظمة تحاول الحفاظ على حصتها في السوق بدلا من محاولتها رفع الاسعار بتخفيض الانتاج".. وأضاف: "ولجنا في اوقات مخيفة بالنسبة لسوق النفط".
أصاب التدهور السريع في أسعار النفط النظام العالمي الاقتصادي والسياسي بهزة شديدة تسببت في تغيير مفاجئ للثروة لصالح الولايات المتحدة.. ودفع ذلك عددا من كبرى الدول المصدرة للنفط – خاصة تلك التي لها "علاقات عدائية" مع الغرب مثل روسيا وإيران وفنزويلا - إلى حافة أزمة مالية.
انخفاض أسعار النفط إلى ما يقرب من 50% منذ يونيو كان له تداعيات سلبية واضحة على الاقتصاد الروسي والرئيس فلادمير بوتين.. وحذر وزير المالية السابق اليكسي كودرين - وهو صديق قديم لبوتين – هذا الاسبوع من "ازمة مالية متفجرة" ودعا الى تحسين العلاقات مع اوروبا والولايات المتحدة.
لكن, التأثيرات المتموجة تتدفق بشكل اوسع نطاقا.. فانهيار الأسعار ربما يكون له تأثير على محادثات ايران بشأن ما اذا كانت ستتوصل الى اتفاق حول برنامجها النووي مع الغرب.. كما يدفع الدول الغنية بالنفط في الشرق الأوسط الى اعادة تقييم دورها في ادارة معروضها من النفط عالميا, وهذا يعزز اقتصاديات كبرى الدول المستهلكة للنفط بشكل ملحوظ لاسيما الولايات المتحدة والصين.
أيضا ربما كان انهيار اسعار النفط عنصرا اخيرا ساهم في قرار كوبا بالتصديق على التقارب مع واشنطن.
في تقرير مطول شارك فيه مراسلوها في بروكسيل ولندن وبكين والقاهرة وكراكاس وطهران وريو دي جانيرو رصدت صحيفة "نيويورك تايمز" وحللت تداعيات انهيار اسعار النفط على السياسة والاقتصاد العالمي.
بعد الانحدار الشديد في سعر برميل النفط الى اقل من 60 دولارا لكل برميل من نحو 115 دولارا لكل برميل في يونيو, استقرت اسعار النفط عند مستوى منخفض هذا الأسبوع.. وتسبب هذا في زعزعة استقرار خطط وتطلعات العديد من الحكومات.
فقد خابت آمال بوتين في التصدي للعقوبات التي فرضها الغرب على بلاده بسبب التدخل الروسي في اوكرانيا.. ايضا ستتحطم تطلعات فنزويلا في الاستمرار في سياسات الانفاق المجانية التي انتهجها الرئيس السابق هوجو تشافيز.
روسيا.
ويبدو أن روسيا حتى الآن هي اكبر ضحية لانهيار اسعار النفط حيث تمثل عائداتها من الطاقة اكثر من نصف ميزانية حكومتها.. كان بوتين قد بنى دعائم قوية لتجنب الاضطرابات الاقتصادية التي اثرت سلبا على حكم سلفه بوريس يلتسن.. لكن منذ اسبوع بدأت روسيا ترجع الى الخلف مع انخفاض قيمة الروبية بشكل افزع الروسيين الذين كانوا يزحمون المحلات لانفاق ما لديهم.
وقال ستروبي تالبوت – كبير مستشاري الرئيس الأمريكي السابق بيل كلينتون لشئون روسيا في اعقاب انهيار الاتحاد السوفيتي 1991 والرئيس الحالي معهد بروكينجز في واشنطن – "لقد شاهدنا هذا الفيلم من قبل".
الاضطرابات الروسية سيكون لها صدا حول العالم.. ستنخفض حجوزات منتجعات الجليد في استراليا وكذلك الانفاق على عقارات لندن.. وستنشر حالة من الفزع في دول مجاورة مثل روسيا البيضاء الحليف القوي لروسيا, حتى انها ستهدد بطولة الهوكي القارية التي يتم الدفع فيها للاعبيين بالروبية.
.."إنه لدعم كبير للولايات المتحدة عندما يضعف بشدة ثلاثة من أكبر اربعة اعداء لها.. عندما تديق مساحة المناورة لديهم بشكل كبير", هكذا يقول لتواك مستشار البنتاجون.
العدو الكبير الوحيد المتبقي للولايات المتحدة ولم يصب بضرر جراء انهيار اسعار النفط كوريا الشمالية التي تستورد جميع اجتياجاتها النفطية.
