وكيل تعليم بالغربية: تعزيز التفاعل الإيجابي داخل الفصول مع الطلاب    حكم نهائي.. استبعاد هيثم الحريري من انتخابات مجلس النواب بسبب موقفه التجنيدي    25 فرقة مصرية وأجنبية تشارك في اليوبيل الفضي لمهرجان الإسماعيلية    محافظ الإسكندرية يتفقد اصطفاف معدات مجابهة الأزمات استعدادًا لموسم الشتاء    تراجع أسعار مواد البناء اليوم الخميس 23 أكتوبر 2025    محافظ الجيزة يتفقد مشروعات جهاز رعاية وتشغيل الشباب    إضافة المواليد إلى بطاقات التموين ل 5 فئات.. تعرف عليها    الرقابة المالية تلزم الشركات والجهات العاملة في الأنشطة المالية غير المصرفية بتعزيز بنيتها التكنولوجية والأمن السيبراني لديها    رئيس المخابرات يستقبل نائب الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين    انفجار داخل مصنع وسط روسيا يسقط 10 قتلى    «إكسترا نيوز»: ما يدخل غزة لا يزال نقطة في محيط الاحتياج الإنساني| فيديو    تفاصيل الاجتماع الفني لمباراة الزمالك وديكيداها الصومالي    الزمالك يتقدم بشكوى ضد أسامة حسني للمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام    تحويلات مرورية جديدة شرق الإسكندرية من غد الجمعة ولمدة 15 يوما    افتتاح «كنوز الفراعنة» في روما أبرز المعارض الأثرية المصرية في أوروبا    حنان مطاوع تكشف شعورها بعد ترشح فيلمها «هابي بيرث داي» ل الأوسكار    «في الحركة حياة» ندوة وورشة عمل بمكتبة الإسكندرية    إزاي نصحى لصلاة الفجر بسهولة؟.. أمين الفتوى يوضح 4 خطوات عملية    نائب وزير الصحة يوجّه بإنشاء عيادات جديدة لخدمة أهالي وسط سيناء    تمارين مثبتة علميا تساعد على زيادة طول الأطفال وتحفيز نموهم    معجنات الجبن والخضار.. وصفة مثالية لوجبة خفيفة تجمع بين الطعم وسهولة التحضير    أندية وادي دجلة تحصل على التصنيف الفضي في تقييم الاتحاد المصري للتنس    التشكيل الرسمي لمنتخب مصر للسيدات أمام غانا في تصفيات أمم إفريقيا    مساعد وزير الخارجية المصري: الاتحاد الأوروبي أصبح شريكًا اقتصاديًا بمعنى الكلمة لمصر    محافظ بني سويف يتفقد مستجدات الموقف التنفيذي لأعمال المرحلة الثانية من تطوير نادي سيتي كلوب    محافظ كفر الشيخ: تسهيلات غير مسبوقة للجادين وإزالة معوقات التقنين لتسهيل الإجراءات    وزارة التضامن تحدد آخر موعد للتقديم في حج الجمعيات الأهلية 2026    الأنبا إبرهام: الوحدة المسيحية تحتاج إلى تواضع وحوار ومحبة حقيقية    رسمياً.. الاتحاد يشكو حكم مباراته ضد الأهلي    باعتراف صحيفة صهيونية..جيش الاحتلال فشل فى تحرير الأسرى بالقوة العسكرية    حكم الشرع في خص الوالد أحد أولاده بالهبة دون إخوته    حصيلة ضحايا الحرب على غزة تتجاوز 238 ألفا و600 شهيد وجريح    نادي الصحفيين يستضيف مائدة مستديرة إعلامية حول بطولة كأس العرب 2025    أسعار النفط تسجل 65.94 دولار لخام برنت و61.95 دولار للخام الأمريكى    بيتصرفوا على طبيعتهم.. 