رئيس جامعة سوهاج: توفير بيئة امتحانات آمنة وعادلة مع تطبيق الإجراءات الاحترازية    الفراخ البيضاء ب110 جنيهات.. ارتفاع أسعار الدواجن في أسواق الإسكندرية    مستقبل وطن: مشاركة الرئيس السيسي بعيد النصر بموسكو تؤكد عمق العلاقات التاريخية بين مصر وروسيا    حكماء المسلمين يهنئ البابا ليو الرابع عشر بمناسبة انتخابه رئيسا للكنيسة الكاثوليكية    ميرتس يتوقع "مفاوضات جادة" حول أوكرانيا بعد عطلة نهاية الأسبوع    صلاح يشارك هنري عرش إنجلترا    10 لاعبين يمثلون مصر في البطولة الأفريقية للشطرنج بالقاهرة    الزمالك في جولته الأخيرة أمام المقاولون في دوري الكرة النسائية    ضبط شخصين لاتهامهما بالنصب وسرقة المواطنين في عين شمس    محمد رياض يعلن تشكيل اللجنة العليا للدورة ال18 للمهرجان القومي للمسرح    الإفتاء توضح شروط وأحكام حج الحامل والمرضع    دمياط: قافلة طبية تحت مظلة حياة كريمة تقدم العلاج ل 1575 شخصا    13 شهيدا وهدم للمنازل.. آخر تطورات العدوان الإسرائيلي في طولكرم ومخيميها    مصر أكتوبر: مشاركة الرئيس السيسي في احتفالات موسكو تعكس تقدير روسيا لدور مصر    تهدئة أم تخلي.. كيف غيّر اتفاق واشنطن مع الحوثيين ميزان التحالف الأمريكي- الإسرائيلي؟    «التموين» تواصل صرف «الخبزالمدعم» الجمعة 9 مايو حتى الخامسة    أبو بكر الديب يكتب: مصر والمغرب.. تاريخ مشترك وعلاقات متطورة    رئيس مصلحة الضرائب: رفع نحو 1.5 مليار وثيقة إلكترونية على منظومة الفاتورة الإلكترونية حتى الآن    عاجل.. الاتحاد السعودي يعلن تدشين دوري جديد بداية من الموسم المقبل 2025-2026    الشباب والرياضة بالأقصر تنظم ورشة عمل الاكسسوارات والأعمال الحرفية    وزير الري يؤكد سرعة اتخاذ قرارات طلبات تراخيص الشواطئ دعما للمستثمرين    دون وقوع إصابات... سقوط سلك كهرباء تيار عالي على 3 منازل بكفر الشيخ والحماية المدنية تخمد الحريق    ضبط شخص بالوادي الجديد لقيامه بالترويج لبيع الأسلحة البيضاء بمواقع التواصل    إدارة شئون البيئة بالإسماعيلية تعقد حلقات حوارية للصيادين ببحيرة التمساح (صور)    مروان موسى: أنا مش سلعة علشان أقعد أتابع أرقام الأغاني    المتحف المصري الكبير يستقبل 163 قطعة من كنوز توت عنخ آمون استعدادا للافتتاح الرسمي    محمد رياض يعلن تشكيل اللجنة العليا للدورة ال18 للمهرجان القومى للمسرح    ووكر بيرسى.. ضائع فى هذا العالم    السفير الأمريكى لدى إسرائيل: ترامب يوجه بتوزيع الغذاء فى غزة عبر 400 نقطة    تعليم الأقصر يحصد 9 مراكز على مستوى الجمهورية في نشاط الكشافة    سائح من ألمانيا يشهر إسلامه داخل ساحة الشيخ المصرى الحامدى بالأقصر..فيديو    قصة وفاء نادرة.. كيف ردّ النبي الجميل لامرأتين في حياته؟    10.3 ألف شكوى خلال أبريل.. تكثيف الحملات الرقابية على الأسواق ومحطات الوقود    «الصحة» تُطلق مشروع التكامل بين مراكز زراعة الكبد والجهاز الهضمي    لطفل عمره 13 عامًا وشقيقته هي المتبرع.. نجاح أول عملية زرع نخاع بمستشفى أبوالريش المنيرة    كاف اعتمدها.. تعرف على المتطلبات الجديدة للمدربين داخل أفريقيا    محمد صلاح يحصد جائزة "لاعب الموسم" من رابطة الكتاب 22 مايو    وزيرة البيئة: التمويل وبناء القدرات ونقل التكنولوجيا عوامل مُمكّنة وحاسمة للعمل المناخي    بسبب حادث سير.. تغيير في طاقم تحكيم مباراة الزمالك وسيراميكا    ضبط دقيق مجهول المصدر وأسطوانات بوتاجاز مدعمة قبل بيعها بالسوق السوداء بالمنوفية    سقوط شبكة دولية لغسل 50 مليون جنيه من تجارة المخدرات بمدينة نصر    سنن النبي وقت صلاة الجمعة.. 