لا مبرر لذلك.. شعبة المواد الغذائية تحذر من التلاعب بالأسواق بعد تحريك الوقود    وزير الاستثمار: مصر على أعتاب طفرة اقتصادية كبرى    برعاية الاتصالات .. Cairo ICT يطلق نسخته ال29 في نوفمبر المقبل بحضور قادة التكنولوجيا في العالم    الرئيس السيسي يصل إلى بروكسل في مستهل زيارته لمملكة بلجيكا    اللجنة الأولمبية تُحيل عمر عصر ومحمود أشرف إلى لجنة القيم    بسبب الديون.. شاب ينهي حياته من أعلى جبل المقطم    التضامن: فتح باب التقديم لحج الجمعيات الأهلية لموسم 1447ه- 2026م.. غدا    إصابة 10 أشخاص إثر انقلاب ميكروباص بصحراوي المنيا    الحكومة: تنظيم مهرجان شتوى فى تلال الفسطاط على غرار فعاليات العلمين    هل الاحتفال بمولد سيدنا الحسين بدعة؟.. أمين الفتوى يجيب    وزير الصحة: إدخال تقنيات المستشفيات الذكية والجراحة الروبوتية ضمن المنظومة    عضو الجمعية المصرية للحساسية: ضعف المناعة والتدخين أبرز محفزات ارتكاريا البرد    ارتفاع بدرجات الحرارة اليوم وفرص أمطار والعظمى بالقاهرة 31 والصغرى 20    قادما من كفر الشيخ.. اصطدام قطار برصيف 3 في محطة مصر    مواصلة جهود الأجهزة الأمنية في مكافحة جرائم السرقات وضبط مرتكبيها    تعرف على برنامج زيارة الرئيس السيسي إلى بلجيكا    أيمن محسب: المتحف المصري الكبير رمزا لنهضة وطنية شاملة قادها الرئيس السيسى    وزير الدفاع يستقبل اللواء محمود توفيق ووفد من قيادات الشرطة لتقديم التهنئة بمناسبة انتصارات أكتوبر    ترافقه لعنة أموال القذافى ..الرئيس الفرنسي السابق "ساركوزى" يصل السجن لتنفيذ حكم حبسه 5 سنوات    أمير قطر: آن الأوان لإنهاء الاحتلال الإسرائيلى وما جرى فى غزة إبادة جماعية    وزير الصحة يستقبل سفير فرنسا بمصر للإتفاق على تنفيذ خطة لتقديم المساعدات الإنسانية لقطاع غزة    تنس طاولة - محمود أشرف: أعتذر عما حدث مع عمر عصر.. ومستعد للمثول للتحقيق    وزير الثقافة يتابع استعدادات إنعقاد معرض القاهرة الدولي للكتاب    انخفاض ملحوظ في أسعار الأسماك بأسواق الإسكندرية.. البلطي ب70 جنيها    الخميس.. محمد ثروت ومروة ناجى بقيادة علاء عبد السلام على مسرح النافورة    برا وبحرا وجوا.. جيش الاحتلال يواصل انتهاكاته لاتفاق غزة    نقيب المحامين يترأس اليوم جلسة حلف اليمين للأعضاء الجدد    الزراعة تبحث مع بعثة الايفاد دعم جهود التنمية الزراعية المستدامة في صعيد مصر    اليوم، ختام تعديل رغبات الانضمام لعضوية اللجان النوعية بمجلس الشيوخ    تامر أمين عن سرقة مجوهرات نابليون من اللوفر: اللي يشوف بلاوي غيره يحمد ربنا على نعمة مصر    مخاطر تقديم الكافيين للأطفال الأقل من 12 عاما    أمريكا وأستراليا توقعان إطارا للمعادن الحيوية والعناصر الأرضية النادرة    تصريحات ذكرتنا بالحقائق    «التضامن» تقر توفيق أوضاع جمعيتين في محافظتي القاهرة وكفر الشيخ    أمينة خليل: أنا وسط البنات اللي في جيلي تأخرت شوية في الجواز    الخارجية الروسية: لم يتم الاتفاق على عقد لقاء بين لافروف وروبيو    نيويورك تايمز: إدارة ترامب تضغط على نتنياهو لعدم تقويض الاتفاق مع حماس    جامعة قنا تطلق مشروع التطوير الشامل للمدن الجامعية    "تأهيل وتوعية