جبالى يحيل 10 مشروعات قانون للجان النوعية بالبرلمان    الأحد 19 مايو 2024.. الدولار يسجل 46.97 جنيه للبيع في بداية التعاملات    وزير التعليم العالي يلتقي بوفد جامعة إكستر البريطانية لبحث وتعزيز التعاون المُشترك    أيوب: الأهلى قادر على التتويج بلقب دورى أبطال أفريقيا    أبو الدهب: الأهلي قادر على حسم التتويج في القاهرة    محافظ جنوب سيناء يطمئن على سير امتحانات الشهادة الإعدادية بمدرسة الشهيد عبدالمنعم رياض برأس سدر    ضبط 34 قضية فى حملة أمنية تستهدف حائزي المخدرات بالقناطر الخيرية    إحالة تشكيل عصابي تخصص في سرقة إطارات وجنوط السيارات بالتجمع    التحقيق مع المتهمين بالتسبب في مصرع شاب غرقا بنهر النيل بالعياط    المشدد من 5 ل20 سنة لثمان متهمين لاستعراضهم القوة وقتل وإصابة آخرين في الاسكندرية    بهذه الكلمات.. باسم سمرة يشوق الجمهور ل فيلم "اللعب مع العيال"    إعلام روسي: هجوم أوكراني ب6 طائرات مسيرة على مصفاة للنفط في سلافيانسك في إقليم كراسنودار    جامعة القاهرة تكمل استعداداتها لبدء ماراثون امتحانات نهاية العام الجامعي لنحو 270 ألف طالب    رفع اسم محمد أبو تريكة من قوائم الإرهاب    وصول بعثة الأهلي إلى مطار القاهرة بعد مواجهة الترجي    بعثة الأهلي تعود إلى القاهرة بعد التعادل مع الترجي    صعود سعر الفراخ البيضاء الآن.. أسعار الدواجن اليوم الأحد 19-5-2024 للمستهلك (تحديث)    أسعار السلع التموينية اليوم الأحد 19-5-2024 في محافظة المنيا    «جولدمان ساكس» يتوقع خفض المركزي المصري أسعار الفائدة 150 نقطة أساس    الديوان الملكي السعودي: خادم الحرمين الشريفين يجري فحوصات طبية في قصر السلام    شرطة الاحتلال الإسرائيلية تعتقل عددا من المتظاهرين المطالبين بعزل نتنياهو    موعد عيد الأضحى 2024 وجدول الإجازات الرسمية في مصر    الأمور تشتعل.. التفاصيل الكاملة للخلافات داخل مجلس الحرب الإسرائيلي    لهذا السبب.. صابرين تتصدر تريند "جوجل" بالسعودية    أخبار جيدة ل«الثور».. تعرف على حظك وبرجك اليوم 19 مايو 2024    بيت الأمة.. متحف يوثق كفاح وتضحيات المصريين من أجل استقلال وتحرير بلادهم    منها «تناول الفلفل الحار والبطيخ».. نصائح لمواجهة ارتفاع درجات الحرارة    كوريا الجنوبية تستضيف وفدا أمريكيا لبحث تقاسم تكاليف نشر القوات الأمريكية    السكة الحديد تعلن تأخيرات القطارات المتوقعة اليوم الأحد    الدفع بمعدات لإزالة آثار حريق اندلع في 10 أكشاك بشبرا الخيمة    القناة الدولية الأهم التى تحمل القضية المصرية والعربية: أحمد الطاهرى: «القاهرة الإخبارية» صاحبة الرؤية الموضوعية فى ظل ما أفسده الإعلام العالمى    إقبال الأطفال على النشاط الصيفي بمساجد الإسكندرية لحفظ القرآن (صور)    «البحوث الإسلامية» يوضح أعمال المتمتع بالعمرة إلى الحج.. «لبيك اللهم لبيك»    حديث أفضل الأعمال الصلاة على وقتها.. الإفتاء توضح المعنى المقصود منه    مسيرات حاشدة في باريس لإحياء ذكرى النكبة والمطالبة بوقف فوري لإطلاق النار في غزة    «الصحة» توجه عدة نصائح مهمة للمواطنين بشأن الموجة الحارة    دراسة طبية تكشف عن وجود مجموعة فرعية جديدة من متحورات كورونا    حقيقة فيديو حركات إستعراضية بموكب زفاف بطريق إسماعيلية الصحراوى    أسعار الخضراوات اليوم 19 مايو 2024 في سوق العبور    برنامج واحد من الناس يواجه أحمد ماهر بابنه لأول مرة على قناة الحياة غداً الإثنين    إصابات مباشرة.. حزب الله ينشر تفاصيل عملياته ضد القوات الإسرائيلية عند الحدود اللبنانية    ظاهرة عالمية فنية اسمها ..عادل إمام    خبير اقتصادي: صفقة رأس الحكمة غيرت مسار الاقتصاد المصري    الخارجية الروسية: مستقبل العالم بأسرة تحدده زيارة بوتين للصين    "التنظيم والإدارة" يكشف عدد المتقدمين لمسابقة وظائف معلم مساعد مادة    مدرب نهضة بركان: نستطيع التسجيل في القاهرة مثلما فعل الزمالك بالمغرب    الحكم الشرعي لتوريث شقق الإيجار القديم.. دار الإفتاء حسمت الأمر    رضا حجازي: التعليم قضية أمن قومي وخط الدفاع الأول عن الوطن    عاجل.. صدمة لجماهير الأهلي بشأن إصابة علي معلول    تعزيزات عسكرية مصرية تزامنا مع اجتياح الاحتلال لمدينة رفح    "التصنيع الدوائي" تكشف سبب أزمة اختفاء الأدوية في مصر    وظائف خالية ب وزارة المالية (المستندات والشروط)    نقيب الصحفيين: قرار الأوقاف بمنع تصوير الجنازات يعتدي على الدستور والقانون    مدافع الترجي: حظوظنا قائمة في التتويج بدوري أبطال أفريقيا أمام الأهلي    دييجو إلياس يتوج ببطولة العالم للاسكواش بعد الفوز على مصطفى عسل    اليوم السابع يحتفى بفيلم رفعت عينى للسما وصناعه المشارك فى مهرجان كان    بذور للأكل للتغلب على حرارة الطقس والوزن الزائد    الأزهر يوضح أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



باحث مصري يثبت أن الكثير من الأشعار المنسوبة ل"جبران" ليست من تأليفه

يقول الباحث في كلية الآداب بجتمعة طنطا أحمد إسماعيل: من خلال قرائتي لأعمال "جبران" أحسست أنها نفس تقترب من نفسي ، وتشبهها في بعض أحوالها ،خاصة نزعة "التمرد على الواقع المعاش" .
وفي أحد الأيام حدث الباحث نفسه فقالت: محال أن يكون شعر"جبران" هو هذا المجموع في أعماله الكاملة التي جمعها "ميخائيل نعيمة" ،ولعل هناك شعرا آخر لصاحبنا ولكن لم ينشر بعد ، وأخذ هذا الوسواس الشعري يزعجه ، حتى هم بكل ما أوتي من قوة بمحاولة جمعه ، وأول ما بحث فيه هو " الشبكة العنكبوتية" فوجد "1148" قصيدة ل"جبران" واستغرب من أن كل هذا الكم الشعري لم يوضع في ديوان ل"جبران".
ثم عند بحثه وجد نسخة "بي دي إف" على الشبكة العنكبوتية ، ففرح بها لأنها وفرت عليه جمع القصائد الموجودة ، وكانت الصفحة الأولى في الديوان تعريفية بالشاعر دون ذكر محقق للديوان أو دار نشر ، وكان هذا يقلقه ، لكن ما كان يطيل صبره هو أن هذه القصائد موجودة في عشرات المواقع وليس آحادها ويستحيل تواطؤ هذه المواقع على هذا الإثم الصراح ، كما أن كثيرا من مشرفي هذه المواقع أساتذة ونقاد يشار إليهم بالبنان.