5 آداب يكشف عنها الأزهر للفتوى    محافظ القليوبية يستقبل وفد لجنة الإدارة المحلية بمجلس النواب لتفقد مستشفى الناس    بسبب الأقراص المنشطة.. أولى جلسات محاكمة عاطلين أمام محكمة القاهرة| غدا    إعلام إسرائيلي: تفاؤل أمريكى بإمكانية التوصل إلى اتفاق بشأن قطاع غزة    جدول امتحانات خامسة ابتدائي الترم الثاني 2025 بالقليوبية «المواد المضافة للمجموع»    إنفانتينو يستعد لزيارة السعودية خلال جولة ترامب    الموافقة على الإعلان عن التعاقد لشغل عدة وظائف بجامعة أسيوط الأهلية (تفاصيل)    عودة الراعي، البابا تواضروس يحمل إلى القاهرة رسائل سلام من قلب أوروبا    أسعار الدولار أمام الجنيه المصري.. اليوم الجمعة 9 مايو 2025    التنمر والتحرش والازدراء لغة العصر الحديث    في ظهور رومانسي على الهواء.. أحمد داش يُقبّل دبلة خطيبته    طريقة عمل الآيس كوفي، الاحترافي وبأقل التكاليف    رئيس الطائفة الإنجيلية مهنئا بابا الفاتيكان: نشكر الله على استمرار الكنيسة في أداء دورها العظيم    «ملحقش يتفرج عليه».. ريهام عبدالغفور تكشف عن آخر أعمال والدها الراحل    «إسكان النواب»: المستأجر سيتعرض لزيادة كبيرة في الإيجار حال اللجوء للمحاكم    الجثمان مفقود.. غرق شاب في ترعة بالإسكندرية    محافظة الجيزة: غلق جزئى بكوبري 26 يوليو    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



انهيار أسعار النفط يزلزل النظام الاقتصادي والسياسي الإقليمي والعالمي
أمريكا تربح .. وإيران تخسر.. وروسيا وفنزويلا على حافة أزمة مالية

أصاب التدهور السريع في أسعار النفط النظام العالمي الاقتصادي والسياسي بهزة شديدة تسببت في تغيير مفاجئ للثروة لصالح الولايات المتحدة.. ودفع ذلك عددا من كبرى الدول المصدرة للنفط – خاصة تلك التي لها "علاقات عدائية" مع الغرب مثل روسيا وإيران وفنزويلا - إلى حافة أزمة مالية.
انخفاض أسعار النفط إلى ما يقرب من 50% منذ يونيو كان له تداعيات سلبية واضحة على الاقتصاد الروسي والرئيس فلادمير بوتين.. وحذر وزير المالية السابق اليكسي كودرين - وهو صديق قديم لبوتين – هذا الاسبوع من "ازمة مالية متفجرة" ودعا الى تحسين العلاقات مع اوروبا والولايات المتحدة.
لكن, التأثيرات المتموجة تتدفق بشكل اوسع نطاقا.. فانهيار الأسعار ربما يكون له تأثير على محادثات ايران بشأن ما اذا كانت ستتوصل الى اتفاق حول برنامجها النووي مع الغرب.. كما يدفع الدول الغنية بالنفط في الشرق الأوسط الى اعادة تقييم دورها في ادارة معروضها من النفط عالميا, وهذا يعزز اقتصاديات كبرى الدول المستهلكة للنفط بشكل ملحوظ لاسيما الولايات المتحدة والصين.
أيضا ربما كان انهيار اسعار النفط عنصرا اخيرا ساهم في قرار كوبا بالتصديق على التقارب مع واشنطن.