الطلاب بدور المشروعات المتوسطة والصغيرة فى تعزيز الاقتصاد".. ندوة ب"طب بيطري بنها"    وليد عبداللطيف: الأهواء الشخصية تسيطر على اختيارات مدربي المنتخبات الوطنية    ناهد السباعي: «السادة الأفاضل» ليس فيلم ممثل واحد.. ولم أشعر بصغر مساحة الدور    مع اقتراب دخول الشتاء.. أبراج تبحث عن الدفء العاطفي وأخرى تجد راحتها في العزلة    مصطفى هريدي: لا أرفض العمل ولكن لا أحد يطلبني.. وأعيش من التجارة حاليًا    ياسين منصور: لا ديكتاتورية في الأهلي.. وهذه تفاصيل جلستي مع الخطيب    ما حكم الاحتفال بالموالد مثل مولد سيدنا الحسين والسيدة زينب؟ وما حكم أفعال بعض الناس خلال الموالد من الذبح والنذور وغيرها من الطقوس ومظاهر الاحتفال؟ وما حكم تشبيه بعض الأفعال الخاصة فى الاحتفالية بمناسك الحج؟    المشرف على رواق الأزهر عن جدل مولد السيد البدوي: يجب الترحم عليهم لا الرقص عند قبورهم    ميدو: كنا نسبق الكرة المغربية.. والعدل في الدوري سبب التفوق    إصابة 13 شخصا إثر انقلاب ميكروباص فى العياط    بسبب 200 جنيه.. مقتل فكهاني طعنا على يد سباك في الوراق    بالصور.. بدء التسجيل في الجمعية العمومية لنادي الزمالك    وزير الصحة يتابع نتائج زيارته إلى الصين لتعزيز التعاون في الصناعات الدوائية والتحول الرقمي    أسعار الذهب في مصر اليوم الثلاثاء 21 أكتوبر 2025    بيان عاجل لوزارة العمل حول زيادة الحد الأدنى للأجور    متحدث «الشباب والرياضة» يكشف أزمة الإسماعيلي بالتفاصيل    موعد مباراة برشلونة وأولمبياكوس بدوري أبطال أوروبا.. والقنوات الناقلة    هل يجوز للزوجة التصدق من مال زوجها؟.. دار الإفتاء تحسم الأمر    اتحاد "شباب يدير شباب" (YLY) ينظم جلسة تدريبية حول مهارات التواصل الفعّال ضمن برنامج "تماسك"    مواقيت الصلاة في أسيوط اليوم الثلاثاء 21102025    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



موسى: حرب أكتوبر علمية قبل أن تكون عسكرية..ومصر غيرت مفهوم الاستراتيجية الحربية

41 عاما مضت على ذكرى أعظم الانتصارات العسكرية في التاريخ، ذكرى انتصار السادس من أكتوبر 1973، والذي سجله المقاتل المصري بدمائه الذكية التي روت رمال سيناء.
ولإلقاء الضوء على هذه الانتصارات العظيمة التي حققتها العسكرية المصرية، وكيف تم الإعداد والتخطيط لها، وحتى نقف على الدروس المستفادة من هذه المعركة التي غيرت الإستراتيجية العسكرية العالمية.. كان لبوابة أخبار اليوم هذا الحوار مع اللواء أ.ح متقاعد د.طلعت موسى، المستشار بأكاديمية ناصر العسكرية العليا، والذي تخرج عام 1964، في الكلية الحربية وشارك في حرب 1967، وحرب الاستنزاف ومعركة أكتوبر 1973.. وإلى نص الحوار:
- كيف تم الإعداد والتخطيط لحرب أكتوبر ؟
أثناء عملية التخطيط والتحضير للمعركة تم تحديد أهم المشكلات التي يمكن أن تواجه القوات والأساليب العلمية لكيفية التغلب عليها، ولقد كان أهم تلك المشكلات النقط القوية والمواقع الحصينة، وأسلوب التغلب عليها واقتحامها، والساتر الترابي وكيف يتم تجاوزه وخزانات النابالم التي ستحول القناة إلى نيران مشتعلة، احتياطيات العدو القريبة والتي تقوم بنجدة النقط القوية خلال الساعات الأولى من العبور.