وكان الباحث يضع نصب عينيه العظيم طه حسين في عمله الماتع " ذكرى أبي العلاء " ويستحضر روح المحقق من العلامة "محمود شاكر" خاصة في كتابه " نمط صعب ونمط مخيف" ورغم المفارقة الفكرية التي تجمع بين هذين العظيمين وطبيعة عملهما إلا أنه كان يظن أنه قادر أن يصنع صنيعهما ، وكان كما يقول يستعيذ بجهله من هذا الشعور، وبدأ يفكر في عمل ترجمة لجبران من خلال شعره قبل أن يقرأ قراءة تفصيلية عن حياته ، وكان يظن أن لا شأن ل حياة الشاعر الحقيقية فالأدب لا يبحث عن الحقائق.
وبدأ بالفعل يصنع ما يريد وكان فرحا لا سيما ، وهو يرى حقائق ليست موجودة في سير "جبران" ، ولا من كتبوا عنه وأحس أنه يسير على دربهما في الأدب ، حتى بدا له أنه يعمل مقارنة بين صورة "جبران"عند من ترجموا له ، ومن خلال ما استكشف عنه ، فكانت المفاجأة بأن الصورتين لم تتطابقا إلا فيما ندر ، ومن عجيب ما حدث أنه تبين له أن صاحبنا لم يأت "مصر" رغم أن الشعر الذي تحت يدي الباحث يصرح دون شك أنه زار "مصر"، ومدح "الخديوي" ، بل ما ترك مناسبة للخديوي إلا وذكرها في شعره ، وبدأ يقول في نفسه ليسا جبرانين !!
كان من المعقول أن يقبل الباحث أن يتخلى "جبران"عن تنظيراته للشعر ، فهو ليس أول من فعل ذلك ف "كولريدج" ، مثلا ، كما يقول ناقدوه لم يلزم ما قاله فى نظريته للشعر ، كما أن "أبا نواس" لم يلزم نهجه الذى قال فيه : "صِفَةُ الطُّلُولِ بَلاغَةُ الْقُدْمِ" فعقب تلك القصيدة بقصائد طلولية خاضعا فيها للتقاليد الشعرية المتوارثة ناسيا وواضعا تحت قدميه ما قال ، أما أن ينفي من ترجموا ووضعوا سيرا له ، أو بالأصح لم يذكروا أنه مكث في مصر ، ولم يكن على أدنى صلة بالخديوى فهذا أكبر مدعاة للشك عندي !!!
ثم بدأ يفكر فيم العمل ؟!
فكر في الذهاب إلى دار الكتب بالقاهرة ، والرجوع للجرائد والمجلات في تلك الفترة ليبحث عن شعر جبران ؛ وبالفعل ذهب ، ولكن ليس هناك جديد سوى ضياع اليوم ، وبعض القصائد المنشورة في "البدائع والطرائف " والعناء وعناء السفر، ورداءة المكان ، والإهمال المزري لتراثنا المبثوث داخل المجلات!
ثم وجد مصادفة ديوان الشاعر بتحقيق القوال طبعة دار الجيل بيروت وظن أنه وجد ما يطلب.
وبدأ يدمن قراءة الديوان صغير الحجم ، وكان يستشعر دور صاحبنا في مسيرة الشعر العربي حتى قال في ذلك جملة ملفوفة بالغموض وهي: "الشعر حين يشيخ يبني منازل عاد وثمود ؛ ليعود حين يعود طفلا بفأس"
ولكن بعد فترة بدأ يستشعر أن بعض القصائد خلو من روح "جبران" الأثيرية ، فبدأ يفتش عنها في الدواوين ؛كى يستشعر أنه يجوز له أن يعتمد على هذا الديوان الذى قام "القوال" بجمعه من صحف متفرقة ومخطوطات دونت بيد "جبران" حتى وجدت ما وجدت ، وبقدر ما فرحت لتصحيحى أشياء مر عليها أكثر من ستة عشر عاما تذكر خطأ بكل لغات العالم خاصة بعد ترجمة أعمال جبران .. بقدر ما حزنت على هذه الأمة وألم بي "حزاز من الوجد ضامر" كما يقول صاحب "القوس العذراء"، وانتابتني عدة تساؤلات ، ومنها كيف تتعامل هذه الأمة مع تراثها وثقافتها المعاصرة؟! كيف تهتم كثير من دور النشر الغربية بترجمة ونشر أعمال "جبران " ويهمله أهله وذويه بهذه الصورة؟! كيف تعيش أمة مثل هذه ، وماذا تقدم للعالم؟! أمة لا تنسى إلا مبدعيها ومفكريها فكيف تعيش؟
إن ذلك يعكس وبصورة واضحة أن أمر الثقافة والعلم في هذه الدول التي تسمى نفسها كذبا أمة ثم تكذب مرة أخرى بقولها عربية آخر شىء يمكن أن تفكر فيه ، هذه الأمة ، إنها أمة تنقرض علميا وثقافيا ، إلى أن يقيض لها زعيم ملهم وجيل ملهم ، وعسى أن يكون ذلك قريبا !
قراءة تصحيحية لشعر جبران
هَذَا جنَاهُ"القوال" عليَّ وَمَا جَنِيْتُ عَلَى أَحَدِ
بهذا التحريف الاضطرارى لبيت "أبي العلاء" ابتدأ الباحث كلامه عن أغلاط محقق ديوان جبران "أنطوان القوال" وهو واحد من المهتمين بأدب جبران والذى جمع الأعمال الكاملة له ونشرتها دار الجيل بيروت ، كذلك تكلم عن صنعة التحقيق التى تتطلب في معاملتنا لثقافتنا القديمة والمعاصرة.
وابتدأ حديثه بعنوان " كلام البدايات" ليبين الفخ الذي نصبه القوال لقراء جبران دون أن يدري والتناقض في كل فقرة تقريبا في مقدمة تحقيقه للديوان
افتتح "القوال" تحقيقه لديوان "جبران" الذي جمعه بحديث عن الأحداث والمواقف المتعلقة به مدللا خلال عرضها على سهولة قول الشعر عند "جبران" ،وأن قول الشعر عنده أمر هين يسير ،مدللا بذلك على كثرة شعر "جبران"، ومما ساقه إلينا أنه قال ذات يوم ل "ماري هكسل": " إن قول الشعر أيسر عليه من كتابة الأمثال ، وإنه يستطيع أن يكتب الشعر ، والشعر الجيد في أي وقت تقريبا ." فيستخدم هذا الخبر ، بحسه الأدبي ، تكأة ، ليدلل على أن صاحبنا مكثر من الشعر.
ثم يردف بعد هذه الفرضية ، نتيجة هامة ، كما يدعي المحقق ، من أن صاحبنا له شعر آخر لم يكتشف بعد ، وهو الذي سيقوم بالكشف عن ركازه!!
"هذا يعنى أن "جبران" ترك من الشعر أكثر من "المواكب" وقصائد "البدائع والطرائف".
من هنا كانت الضرورة للبحث والتفتيش عن آثاره الشعرية وجمعها ، شأنها شأن كتاباته الأخرى التي لا يزال معظمها مجهولا وتائها ومبعثرا." ، وأفلح "القوال" إن صدق ، ولكن لم يفلح !
رغم أنه ناقد بصير بأعمال جبران وبطريقته في الكتابة هكذا كنت أظن ، ثم يبين ماهية المنهج الذي اتبعه في تحقيقه للديوان صغير الحجم ، الذي قد أبانه من قبل !!! "وعلى غرار ما فعلنا بالكتابين السابقين "نصوص خارج المجموعة" و الرسائل" ، وهو كما يذكر لم يترك نتفة ولا قصيدة لصاحبنا إلا وأوردها ، ولكن ما هكذا تورد ، كما سأبين لاحقا ، إذ يقول: "تتبعنا شعر "جبران" حيثما وجد ، وجمعناه في هذا الديوان ، الذي بين يديك ، والغاية تقديمه في مجموعة نتمناها أن تكون كاملة ، لتصبح شخصية نابغتنا أمام الناقد والقارىء.