في تقرير مطول شارك فيه مراسلوها في بروكسيل ولندن وبكين والقاهرة وكراكاس وطهران وريو دي جانيرو رصدت صحيفة "نيويورك تايمز" وحللت تداعيات انهيار اسعار النفط على السياسة والاقتصاد العالمي.
بعد الانحدار الشديد في سعر برميل النفط الى اقل من 60 دولارا لكل برميل من نحو 115 دولارا لكل برميل في يونيو, استقرت اسعار النفط عند مستوى منخفض هذا الأسبوع.. وتسبب هذا في زعزعة استقرار خطط وتطلعات العديد من الحكومات.
فقد خابت آمال بوتين في التصدي للعقوبات التي فرضها الغرب على بلاده بسبب التدخل الروسي في اوكرانيا.. ايضا ستتحطم تطلعات فنزويلا في الاستمرار في سياسات الانفاق المجانية التي انتهجها الرئيس السابق هوجو تشافيز.
روسيا.
ويبدو أن روسيا حتى الآن هي اكبر ضحية لانهيار اسعار النفط حيث تمثل عائداتها من الطاقة اكثر من نصف ميزانية حكومتها.. كان بوتين قد بنى دعائم قوية لتجنب الاضطرابات الاقتصادية التي اثرت سلبا على حكم سلفه بوريس يلتسن.. لكن منذ اسبوع بدأت روسيا ترجع الى الخلف مع انخفاض قيمة الروبية بشكل افزع الروسيين الذين كانوا يزحمون المحلات لانفاق ما لديهم.
وقال ستروبي تالبوت – كبير مستشاري الرئيس الأمريكي السابق بيل كلينتون لشئون روسيا في اعقاب انهيار الاتحاد السوفيتي 1991 والرئيس الحالي معهد بروكينجز في واشنطن – "لقد شاهدنا هذا الفيلم من قبل".
الاضطرابات الروسية سيكون لها صدا حول العالم.. ستنخفض حجوزات منتجعات الجليد في استراليا وكذلك الانفاق على عقارات لندن.. وستنشر حالة من الفزع في دول مجاورة مثل روسيا البيضاء الحليف القوي لروسيا, حتى انها ستهدد بطولة الهوكي القارية التي يتم الدفع فيها للاعبيين بالروبية.
.."إنه لدعم كبير للولايات المتحدة عندما يضعف بشدة ثلاثة من أكبر اربعة اعداء لها.. عندما تديق مساحة المناورة لديهم بشكل كبير", هكذا يقول لتواك مستشار البنتاجون.
العدو الكبير الوحيد المتبقي للولايات المتحدة ولم يصب بضرر جراء انهيار اسعار النفط كوريا الشمالية التي تستورد جميع اجتياجاتها النفطية.
فنزويلا
فنزويلا – التي يقدر انها تمتلك اكبر احتياطي نفطي في العالم تقول انها تستخدمه لاسقاط "الامبريالية الأمريكية" – كانت تحصد 95% من مكاسب صادراتها من النفط قبل انهيار اسعاره.. الآن اصبحت فنزويلا تعاني من اضطرابات في الداخل لعجزها عن الدفع لمشاريعها الاجتماعية وسياستها الخارجية التي تروج لها بالتمويل بسخاء بما في ذلك تصدير شحنات من النفط منخفض السعر الى كوبا ودول اخرى.
ووسط قلق بالغ في سوق السندات قد يجعل فنزويلا عاجزة عن الوفاء بالتزاماتها في سداد القروض, قال الرئيس نيكولاس مادورو – الذي انتخب العام الماضي بعد وفاة تشافيز – ان بلاده سوف تستمر في دفع ديونها.. لكن التضخم في فنزويلا بلغ اكثر من 60% وهناك نقص في البضائع الاساسية ويعتقد العديد من الخبراء ان الاقتصاد في حالة كساد.
وحذر ديفيد جولدوين منسق الطاقة الدولية بوزارة الخارجية الأمريكية اثناء الفترة الأولى لادارة اوباما من ان انفجار اقتصاد فنزويلا الداخلي قد يضر بدول الكاريبي وامريكا اللاتينية بشكل لا ترحب به الولايات المتحدة.