ويمكننا القول أن حرب أكتوبر كانت حرب علمية قبل أن تكون عسكرية ، فقد استخدمت القيادة العامة للقوات المسلحة وقتها كل الأساليب العلمية في التجهيز والتخطيط للحرب وحتى وقت التنفيذ نفسه واليوم والساعة والشهر، كل ذلك تم بناءا على أسس علمية دقيقة.
- متى علمت بتوقيت بدء الحرب؟
قال: "كنت وقتها رئيسا لعمليات أحد الكتائب، وطبقا لبرنامج التدريب اليومي كانت الكتيبة مصطفة في الطابور الصباحي لإجراء طابور اللياقة البدنية، وإذا بقائد الكتيبة يطلب منى جمع ضباط الكتيبة لعقد مؤتمر مع قائد الفرقة وفى تمام الساعة التاسعة حضر قائد الفرقة، وقال لنا: مبروك يا رجالة، الساعة التي نتمناها منذ سنوات قد جاءت سنحارب اليوم، وسنحرر سيناء".
وأضاف: "قال القائد، أضبطوا ساعتكم على ساعة جامعة القاهرة الساعة 12 ظهرا ستعبر الطائرات من فوقكم الثانية إلا خمس دقائق وسيعقبها التمهيد النيراني بالمدفعية لمدة 53 دقيقة حيث سنبدأ موجات العبور ونتقابل جميعا في سيناء بإذن الله وانصرف مسرعا إلى كتيبة أخرى ليقول لضباطها نفس الأوامر والتعليمات".
وتابع: "في الساعة الثانية إلا خمسة دقائق بعد الظهر بدأ الهجوم بانطلاق الطائرات في عنان السماء إلى سيناء لتنفيذ الضربة الجوية على الأهداف المخصصة لها من 3 مطارات وقواعد جوية، 10 مواقع صواريخ هوك، 3 مراكز قيادة وسيطرة وإعاقة إلكترونية، 2 موقع مدفعية بعيدة المدى، 3 مناطق شئون إدارية، عدد من محطات الرادار، جميع حصون العدو شرق بور فؤاد".
- وماذا عن المدفعية؟
قال: "في نفس اللحظة سقطت نيران أكثر من 2000 مدفع على طول جبهة القناة في أكبر تمهيد نيراني لعملية هجومية يشهدها التاريخ لمدة 53 دقيقة ، ثم بدأت في الساعة الثانية والثلث موجات العبور للقوات، ليتم الإعلان عن سقوط أول نقطة قوية للعدو ورفع العلم المصري عليها وبدأت قوات المهندسين في نفس اللحظة بدء أعمال فتح الثغرات والممرات في الساتر الترابي وإنشاء الكباري لعبور الدبابات والانتهاء منها قبل آخر ضوء".
- وماذا عن نقل الجنود إلى الضفة الشرقية للقناة؟
أجاب: "في أقل من 6 ساعات استطاعت فرق النسق الأول اقتحام قناة السويس على مواجهة 170 كم ، لقد كان ذلك رائعا لا يمكن أن ينسى، ولقد سجله التاريخ بكل فخر للعسكرية المصرية وللجندي المصري، الذي شهد بكفاءته العدو قبل الصديق".
- هل كانت ستنتهي الأسطورة العسكرية الإسرائيلية في الحرب لولا مساعدة أمريكا لها؟
قال: "القوات المصرية توقفت على الخط الذي استولت عليه حتى يوم 10 أكتوبر نظرا للخسائر الكبيرة التي تكبدتها إسرائيل في بداية المعركة، فقد اتصلت "جولدا مائير" رئيس وزراء إسرائيل بالرئيس الأمريكي يوم 8 أكتوبر، وهى تصرخ أنقذوا إسرائيل، وبدأ الإمداد الأمريكي بالدبابات والمعدات التي تم تدميرها عن طريق الجسر الجوى من أمريكا إلى مطار العريش إلى ميدان المعركة مباشرة".
وتابع: "تم أسر عدد من دبابات العدو يشير عداد المسافة بها إلى أنها قطعت 150 كم فقط، وهى المسافة من مطار العريش إلى ميدان المعركة، ولذلك فقد كان من الضروري لنا وقفة تعبوية لمدة أربعة أيام لأكثر من سبب أولا لضمان الثبات وتعزيز رءوس الكباري عن طريق استكمال أعمال التجهيز الهندسي لتوفير الوقاية للقوات".