فنزويلا
فنزويلا – التي يقدر انها تمتلك اكبر احتياطي نفطي في العالم تقول انها تستخدمه لاسقاط "الامبريالية الأمريكية" – كانت تحصد 95% من مكاسب صادراتها من النفط قبل انهيار اسعاره.. الآن اصبحت فنزويلا تعاني من اضطرابات في الداخل لعجزها عن الدفع لمشاريعها الاجتماعية وسياستها الخارجية التي تروج لها بالتمويل بسخاء بما في ذلك تصدير شحنات من النفط منخفض السعر الى كوبا ودول اخرى.
ووسط قلق بالغ في سوق السندات قد يجعل فنزويلا عاجزة عن الوفاء بالتزاماتها في سداد القروض, قال الرئيس نيكولاس مادورو – الذي انتخب العام الماضي بعد وفاة تشافيز – ان بلاده سوف تستمر في دفع ديونها.. لكن التضخم في فنزويلا بلغ اكثر من 60% وهناك نقص في البضائع الاساسية ويعتقد العديد من الخبراء ان الاقتصاد في حالة كساد.
وحذر ديفيد جولدوين منسق الطاقة الدولية بوزارة الخارجية الأمريكية اثناء الفترة الأولى لادارة اوباما من ان انفجار اقتصاد فنزويلا الداخلي قد يضر بدول الكاريبي وامريكا اللاتينية بشكل لا ترحب به الولايات المتحدة.
وأضاف: "لكن عموما, انهيار اسعار النفط امر ايجابي للولايات المتحدة.. بسبب ان المستهلكين الأمريكيين سيوفرون اموالهم.. وسيضر هذا روسيا ويضع ضغوطا على ايران".
كوبا
انهيار اسعار النفط كانت احدى التداعيات غير المباشرة التي عملت على تحريك العلاقات الدبلوماسية المتأزمة - منذ نصف قرن - بين واشنطن وهافانا, والتي صبت بشكل عام في صالح الولايات المتحدة. وهناك مخاوف من قطع فنزويلا – الداعم الرئيسي – امداداتها من الأموال والنفط منخفض السعر لكوبا بعد ان صدقت على اتفاق تاريخي مع الولايات المتحدة ترفع بموجبه الأخيرة عقوباتها المستمرة على الدولة اللاتينية.
روسيا البيضاء
روسيا البيضاء المقاطعة السوفيتية السابقة التي يصفها المسئولون الأمريكيون بانها آخر ديكتاتورية اوروبية, ضحية اخرى لانهيار اسعار النفط.. روسيا البيضاء تنتج كمية ليست كبيرة من النفط الخام, وعلى الرغم من ذلك تأثرت بشدة.. هذا بسبب ان اقتصادها يعتمد على صادراتها من المنتجات البترولية التي تنتجها باستخدام النفط الخام الذي تحصل عليه باسعار تفضيلية منخفضة جدا من روسيا.
ايران
وأوضح ادوارد لوتواك - وهو مؤلف عدة كتب حول السياسة الجغرافية والاستراتيجية الاقتصادية وعمل لفترة طويلة مستشارا للبنتاجون الأمريكي – ان انهيار اسعار النفط "ستصدم الاعداء الاساسيين للولايات المتحدة بدون ادنى تدخل لنا".. بالنسبة لايران, التي من المقدر انها تخسر مليار دولار شهريا بسبب تدني اسعار النفط, فالأمر كما لو ان الكونجرس كان قد مرر اقصى عقوبات ضد طهران والتي يعارضها البيت الأبيض.
وقال حسين رغفر الاقتصادي الايراني لصحيفة اعتماد ان ايران تعاني من صدمة شديدة جعل حكومتها تبحث عن سبل لملئ فجوة متسعة في ميزانيتها, مشيرا الى انها تعرض على شباب التجنيد خيار شراء خدمتهم الالزامية التي تمتد لعامين في الجيش.. واضاف: "نحن على اعتاب ازمة كبيرة.. الحكومة تحتاج الى اموال بشكل ملح".
سوريا
توقع مروان المعشر - وزير الخارجية الأردني السابق ونائب رئيس مركز كارنيجي اندومنت للسلام الدولي حاليا – تعاقب الأحداث جراء انهيار اسعار النفط على سوريا بما يشبه تأثير الدومينو بينما تجد روسيا وايران نفسهما في صعوبة للاستمرار في دعمهما الاقتصادي والعسكري والدبلوماسي للرئيس بشار الأسد.
وتوقع آخرون ان دول الخليج العربي – التي لاتزال غنية – قد تزيد دعمها المالي للجماعات الاسلامية المتطرفة المتمردة في سوريا.
