يحتفل المصريون والقوات المسلحة بحلول الذكرى ال41 لحرب السادس من أكتوبر المجيدة. ويفصح رجال القوات المسلحة عن بعض من أسرار وبطولات الحرب المجيدة بروايات مثيرة تكشف عظمة من خطط ونفذ وضحى وعبر من أجل رفعة وطنه ولا تزال ملحمة أكتوبر المجيدة تخفي في طياتها الكثير والمئات من البطولات التي لم يكشف عنها الستار بعد والتي تؤكد عظمة المقاتل المصري.. كان لنا اللقاء مع اللواء أ.ح متقاعد الدكتور طلعت موسى المستشار بأكاديمية ناصر العسكرية العليا والخبير العسكري. متى التحقت بالكلية الحربية.. وصف لنا ذكرياتك عن حرب أكتوبر ؟ تخرجت عام 1964، في الكلية الحربية وشاركت في حرب 1967 وحرب الاستنزاف ومعركة أكتوبر 1973، وفي أكتوبر 73 كنت رئيسا لعمليات كتيبة مشاه ميكانيكي وطبقا لبرنامج التدريب اليومي كانت الكتيبة مصطفة في الطابور الصباحي لإجراء طابور اللياقة البدنية، وإذا بقائد الكتيبة يطلب مني جمع ضباط الكتيبة لعقد مؤتمر مع قائد الفرقة، وفي تمام الساعة التاسعة حضر قائد الفرقة، وقال لنا:"مبروك يا رجالة، الساعة التي نتمناها منذ سنوات قد جاءت سنحارب اليوم، وسنحرر سيناء اضبطوا ساعتكم على ساعة جامعة القاهرة الساعة 12 ظهرا ستعبر الطائرات من فوقكم الثانية إلا خمس دقائق وسيعقبها التمهيد النيراني بالمدفعية لمدة 53 دقيقة حيث سنبدأ موجات العبور ونتقابل جميعا في سيناء بإذن الله وانصرف مسرعا". كيف بدأ هجوم للقوات بهدف عبور الضفة الشرقية للقناة ؟ في الساعة الثانية إلا خمسة دقائق بعد الظهر بدأ الهجوم بانطلاق 200 طائرة تجاه سيناء لتنفيذ الضربة الجوية على الأهداف المخصصة لها من 3 مطارات وقواعد جوية، وفي نفس اللحظة سقطت نيران أكثر من 2000 مدفع على طول جبهة القناة في أكبر تمهيد نيران لعملية هجومية يشهدها التاريخ لمدة 53 دقيقة بمعدل 175 طلقة في الثانية، ثم بدأت في الساعة الثانية والثلث موجات العبور للقوات، ليتم الإعلان عن سقوط أول نقطة قوية للعدو ورفع العلم المصري عليها. وبدأت قوات المهندسين في نفس اللحظة بدء أعمال فتح الثغرات والممرات في الساتر الترابي وإنشاء الكباري لعبور الدبابات والانتهاء منها قبل آخر ضوء، لافتا إلى انه كلف بمهاجمة مركز قيادة شارون في جبل القط، وفي أقل من 6 ساعات استطاعت فرق النسق الأول اقتحام قناة السويس على مواجهة 170 كم بقوة 80 ألف جندي . القوات توقفت على الخط الذي استولت عليه حتى يوم 10 أكتوبر نظرا للخسائر الكبيرة التي تكبدتها إسرائيل في بداية المعركة، فقد اتصلت جولدا مائير رئيس وزراء إسرائيل بالرئيس الأمريكي يوم 8 أكتوبر، وهي تصرخ أنقذوا إسرائيل، وبدأ الإمداد الأمريكي بالدبابات والمعدات التي تم تدميرها عن طريق الجسر الجوى من أمريكا إلى مطار العريش إلى ميدان المعركة مباشرة، حيث تم أسر عدد من دبابات العدو يشير عداد المسافة بها إلى أنها قطعت 150 كم فقط، وهي المسافة من مطار العريش إلى ميدان المعركة، ولذلك فقد كان من الضروري لنا وقفة تعبوية لمدة أربعة أيام لأكثر من سبب أو لا لضمان ثبات وتعزيز رءوس الكباري عن طريق استكمال أعمال التجهيز الهندسي لتوفير الوقاية للقوات. وإتاحة الفرصة لانتقال عناصر ووحدات الدفاع الجوي إلى شرق القناة وإجراء التجهيز الهندسي الملائم لها لتوفير الحماية لقواتنا أثناء القتال، ثالثا ضمان تحقيق الاتزان الإستراتيجي في المسرح بفضل وجود الأنساق الثانية للجيوش الميدانية واحتياطات القيادة العامة غرب القناة، رابعا إعادة تنظيم وتجميع القوات في رءوس الكباري. الصاعقة كان لها نصيب من تحقيق النصر على العدو..