وأكمل: "ثانيا إتاحة الفرصة لانتقال عناصر ووحدات الدفاع الجوى إلى شرق القناة وإجراء التجهيز الهندسي الملائم لها لتوفير الحماية لقواتنا أثناء القتال، ثالثا ضمان تحقيق الاتزان الإستراتيجي في المسرح بفضل وجود الأنساق الثانية للجيوش الميدانية واحتياطات القيادة العامة غرب القناة، رابعا إعادة تنظيم وتجميع القوات في رءوس الكباري".
- حدثنا عن دور الصاعقة المصرية؟
أسرد: "استطاعت الصاعقة المصرية الاستيلاء على المصاطب التي أعدها العدو لدباباته، ثم اندفعت جماعات منهم إلى الشرق لإقامة الكمائن لاقتناص دبابات العدو التي تحاول الاقتراب من الساتر الترابي وفى عمق سيناء، وخاضوا قتالا مستميتا على الطرق والمضايق ضد مدرعات العدو التي حاولت الاقتراب لإجهاض عملية العبور".
وأضاف: "واجهوا دبابات العدو بأسلحتهم الخفيفة المضادة للدبابات، وألقوا بأنفسهم في طريق تقدم العدو وعلى ظهورهم الألغام المضادة للدبابات كي تنفجر فوق أجسادهم مدرعات العدو في شجاعة منقطعة النظير، وبعد عدة دقائق من بدء العبور، وضع أكثر من ثمانية آلاف مقاتل مصري أقدامهم على الضفة الشرقية واقتحموا النقط بالمواجهة ودمروا تحصيناتها، وتم صد وتدمير هجمات العدو المضادة".
وتابع: "قبل آخر ضوء ذلك اليوم عبرت عشرات من طائرات الهليكوبتر المصرية تحمل قوات الصاعقة صوب أهدافها المخصصة لها على طول المواجهة لأعماق تصل 30 40 كم بدأت تنفيذ مهامها المحددة لتعطيل احتياطات العدو التعبوية من الوصول لأرض المعركة، وقبل بزوغ نهار اليوم التالي كانت قواتنا قد عززت مواقعها شرق القناة بأعداد كبيرة من المدرعات والمدفعية والأسلحة الثقيلة، ونجحت قواتنا خلال السابع من أكتوبر في تعميق رءوس الكباري حتى 8 كم شرقا، وتم تحرير مدينة القنطرة شرق".
- نريد أن نعرف أكثر عن عملية تطوير الهجوم في ال 14 من شهر أكتوبر ؟
كشف: "تم تطوير الهجوم يوم 14 أكتوبر ظهر من خلال سير أعمال القتال في المرحلة الأولى للعملية الهجومية الإستراتيجية وأن العدو يركز جهوده الرئيسية لإيقاف هجوم القوات السورية لما له من خطر كبير على العمق الإسرائيلي بصورة مباشرة، لذا فقد دفعت إسرائيل بالجزء الأكبر من احتياطها تجاه الجبهة السورية، ولإحباط مخطط العدو قررت القيادة المصرية إجبار العدو على نقل جهوده صوب سيناء لتخفيف الضغط على سوريا، ولإجبار العدو على المناورة، لذا تقرر التعجيل بقيام القوات المصرية بالضغط شرقا على العدو في سيناء".
وأكد: "تلخصت فكرة عملية التطوير يوم 14 أكتوبر في دفع القوات على المحاور الرئيسية الأربعة في سيناء، وتعرضت خلال تقدمها إلى ستائر الصواريخ المضادة للدبابات التي وصلت حديثا من الولايات المتحدة الأمريكية، لكن قواتنا تمكنت من التوغل لمسافة 12- 15 كم وأوقعت بالعدو خسائر كبيرة واحتلت بعض مواقعه".
- ذكرت في تصريح سابق أن مصر تعيش حالة حرب.. فما هو الفرق بين حرب أكتوبر وبين الحالة التي نعيشها الآن ؟
كنت أقصد أن مصر في حالة حرب على الإرهاب، وهى أكثر شراسة وضراوة من حرب أكتوبر 1973، لأن العدو في عام73 كان واضح ومعروف،وكنا نعلم أساليبه وعدده، و كان الجيش والشرطة والشعب حينها منضوون تحت لواء لا صوت يعلو فوق صوت المعركة، ولذلك نجحنا في فترة قصيرة تحقيق النصر على العدو في سيناء ، لكن الإرهاب ليس له وطن أو مكان أو زمان، وقد استشرى هؤلاء الإرهابيون في جسد الشعب المصري،وما تقوم به القوات المسلحة الآن هي حرب ضروس، خاصة أن القضاء على الإرهاب يأخذ وقتا، كما أنه لا يوجد دولة في العالم تستطيع القضاء على الإرهاب بنسبة 100% بما في ذلك الولايات المتحدة الأمريكية.