وأضاف: "لكن عموما, انهيار اسعار النفط امر ايجابي للولايات المتحدة.. بسبب ان المستهلكين الأمريكيين سيوفرون اموالهم.. وسيضر هذا روسيا ويضع ضغوطا على ايران".
كوبا
انهيار اسعار النفط كانت احدى التداعيات غير المباشرة التي عملت على تحريك العلاقات الدبلوماسية المتأزمة - منذ نصف قرن - بين واشنطن وهافانا, والتي صبت بشكل عام في صالح الولايات المتحدة. وهناك مخاوف من قطع فنزويلا – الداعم الرئيسي – امداداتها من الأموال والنفط منخفض السعر لكوبا بعد ان صدقت على اتفاق تاريخي مع الولايات المتحدة ترفع بموجبه الأخيرة عقوباتها المستمرة على الدولة اللاتينية.
روسيا البيضاء
روسيا البيضاء المقاطعة السوفيتية السابقة التي يصفها المسئولون الأمريكيون بانها آخر ديكتاتورية اوروبية, ضحية اخرى لانهيار اسعار النفط.. روسيا البيضاء تنتج كمية ليست كبيرة من النفط الخام, وعلى الرغم من ذلك تأثرت بشدة.. هذا بسبب ان اقتصادها يعتمد على صادراتها من المنتجات البترولية التي تنتجها باستخدام النفط الخام الذي تحصل عليه باسعار تفضيلية منخفضة جدا من روسيا.
ايران
وأوضح ادوارد لوتواك - وهو مؤلف عدة كتب حول السياسة الجغرافية والاستراتيجية الاقتصادية وعمل لفترة طويلة مستشارا للبنتاجون الأمريكي – ان انهيار اسعار النفط "ستصدم الاعداء الاساسيين للولايات المتحدة بدون ادنى تدخل لنا".. بالنسبة لايران, التي من المقدر انها تخسر مليار دولار شهريا بسبب تدني اسعار النفط, فالأمر كما لو ان الكونجرس كان قد مرر اقصى عقوبات ضد طهران والتي يعارضها البيت الأبيض.
وقال حسين رغفر الاقتصادي الايراني لصحيفة اعتماد ان ايران تعاني من صدمة شديدة جعل حكومتها تبحث عن سبل لملئ فجوة متسعة في ميزانيتها, مشيرا الى انها تعرض على شباب التجنيد خيار شراء خدمتهم الالزامية التي تمتد لعامين في الجيش.. واضاف: "نحن على اعتاب ازمة كبيرة.. الحكومة تحتاج الى اموال بشكل ملح".
سوريا
توقع مروان المعشر - وزير الخارجية الأردني السابق ونائب رئيس مركز كارنيجي اندومنت للسلام الدولي حاليا – تعاقب الأحداث جراء انهيار اسعار النفط على سوريا بما يشبه تأثير الدومينو بينما تجد روسيا وايران نفسهما في صعوبة للاستمرار في دعمهما الاقتصادي والعسكري والدبلوماسي للرئيس بشار الأسد.
وتوقع آخرون ان دول الخليج العربي – التي لاتزال غنية – قد تزيد دعمها المالي للجماعات الاسلامية المتطرفة المتمردة في سوريا.
وقال معشر ان انخفاض الاسعار قد يدفع ايضا الدول الشرق اوسطية المنتجة للنفط الى تغيير سياسي واقتصادي, ويضعها في تحد امام ما يطلق عليه "الأنظمة الريعية" وهو نظام تطبقه حكومات دول تستمد معظم دخلها من ايجارات يدفعها اجانب مقابل استغلال مواردها.. واضاف في تقرير نشره كارنيجي: "مهما كان الوضع.. يبدو ان تأثير مستويات اسعار النفط الجديدة لن تكون منحصرة في النطاق الاقتصادي".
مؤامرة أمريكية - سعودية
وتتهم الدول المنتجة للنفط المناهضة للولايات المتحدة قيام الآخيرة بتدبير مؤامرة ضد اعدائها بالاتفاق مع السعودية لتخفيض اسعار النفط.
هذه الرؤية تلقى صدا قويا في روسيا حيث يعتقد وكلاء ال"كي جي بي" السابقين والقريبين من بوتين ان واشنطن هندست انهيار الاتحاد السوفيتي بحث السعودية على زيادة انتاجها من النفط, مما دفع الاسعار الى الانخفاض ومن ثم تم تجفيف عائدات موسكو من النفط.