5 أبراج عفوية لا تعرف التصنع    ب«لافتات ومؤتمرات».. بدء الدعاية الانتخابية لمرشحي مجلس النواب في الوادي الجديد (تفاصيل)    العثور على جثة «مجهول الهوية» على قضبان السكة الحديد بالمنوفية    فاليري ماكورماك: مصر مثال عظيم في مكافحة السرطان والتحكم في الأمراض المزمنة    الداعية مصطفى حسنى لطلاب جامعة القاهرة: التعرف على الدين رحلة لا تنتهى    رفع 3209 حالة اشغال متنوعة وغلق وتشميع 8 مقاهي مخالفة بالمريوطية    السادة الأفاضل.. انتصار: الفيلم أحلى مما توقعته ولا أخشى البطولة الجماعية    حجز الحكم على البلوجر علياء قمرون بتهمة خدش الحياء العام ل29 أكتوبر    الجيش الثالث الميداني يفتتح مزار النقطة الحصينة بعيون موسى بعد انتهاء أعمال تطويره    مستشار رئيس الجمهورية ومحافظ أسوان يشيدان بمستوى التجهيزات التعليمية والخدمات المقدمة للطلاب    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 23-10-2025 في محافظة الأقصر    وزارة الدفاع الروسية: إسقاط 139 طائرة مسيرة أوكرانية خلال الليل    نقابة السجون الفرنسية تندد بوجود ضباط مسلحين لحراسة ساركوزي داخل السجن    البنك الأهلي يحصد شهادة التوافق لإدارة وتشغيل مركز بيانات برج العرب من معهد «Uptime»    رانيا يوسف تكشف الفرق الحقيقي في العمر بينها وبين زوجها: مش عارفة جابوا الأرقام دي منين!    الصحة توقع مذكرة تفاهم مع الجمعية المصرية لأمراض القلب لتعزيز الاستجابة السريعة لحالات توقف القلب المفاجئ    مقتول مع الكشكول.. تلميذ الإسماعيلية: مشيت بأشلاء زميلى فى شنطة المدرسة    محمد صلاح.. تقارير إنجليزية تكشف سر جديد وراء أزمة حذف الصورة    شبكة العباءات السوداء.. تطبيق "مساج" يفضح أكبر خدعة أخلاقية على الإنترنت    تموين قنا يضبط محطة وقود تصرفت فى 11 ألف لتر بنزين للبيع فى السوق السوداء    ما حكم بيع وشراء العملات والحسابات داخل الألعاب الإلكترونية؟ دار الإفتاء تجيب    سعر اليورو مقابل الجنيه المصري اليوم الخميس 23 أكتوبر 2025 في البنوك المحلية    على أبو جريشة: إدارات الإسماعيلى تعمل لمصالحها.. والنادى يدفع الثمن    إلهام شاهين: لبلبة عشرة عمرى والكاميرات تتلصص علينا ويتخيلوا حوارات غير حقيقية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سيل من تصريحات المسؤولين.. لا علاقة له بحجم الأضرار على الأرض
ذهبت السيول..وبقي الدمار..
نشر في بوابة أخبار اليوم يوم 19 - 05 - 2014

وقف أحد أبناء جنوب سيناء أمام كاميرات التليفزيون وحوله الدمار الذي خلفته السيول التي ضربت مصر مؤخرا.
وقف قائلا: "كنت أسعد الناس وأنا أريى الطائرات الحربية المصرية محملة بأطنان المساعدات تهدف لمساعدة المنكوبين جراء السيول أو الزلزال في شتي بقاع العالم.. ولكن للأسف الشديد عندما ضربتنا السيول لم نجد من يسارع لنجدتنا، لا بطائرات،ولا بغير طائرات وتركنا المسؤولون نواجه مصيرنا، وغرق من غرق، ودمرت منشآت سياحية وبيوت أهالي وابتلعت السيول طرقا بأكملها، "ذهبت السيول.. وبقي الدمار.
دخل توقف العمل بمحطة كهرباء العين السخنة تحت الإنشاء - يومه العاشر على التوالي بعدما غمرت مياه السيل المحطة والمنشآت ومراكز التحكم بالداخل، وبات من الصعب دخول الشركة في ظل المياه التي غمرت اغلب الأقسام.
