أعلم جيدا أن من تربي وعاش في الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي وسط أهلنا الطيبين في احياء القاهرة الفاطمية، فقد عرف جيدا معني وقيمة المجتمع التراحمي التكافلي الذي يغطيه التسامح ويغلفه العفو في هذه الفترة، عشت في حي الدرب الاحمر قريبا من الجمالية، الحي الذي تربي فيه المشير عبد الفتاح السيسي رئيس جمهورية مصر العربية، وكلنا يعرف ان في هذه الأحياء وفي الأيام السابقة علي شهر رمضان، يبدأ شيوخ الحي وكبراؤه في اصلاح ذات البين بين المتخاصمين، وتسوية النزاعات بين المتصارعين، حتي اذا دخل رمضان، وفتحت ابواب الجنة وصفدت الشياطين عم الوئام أبناء الحي. لهذا أتمني علي رئيس الجمهورية المشير السيسي وهو يخطو أولي خطواته الي قصر الاتحادية ان يفتح صفحة الصفح الجميل بمناسبة شهر رمضان المعظم عن العديد من الشباب المسجونين الذين لم يتورطوا في أي جرائم جنائية ولم تتلوث أيديهم بالدماء، فمن قتل يقتل، ومن دمر او جرح او خرب، يسجن ويتبوأ مقعده من »البورش« لأنه لو تساوي من تظاهر سلميا، مع من استخدم الرصاص الحي والخرطوش والمولوتوف، سيكون ذلك هو الصفح الذي ليس بجميل، وهو : الصفح في غير محله كما يقول الفقهاء- فلا يصفح حيث اقتضي المقام العقوبة، كعقوبة المعتدين الظالمين، الذين لا ينفع فيهم إلا تطبيق الشرع الحنيف. لذلك اقترح علي الرئيس عبد الفتاح السيسي ان يطلق مبادرة رمضان، حيث يتبقي علي الشهر الفضيل ثلاثة اسابيع، ويدعو الجهات القضائية المختصة خلال هذه الاسابيع لدراسة الموقف القانوني للمسجونين، ويتم اطلاق سراح من تظاهر دون عنف ومن عبر عن رأيه دون تخريب، ومن عارض دون أذي. لا تتخيل سيادة الرئيس نهر الفرحة الذي ستدخله علي الالاف من الامهات اللائي ينتظرن ان يحتضن اولادهن مع دخول شهر رمضان المعظم وأن يتمتعن بنفحات الشهر الكريم في ظل أنفاس اولادهن وهي تعمر البيوت، ولا تتخيل جبال الاحتقان والكمد التي ستنسف بهذه المبادرة النبيلة التي ستشفي صدور الكثير من المهمومين الذين يعيشون في كدر لتغييب السجن لابنائهم. دفعني الي كتابة هذه السطور أمانة حملتني اياها سيدة فاضلة كانت تجلس في المقعد المجاور لي خلال رحلة العودة من الاسكندرية الي القاهرة، فقد لاحظت دموع السيدة تنهمر مدرارا حين اخرجت محفظتها لتقدم التذكرة لكمساري القطار، فقد راحت تقبل صورة لشاب كانت بالمحفظة وظلت تبكي بصوت مسموع، اقترب من النحيب، ورغم انني لم احاول ابدا في مثل هذه الرحلات ان ادخل في حوارات مع من يجلس بجواري وانشغل بقراءة صحيفة او كتاب، إلا انني انسانيا تعاطفت مع السيدة وسألتها عن سبب بكائها، فقالت ابني مسجون منذ عدة أشهر ورغم انه لم يعمل مطلقا بالسياسة كما انه ليس اخوانيا إلا أنه القي القبض عليه، فقد قاده حظه العثر الي التواجد بمدينة نصر وسط سير مظاهرة للاخوان، وقتها ألقي البوليس القبض عليه، وحين علمت السيدة انني صحفي حملتني تلك الامانة بأن ادعو السيد الرئيس لأن يصفح الصفح الجميل عن ابنائه من شباب مصر الذين لم يتورطوا في اية جرائم جنائية وقالت لي: أعلم ان الرئيس السيسي رجل متدين يخشي الله وأحسبه من الصالحين والمستغفرين بالاسحار، وممن لا يتركون صلاة الفجر. ووسط تأثري ببكاء الام، نسيت ان اسألها عن اسم ابنها، وربما رأت السيدة ألا تعطيني اياه حتي لايكون مطلبها شخصيا، بل مطلب عام بالافراج عن كل من هم علي شاكلة ابنها ممن لم يتورطوا في دم او تخريب. افعلها يا سيادة الرئيس ولا تنصت للوسواس الخناس المتوطن في بعض وسائل الاعلام الذي لا يريد لهذا البلد هدوءا او استقرارا..