بعد عام استثنائي شهد انهيار أسعار النفط بحوالي50%. من المتوقع أن تبقي أسعار النفط خلال عام 2015 في مستويات متدنية من شأنها أن تؤجج التوترات الجيوسياسية. وبعدما كانت أسعار النفط في تراجع قوي منذ الصيف. سجلت المزيد من التدني مع قرار منظمة الدول المصدرة للنفط "أوبك" في نوفمبر إبقاء سقف انتاجها بمستوي 30 مليون برميل في اليوم فسجلت هبوطا إلي حوالي 60 دولارا للبرميل. أدني مستوياتها منذ 2009. وبتمسكها بمستوي انتاجها. أرادت أوبك توجيه رسالة مفادها أنها لن تستمر وحدها في تحمل عبء تخفيض الإنتاج من أجل الأسعار التي تعاني من فائض في العرض يفوق الطلب. وجاء تراجع الأسعار نتيجة عدد من العوامل المتزامنة منها ثورة النفط الصخري في الولاياتالمتحدة حيث تسجل وفرة في الانتاج. وعودة عدد من الدول المنتجة إلي الأسواق مثل ليبيا. وضعف الاستهلاك علي خلفية نمو اقتصادي متباطئ في الصين ومنعدم في أوروبا. وغيرها. ومن المتوقع أن تبقي أسعار النفط ضعيفة عام 2015 بسبب استمرار الفائض في العرض العالمي ما يمكن أن يؤجج الخلافات بين الدول المنتجة بدءاً ببلدان أوبك. وتدعو فنزويلا إلي تخفيض انتاج أوبك فيما تعارض السعودية ذلك رافضة الاستمرار في تحمل القسم الأكبر من الوعود بتخفيض إنتاج الكارتل. كما يتوقع أن يؤدي تراجع أسعار النفط الي زيادة حدة التوتر داخل الدول التي تعتمد علي العائدات النفطية مثل العراق حيث حذر خبراء الشئون الجيوسياسية من انه في حال تدهور الاقتصاد. فان ذلك قد ينعكس سلبا علي الحكومة التي تحاول التصدي لتنظيم الدولة الإسلاميةداعش. وسيزداد الوضع تعقيدا في حال تصاعد النفوذ الايراني. ويقول الخبراء إن إيران تكتسب المزيد من النفوذ وهذان البلدان معا قد ينافسان انتاج السعودية خلال السنوات المقبلة. غير أن كل ذلك يبقي مجرد احتمالات لأن الكونجرس الأمريكي قد يعمد إلي تشديد العقوبات الدولية المفروضة علي طهران. والتي خفضت صادراتها النفطية بمقدار النصف. غير أن ميزان العرض والطلب قد يبدأ بالتكافؤ في حال بدأ انخفاض الأسعار يؤثر علي العرض ويشجع الطلب. ومن المتوقع بصورة خاصة أن يدفع تدني الأسعار المنتجين علي إعادة النظر في استثماراتهم وقال خبراء إن انخفاض الأسعار سيؤثر بشكل حازم علي ربحية الكثير من المنتجين الأمريكيين. وسجل الإنتاج الأمريكي زيادة كبري في السنوات الماضية بفضل النفط الصخري الذي تعتبر كلفة استخراجه أعلي وتشير الأرقام إلي أن عدد التراخيص الجديدة بدأ يتراجع في الخريف ولو أن البلاد تشهد تباطؤا في نمو الطلب وليس تراجعا للطلب. في المقابل. يري الخبراء انه ليس من المستبعد ان تخفض اوبك انتاجها بشرط ان تتخذ الدول المنتجة خارج اوبك قرارا مماثلا. ويبقي تراجع الانتاج احتمالا مطروحا سواء في دول اوبك او دول خارج اوبك. ففي فنزويلا اثار تراجع العائدات النفطية توترا شديدا في الاجواء الاجتماعية والسياسية. أما روسيا التي أضعفتها العقوبات الغربية وانهيار سعر الروبل. فقد تعمد الي تخفيض انتاجها لعدم توافر الاستثمارات. وعلي صعيد الاستهلاك. فإن تراجع الأسعار يفترض أن يشجع الطلب ويزيد من كثافة حركة النقل البري والجوي ولو ادي ذلك الي زيادة انبعاثات الغازات المسببة للاحترار. كذلك يتوقع الخبراء تسارع زيادة الطلب الصيني علي النفط العام المقبل اذ سيغتنم المستهلك الاول للخام في العالم تدني الاسعار لزيادة مخزونه. لكن بصورة إجمالية حذر الخبراء بأنه قد تنقضي اشهر بل ربما سنة قبل ان يظهر تاثير انخفاض الاسعار علي الاقتصاد العالمي. ولا سيما مع الغموض المحيط بالنمو الاقتصادي العالمي. ويري الخبراء أنه حتي لو أدي تراجع الاسعار الي تحفيز الاستهلاك فان مستوي مخزونات النفط مرتفع الي حد ان التاثير علي اسعار النفط لن يظهر قبل النصف الثاني من 2015.