محطة العين السخنة بدأ العمل فيها في عام 2008، بتكلفة تبلغ 12 مليار جنيه، وتضم وحدتين لإنتاج الطاقة الكهربية بالضغوط فوق الحرجة، عن طريق استخدام مياه البحر ووضعها في غلايات بضغوط فوق الحركة ولتدير توربينات ضخمة وتولد المحطة الواحدة 650 ميجا وات من الكهرباء.
ومن المفترض أن تنضم الوحدة الأولى لشبكة الكهرباء في سبتمبر 2012، والوحدة الثانية في ديسمبر 2012، لكن بسبب المشكلات العمالية ووجود بعد المخالفات الإنشائية توقف العمل أكثر من مرة بعد ثورة 25 يناير وتجاوزت عدد فترات الوقف من 14 مرة حتى الآن.
وجاءت مياه الأمطار لتدفع بالسيول من جبل الحلال لتكشف عن فساد كامن أسفل الإنشاءات ومراكز التحكم، بالمحطة التابعة لشركة شرق الدلتا لإنتاج الكهرباء.
بداية المشهد حيث اندفعت مياه الإمطار بقوة شديدة من جبل الحلال، مع الموجة الثانية للسيل، فتجاوزت طريق العين السخنة الزعفرانة الذي تقع عليه المحطة، لكنها وجدت طريقها إلى الداخل بسهولة، فموقع المحطة منخفض عن مستوى سطح البحر، وعن مستوى الطريق.
وفي غضون ساعات تحولت المحطة إلى حوض يستقبل مياه السيل المندفعة من الجبل إلى أن تجاوز مستوى المياه بالداخل نصف متر، فالطبيعة تعاملت مع المحطة كأنها حاجز يمنع مياه الأمطار من الالتقاء بمياه البحر في خليج السويس.
عقب ساعات توصل المشرفون على العمل بالمحطة إلى حل مؤقت، فكسروا بعض الأجزاء بالسور الذي يفصل المحطة عن خليج السويس، لتصريف المياه، اندفعت ألاف الأمتار من مياه السيل، لكن الكمية الأكبر باتت تحاصر المحطة من الخارج، والمعدات والإنشاءات من الداخل، فالتربة بالمحطة نفسها ليست بمستوى واحد، كما أن بعض الطرق فقط ممهدة مرصوفة والباقي طرق ترابية، ودفع ذلك المياه إلى أن تتجمع لتكون بركا في المناطق المنخفضة.
توقف العمل بشكل تام في الشركات السبعة المكلفة بأعمال الإنشاءات والتركيبات داخل المحطة، أمام ذلك المشهد الفوضوي، أما بالنسبة للعمال أنفسهم فظلوا محاصرين بالمياه، وبات من الصعوبة بمكان أن تدخل أي سيارة إلى المحطة، أما السيارات التي بالداخل فكانت المياه كفيلة بإغراقها، واستدعت ذاكرة العاملين بالمشروع صورا من إعصار "تسونامي" الذي ضرب أندونسيا وجزر جنوب شرق أسيا.
وبقت السيارة الوحيدة القادرة على التحرك هي سيارة الإطفاء بالموقع، فاستغلها العمال عمال الوردية الليلية للخروج من الموقع، بعد أن صعدوا على سلم السيارة.
والرغم من صعوبة المشهد، وما يتناقله العمال عن ساعات عايشوها كانوا فيها اقرب إلى الموت من الحياة، تصر شركة شرق الدلتا والإدارة المشرفة على العمل بالمشروع علي دخول العمال والمهندسين والكيميائيين في الوضع الحالي، بدعوي استمرار العمل، وتهددهم بتوقيع جزاءات والتحقيق معهم في حالة الاستجابة، بالرغم من توقف جميع الوحدات باستثناء وحدة اتصال بالشبكة الرئيسية للكهرباء، وشيوع الظلام بالموقع ليلا.
وبذلك ضربت الشركة شروط السلامة والصحة المهنية، وشروط العمل بعرض الحائط، فابسط بنود اشتراطات السلامة المهنية أن تتوافر سيارة إطفاء داخل الموقع الذي من المعرض أن تشب النار فيه مع تشغيل أول معدة أغرقتها مياه السيل.