هي أيضا،كاملة "
هكذا يفتتح "القوال" تقدمته لديوان جبران بهذا الخلط الغريب ، وهو يستخدم الأحداث والمواقف المتعلقة بصاحبنا ثم لا يلبث أن ينفض يديه من كل ما قال بعد أن أوهمنا أنه آت بما لم يأت به الأوائل .. مطبقا المنهج العلمي الراسخ ؛ ولكنه أورد ما شاء وأغفل ما أراد دون أن يبين علة ذلك وهو ما لا يتفق والمنهج العلمي إذ يقول: "لابد من توجيه الشكر إلى الصديق الأديب "وهيب كيروز" حافظ متحف "جبران" الذي وضع بين يدي مخطوطات "جب ران" فاخترت ما اخترت من شعره وبقي ما بقى " هكذا يفعل المحقق الذرب ، والعليم بمسالك جبران
"من الداخل"
يؤكد الباحث أن "أنطوان القوال" لم يشر إلى أن قصائد "جبران" التي تبدأ "إذا الليل أخفاني" ، "شهدنا الغم" ، "مات أهلي " ، "أنا" ، "تحت رسمي" ،"الصوفي" ، "خل الأماني" ، "يا خليلي " ، "النور والصمت " ، "دول ولت " ، "أتينا ضبابا" ، "يا مستعير الكتب" ، "حفار القبور" ، "أيها الساكت" ، "إذا الليل أخفاني" ، "إذا مت" ، "قولوا " ، "يا ليتني" ، "المنية كالحياة" ، "شتان " ، "منديل " ، "الشهرة " ،"رهين الفرقدين " ، "هكذا قلبي " ، "والتي أحببتها أبدعتها " ، "غفرنا لكم " ، "حرام على قلبي الهوى " ، "الصلب "، "قل لإخوان " ، "أين السبيل " ، "صمتنا وقلنا " ، "يا قلبي " ، "أنا اليقظان "، "هم قومي "، كل هذه غير معنونة وأنه هو واضع العنوان ، ونحن نعرف الخطر الذي يلحق النص جراء التعدي على حرمته خاصة أثناء التحليل "السيمولوجي" لعناوين النصوص ،باعتبار أن العنوان عتبة لفهم النص والولوج إلى أعماق الشاعر، كما أنه يحمل في تركيبته اللغوية سمة أسلوبية.
كما أكد أن "أنطوان القوال" أغفل ذكر عدة أبيات من قصيدة "إذا الليل أخفاني" ، وهذه الأبيات موجودة في مذكرات "هيلانة غسطين " أرخت لها في أيار "مايو" عام 1924م ،كما يوجد بها بعض الاختلافات عن القصيدة التي عرضها القوال في جمعه للديوان وهذه من الأمور التي من الواجب أن يراعيها المحقق الحاذق 0ونلحظ في هذه القصيدة أن "جبران" يتناض مع الشاعر العباسي "أبي فراس الحمداني" في قصيدته الشهيرة " أراك عصى الدمع شيمتك الصبر " في الغرض والإيقاع الخارجي والداخلي ، كما أن الشيات والظلال النفسية واحدة ، ولم تظهر هذه القصيدة ، بهذه الصورة ، في الأوراق التي ظهرت بعد وفاته ، والتي اعتمد عليها "القوال" في جمعه المزعوم للديوان ، وهذا يبين أنه قد أجرى بعض التعديلات عليها ولقد أثبت القصيدة المثبتة في أوراق " هيلانة غسطين" نظرا لأنها مكتملة مبنى ومعنى ، واعتبرت القصيدة التي أثبتها القوال رواية أخرى للقصيدة ، وألحقتها بالملاحق في آخر البحث.
كما أكد أن القصيدة التي عنون لها القوال كذلك ! باسم "يا قلبى " يبدو أنها كانت مسودة أولية لموشحته التي عنونها "جبران " في البدائع والطرائف " باسم "بالله يا قلبي " ، وأوهمنا محقق وجامع الديوان أنهما قصيدتان مختلفتان ، والصواب ، في زعمي ، هو ما بينت ، وألحقتها كذلك بالملاحق.
أما القصيدة التي ذكرها "أنطوان القوال " بعنوان " أسمعيني" وهى من بحر الخفيف فمع ذكره أنها كتبت مشاركة بين "جبران ، وميخائيل نعيمة ونسيب عريضة وعبد المسيح حداد " إلا أنه بوضعها في الفهرس أوهم أنها قصيدة لشاعرنا ، وكان ينبغي عليه أن يضعها في "الملاحق " ، ورغم أن القوال يدرك ذلك جيدا إلا أنه يضعها في الديوان.
ثم جاءت باحثة "حاصلة على درجة الماجستير" واعتمدت عليها في دراستها الإحصائية فأتت بالعجائب ، دون أن يلتفت لذلك أستاذ مناقش أو مشرف!
كذلك في القصيدة التي عنونها "القوال" ب "شهدنا الغم" ص37 هي جزء من مسودة لقصيدة "البلاد المحجوبة" فالاختلاف في الشطر الثاني من البيت الثاني في قوله "فوق متنيه كعقبان وبوم"
فهل تستحق بعد ذلك أن تسمى قصيدة أم نستخدمها على أقصى تقدير على أنها رواية مختلفة للبيت ، لذا فقد قام الباحث بحذفها من مجموع شعر صاحبنا وأثبتها كما أوردت فى الملاحق.
كذلك فعل "القوال " في هذين البيتين
ألا يامستعير الكتب دعني ... فإن إعارتي للكتب عارُ
وجدت كتابي في الدنيا حبيبي ... حبيبي لا يُباع ولا يُعارُ
فهما أيضا من الأبيات التى نحلها " أنطوان القوال"،فلقد وجدهما أعلى إحدى أغلفة دفاتر "جبران "،فظن أنهما له،ولم يتعب نفسه فى التأكد من صحة نسبة البيتين ل "جبران "، وادعى بعض الباحثين أن هذين البيتين لشاعر يدعى "محمد بن خليفة التونسى ،ولكن الباحث لم يركن كذلك إلى هذه النسبة ففتش عنها فى دواوين الشعر حتى تبين له أنهما موجودان فى كتب التراث وغالبا ما يذكرا فى باب الاستعارة ،وتوجد مخطوط بذلك . وخطأ "القوال " هذا يعزى فى الأصل للباحث "دايه" لكم جبرانكم ولى جبرانى، والصحيح أن جبران تمثل بهذين البيتين ولم يؤلفهما.
ولم تسلم أعمال "جبران" كذلك من التحريف فنسب إليه القوال " موشحة" عنونها هو كعادته ب " ألقيت دلوى" تشبه إحدى مقطوعاته الصغيرة وهى مقطوعة "الشهرة"،والصحيح أنها مقطوعة من قصيدة ل "ميخائيل نعيمة " بعنوان " أنشودة" تظهر فيها روحه وهى روح ملفوفة بالأمل،الممزوج بالشجن والشك فى كنه الحياة ،والواضح منها أن " نعيمة " كان يقلد النهج الشعرى ل "جبران " فى هذه القصيدة ،فالشكل الخارجى للقصيدة والمعنى النفسى والفكرى واحد . يتضح ذلك من عقد مقارنة بسيطة بين القصيدتين .
كذلك أثبت الباحث أن اعتماد القوال على تحقيق "هنرى زغيب " كان خاطئا فى نسبة مقطوعة من الزجل تبدأ ب خليل جبران طاح بالعرضان
لجبران معتمدا فيها على رجل يدعى أبو عقيل كان عمره أثناء حديث زغيب 75 سنة ويحكى له عن أشياء جرت أيام الطفولة ومنها هذه الزجلية، حينما كان يجمع أخبار جبران لمدة ست سنوات بأمريكا
انظروا كيف يجمع "القوال" شعر "جبران" ، وانظروا كذلك لذاكرة الرجل الذهبية الذى يتذكر مثل هذه الأهازيج التى تراوحت على " اثنين وعشرين بيتا" بعد أكثر من خمسة وخمسين سنة !