وقال معشر ان انخفاض الاسعار قد يدفع ايضا الدول الشرق اوسطية المنتجة للنفط الى تغيير سياسي واقتصادي, ويضعها في تحد امام ما يطلق عليه "الأنظمة الريعية" وهو نظام تطبقه حكومات دول تستمد معظم دخلها من ايجارات يدفعها اجانب مقابل استغلال مواردها.. واضاف في تقرير نشره كارنيجي: "مهما كان الوضع.. يبدو ان تأثير مستويات اسعار النفط الجديدة لن تكون منحصرة في النطاق الاقتصادي".
مؤامرة أمريكية - سعودية
وتتهم الدول المنتجة للنفط المناهضة للولايات المتحدة قيام الآخيرة بتدبير مؤامرة ضد اعدائها بالاتفاق مع السعودية لتخفيض اسعار النفط.
هذه الرؤية تلقى صدا قويا في روسيا حيث يعتقد وكلاء ال"كي جي بي" السابقين والقريبين من بوتين ان واشنطن هندست انهيار الاتحاد السوفيتي بحث السعودية على زيادة انتاجها من النفط, مما دفع الاسعار الى الانخفاض ومن ثم تم تجفيف عائدات موسكو من النفط.
بطريقة او بأخرى, فان انهيار اسعار النفط حقيقة هو من صنع الولايات المتحدة مدفوعا بتوسع كبير في انتاج النفط بتطوير موارد بديلة مثل الزيت الحجري.
مع البدء في تخفيض انتاج النفط المتفق عليه في اوبيك (منظمة الدول المصدرة للنفط), شهد انتاج النفط من الزيت الحجري زيادة جعلت متوسط انتاج خام النفط الأمريكي يرتفع الى نحو تسعة ملايين برميل يوميا مقارنة بخمسة ملايين برميل يوميا في 2008, بحسب ادارة معلومات الطاقة الأمريكية.. الأربعة ملايين برميل الزيادة تبلغ اكثر مما ينتجه سواء العراق او ايران - ثاني وثالث اكبر منتج للنفط في "اوبك" بعد السعودية – يوميا.. وهذا تسبب في ضغوط قوية لتخفيض اسعار النفط عالميا.
التنافس الجيوسياسي اظهره سوق النفط ولم يكن مجرد تخطيط امريكي بشكل كامل.. الاضطرابات في روسيا لم يبدو انها دفعت بوتين نحو موقف تصالحي بشأن أوكرانيا, بينما يعتقد بعض المحللين انها قد تجعل موسكو اكثرا ميلا لتأجيج الوضع.
وحذرت لجنة السياسات المالية في بنك انجلترا – التي تراقب التهديدات النظامية المحتملة – في مذكرة صدرت هذا الاسبوع ان "اسعار النفط المستمرة في الانخفاض من المحتمل ان تعزز من مخاطر جيوسياسية محددة.. كما حذرت ايضا من زيادة المخاطر جراء انكماش في منطقة اليورو حيث تستخدم 18 دولة العملة الأوروبية الموحدة.
الصين
كل انخفاض 10% في اسعار النفط يقابلة 0,15% نمو في اقتصاد الصين وفي الوقت الذي تعاني فيه روسيا, تجني الصين ثمار انهيار اسعار النفط.. فالصين تستورد ما يقرب من 60% من احتياجاتها النفطية لتقوية اقتصادها.
وأصبحت الصين في العام 2013 اكبر مستورد للنفط في العالم لتتخطى الولايات المتحدة.. والآن, تتهيأ لتعظيم الاستفادة من اسعار النفط المنخفضة.. وقدر "بنك اوف اميركا ميرل لينشي" الشهر الماضي ان كل 10% انخفاض في اسعار النفط قد يقابلها زيادة في نمو الاقتصاد الصيني تقدر ب0,15%.
النمو الكبير في الاقتصاد الصيني سوف يزيد معدل الطلب على النفط بما يساعد في تخفيض الصراع الحالي بين دول اوبيك - التي تضخ ثلث النفط العالمي – بسبب الانتاج الامريكي المتزايد الذي افقد المنظمة قدرتها على تحديد اسعار النفط بالتحكم في الانتاج.. في مقابلة مع "ميدل ايست ايكونوميك سيرفاي" الاسبوع الماضي المح وزير النفط السعودي علي النعيمي الى اعادة التفكير بشكل اساسي في عمل اوبيك, قائلا ان "المنظمة تحاول الحفاظ على حصتها في السوق بدلا من محاولتها رفع الاسعار بتخفيض الانتاج".. وأضاف: "ولجنا في اوقات مخيفة بالنسبة لسوق النفط".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.