من جانبهم قال عدد من العمال الذين رفضوا ذكر أسماءهم إن المياه بدأت تجف في بعض المناطق، لكنها تركت طبقة هشة من الطين على الأرض بفعل الطمي، ولان كل الطرق ليست مرصوفة، وارض الموقع ليست على مستوى واحد، يصعب تحرك المركبات والسيارات، ويستحيل أن يتنقل العمال مترجلين حاملين المعدات على أكتافهم داخل الموقع.
أما عن الخسائر والتلفيات التي خلفها السيل فالحديث مفتوح، فبعض المنشآت والمباني داخل المحطة أصبحت محاصرة بالطين، أبرزها على سبيل المثال لا الحصر "مبني الكيمياء" الذي يضم المعمل وغرفة الكنترول، ووحدات الكيمياء ولا يمكن دخولها إلا بعد الطبقة الرخوة التي تركتها المياه "الروبة".
ونتيجة لذلك فان مياه الشرب التي تنتجها محطة التحلية، لا يمكن استخدامها، فمعمل الكيمياء الذي توقف هو المنوط به تحليل المياه ومدي صلاحيتها للشرب أو الاستخدام بالنسبة لعمال الموقع.
كما تسببت مياه السيل في توقف جميع الوحدات والأقسام بالمشروع عن العمل، باستثناء وحدة، "جي أي أس" المتصلة بالكهرباء، وهي الوحدة المسئولة عن ربط المحطة بشبكة التحكم القومي، سواء لدي المحطة بالكهرباء، آو استقبال إنتاجها من الكهرباء وهي في الوقت الحالي تستهلك فقط، ولا احد يعلم متى تنتهي أعمال الإنشاءات بوحدتي إنتاج الكهرباء بالمحطة.
"رب ضارة نافعة" فقد كشفت السيول عن أخطاء وفساد بموقع المحطة، وخطأ بالغا في إدارة الأزمات، فقد استخدم المشرفون على المشروع كميات من الردم والتراب لوضعها فوق برك المياه، فتحولت المناطق المنخفضة من أحواض مياه إلى برك للطين، دون أي فحص أو اخذ عينات للتربة ومدى تشبعها بالماء.
واستكمالا لسلسة الإهمال، فلم يجر أي فحص للوحدات، أو لكابلات الكهرباء والوصلات الأرضية التي غرقت بالكامل وتشبعت بالماء، فقد وصلت المياه في بعض المنشآت مثل مبني الكيمياء لغرفة التحكم، بالإضافة إلى وصول المياه لغرفة " P.L.« " وهي تضم أجهزة لقياس درجة حرارة الوحدة تحويلها إلى إشارات تترجم لتظهر مدىي كفاءة العمل بوحدات إنتاج الكهرباء والتوربينات والغلايات.
الخسائر السابقة والأخطاء الجسيمة في إدارة الأزمة تدفعنا إلى العودة للوراء أكثر من ست سنوات، بالتحديد قبل أنشاء المحطة واختيار مكانها، فسلسلة الأخطاء الفنية والإنشائية بدأت باختيار الموقع، فللوهلة الأولى يدرك خبراء التربة أن تلك المنطقة تشهد ارتفاعا في مستوى المياه الجوفية، لكونها منحصرة بين جبل الحلال وخليج السويس، وبمستوى منخفض عنهما.
الأمر لا يتوقف على ذلك فحسب، فمن المتبع عند التفكير في اختيار الموقع، أن تجري دراسات البيئة على الموقع بناء الموقع من خليج السويس ومسافة المد وارتفاع الموج، مع دراسات التربة، ومجري السيل، والتيارات الهوائية وسرعة الريح وعواصف رميلية.