- كلمة أخيرة، ماذا تحب أن تقول عن الحرب؟
اختتم: " علينا أن نعتز بما حققناه من نتائج في حرب أكتوبر على المستوى المحلى والإقليمي والعالمي، فلقد كانت سببا في إيجاد موقف عربي موحد لم يشهده العالم من قبل، وعززت الوحدة الوطنية المصرية إلى درجة كبيرة، وأعادت للشعب ثقته بالقوات المسلحة، كما قضت على أسطورة جيش إسرائيل الذي لا يقهر، وغيرت الإستراتيجية العسكرية في العالم كله حتى باتت القيادة العسكرية في الدول الكبرى، تعكف على دراسة وتحليل حرب أكتوبر، كما أنها حركت أزمة الشرق الأوسط بدرجة لم تحدث من قبل ذلك".
41 عاما مضت على ذكرى أعظم الانتصارات العسكرية في التاريخ، ذكرى انتصار السادس من أكتوبر 1973، والذي سجله المقاتل المصري بدمائه الذكية التي روت رمال سيناء.
ولإلقاء الضوء على هذه الانتصارات العظيمة التي حققتها العسكرية المصرية، وكيف تم الإعداد والتخطيط لها، وحتى نقف على الدروس المستفادة من هذه المعركة التي غيرت الإستراتيجية العسكرية العالمية.. كان لبوابة أخبار اليوم هذا الحوار مع اللواء أ.ح متقاعد د.طلعت موسى، المستشار بأكاديمية ناصر العسكرية العليا، والذي تخرج عام 1964، في الكلية الحربية وشارك في حرب 1967، وحرب الاستنزاف ومعركة أكتوبر 1973.. وإلى نص الحوار:
- كيف تم الإعداد والتخطيط لحرب أكتوبر ؟
أثناء عملية التخطيط والتحضير للمعركة تم تحديد أهم المشكلات التي يمكن أن تواجه القوات والأساليب العلمية لكيفية التغلب عليها، ولقد كان أهم تلك المشكلات النقط القوية والمواقع الحصينة، وأسلوب التغلب عليها واقتحامها، والساتر الترابي وكيف يتم تجاوزه وخزانات النابالم التي ستحول القناة إلى نيران مشتعلة، احتياطيات العدو القريبة والتي تقوم بنجدة النقط القوية خلال الساعات الأولى من العبور.
ويمكننا القول أن حرب أكتوبر كانت حرب علمية قبل أن تكون عسكرية ، فقد استخدمت القيادة العامة للقوات المسلحة وقتها كل الأساليب العلمية في التجهيز والتخطيط للحرب وحتى وقت التنفيذ نفسه واليوم والساعة والشهر، كل ذلك تم بناءا على أسس علمية دقيقة.
- متى علمت بتوقيت بدء الحرب؟
قال: "كنت وقتها رئيسا لعمليات أحد الكتائب، وطبقا لبرنامج التدريب اليومي كانت الكتيبة مصطفة في الطابور الصباحي لإجراء طابور اللياقة البدنية، وإذا بقائد الكتيبة يطلب منى جمع ضباط الكتيبة لعقد مؤتمر مع قائد الفرقة وفى تمام الساعة التاسعة حضر قائد الفرقة، وقال لنا: مبروك يا رجالة، الساعة التي نتمناها منذ سنوات قد جاءت سنحارب اليوم، وسنحرر سيناء".
وأضاف: "قال القائد، أضبطوا ساعتكم على ساعة جامعة القاهرة الساعة 12 ظهرا ستعبر الطائرات من فوقكم الثانية إلا خمس دقائق وسيعقبها التمهيد النيراني بالمدفعية لمدة 53 دقيقة حيث سنبدأ موجات العبور ونتقابل جميعا في سيناء بإذن الله وانصرف مسرعا إلى كتيبة أخرى ليقول لضباطها نفس الأوامر والتعليمات".