ندعو الله ان يصفد هؤلاء في الشهر الكريم كما تصفد الشياطين.. فشيمة الاكرمين يا سيادة الرئيس العفو وزكاة القدرة العفو، واهلنا في الجمالية والدرب الاحمر علي لسانهم دائما «يا بخت من قدر وعفي». اطلق يا سيادة الرئيس مدفع العفو، وابدأ عهدك بالصفح الجميل، فانني احسبك ممن يتأسون برسول الله صلي الله عليه وسلم الذي قال عنه ابن عباس رضي الله عنهما: «كان رسول الله صلي الله عليه وسلم أجود الناس وكان اجود مايكون في رمضان حين يلقاه جبريل فيدارسه القرآن..كما كان أجود بالخير من الريح المرسلة».. وأخيرا «ما سئل صلي الله عليه وسلم شيئا قط فقال: لا». خير البر عاجله: أشرف الثأر العفو( مثل انجليزي) لأن أندم علي العفو خير من أن أندم علي العقوبة (جعفر الصادق) لا توقد في صدرك فرناً لعدوك فتحترق فيه أنت (شكسبير) في العفو لذة لا نجدها في الانتقام (مثل فارسي) التسامح هو الشك بأن الآخر قد يكون علي حق(كورت توشولسكي) التسامح الحق لا يستلزم نسيان الماضي بالكامل (مانديلا) قليل من الادراك السليم، وقليل من التسامح، وقليل من المرح.. وسوف تندهش عندما تري كيف استطعت ان تريح نفسك علي سطح هذا الكوكب (سومرست موم) كن شديد التسامح مع من خالفك الرأي، فإن لم يكن رأيه كل الصواب فلا تكن أنت كل الخطأ بتشبثك برأيك.(فولتير) إن العرب هم أول من علم العالم كيف تتفق حرية الفكر مع استقامة الدين.. فهم الذين علموا الشعوب النصرانية، وإن شئت فقل: حاولوا أن يعلموها التسامح الذي هو أثمن صفات الإنسان.. ولقد كانت أخلاق المسلمين في أدوار الإسلام الأولي أرقي كثيراً من أخلاق أمم الأرض قاطبة..(جوستاف لوبون) أعلم جيدا أن من تربي وعاش في الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي وسط أهلنا الطيبين في احياء القاهرة الفاطمية، فقد عرف جيدا معني وقيمة المجتمع التراحمي التكافلي الذي يغطيه التسامح ويغلفه العفو في هذه الفترة، عشت في حي الدرب الاحمر قريبا من الجمالية، الحي الذي تربي فيه المشير عبد الفتاح السيسي رئيس جمهورية مصر العربية، وكلنا يعرف ان في هذه الأحياء وفي الأيام السابقة علي شهر رمضان، يبدأ شيوخ الحي وكبراؤه في اصلاح ذات البين بين المتخاصمين، وتسوية النزاعات بين المتصارعين، حتي اذا دخل رمضان، وفتحت ابواب الجنة وصفدت الشياطين عم الوئام أبناء الحي. لهذا أتمني علي رئيس الجمهورية المشير السيسي وهو يخطو أولي خطواته الي قصر الاتحادية ان يفتح صفحة الصفح الجميل بمناسبة شهر رمضان المعظم عن العديد من الشباب المسجونين الذين لم يتورطوا في أي جرائم جنائية ولم تتلوث أيديهم بالدماء، فمن قتل يقتل، ومن دمر او جرح او خرب، يسجن ويتبوأ مقعده من »البورش« لأنه لو تساوي من تظاهر سلميا، مع من استخدم الرصاص الحي والخرطوش والمولوتوف، سيكون ذلك هو الصفح الذي ليس بجميل، وهو : الصفح في غير محله كما يقول الفقهاء- فلا يصفح حيث اقتضي المقام العقوبة، كعقوبة المعتدين الظالمين، الذين لا ينفع فيهم إلا تطبيق الشرع الحنيف. لذلك اقترح علي الرئيس عبد الفتاح السيسي ان يطلق مبادرة رمضان، حيث يتبقي علي الشهر الفضيل ثلاثة اسابيع، ويدعو الجهات القضائية المختصة خلال هذه الاسابيع لدراسة الموقف القانوني للمسجونين، ويتم اطلاق سراح من تظاهر دون عنف ومن عبر عن رأيه دون تخريب، ومن عارض دون أذي. لا تتخيل سيادة الرئيس نهر الفرحة الذي ستدخله علي الالاف من