بطريقة او بأخرى, فان انهيار اسعار النفط حقيقة هو من صنع الولايات المتحدة مدفوعا بتوسع كبير في انتاج النفط بتطوير موارد بديلة مثل الزيت الحجري.
مع البدء في تخفيض انتاج النفط المتفق عليه في اوبيك (منظمة الدول المصدرة للنفط), شهد انتاج النفط من الزيت الحجري زيادة جعلت متوسط انتاج خام النفط الأمريكي يرتفع الى نحو تسعة ملايين برميل يوميا مقارنة بخمسة ملايين برميل يوميا في 2008, بحسب ادارة معلومات الطاقة الأمريكية.. الأربعة ملايين برميل الزيادة تبلغ اكثر مما ينتجه سواء العراق او ايران - ثاني وثالث اكبر منتج للنفط في "اوبك" بعد السعودية – يوميا.. وهذا تسبب في ضغوط قوية لتخفيض اسعار النفط عالميا.
التنافس الجيوسياسي اظهره سوق النفط ولم يكن مجرد تخطيط امريكي بشكل كامل.. الاضطرابات في روسيا لم يبدو انها دفعت بوتين نحو موقف تصالحي بشأن أوكرانيا, بينما يعتقد بعض المحللين انها قد تجعل موسكو اكثرا ميلا لتأجيج الوضع.
وحذرت لجنة السياسات المالية في بنك انجلترا – التي تراقب التهديدات النظامية المحتملة – في مذكرة صدرت هذا الاسبوع ان "اسعار النفط المستمرة في الانخفاض من المحتمل ان تعزز من مخاطر جيوسياسية محددة.. كما حذرت ايضا من زيادة المخاطر جراء انكماش في منطقة اليورو حيث تستخدم 18 دولة العملة الأوروبية الموحدة.
الصين
كل انخفاض 10% في اسعار النفط يقابلة 0,15% نمو في اقتصاد الصين وفي الوقت الذي تعاني فيه روسيا, تجني الصين ثمار انهيار اسعار النفط.. فالصين تستورد ما يقرب من 60% من احتياجاتها النفطية لتقوية اقتصادها.
وأصبحت الصين في العام 2013 اكبر مستورد للنفط في العالم لتتخطى الولايات المتحدة.. والآن, تتهيأ لتعظيم الاستفادة من اسعار النفط المنخفضة.. وقدر "بنك اوف اميركا ميرل لينشي" الشهر الماضي ان كل 10% انخفاض في اسعار النفط قد يقابلها زيادة في نمو الاقتصاد الصيني تقدر ب0,15%.
النمو الكبير في الاقتصاد الصيني سوف يزيد معدل الطلب على النفط بما يساعد في تخفيض الصراع الحالي بين دول اوبيك - التي تضخ ثلث النفط العالمي – بسبب الانتاج الامريكي المتزايد الذي افقد المنظمة قدرتها على تحديد اسعار النفط بالتحكم في الانتاج.. في مقابلة مع "ميدل ايست ايكونوميك سيرفاي" الاسبوع الماضي المح وزير النفط السعودي علي النعيمي الى اعادة التفكير بشكل اساسي في عمل اوبيك, قائلا ان "المنظمة تحاول الحفاظ على حصتها في السوق بدلا من محاولتها رفع الاسعار بتخفيض الانتاج".. وأضاف: "ولجنا في اوقات مخيفة بالنسبة لسوق النفط".
أصاب التدهور السريع في أسعار النفط النظام العالمي الاقتصادي والسياسي بهزة شديدة تسببت في تغيير مفاجئ للثروة لصالح الولايات المتحدة.. ودفع ذلك عددا من كبرى الدول المصدرة للنفط – خاصة تلك التي لها "علاقات عدائية" مع الغرب مثل روسيا وإيران وفنزويلا - إلى حافة أزمة مالية.
انخفاض أسعار النفط إلى ما يقرب من 50% منذ يونيو كان له تداعيات سلبية واضحة على الاقتصاد الروسي والرئيس فلادمير بوتين.. وحذر وزير المالية السابق اليكسي كودرين - وهو صديق قديم لبوتين – هذا الاسبوع من "ازمة مالية متفجرة" ودعا الى تحسين العلاقات مع اوروبا والولايات المتحدة.