وتابع: "في الساعة الثانية إلا خمسة دقائق بعد الظهر بدأ الهجوم بانطلاق الطائرات في عنان السماء إلى سيناء لتنفيذ الضربة الجوية على الأهداف المخصصة لها من 3 مطارات وقواعد جوية، 10 مواقع صواريخ هوك، 3 مراكز قيادة وسيطرة وإعاقة إلكترونية، 2 موقع مدفعية بعيدة المدى، 3 مناطق شئون إدارية، عدد من محطات الرادار، جميع حصون العدو شرق بور فؤاد".
- وماذا عن المدفعية؟
قال: "في نفس اللحظة سقطت نيران أكثر من 2000 مدفع على طول جبهة القناة في أكبر تمهيد نيراني لعملية هجومية يشهدها التاريخ لمدة 53 دقيقة ، ثم بدأت في الساعة الثانية والثلث موجات العبور للقوات، ليتم الإعلان عن سقوط أول نقطة قوية للعدو ورفع العلم المصري عليها وبدأت قوات المهندسين في نفس اللحظة بدء أعمال فتح الثغرات والممرات في الساتر الترابي وإنشاء الكباري لعبور الدبابات والانتهاء منها قبل آخر ضوء".
- وماذا عن نقل الجنود إلى الضفة الشرقية للقناة؟
أجاب: "في أقل من 6 ساعات استطاعت فرق النسق الأول اقتحام قناة السويس على مواجهة 170 كم ، لقد كان ذلك رائعا لا يمكن أن ينسى، ولقد سجله التاريخ بكل فخر للعسكرية المصرية وللجندي المصري، الذي شهد بكفاءته العدو قبل الصديق".
- هل كانت ستنتهي الأسطورة العسكرية الإسرائيلية في الحرب لولا مساعدة أمريكا لها؟
قال: "القوات المصرية توقفت على الخط الذي استولت عليه حتى يوم 10 أكتوبر نظرا للخسائر الكبيرة التي تكبدتها إسرائيل في بداية المعركة، فقد اتصلت "جولدا مائير" رئيس وزراء إسرائيل بالرئيس الأمريكي يوم 8 أكتوبر، وهى تصرخ أنقذوا إسرائيل، وبدأ الإمداد الأمريكي بالدبابات والمعدات التي تم تدميرها عن طريق الجسر الجوى من أمريكا إلى مطار العريش إلى ميدان المعركة مباشرة".
وتابع: "تم أسر عدد من دبابات العدو يشير عداد المسافة بها إلى أنها قطعت 150 كم فقط، وهى المسافة من مطار العريش إلى ميدان المعركة، ولذلك فقد كان من الضروري لنا وقفة تعبوية لمدة أربعة أيام لأكثر من سبب أولا لضمان الثبات وتعزيز رءوس الكباري عن طريق استكمال أعمال التجهيز الهندسي لتوفير الوقاية للقوات".
وأكمل: "ثانيا إتاحة الفرصة لانتقال عناصر ووحدات الدفاع الجوى إلى شرق القناة وإجراء التجهيز الهندسي الملائم لها لتوفير الحماية لقواتنا أثناء القتال، ثالثا ضمان تحقيق الاتزان الإستراتيجي في المسرح بفضل وجود الأنساق الثانية للجيوش الميدانية واحتياطات القيادة العامة غرب القناة، رابعا إعادة تنظيم وتجميع القوات في رءوس الكباري".
- حدثنا عن دور الصاعقة المصرية؟
أسرد: "استطاعت الصاعقة المصرية الاستيلاء على المصاطب التي أعدها العدو لدباباته، ثم اندفعت جماعات منهم إلى الشرق لإقامة الكمائن لاقتناص دبابات العدو التي تحاول الاقتراب من الساتر الترابي وفى عمق سيناء، وخاضوا قتالا مستميتا على الطرق والمضايق ضد مدرعات العدو التي حاولت الاقتراب لإجهاض عملية العبور".
وأضاف: "واجهوا دبابات العدو بأسلحتهم الخفيفة المضادة للدبابات، وألقوا بأنفسهم في طريق تقدم العدو وعلى ظهورهم الألغام المضادة للدبابات كي تنفجر فوق أجسادهم مدرعات العدو في شجاعة منقطعة النظير، وبعد عدة دقائق من بدء العبور، وضع أكثر من ثمانية آلاف مقاتل مصري أقدامهم على الضفة الشرقية واقتحموا النقط بالمواجهة ودمروا تحصيناتها، وتم صد وتدمير هجمات العدو المضادة".