كذلك أثبت الباحث أن اليتيمة التى عنونها القوال ببناء المجد دون أدنى حق له فى التعدى على حرمة النص
على أنقاض ماضينا سنبنى مجد آتينا
وادعى باحث أن هذه اليتيمة ليس لجبران وأن ميخائيل نعيمة نسبها لجبران كيدا من قبيل الغيرة الأدبية .
وكان هذا الرأى هو ما كان يعتقده الباحث فى بدء الأمر ،لكنه وجد فى الجزء الثانى من كتاب نعيمة :"سبعون" الصورة نفسها ومكتوب عليها هذا البيت بإمضاء جبران خليل جبران،ومؤرخة بتاريخ 11 تشرين الثانى 1918م ،أى قبل الصورة المنشورة بجريدة السائح بسبعة أيام، تحت عنوان "سوريا المتحررة"،ولعل صاحبنا رسمها مرتين :مرة كتب هذا البيت والمرة الأخرى
كتب ما ذكره "جان دايه" ، كانت عادة "جبران " أن يصوغ كلامه فى قالب ثم لا يلبث أن يحذف منه أو يزيد عليه،وهذا ظاهر فى أكثر من مقالة له على سبيل المثال .
أما القصة التى حكاها نعيمة فى الجزء الأول فسندها كما يقال مرسل ،وليس هناك ما يؤكده ،ولايؤخذ بكلام الأقران فى مثل هذه الأحوال مالم يعضد بأدلة دامغة ،والصحيح بالأدلة كما أوردت أن جبران كان مهموما بما يحدث فى بلاده أسيف الحال على ما وصلت إليه ،ثم فرح بتحريرها أشد ما يكون الفرح.
كذلك فعل " القوال" مع قصيدة " طرب الفؤاد" فهى ليست " لجبران " وإنما هى لشاعر عباسى يدعى "محمد بن صالح العلوى" والسبب الذى جعله ينسب هذه القصيدة لجبران أنه وجدها بخط يده فظن أنها له ولم يثقل كاهله فى البحث عن صاحبها ،وليست كل قصيدة يكتبها شاعر بخط يده هى له والقصيدة موجودة فى ديوان "محمد بن صالح العلوى ،وكثيرا ما استوقفت النقاد وأهل الأدب نونيته التى قالها فى السجن ومطلعها :
طربَ الفؤادُ وعاودَتْ أحزانُهُ وتشعبتْ شعباً به أشجانُهُ
وقالوا : أنها كانت السبب فى خلاصه من السجن ،إذ سعى بعض أصدقائه من المقربين إلى المتوكل إلى حمل (بنان) على التغنى بها فى مجلس "المتوكل" ،فلما سمعها استحسن الشعر وسأل عن قائله، فوجد هؤلاء مناسبة للكلام فى أمره والتوسط له كما أن الرواية التى ذكرها "القوال !" فى أحد أبيات هذه القصيدة وهى البيت قال فى هامش " سبحانه " ،وهذا لا يستقيم بحال مع المعنى ،وقد يكون جبران كتبه بخط غير جيد فاختلط عليه الأمر وهذا يبين أن ليس كل روايه لبيت من الشعر أو قصيدة يقبل ما دام يخالف المعنى و لا يقبله العقل .
كذلك فعل فى بيتين عنونهما كعادته الذميمة بعنوان" قل لإخوان"وهذين البيتين هما من آخر ما حقق الباحث من شعر جبران" وكان اسم الباحث المعتمد عليه وهو "ميشال جبور الخورى" يمنعن الباحث من الشك من نسبتهما لصاحبنا ،ولكنه قرأهما أكثر من مرة ولم يجد روح جبران فيهما فقرر أن يبحث عنهما مرة ومرة ومرة حتى تبين له أنهما ليسا لجبران وإنما نسبت للإمام "الغزالى" كما قال "الزبيدى" فى شرح "الإحياء"،وقيل ل "على بن خليل المسفر السبتى" كما اورد الزركلى فى الأعلام وسبقه ابن عربي في "محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار"
ثم ختم الباحث حديثه مع القوال بقوله "كان على "القوال"أن يجمع الروايات المختلفة لشعر صاحبنا من ثنايا "الأعمال الكاملة"التى جمعها "نعيمة"أو يرجع إلى كتاب صاحبنا "دمعة وابتسامة"ثم يقارن تلك النصوص مع ما كتبه "جبران" فى الصحف خاصة جريدة الفنون"،وهو ما لم يفعله جامع الديوان رغم سهولة تحقيق ذلك،خاصة أنه من نفس موطن صاحبنا !
ولم تكن هذه أواخر الطوام التى وقع عليها سمع وبصر الباحث أثناء محاولته الإلمام بشعر "جبران ، فجريدة الأهرام في باب قرائها تسند قصيدة لمطران بعنوان مسرحية لجبران.
والطريف،كذلك،وما أكثر الطرائف في مصر!! ،أن دارا للنشر ! قاهرية مصرية تسمي نفسها " الأندلس " بعدت عليها الشقة ، ولجأت إلى المواقع الالكترونية ، ونشرت مختارات من قصائده تلك على أنها نصوص لصاحبنا وهي أيضا في مجموعها قصائد لمطران مزيلة ببعض أعمال "جبران" الموجودة في كتابه "البدائع والطرائف ".
ولم تكن هذه الخطوة هي الأخيرة فلقد همت دار أخرى تسمى " الحرية " بنشر أعمال "جبران" وهم مشكورون لا شك على ذلك ، بنشر أعمال "جبران" الشعرية ، ولكن ما إن فتحت هذا الديوان حتى اكتشفت أن كل قصائده هي قصائد مطران لكنهم اعتمدوا كذلك على "الويب سيد" في جمع قصائد هذا الديوان .
كذلك فعلت دار"فاروس"المصرية ،وبمقارنة بسيطة بين ديوان "مطران" دار الجيل وبين "دار فاروس" المصرية نجد أن القصائد الموجودة بداخله منقولة من ديوان "مطران"،فضلا عن ذكر بعض القصائد الموجود فى ديوان مطران ولم تفهرس سهوا من المحقق
والمهم فى بحثنا أن نبين أن أعمال جبران الشعرية طبعة دار "فاروس" مأخوذة من ديوان "خليل مطران" طبعة دار الجيل ،أو قل منصفا أن جامع الديوان قد اعتمد على الموسوعة العالمية للشعر ونقل ما نقل على أنه شعر صاحبنا ووقع فى هذا الإثم الصراح .
وقصائد طبعة فاروس تبدأ ب "قبس بدا من جانب الصحراء"أما الأخرى "لبيكم يا رفقة النادى"
هذا هو الإثم الأول....
أما الثانى فقد ارتكبته "دار صفا "حيث قامت هى أيضا بنشر ديوان جبران ووسمته بالأعمال الكاملة !! ،وقد بدأت الديوان بقصيدة "يا علم الشرق الرفيع الذرى" " وانتهت بقصيدة " عد لابسا ثوب الخلود وعلم"تحت عنوان تمثال "شيخ إبراهيم اليازجى"
والطريف أن هذا الديوان به قصيدة رثاء طويلة كتبها مطران وأنشدت فى حفل وطنى جامع ببيروت لنقل جثمان المتفنن الكبير "جبران خليل جبران":إلى الضريح القومى الذى شيد له فى بشرى مسقط رأسه "وهى تبدأ ب "ألجديدان حرب كل جديد "
أما خاتمة الأثافى فهو موقع أدب "الموسوعة العالمية للشعر" والذى اعتمدته "الموسوعة الشاملة"!، لم يسلم هذا الموقع ،كذلك ، من العبث بتراث صاحبنا،فنسب إليه 1148 قصيدة فقط ليست له !،وإنما جلها ل "خليل مطران" شاعرالقطرين ،وربما كان سبب الوقوع فى الخطأ هو تقارب اسمى الشاعرين !