لكن, التأثيرات المتموجة تتدفق بشكل اوسع نطاقا.. فانهيار الأسعار ربما يكون له تأثير على محادثات ايران بشأن ما اذا كانت ستتوصل الى اتفاق حول برنامجها النووي مع الغرب.. كما يدفع الدول الغنية بالنفط في الشرق الأوسط الى اعادة تقييم دورها في ادارة معروضها من النفط عالميا, وهذا يعزز اقتصاديات كبرى الدول المستهلكة للنفط بشكل ملحوظ لاسيما الولايات المتحدة والصين.
أيضا ربما كان انهيار اسعار النفط عنصرا اخيرا ساهم في قرار كوبا بالتصديق على التقارب مع واشنطن.
في تقرير مطول شارك فيه مراسلوها في بروكسيل ولندن وبكين والقاهرة وكراكاس وطهران وريو دي جانيرو رصدت صحيفة "نيويورك تايمز" وحللت تداعيات انهيار اسعار النفط على السياسة والاقتصاد العالمي.
بعد الانحدار الشديد في سعر برميل النفط الى اقل من 60 دولارا لكل برميل من نحو 115 دولارا لكل برميل في يونيو, استقرت اسعار النفط عند مستوى منخفض هذا الأسبوع.. وتسبب هذا في زعزعة استقرار خطط وتطلعات العديد من الحكومات.
فقد خابت آمال بوتين في التصدي للعقوبات التي فرضها الغرب على بلاده بسبب التدخل الروسي في اوكرانيا.. ايضا ستتحطم تطلعات فنزويلا في الاستمرار في سياسات الانفاق المجانية التي انتهجها الرئيس السابق هوجو تشافيز.
روسيا.
ويبدو أن روسيا حتى الآن هي اكبر ضحية لانهيار اسعار النفط حيث تمثل عائداتها من الطاقة اكثر من نصف ميزانية حكومتها.. كان بوتين قد بنى دعائم قوية لتجنب الاضطرابات الاقتصادية التي اثرت سلبا على حكم سلفه بوريس يلتسن.. لكن منذ اسبوع بدأت روسيا ترجع الى الخلف مع انخفاض قيمة الروبية بشكل افزع الروسيين الذين كانوا يزحمون المحلات لانفاق ما لديهم.
وقال ستروبي تالبوت – كبير مستشاري الرئيس الأمريكي السابق بيل كلينتون لشئون روسيا في اعقاب انهيار الاتحاد السوفيتي 1991 والرئيس الحالي معهد بروكينجز في واشنطن – "لقد شاهدنا هذا الفيلم من قبل".
الاضطرابات الروسية سيكون لها صدا حول العالم.. ستنخفض حجوزات منتجعات الجليد في استراليا وكذلك الانفاق على عقارات لندن.. وستنشر حالة من الفزع في دول مجاورة مثل روسيا البيضاء الحليف القوي لروسيا, حتى انها ستهدد بطولة الهوكي القارية التي يتم الدفع فيها للاعبيين بالروبية.
.."إنه لدعم كبير للولايات المتحدة عندما يضعف بشدة ثلاثة من أكبر اربعة اعداء لها.. عندما تديق مساحة المناورة لديهم بشكل كبير", هكذا يقول لتواك مستشار البنتاجون.
العدو الكبير الوحيد المتبقي للولايات المتحدة ولم يصب بضرر جراء انهيار اسعار النفط كوريا الشمالية التي تستورد جميع اجتياجاتها النفطية.
فنزويلا
فنزويلا – التي يقدر انها تمتلك اكبر احتياطي نفطي في العالم تقول انها تستخدمه لاسقاط "الامبريالية الأمريكية" – كانت تحصد 95% من مكاسب صادراتها من النفط قبل انهيار اسعاره.. الآن اصبحت فنزويلا تعاني من اضطرابات في الداخل لعجزها عن الدفع لمشاريعها الاجتماعية وسياستها الخارجية التي تروج لها بالتمويل بسخاء بما في ذلك تصدير شحنات من النفط منخفض السعر الى كوبا ودول اخرى.