وتابع: "قبل آخر ضوء ذلك اليوم عبرت عشرات من طائرات الهليكوبتر المصرية تحمل قوات الصاعقة صوب أهدافها المخصصة لها على طول المواجهة لأعماق تصل 30 40 كم بدأت تنفيذ مهامها المحددة لتعطيل احتياطات العدو التعبوية من الوصول لأرض المعركة، وقبل بزوغ نهار اليوم التالي كانت قواتنا قد عززت مواقعها شرق القناة بأعداد كبيرة من المدرعات والمدفعية والأسلحة الثقيلة، ونجحت قواتنا خلال السابع من أكتوبر في تعميق رءوس الكباري حتى 8 كم شرقا، وتم تحرير مدينة القنطرة شرق".
- نريد أن نعرف أكثر عن عملية تطوير الهجوم في ال 14 من شهر أكتوبر ؟
كشف: "تم تطوير الهجوم يوم 14 أكتوبر ظهر من خلال سير أعمال القتال في المرحلة الأولى للعملية الهجومية الإستراتيجية وأن العدو يركز جهوده الرئيسية لإيقاف هجوم القوات السورية لما له من خطر كبير على العمق الإسرائيلي بصورة مباشرة، لذا فقد دفعت إسرائيل بالجزء الأكبر من احتياطها تجاه الجبهة السورية، ولإحباط مخطط العدو قررت القيادة المصرية إجبار العدو على نقل جهوده صوب سيناء لتخفيف الضغط على سوريا، ولإجبار العدو على المناورة، لذا تقرر التعجيل بقيام القوات المصرية بالضغط شرقا على العدو في سيناء".
وأكد: "تلخصت فكرة عملية التطوير يوم 14 أكتوبر في دفع القوات على المحاور الرئيسية الأربعة في سيناء، وتعرضت خلال تقدمها إلى ستائر الصواريخ المضادة للدبابات التي وصلت حديثا من الولايات المتحدة الأمريكية، لكن قواتنا تمكنت من التوغل لمسافة 12- 15 كم وأوقعت بالعدو خسائر كبيرة واحتلت بعض مواقعه".
- ذكرت في تصريح سابق أن مصر تعيش حالة حرب.. فما هو الفرق بين حرب أكتوبر وبين الحالة التي نعيشها الآن ؟
كنت أقصد أن مصر في حالة حرب على الإرهاب، وهى أكثر شراسة وضراوة من حرب أكتوبر 1973، لأن العدو في عام73 كان واضح ومعروف،وكنا نعلم أساليبه وعدده، و كان الجيش والشرطة والشعب حينها منضوون تحت لواء لا صوت يعلو فوق صوت المعركة، ولذلك نجحنا في فترة قصيرة تحقيق النصر على العدو في سيناء ، لكن الإرهاب ليس له وطن أو مكان أو زمان، وقد استشرى هؤلاء الإرهابيون في جسد الشعب المصري،وما تقوم به القوات المسلحة الآن هي حرب ضروس، خاصة أن القضاء على الإرهاب يأخذ وقتا، كما أنه لا يوجد دولة في العالم تستطيع القضاء على الإرهاب بنسبة 100% بما في ذلك الولايات المتحدة الأمريكية.
- كلمة أخيرة، ماذا تحب أن تقول عن الحرب؟
اختتم: " علينا أن نعتز بما حققناه من نتائج في حرب أكتوبر على المستوى المحلى والإقليمي والعالمي، فلقد كانت سببا في إيجاد موقف عربي موحد لم يشهده العالم من قبل، وعززت الوحدة الوطنية المصرية إلى درجة كبيرة، وأعادت للشعب ثقته بالقوات المسلحة، كما قضت على أسطورة جيش إسرائيل الذي لا يقهر، وغيرت الإستراتيجية العسكرية في العالم كله حتى باتت القيادة العسكرية في الدول الكبرى، تعكف على دراسة وتحليل حرب أكتوبر، كما أنها حركت أزمة الشرق الأوسط بدرجة لم تحدث من قبل ذلك".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.