ويكمن خطر خطيئة هذا الموقع أنه مرجع بالنسبة لكثير من دارسى الشعر العربى وذائقيه ،ولعل الأستاذ الجامعى الذى لا يشك فى سعة علمه وثقافته،قد ركن إلى هذا الموقع فأورد ما أورد . وأظن ظنا أن دور النشر التى جمعت ما يسمى "الأعمال الشعرية " لجبران" قد ركنت هى أيضا لما هو مبثوث فى هذا الموقع بل إن هناك مواقع كثيرة نقلت هذا الإثم الصراح خدمة للشعر والثقافة العربيين .
ولم يكن موقع "أدب"هو الجانى الوحيد على "مطران" وعلى صاحبنا كذلك ،بل كذلك القراء المبجلون فلو تتبعنا نسبة القراءة للقصائد لوجدنا القصائد المنسوبة لصاحبنا تربو على نسبة كبيرة قد تتخطى الخمسين ألف قارىء،أما قصائد "مطران"،وهى له، لا تربو فى كثير منها على خمسة آلاف قارىء
ويرجع خطر نسبة هذه الأبيات والقصائد لصاحبنا إلى أن الدراسات التى تعتمد الإحصاء مثل "الأسلوبية" و "البنيوية"يؤثر البيت بل الشطرة،بل اللفظة فى نتائجها بدون أدنى مبالغة ،وهذا يجعلنى أقرر دون مواربة فى الحكم بأن كل الإحصاءات التى قامت على شعر "جبران" العروضى كلها قد طاش بها ميزاننا بعد تحقيقى لشعر صاحبنا ،وهنا تكمن النقمة على مثل هذه الأعمال رغم الجهد الكبير المبذول فيها،وتبين بما لا يدع مجالا للشك مدى العبث الذى يحيط بثقافتنا العربية ،وتجعلنا نتساءل هل لنا أن نثق ثقة عمياء فى مثل هذه الأعمال كما يفعل الكثير.
ثم انتهى الباحث بوضع جدول للنصوص الصحيحة ،من وجهة نظره،والمعتمد عليها ، ثم ختم كلامه بقوله "لما اكتشفت كل هذه الأوهام وأحسست أني أول من استخرج ركازها وكنت أدعو الله أن يتم نعماءه ويخرج هذا العمل للنور.
وقد يظن الظان أن هذا الأمر كان سهلا ، يسهل استخراج ركازه من المرة الأولى بسهولة !، ولكن فى الحقيقة إن الطريق كان شاقا وعرا ، متشعثا لدرجة الحيرة المضنية ، فقد كان تحقيق بيت يحتاج فترة طويلة، ورغم تحقيقي ، الذي أظن أنه سيغير كثيرا من الانطباعات عن شعر صاحبنا ، والإحصاءات كذلك، إلا إني أتحفظ على بعض المقطوعات وأظن أنها ليست له ، لكن ليس لدي سند يؤكد كلامي سوى تذوقي لشعر صاحبنا ، وإني لأخفي من هذه الشكوك أضعاف ما أبدي" !!
يقول الباحث في كلية الآداب بجتمعة طنطا أحمد إسماعيل: من خلال قرائتي لأعمال "جبران" أحسست أنها نفس تقترب من نفسي ، وتشبهها في بعض أحوالها ،خاصة نزعة "التمرد على الواقع المعاش" .
وفي أحد الأيام حدث الباحث نفسه فقالت: محال أن يكون شعر"جبران" هو هذا المجموع في أعماله الكاملة التي جمعها "ميخائيل نعيمة" ،ولعل هناك شعرا آخر لصاحبنا ولكن لم ينشر بعد ، وأخذ هذا الوسواس الشعري يزعجه ، حتى هم بكل ما أوتي من قوة بمحاولة جمعه ، وأول ما بحث فيه هو " الشبكة العنكبوتية" فوجد "1148" قصيدة ل"جبران" واستغرب من أن كل هذا الكم الشعري لم يوضع في ديوان ل"جبران".
ثم عند بحثه وجد نسخة "بي دي إف" على الشبكة العنكبوتية ، ففرح بها لأنها وفرت عليه جمع القصائد الموجودة ، وكانت الصفحة الأولى في الديوان تعريفية بالشاعر دون ذكر محقق للديوان أو دار نشر ، وكان هذا يقلقه ، لكن ما كان يطيل صبره هو أن هذه القصائد موجودة في عشرات المواقع وليس آحادها ويستحيل تواطؤ هذه المواقع على هذا الإثم الصراح ، كما أن كثيرا من مشرفي هذه المواقع أساتذة ونقاد يشار إليهم بالبنان.
وكان الباحث يضع نصب عينيه العظيم طه حسين في عمله الماتع " ذكرى أبي العلاء " ويستحضر روح المحقق من العلامة "محمود شاكر" خاصة في كتابه " نمط صعب ونمط مخيف" ورغم المفارقة الفكرية التي تجمع بين هذين العظيمين وطبيعة عملهما إلا أنه كان يظن أنه قادر أن يصنع صنيعهما ، وكان كما يقول يستعيذ بجهله من هذا الشعور، وبدأ يفكر في عمل ترجمة لجبران من خلال شعره قبل أن يقرأ قراءة تفصيلية عن حياته ، وكان يظن أن لا شأن ل حياة الشاعر الحقيقية فالأدب لا يبحث عن الحقائق.
وبدأ بالفعل يصنع ما يريد وكان فرحا لا سيما ، وهو يرى حقائق ليست موجودة في سير "جبران" ، ولا من كتبوا عنه وأحس أنه يسير على دربهما في الأدب ، حتى بدا له أنه يعمل مقارنة بين صورة "جبران"عند من ترجموا له ، ومن خلال ما استكشف عنه ، فكانت المفاجأة بأن الصورتين لم تتطابقا إلا فيما ندر ، ومن عجيب ما حدث أنه تبين له أن صاحبنا لم يأت "مصر" رغم أن الشعر الذي تحت يدي الباحث يصرح دون شك أنه زار "مصر"، ومدح "الخديوي" ، بل ما ترك مناسبة للخديوي إلا وذكرها في شعره ، وبدأ يقول في نفسه ليسا جبرانين !!
كان من المعقول أن يقبل الباحث أن يتخلى "جبران"عن تنظيراته للشعر ، فهو ليس أول من فعل ذلك ف "كولريدج" ، مثلا ، كما يقول ناقدوه لم يلزم ما قاله فى نظريته للشعر ، كما أن "أبا نواس" لم يلزم نهجه الذى قال فيه : "صِفَةُ الطُّلُولِ بَلاغَةُ الْقُدْمِ" فعقب تلك القصيدة بقصائد طلولية خاضعا فيها للتقاليد الشعرية المتوارثة ناسيا وواضعا تحت قدميه ما قال ، أما أن ينفي من ترجموا ووضعوا سيرا له ، أو بالأصح لم يذكروا أنه مكث في مصر ، ولم يكن على أدنى صلة بالخديوى فهذا أكبر مدعاة للشك عندي !!!
ثم بدأ يفكر فيم العمل ؟!
فكر في الذهاب إلى دار الكتب بالقاهرة ، والرجوع للجرائد والمجلات في تلك الفترة ليبحث عن شعر جبران ؛ وبالفعل ذهب ، ولكن ليس هناك جديد سوى ضياع اليوم ، وبعض القصائد المنشورة في "البدائع والطرائف " والعناء وعناء السفر، ورداءة المكان ، والإهمال المزري لتراثنا المبثوث داخل المجلات!
ثم وجد مصادفة ديوان الشاعر بتحقيق القوال طبعة دار الجيل بيروت وظن أنه وجد ما يطلب.
