"يا أيها التشكيل العصابي الجاثم علي صدر مصر، أقض ما أنت قاض، إنما تقضي هذه الحياة الدنيا، فلا براءتك براءة ولا إدانتك إدانة، بل العكس هو الصحيح".. كلمات قالها المهندس يحيي حسين عبدالهادي، مدير مركز إعداد القادة السابق، حينما تم تغريمه بتهمة الغمز واللمز علي قيادات أمانة السياسات بالحزب الوطني، ولا يزال يقولها إلي الآن، فمحاربته للفساد هدف يسعى لتحقيقه دائماً فالرجل لا يخشى في قول الحق لومة لائم. لم تكن تلك هي المرة الأولي التي يغضب فيها النظام عليه، ولن تكون الأخيرة، فهو من تصدى لصفقة بيع شركة عمر أفندي عام 2006، ودفع الثمن غالياً من عزله من جميع المناصب التي كان يتقلدها، واستمر في محاربة الفساد حتي في عهد الإخوان، فكان نصيبه عزله من مركز إعداد القادة. في سطور الحوار التالي.. يحدثنا، عن رؤيته المستقبلية لمصر قبيل الانتخابات الرئاسية، مؤكداً أن خلفيته العسكرية لن تمنعه من مواجهة المشير السيسي حال فوزه وكذلك حمدين صباحي، إذا اكتشف استمرار الفساد في عهد أي منهما. ? كيف تري الانتخابات الرئاسية؟ - إتمام تلك الانتخابات سيثبت للعالم نجاح ثورة 30 يونيو، وأؤكد أنها انتخابات حقيقية نزيهة وليست مسرحية كما يقول البعض، بأن النتيجة محسومة للمرشح عبدالفتاح السيسي فمن الطبيعي ومن المتعارف عليه دولياً أن يكون هناك مرشح ذو شعبية جارفة كالمشير، وهذا ما حدث مع شارل ديجول في الانتخابات الفرنسية حيث إن التاريخ لم يذكر أيا من المرشحين ضده كونه زعيماً وطنياً. ? ما الصفات التي يجب توافرها في قائد مصر؟ - "القيادة والزعامة" في جميع المؤسسات موهبة ولكن يجب صقلها بالتدريب والإعداد، فالمرحلة القادمة تتطلب رئيساً ذا شخصية "كاريزمية"، لديه القدرة على اتخاذ القرار الصائب في الوقت المناسب ويضع رؤية مستقبلية للنهوض بالبلاد، فضلاً عن الفصاحة وحسن الخطابة، وأذكر الجميع أن انتخابات 2013 لم يكن معيار الاختيار فيها هو البرامج الانتخابية بل كان الكلام المعسول فمن لديه القدرة علي الكلام والوعود يكون الأجدر بالتفاف الشعب حوله، وهذا ما حدث مع المرشح السابق، حازم صلاح أبوإسماعيل، فرغم استبعاده من السباق الرئاسي إلا أنه حظي بشعبية كبيرة أكثر من منافسيه. (زعامة ناصر) ? ما التدريبات التي يجب أن يخوضها مرشح الرئاسة؟ - من يترشح لرئاسة الجمهورية يجب أن يجد في نفسه صفة " القيادة"، وعلى الأقل يجب أن يتم اختباره في قيادة مجموعة لا تقل عن 100 فرد، وهذا ما لم يحدث في انتخابات 2012 واكتشف المصريون بعد وصول الدكتور محمد مرسي للحكم أنه لم يتم اختباره في قيادة 10 أفراد فهو لم يشغل منصب رئيس قسم في الجامعة. ? هل تعتقد أن المشير السيسي سيعيد أمجاد عبدالناصر؟ - أعلم جيداً أن السيسي معجب بالمشروع الناصري، لكن يجب عليه أن يكون نسخة عصره ولا يكون صورة من أحد، كما أن هناك عاملا مشتركا واضحا يجمع بين الشخصين وهو السعي وراء "الاستقلال الوطني". ? ما رأيك في دعوات المقاطعة وإبطال الأصوات التي يروج لها البعض؟ - هؤلاء هدفهم تعطيل سير العملية الانتخابية وإحباط همة المصريين وهز صورة مصر أمام العالم، كما أن أي فصيل سياسي يكون هدفه الأول هو الفوز في الانتخابات، ولكن الإخوان المسلمين - ممن يدعون للمقاطعة - لا يشغل بالهم إلا تثبيت عقارب الزمن عند انتخابات 2014 فعار عليهم أن يقفوا أمام إرادة الشعب، وأدعو جميع المصريين للنزول والمشاركة للتعبير عن إرادتهم. (الفساد واحد) ? هل يختلف الفساد في عهد مبارك عما هو الحال الآن؟ - لا، لم يختلف، حيث إن رأسمالية محاسيب نظام مبارك ظلت موجودة واستمرت مع وجود الرئيس السابق محمد مرسي، والفارق الوحيد هو أن الفساد المتشدق بعباءة الدين أكثر خطورة وأشد وطأة من غيره، لأنه لا يضر نفسه والمجتمع فحسب بل يسيء للدين الحنيف. ? ما أولويات الرئيس للقضاء على الفساد؟ - حال مصر لن يتغير بين ليلة وضحاها كما أن الفساد لا يمكن أن يختفي بمجرد قدوم الرئيس، وأنا أراهن علي أن الشعب المصري الذي أذهل العالم بثورته المتحضرة قادر على أن يعيد البناء من العدم، وهناك مساران متوازيان يجب أن يتبعهما الرئيس لتحجيم الفساد الأول هو عمل إجراءات تشريعية وإدارية تحاصر الفساد وتجعل إمكانيته مستحيلة، والثاني هو القدوة الحسنة فيجب علي الرئيس أن يكون قدوة لشعبه، أعتقد أن المشير السيسي أهل لذلك حيث إن تاريخه المهني يؤكد ذلك. ? هل ستستمر في كشف الفساد حال فوز السيسي؟ - بلا شك، سأواجه الفساد وأحاربه بنفس القوة وسأقف في وجه أي انحراف عن الصواب وأنا أفعل ذلك الآن فعلاقتي الطيبة بالرئيس عدلي منصور لم تمنعني من الوقوف في وجه القانون الذي يقيد حق الطعن علي العقود المبرمة مع الدولة فهو قانون جائر وباطل دستوريا ويحصن الفاسدين مستقبلا ويصدر عفواً شاملاً عن كافة المخطئين وسأظل أقاومه لحين يسقط. (اقتصاد الجيش) ? ما صحة ما تردد بشأن سيطرة القوات المسلحة علي 60% من الاقتصاد المصري؟ - هذه أكذوبة غير منطقية ولا يمكن لأحد تصديقها، وليس لها أساس من الصحة حيث إن نسبة القطاع الخاص الذي يملكه رجال الأعمال والمستثمرون هو 61.8%، والقطاع العام المدني المتمثل في النفط وقناة السويس وغيرها من أملاك الدولة يمثل 36.4%، وبذلك تكون نسبة القوات المسلحة أقل بكثير من 1.8%. ? هل توافق علي فرض الرقابة علي المؤسسة العسكرية؟ - العسكريون ليسوا مقدسين ولكن الجيش مؤسسة مقدسة وبالرغم من ذلك فإن تلك المؤسسة تخضع للمراقبة من قبل الجهاز المركزي للمحاسبات وما يشيع عن عدم خضوعها للرقابة غير صحيح، وليعلم الجميع أن القوات المسلحة هي المؤسسة الأكثر صرامة في الدولة وتطبق سياسة الثواب والعقاب، والجهة الوحيدة التي كانت خارج الرقابة هي الأندية التابعة للجيش والمشير السيسي هو أول من طالب بفرض الرقابة عليها.