كيف؟ استطاعت الصاعقة المصرية الاستيلاء على المصاطب التي أعدها العدو لدباباته، ثم اندفعت جماعات منهم إلى الشرق لإقامة الكمائن لاقتناص دبابات العدو التي حاولت الاقتراب من الساتر الترابي وفى عمق سيناء، وخاضوا قتالا مستميتا على الطرق والمضايق ضد مدرعات العدو التي حاولت الاقتراب لإجهاض عملية العبور، حيث واجهوا دبابات العدو بأسلحتهم الخفيفة المضادة للدبابات، وألقوا بأنفسهم في طريق تقدم العدو وعلى ظهورهم الألغام المضادة للدبابات كي تنفجر فوق أجسادهم مدرعات العدو، وبعد عدة دقائق من العبور وضع أكثر من ثمانية آلاف مقاتل مصري أقدامهم على الضفة الشرقية واقتحموا النقط بالمواجهة ودمروا تحصيناتها، وتم صد وتدمير هجمات العدو المضادة. وقبل آخر ضوء ذلك اليوم عبرت عشرات من طائرات الهليكوبتر المصرية تحمل قوات الصاعقة صوب أهدافها المخصصة لها على طول المواجهة لأعماق تصل 30 40 كم بدأت تنفيذ مهامها المحددة لتعطيل احتياطات العدو التعبوية من الوصول لأرض المعركة، وقبل بزوغ نهار اليوم التالي كانت قواتنا قد عززت مواقعها شرق القناة بأعداد كبيرة من المدرعات والمدفعية والأسلحة الثقيلة، ونجحت في تعميق رءوس الكباري حتى 8 كم شرقا، وتم تحرير مدينة القنطرة شرق. هل تم تطوير عملية الهجوم يوم 14 أكتوبر.. وما الهدف منه ؟ بالفعل تم تطوير الهجوم يوم 14 أكتوبر من خلال سير أعمال القتال في المرحلة الأولى للعملية الهجومية الاستراتيجية، خاصة أن العدو كان يركز جهوده الرئيسية لإيقاف هجوم القوات السورية لما له من خطر كبير على العمق الإسرائيلي بصورة مباشرة، لذا فقد دفعت إسرائيل بالجزء الأكبر من احتياطها تجاه الجبهة السورية، ولإحباط مخطط العدو قررت القيادة المصرية إجبار العدو على نقل جهوده صوب سيناء لتخفيف الضغط على سوريا، ولإجبار العدو على المناورة، لذا تقرر التعجيل بقيام القوات المصرية بالضغط شرقا على العدو في سيناء وتلخصت فكرة عملية التطوير يوم 14 أكتوبر في دفع القوات على المحاور الرئيسية الأربعة في سيناء، وتعرضت خلال تقدمها إلى ستائر الصواريخ المضادة للدبابات التي وصلت حديثا من الولاياتالمتحدةالأمريكية، لكن قواتنا تمكنت من التوغل لمسافة 12- 15 كم وأوقعت بالعدو خسائر كبيرة واحتلت بعض مواقعه. ماذا تقول بعد أن تحقق النصر ؟ اعتز بما حققته نتائج حرب أكتوبر على المستوى المحلى والإقليمي والعالمي، فلقد كانت سببا في إيجاد موقف عربي موحد لم يشهده العالم من قبل، وعززت الوحدة الوطنية المصرية إلى درجة كبيرة، وأعادت للشعب ثقته بالقوات المسلحة، كما قضت على أسطورة جيش إسرائيل الذي لا يقهر، وغيرت الإستراتيجية العسكرية في العالم كله حتى باتت القيادة العسكرية في الدول الكبرى، تعكف على دراسة وتحليل حرب أكتوبر، كما أنها حركت أزمة الشرق الأوسط بدرجة لم تحدث من قبل ذلك.