وبدأ يدمن قراءة الديوان صغير الحجم ، وكان يستشعر دور صاحبنا في مسيرة الشعر العربي حتى قال في ذلك جملة ملفوفة بالغموض وهي: "الشعر حين يشيخ يبني منازل عاد وثمود ؛ ليعود حين يعود طفلا بفأس"
ولكن بعد فترة بدأ يستشعر أن بعض القصائد خلو من روح "جبران" الأثيرية ، فبدأ يفتش عنها في الدواوين ؛كى يستشعر أنه يجوز له أن يعتمد على هذا الديوان الذى قام "القوال" بجمعه من صحف متفرقة ومخطوطات دونت بيد "جبران" حتى وجدت ما وجدت ، وبقدر ما فرحت لتصحيحى أشياء مر عليها أكثر من ستة عشر عاما تذكر خطأ بكل لغات العالم خاصة بعد ترجمة أعمال جبران .. بقدر ما حزنت على هذه الأمة وألم بي "حزاز من الوجد ضامر" كما يقول صاحب "القوس العذراء"، وانتابتني عدة تساؤلات ، ومنها كيف تتعامل هذه الأمة مع تراثها وثقافتها المعاصرة؟! كيف تهتم كثير من دور النشر الغربية بترجمة ونشر أعمال "جبران " ويهمله أهله وذويه بهذه الصورة؟! كيف تعيش أمة مثل هذه ، وماذا تقدم للعالم؟! أمة لا تنسى إلا مبدعيها ومفكريها فكيف تعيش؟
إن ذلك يعكس وبصورة واضحة أن أمر الثقافة والعلم في هذه الدول التي تسمى نفسها كذبا أمة ثم تكذب مرة أخرى بقولها عربية آخر شىء يمكن أن تفكر فيه ، هذه الأمة ، إنها أمة تنقرض علميا وثقافيا ، إلى أن يقيض لها زعيم ملهم وجيل ملهم ، وعسى أن يكون ذلك قريبا !
قراءة تصحيحية لشعر جبران
هَذَا جنَاهُ"القوال" عليَّ وَمَا جَنِيْتُ عَلَى أَحَدِ
بهذا التحريف الاضطرارى لبيت "أبي العلاء" ابتدأ الباحث كلامه عن أغلاط محقق ديوان جبران "أنطوان القوال" وهو واحد من المهتمين بأدب جبران والذى جمع الأعمال الكاملة له ونشرتها دار الجيل بيروت ، كذلك تكلم عن صنعة التحقيق التى تتطلب في معاملتنا لثقافتنا القديمة والمعاصرة.
وابتدأ حديثه بعنوان " كلام البدايات" ليبين الفخ الذي نصبه القوال لقراء جبران دون أن يدري والتناقض في كل فقرة تقريبا في مقدمة تحقيقه للديوان
افتتح "القوال" تحقيقه لديوان "جبران" الذي جمعه بحديث عن الأحداث والمواقف المتعلقة به مدللا خلال عرضها على سهولة قول الشعر عند "جبران" ،وأن قول الشعر عنده أمر هين يسير ،مدللا بذلك على كثرة شعر "جبران"، ومما ساقه إلينا أنه قال ذات يوم ل "ماري هكسل": " إن قول الشعر أيسر عليه من كتابة الأمثال ، وإنه يستطيع أن يكتب الشعر ، والشعر الجيد في أي وقت تقريبا ." فيستخدم هذا الخبر ، بحسه الأدبي ، تكأة ، ليدلل على أن صاحبنا مكثر من الشعر.
ثم يردف بعد هذه الفرضية ، نتيجة هامة ، كما يدعي المحقق ، من أن صاحبنا له شعر آخر لم يكتشف بعد ، وهو الذي سيقوم بالكشف عن ركازه!!
"هذا يعنى أن "جبران" ترك من الشعر أكثر من "المواكب" وقصائد "البدائع والطرائف".
من هنا كانت الضرورة للبحث والتفتيش عن آثاره الشعرية وجمعها ، شأنها شأن كتاباته الأخرى التي لا يزال معظمها مجهولا وتائها ومبعثرا." ، وأفلح "القوال" إن صدق ، ولكن لم يفلح !
رغم أنه ناقد بصير بأعمال جبران وبطريقته في الكتابة هكذا كنت أظن ، ثم يبين ماهية المنهج الذي اتبعه في تحقيقه للديوان صغير الحجم ، الذي قد أبانه من قبل !!! "وعلى غرار ما فعلنا بالكتابين السابقين "نصوص خارج المجموعة" و الرسائل" ، وهو كما يذكر لم يترك نتفة ولا قصيدة لصاحبنا إلا وأوردها ، ولكن ما هكذا تورد ، كما سأبين لاحقا ، إذ يقول: "تتبعنا شعر "جبران" حيثما وجد ، وجمعناه في هذا الديوان ، الذي بين يديك ، والغاية تقديمه في مجموعة نتمناها أن تكون كاملة ، لتصبح شخصية نابغتنا أمام الناقد والقارىء.
هي أيضا،كاملة "
هكذا يفتتح "القوال" تقدمته لديوان جبران بهذا الخلط الغريب ، وهو يستخدم الأحداث والمواقف المتعلقة بصاحبنا ثم لا يلبث أن ينفض يديه من كل ما قال بعد أن أوهمنا أنه آت بما لم يأت به الأوائل .. مطبقا المنهج العلمي الراسخ ؛ ولكنه أورد ما شاء وأغفل ما أراد دون أن يبين علة ذلك وهو ما لا يتفق والمنهج العلمي إذ يقول: "لابد من توجيه الشكر إلى الصديق الأديب "وهيب كيروز" حافظ متحف "جبران" الذي وضع بين يدي مخطوطات "جب ران" فاخترت ما اخترت من شعره وبقي ما بقى " هكذا يفعل المحقق الذرب ، والعليم بمسالك جبران
"من الداخل"
يؤكد الباحث أن "أنطوان القوال" لم يشر إلى أن قصائد "جبران" التي تبدأ "إذا الليل أخفاني" ، "شهدنا الغم" ، "مات أهلي " ، "أنا" ، "تحت رسمي" ،"الصوفي" ، "خل الأماني" ، "يا خليلي " ، "النور والصمت " ، "دول ولت " ، "أتينا ضبابا" ، "يا مستعير الكتب" ، "حفار القبور" ، "أيها الساكت" ، "إذا الليل أخفاني" ، "إذا مت" ، "قولوا " ، "يا ليتني" ، "المنية كالحياة" ، "شتان " ، "منديل " ، "الشهرة " ،"رهين الفرقدين " ، "هكذا قلبي " ، "والتي أحببتها أبدعتها " ، "غفرنا لكم " ، "حرام على قلبي الهوى " ، "الصلب "، "قل لإخوان " ، "أين السبيل " ، "صمتنا وقلنا " ، "يا قلبي " ، "أنا اليقظان "، "هم قومي "، كل هذه غير معنونة وأنه هو واضع العنوان ، ونحن نعرف الخطر الذي يلحق النص جراء التعدي على حرمته خاصة أثناء التحليل "السيمولوجي" لعناوين النصوص ،باعتبار أن العنوان عتبة لفهم النص والولوج إلى أعماق الشاعر، كما أنه يحمل في تركيبته اللغوية سمة أسلوبية.
كما أكد أن "أنطوان القوال" أغفل ذكر عدة أبيات من قصيدة "إذا الليل أخفاني" ، وهذه الأبيات موجودة في مذكرات "هيلانة غسطين " أرخت لها في أيار "مايو" عام 1924م ،كما يوجد بها بعض الاختلافات عن القصيدة التي عرضها القوال في جمعه للديوان وهذه من الأمور التي من الواجب أن يراعيها المحقق الحاذق 0ونلحظ في هذه القصيدة أن "جبران" يتناض مع الشاعر العباسي "أبي فراس الحمداني" في قصيدته الشهيرة " أراك عصى الدمع شيمتك الصبر " في الغرض والإيقاع الخارجي والداخلي ، كما أن الشيات والظلال النفسية واحدة ، ولم تظهر هذه القصيدة ، بهذه الصورة ، في الأوراق التي ظهرت بعد وفاته ، والتي اعتمد عليها "القوال" في جمعه المزعوم للديوان ، وهذا يبين أنه قد أجرى بعض التعديلات عليها ولقد أثبت القصيدة المثبتة في أوراق " هيلانة غسطين" نظرا لأنها مكتملة مبنى ومعنى ، واعتبرت القصيدة التي أثبتها القوال رواية أخرى للقصيدة ، وألحقتها بالملاحق في آخر البحث.