ووسط قلق بالغ في سوق السندات قد يجعل فنزويلا عاجزة عن الوفاء بالتزاماتها في سداد القروض, قال الرئيس نيكولاس مادورو – الذي انتخب العام الماضي بعد وفاة تشافيز – ان بلاده سوف تستمر في دفع ديونها.. لكن التضخم في فنزويلا بلغ اكثر من 60% وهناك نقص في البضائع الاساسية ويعتقد العديد من الخبراء ان الاقتصاد في حالة كساد.
وحذر ديفيد جولدوين منسق الطاقة الدولية بوزارة الخارجية الأمريكية اثناء الفترة الأولى لادارة اوباما من ان انفجار اقتصاد فنزويلا الداخلي قد يضر بدول الكاريبي وامريكا اللاتينية بشكل لا ترحب به الولايات المتحدة.
وأضاف: "لكن عموما, انهيار اسعار النفط امر ايجابي للولايات المتحدة.. بسبب ان المستهلكين الأمريكيين سيوفرون اموالهم.. وسيضر هذا روسيا ويضع ضغوطا على ايران".
كوبا
انهيار اسعار النفط كانت احدى التداعيات غير المباشرة التي عملت على تحريك العلاقات الدبلوماسية المتأزمة - منذ نصف قرن - بين واشنطن وهافانا, والتي صبت بشكل عام في صالح الولايات المتحدة. وهناك مخاوف من قطع فنزويلا – الداعم الرئيسي – امداداتها من الأموال والنفط منخفض السعر لكوبا بعد ان صدقت على اتفاق تاريخي مع الولايات المتحدة ترفع بموجبه الأخيرة عقوباتها المستمرة على الدولة اللاتينية.
روسيا البيضاء
روسيا البيضاء المقاطعة السوفيتية السابقة التي يصفها المسئولون الأمريكيون بانها آخر ديكتاتورية اوروبية, ضحية اخرى لانهيار اسعار النفط.. روسيا البيضاء تنتج كمية ليست كبيرة من النفط الخام, وعلى الرغم من ذلك تأثرت بشدة.. هذا بسبب ان اقتصادها يعتمد على صادراتها من المنتجات البترولية التي تنتجها باستخدام النفط الخام الذي تحصل عليه باسعار تفضيلية منخفضة جدا من روسيا.
ايران
وأوضح ادوارد لوتواك - وهو مؤلف عدة كتب حول السياسة الجغرافية والاستراتيجية الاقتصادية وعمل لفترة طويلة مستشارا للبنتاجون الأمريكي – ان انهيار اسعار النفط "ستصدم الاعداء الاساسيين للولايات المتحدة بدون ادنى تدخل لنا".. بالنسبة لايران, التي من المقدر انها تخسر مليار دولار شهريا بسبب تدني اسعار النفط, فالأمر كما لو ان الكونجرس كان قد مرر اقصى عقوبات ضد طهران والتي يعارضها البيت الأبيض.
وقال حسين رغفر الاقتصادي الايراني لصحيفة اعتماد ان ايران تعاني من صدمة شديدة جعل حكومتها تبحث عن سبل لملئ فجوة متسعة في ميزانيتها, مشيرا الى انها تعرض على شباب التجنيد خيار شراء خدمتهم الالزامية التي تمتد لعامين في الجيش.. واضاف: "نحن على اعتاب ازمة كبيرة.. الحكومة تحتاج الى اموال بشكل ملح".
سوريا
توقع مروان المعشر - وزير الخارجية الأردني السابق ونائب رئيس مركز كارنيجي اندومنت للسلام الدولي حاليا – تعاقب الأحداث جراء انهيار اسعار النفط على سوريا بما يشبه تأثير الدومينو بينما تجد روسيا وايران نفسهما في صعوبة للاستمرار في دعمهما الاقتصادي والعسكري والدبلوماسي للرئيس بشار الأسد.
وتوقع آخرون ان دول الخليج العربي – التي لاتزال غنية – قد تزيد دعمها المالي للجماعات الاسلامية المتطرفة المتمردة في سوريا.
وقال معشر ان انخفاض الاسعار قد يدفع ايضا الدول الشرق اوسطية المنتجة للنفط الى تغيير سياسي واقتصادي, ويضعها في تحد امام ما يطلق عليه "الأنظمة الريعية" وهو نظام تطبقه حكومات دول تستمد معظم دخلها من ايجارات يدفعها اجانب مقابل استغلال مواردها.. واضاف في تقرير نشره كارنيجي: "مهما كان الوضع.. يبدو ان تأثير مستويات اسعار النفط الجديدة لن تكون منحصرة في النطاق الاقتصادي".