الامهات اللائي ينتظرن ان يحتضن اولادهن مع دخول شهر رمضان المعظم وأن يتمتعن بنفحات الشهر الكريم في ظل أنفاس اولادهن وهي تعمر البيوت، ولا تتخيل جبال الاحتقان والكمد التي ستنسف بهذه المبادرة النبيلة التي ستشفي صدور الكثير من المهمومين الذين يعيشون في كدر لتغييب السجن لابنائهم. دفعني الي كتابة هذه السطور أمانة حملتني اياها سيدة فاضلة كانت تجلس في المقعد المجاور لي خلال رحلة العودة من الاسكندرية الي القاهرة، فقد لاحظت دموع السيدة تنهمر مدرارا حين اخرجت محفظتها لتقدم التذكرة لكمساري القطار، فقد راحت تقبل صورة لشاب كانت بالمحفظة وظلت تبكي بصوت مسموع، اقترب من النحيب، ورغم انني لم احاول ابدا في مثل هذه الرحلات ان ادخل في حوارات مع من يجلس بجواري وانشغل بقراءة صحيفة او كتاب، إلا انني انسانيا تعاطفت مع السيدة وسألتها عن سبب بكائها، فقالت ابني مسجون منذ عدة أشهر ورغم انه لم يعمل مطلقا بالسياسة كما انه ليس اخوانيا إلا أنه القي القبض عليه، فقد قاده حظه العثر الي التواجد بمدينة نصر وسط سير مظاهرة للاخوان، وقتها ألقي البوليس القبض عليه، وحين علمت السيدة انني صحفي حملتني تلك الامانة بأن ادعو السيد الرئيس لأن يصفح الصفح الجميل عن ابنائه من شباب مصر الذين لم يتورطوا في اية جرائم جنائية وقالت لي: أعلم ان الرئيس السيسي رجل متدين يخشي الله وأحسبه من الصالحين والمستغفرين بالاسحار، وممن لا يتركون صلاة الفجر. ووسط تأثري ببكاء الام، نسيت ان اسألها عن اسم ابنها، وربما رأت السيدة ألا تعطيني اياه حتي لايكون مطلبها شخصيا، بل مطلب عام بالافراج عن كل من هم علي شاكلة ابنها ممن لم يتورطوا في دم او تخريب. افعلها يا سيادة الرئيس ولا تنصت للوسواس الخناس المتوطن في بعض وسائل الاعلام الذي لا يريد لهذا البلد هدوءا او استقرارا..ندعو الله ان يصفد هؤلاء في الشهر الكريم كما تصفد الشياطين.. فشيمة الاكرمين يا سيادة الرئيس العفو وزكاة القدرة العفو، واهلنا في الجمالية والدرب الاحمر علي لسانهم دائما «يا بخت من قدر وعفي». اطلق يا سيادة الرئيس مدفع العفو، وابدأ عهدك بالصفح الجميل، فانني احسبك ممن يتأسون برسول الله صلي الله عليه وسلم الذي قال عنه ابن عباس رضي الله عنهما: «كان رسول الله صلي الله عليه وسلم أجود الناس وكان اجود مايكون في رمضان حين يلقاه جبريل فيدارسه القرآن..كما كان أجود بالخير من الريح المرسلة».. وأخيرا «ما سئل صلي الله عليه وسلم شيئا قط فقال: لا». خير البر عاجله: أشرف الثأر العفو( مثل انجليزي) لأن أندم علي العفو خير من أن أندم علي العقوبة (جعفر الصادق) لا توقد في صدرك فرناً لعدوك فتحترق فيه أنت (شكسبير) في العفو لذة لا نجدها في الانتقام (مثل فارسي) التسامح هو الشك بأن الآخر قد يكون علي حق(كورت توشولسكي) التسامح الحق لا يستلزم نسيان الماضي بالكامل (مانديلا) قليل من الادراك السليم، وقليل من التسامح، وقليل من المرح.. وسوف تندهش عندما تري كيف استطعت ان تريح نفسك علي سطح هذا الكوكب (سومرست موم) كن شديد التسامح مع من خالفك الرأي، فإن لم يكن رأيه كل الصواب فلا تكن أنت كل الخطأ بتشبثك برأيك.(فولتير) إن العرب هم أول من علم العالم كيف تتفق حرية الفكر مع استقامة الدين.. فهم الذين علموا الشعوب النصرانية، وإن شئت فقل: حاولوا أن يعلموها التسامح الذي هو أثمن صفات الإنسان.. ولقد كانت أخلاق المسلمين في أدوار الإسلام الأولي أرقي كثيراً من أخلاق أمم الأرض قاطبة..(جوستاف لوبون)