كما أكد أن القصيدة التي عنون لها القوال كذلك ! باسم "يا قلبى " يبدو أنها كانت مسودة أولية لموشحته التي عنونها "جبران " في البدائع والطرائف " باسم "بالله يا قلبي " ، وأوهمنا محقق وجامع الديوان أنهما قصيدتان مختلفتان ، والصواب ، في زعمي ، هو ما بينت ، وألحقتها كذلك بالملاحق.
أما القصيدة التي ذكرها "أنطوان القوال " بعنوان " أسمعيني" وهى من بحر الخفيف فمع ذكره أنها كتبت مشاركة بين "جبران ، وميخائيل نعيمة ونسيب عريضة وعبد المسيح حداد " إلا أنه بوضعها في الفهرس أوهم أنها قصيدة لشاعرنا ، وكان ينبغي عليه أن يضعها في "الملاحق " ، ورغم أن القوال يدرك ذلك جيدا إلا أنه يضعها في الديوان.
ثم جاءت باحثة "حاصلة على درجة الماجستير" واعتمدت عليها في دراستها الإحصائية فأتت بالعجائب ، دون أن يلتفت لذلك أستاذ مناقش أو مشرف!
كذلك في القصيدة التي عنونها "القوال" ب "شهدنا الغم" ص37 هي جزء من مسودة لقصيدة "البلاد المحجوبة" فالاختلاف في الشطر الثاني من البيت الثاني في قوله "فوق متنيه كعقبان وبوم"
فهل تستحق بعد ذلك أن تسمى قصيدة أم نستخدمها على أقصى تقدير على أنها رواية مختلفة للبيت ، لذا فقد قام الباحث بحذفها من مجموع شعر صاحبنا وأثبتها كما أوردت فى الملاحق.
كذلك فعل "القوال " في هذين البيتين
ألا يامستعير الكتب دعني ... فإن إعارتي للكتب عارُ
وجدت كتابي في الدنيا حبيبي ... حبيبي لا يُباع ولا يُعارُ
فهما أيضا من الأبيات التى نحلها " أنطوان القوال"،فلقد وجدهما أعلى إحدى أغلفة دفاتر "جبران "،فظن أنهما له،ولم يتعب نفسه فى التأكد من صحة نسبة البيتين ل "جبران "، وادعى بعض الباحثين أن هذين البيتين لشاعر يدعى "محمد بن خليفة التونسى ،ولكن الباحث لم يركن كذلك إلى هذه النسبة ففتش عنها فى دواوين الشعر حتى تبين له أنهما موجودان فى كتب التراث وغالبا ما يذكرا فى باب الاستعارة ،وتوجد مخطوط بذلك . وخطأ "القوال " هذا يعزى فى الأصل للباحث "دايه" لكم جبرانكم ولى جبرانى، والصحيح أن جبران تمثل بهذين البيتين ولم يؤلفهما.
ولم تسلم أعمال "جبران" كذلك من التحريف فنسب إليه القوال " موشحة" عنونها هو كعادته ب " ألقيت دلوى" تشبه إحدى مقطوعاته الصغيرة وهى مقطوعة "الشهرة"،والصحيح أنها مقطوعة من قصيدة ل "ميخائيل نعيمة " بعنوان " أنشودة" تظهر فيها روحه وهى روح ملفوفة بالأمل،الممزوج بالشجن والشك فى كنه الحياة ،والواضح منها أن " نعيمة " كان يقلد النهج الشعرى ل "جبران " فى هذه القصيدة ،فالشكل الخارجى للقصيدة والمعنى النفسى والفكرى واحد . يتضح ذلك من عقد مقارنة بسيطة بين القصيدتين .
كذلك أثبت الباحث أن اعتماد القوال على تحقيق "هنرى زغيب " كان خاطئا فى نسبة مقطوعة من الزجل تبدأ ب خليل جبران طاح بالعرضان
لجبران معتمدا فيها على رجل يدعى أبو عقيل كان عمره أثناء حديث زغيب 75 سنة ويحكى له عن أشياء جرت أيام الطفولة ومنها هذه الزجلية، حينما كان يجمع أخبار جبران لمدة ست سنوات بأمريكا
انظروا كيف يجمع "القوال" شعر "جبران" ، وانظروا كذلك لذاكرة الرجل الذهبية الذى يتذكر مثل هذه الأهازيج التى تراوحت على " اثنين وعشرين بيتا" بعد أكثر من خمسة وخمسين سنة !
كذلك أثبت الباحث أن اليتيمة التى عنونها القوال ببناء المجد دون أدنى حق له فى التعدى على حرمة النص
على أنقاض ماضينا سنبنى مجد آتينا
وادعى باحث أن هذه اليتيمة ليس لجبران وأن ميخائيل نعيمة نسبها لجبران كيدا من قبيل الغيرة الأدبية .
وكان هذا الرأى هو ما كان يعتقده الباحث فى بدء الأمر ،لكنه وجد فى الجزء الثانى من كتاب نعيمة :"سبعون" الصورة نفسها ومكتوب عليها هذا البيت بإمضاء جبران خليل جبران،ومؤرخة بتاريخ 11 تشرين الثانى 1918م ،أى قبل الصورة المنشورة بجريدة السائح بسبعة أيام، تحت عنوان "سوريا المتحررة"،ولعل صاحبنا رسمها مرتين :مرة كتب هذا البيت والمرة الأخرى
كتب ما ذكره "جان دايه" ، كانت عادة "جبران " أن يصوغ كلامه فى قالب ثم لا يلبث أن يحذف منه أو يزيد عليه،وهذا ظاهر فى أكثر من مقالة له على سبيل المثال .
أما القصة التى حكاها نعيمة فى الجزء الأول فسندها كما يقال مرسل ،وليس هناك ما يؤكده ،ولايؤخذ بكلام الأقران فى مثل هذه الأحوال مالم يعضد بأدلة دامغة ،والصحيح بالأدلة كما أوردت أن جبران كان مهموما بما يحدث فى بلاده أسيف الحال على ما وصلت إليه ،ثم فرح بتحريرها أشد ما يكون الفرح.
كذلك فعل " القوال" مع قصيدة " طرب الفؤاد" فهى ليست " لجبران " وإنما هى لشاعر عباسى يدعى "محمد بن صالح العلوى" والسبب الذى جعله ينسب هذه القصيدة لجبران أنه وجدها بخط يده فظن أنها له ولم يثقل كاهله فى البحث عن صاحبها ،وليست كل قصيدة يكتبها شاعر بخط يده هى له والقصيدة موجودة فى ديوان "محمد بن صالح العلوى ،وكثيرا ما استوقفت النقاد وأهل الأدب نونيته التى قالها فى السجن ومطلعها :
طربَ الفؤادُ وعاودَتْ أحزانُهُ وتشعبتْ شعباً به أشجانُهُ
وقالوا : أنها كانت السبب فى خلاصه من السجن ،إذ سعى بعض أصدقائه من المقربين إلى المتوكل إلى حمل (بنان) على التغنى بها فى مجلس "المتوكل" ،فلما سمعها استحسن الشعر وسأل عن قائله، فوجد هؤلاء مناسبة للكلام فى أمره والتوسط له كما أن الرواية التى ذكرها "القوال !" فى أحد أبيات هذه القصيدة وهى البيت قال فى هامش " سبحانه " ،وهذا لا يستقيم بحال مع المعنى ،وقد يكون جبران كتبه بخط غير جيد فاختلط عليه الأمر وهذا يبين أن ليس كل روايه لبيت من الشعر أو قصيدة يقبل ما دام يخالف المعنى و لا يقبله العقل .