مؤامرة أمريكية - سعودية
وتتهم الدول المنتجة للنفط المناهضة للولايات المتحدة قيام الآخيرة بتدبير مؤامرة ضد اعدائها بالاتفاق مع السعودية لتخفيض اسعار النفط.
هذه الرؤية تلقى صدا قويا في روسيا حيث يعتقد وكلاء ال"كي جي بي" السابقين والقريبين من بوتين ان واشنطن هندست انهيار الاتحاد السوفيتي بحث السعودية على زيادة انتاجها من النفط, مما دفع الاسعار الى الانخفاض ومن ثم تم تجفيف عائدات موسكو من النفط.
بطريقة او بأخرى, فان انهيار اسعار النفط حقيقة هو من صنع الولايات المتحدة مدفوعا بتوسع كبير في انتاج النفط بتطوير موارد بديلة مثل الزيت الحجري.
مع البدء في تخفيض انتاج النفط المتفق عليه في اوبيك (منظمة الدول المصدرة للنفط), شهد انتاج النفط من الزيت الحجري زيادة جعلت متوسط انتاج خام النفط الأمريكي يرتفع الى نحو تسعة ملايين برميل يوميا مقارنة بخمسة ملايين برميل يوميا في 2008, بحسب ادارة معلومات الطاقة الأمريكية.. الأربعة ملايين برميل الزيادة تبلغ اكثر مما ينتجه سواء العراق او ايران - ثاني وثالث اكبر منتج للنفط في "اوبك" بعد السعودية – يوميا.. وهذا تسبب في ضغوط قوية لتخفيض اسعار النفط عالميا.
التنافس الجيوسياسي اظهره سوق النفط ولم يكن مجرد تخطيط امريكي بشكل كامل.. الاضطرابات في روسيا لم يبدو انها دفعت بوتين نحو موقف تصالحي بشأن أوكرانيا, بينما يعتقد بعض المحللين انها قد تجعل موسكو اكثرا ميلا لتأجيج الوضع.
وحذرت لجنة السياسات المالية في بنك انجلترا – التي تراقب التهديدات النظامية المحتملة – في مذكرة صدرت هذا الاسبوع ان "اسعار النفط المستمرة في الانخفاض من المحتمل ان تعزز من مخاطر جيوسياسية محددة.. كما حذرت ايضا من زيادة المخاطر جراء انكماش في منطقة اليورو حيث تستخدم 18 دولة العملة الأوروبية الموحدة.
الصين
كل انخفاض 10% في اسعار النفط يقابلة 0,15% نمو في اقتصاد الصين وفي الوقت الذي تعاني فيه روسيا, تجني الصين ثمار انهيار اسعار النفط.. فالصين تستورد ما يقرب من 60% من احتياجاتها النفطية لتقوية اقتصادها.
وأصبحت الصين في العام 2013 اكبر مستورد للنفط في العالم لتتخطى الولايات المتحدة.. والآن, تتهيأ لتعظيم الاستفادة من اسعار النفط المنخفضة.. وقدر "بنك اوف اميركا ميرل لينشي" الشهر الماضي ان كل 10% انخفاض في اسعار النفط قد يقابلها زيادة في نمو الاقتصاد الصيني تقدر ب0,15%.
النمو الكبير في الاقتصاد الصيني سوف يزيد معدل الطلب على النفط بما يساعد في تخفيض الصراع الحالي بين دول اوبيك - التي تضخ ثلث النفط العالمي – بسبب الانتاج الامريكي المتزايد الذي افقد المنظمة قدرتها على تحديد اسعار النفط بالتحكم في الانتاج.. في مقابلة مع "ميدل ايست ايكونوميك سيرفاي" الاسبوع الماضي المح وزير النفط السعودي علي النعيمي الى اعادة التفكير بشكل اساسي في عمل اوبيك, قائلا ان "المنظمة تحاول الحفاظ على حصتها في السوق بدلا من محاولتها رفع الاسعار بتخفيض الانتاج".. وأضاف: "ولجنا في اوقات مخيفة بالنسبة لسوق النفط".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.