كذلك فعل فى بيتين عنونهما كعادته الذميمة بعنوان" قل لإخوان"وهذين البيتين هما من آخر ما حقق الباحث من شعر جبران" وكان اسم الباحث المعتمد عليه وهو "ميشال جبور الخورى" يمنعن الباحث من الشك من نسبتهما لصاحبنا ،ولكنه قرأهما أكثر من مرة ولم يجد روح جبران فيهما فقرر أن يبحث عنهما مرة ومرة ومرة حتى تبين له أنهما ليسا لجبران وإنما نسبت للإمام "الغزالى" كما قال "الزبيدى" فى شرح "الإحياء"،وقيل ل "على بن خليل المسفر السبتى" كما اورد الزركلى فى الأعلام وسبقه ابن عربي في "محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار"
ثم ختم الباحث حديثه مع القوال بقوله "كان على "القوال"أن يجمع الروايات المختلفة لشعر صاحبنا من ثنايا "الأعمال الكاملة"التى جمعها "نعيمة"أو يرجع إلى كتاب صاحبنا "دمعة وابتسامة"ثم يقارن تلك النصوص مع ما كتبه "جبران" فى الصحف خاصة جريدة الفنون"،وهو ما لم يفعله جامع الديوان رغم سهولة تحقيق ذلك،خاصة أنه من نفس موطن صاحبنا !
ولم تكن هذه أواخر الطوام التى وقع عليها سمع وبصر الباحث أثناء محاولته الإلمام بشعر "جبران ، فجريدة الأهرام في باب قرائها تسند قصيدة لمطران بعنوان مسرحية لجبران.
والطريف،كذلك،وما أكثر الطرائف في مصر!! ،أن دارا للنشر ! قاهرية مصرية تسمي نفسها " الأندلس " بعدت عليها الشقة ، ولجأت إلى المواقع الالكترونية ، ونشرت مختارات من قصائده تلك على أنها نصوص لصاحبنا وهي أيضا في مجموعها قصائد لمطران مزيلة ببعض أعمال "جبران" الموجودة في كتابه "البدائع والطرائف ".
ولم تكن هذه الخطوة هي الأخيرة فلقد همت دار أخرى تسمى " الحرية " بنشر أعمال "جبران" وهم مشكورون لا شك على ذلك ، بنشر أعمال "جبران" الشعرية ، ولكن ما إن فتحت هذا الديوان حتى اكتشفت أن كل قصائده هي قصائد مطران لكنهم اعتمدوا كذلك على "الويب سيد" في جمع قصائد هذا الديوان .
كذلك فعلت دار"فاروس"المصرية ،وبمقارنة بسيطة بين ديوان "مطران" دار الجيل وبين "دار فاروس" المصرية نجد أن القصائد الموجودة بداخله منقولة من ديوان "مطران"،فضلا عن ذكر بعض القصائد الموجود فى ديوان مطران ولم تفهرس سهوا من المحقق
والمهم فى بحثنا أن نبين أن أعمال جبران الشعرية طبعة دار "فاروس" مأخوذة من ديوان "خليل مطران" طبعة دار الجيل ،أو قل منصفا أن جامع الديوان قد اعتمد على الموسوعة العالمية للشعر ونقل ما نقل على أنه شعر صاحبنا ووقع فى هذا الإثم الصراح .
وقصائد طبعة فاروس تبدأ ب "قبس بدا من جانب الصحراء"أما الأخرى "لبيكم يا رفقة النادى"
هذا هو الإثم الأول....
أما الثانى فقد ارتكبته "دار صفا "حيث قامت هى أيضا بنشر ديوان جبران ووسمته بالأعمال الكاملة !! ،وقد بدأت الديوان بقصيدة "يا علم الشرق الرفيع الذرى" " وانتهت بقصيدة " عد لابسا ثوب الخلود وعلم"تحت عنوان تمثال "شيخ إبراهيم اليازجى"
والطريف أن هذا الديوان به قصيدة رثاء طويلة كتبها مطران وأنشدت فى حفل وطنى جامع ببيروت لنقل جثمان المتفنن الكبير "جبران خليل جبران":إلى الضريح القومى الذى شيد له فى بشرى مسقط رأسه "وهى تبدأ ب "ألجديدان حرب كل جديد "
أما خاتمة الأثافى فهو موقع أدب "الموسوعة العالمية للشعر" والذى اعتمدته "الموسوعة الشاملة"!، لم يسلم هذا الموقع ،كذلك ، من العبث بتراث صاحبنا،فنسب إليه 1148 قصيدة فقط ليست له !،وإنما جلها ل "خليل مطران" شاعرالقطرين ،وربما كان سبب الوقوع فى الخطأ هو تقارب اسمى الشاعرين !
ويكمن خطر خطيئة هذا الموقع أنه مرجع بالنسبة لكثير من دارسى الشعر العربى وذائقيه ،ولعل الأستاذ الجامعى الذى لا يشك فى سعة علمه وثقافته،قد ركن إلى هذا الموقع فأورد ما أورد . وأظن ظنا أن دور النشر التى جمعت ما يسمى "الأعمال الشعرية " لجبران" قد ركنت هى أيضا لما هو مبثوث فى هذا الموقع بل إن هناك مواقع كثيرة نقلت هذا الإثم الصراح خدمة للشعر والثقافة العربيين .
ولم يكن موقع "أدب"هو الجانى الوحيد على "مطران" وعلى صاحبنا كذلك ،بل كذلك القراء المبجلون فلو تتبعنا نسبة القراءة للقصائد لوجدنا القصائد المنسوبة لصاحبنا تربو على نسبة كبيرة قد تتخطى الخمسين ألف قارىء،أما قصائد "مطران"،وهى له، لا تربو فى كثير منها على خمسة آلاف قارىء
ويرجع خطر نسبة هذه الأبيات والقصائد لصاحبنا إلى أن الدراسات التى تعتمد الإحصاء مثل "الأسلوبية" و "البنيوية"يؤثر البيت بل الشطرة،بل اللفظة فى نتائجها بدون أدنى مبالغة ،وهذا يجعلنى أقرر دون مواربة فى الحكم بأن كل الإحصاءات التى قامت على شعر "جبران" العروضى كلها قد طاش بها ميزاننا بعد تحقيقى لشعر صاحبنا ،وهنا تكمن النقمة على مثل هذه الأعمال رغم الجهد الكبير المبذول فيها،وتبين بما لا يدع مجالا للشك مدى العبث الذى يحيط بثقافتنا العربية ،وتجعلنا نتساءل هل لنا أن نثق ثقة عمياء فى مثل هذه الأعمال كما يفعل الكثير.
ثم انتهى الباحث بوضع جدول للنصوص الصحيحة ،من وجهة نظره،والمعتمد عليها ، ثم ختم كلامه بقوله "لما اكتشفت كل هذه الأوهام وأحسست أني أول من استخرج ركازها وكنت أدعو الله أن يتم نعماءه ويخرج هذا العمل للنور.
وقد يظن الظان أن هذا الأمر كان سهلا ، يسهل استخراج ركازه من المرة الأولى بسهولة !، ولكن فى الحقيقة إن الطريق كان شاقا وعرا ، متشعثا لدرجة الحيرة المضنية ، فقد كان تحقيق بيت يحتاج فترة طويلة، ورغم تحقيقي ، الذي أظن أنه سيغير كثيرا من الانطباعات عن شعر صاحبنا ، والإحصاءات كذلك، إلا إني أتحفظ على بعض المقطوعات وأظن أنها ليست له ، لكن ليس لدي سند يؤكد كلامي سوى تذوقي لشعر صاحبنا ، وإني لأخفي من هذه الشكوك أضعاف ما أبدي" !!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.