ومع افتراض حسن النية لدى الذين اختاروا موقع المحطة، فمن المعروف مناخيا أن تلك المنطقة تشهد سيولا بحكم قربها من جبل شديد الانحدار، ودون الحاجة إلى دراسات، لم يكن الأمر يحتاج أكثر من زيارة لمحطة كهرباء خليج السويس "الفرنسية سابقا" والمجاورة لموقع محطة العين السخنة، ليروا بأعينهم أن الشركة التي نفذت المشروع صنعت مجرى سيل بالرغم من بنائها عام 1998، أي قبل محطة العين السخنة بعشر سنوات.
الأمر متروك للمسئولين، لسنا جهة تحقيق وإنما نعرض ما كشف عنه السيل من أخطاء في التنفيذ وفساد، ربما يتم تدارك الأمر قبل أن يلقي بظلاله مستقبلا على المحطة بعد تشغيلها.
وقف أحد أبناء جنوب سيناء أمام كاميرات التليفزيون وحوله الدمار الذي خلفته السيول التي ضربت مصر مؤخرا.
وقف قائلا: "كنت أسعد الناس وأنا أريى الطائرات الحربية المصرية محملة بأطنان المساعدات تهدف لمساعدة المنكوبين جراء السيول أو الزلزال في شتي بقاع العالم.. ولكن للأسف الشديد عندما ضربتنا السيول لم نجد من يسارع لنجدتنا، لا بطائرات،ولا بغير طائرات وتركنا المسؤولون نواجه مصيرنا، وغرق من غرق، ودمرت منشآت سياحية وبيوت أهالي وابتلعت السيول طرقا بأكملها، "ذهبت السيول.. وبقي الدمار.
دخل توقف العمل بمحطة كهرباء العين السخنة تحت الإنشاء - يومه العاشر على التوالي بعدما غمرت مياه السيل المحطة والمنشآت ومراكز التحكم بالداخل، وبات من الصعب دخول الشركة في ظل المياه التي غمرت اغلب الأقسام.
محطة العين السخنة بدأ العمل فيها في عام 2008، بتكلفة تبلغ 12 مليار جنيه، وتضم وحدتين لإنتاج الطاقة الكهربية بالضغوط فوق الحرجة، عن طريق استخدام مياه البحر ووضعها في غلايات بضغوط فوق الحركة ولتدير توربينات ضخمة وتولد المحطة الواحدة 650 ميجا وات من الكهرباء.
ومن المفترض أن تنضم الوحدة الأولى لشبكة الكهرباء في سبتمبر 2012، والوحدة الثانية في ديسمبر 2012، لكن بسبب المشكلات العمالية ووجود بعد المخالفات الإنشائية توقف العمل أكثر من مرة بعد ثورة 25 يناير وتجاوزت عدد فترات الوقف من 14 مرة حتى الآن.
وجاءت مياه الأمطار لتدفع بالسيول من جبل الحلال لتكشف عن فساد كامن أسفل الإنشاءات ومراكز التحكم، بالمحطة التابعة لشركة شرق الدلتا لإنتاج الكهرباء.
بداية المشهد حيث اندفعت مياه الإمطار بقوة شديدة من جبل الحلال، مع الموجة الثانية للسيل، فتجاوزت طريق العين السخنة الزعفرانة الذي تقع عليه المحطة، لكنها وجدت طريقها إلى الداخل بسهولة، فموقع المحطة منخفض عن مستوى سطح البحر، وعن مستوى الطريق.
وفي غضون ساعات تحولت المحطة إلى حوض يستقبل مياه السيل المندفعة من الجبل إلى أن تجاوز مستوى المياه بالداخل نصف متر، فالطبيعة تعاملت مع المحطة كأنها حاجز يمنع مياه الأمطار من الالتقاء بمياه البحر في خليج السويس.
عقب ساعات توصل المشرفون على العمل بالمحطة إلى حل مؤقت، فكسروا بعض الأجزاء بالسور الذي يفصل المحطة عن خليج السويس، لتصريف المياه، اندفعت ألاف الأمتار من مياه السيل، لكن الكمية الأكبر باتت تحاصر المحطة من الخارج، والمعدات والإنشاءات من الداخل، فالتربة بالمحطة نفسها ليست بمستوى واحد، كما أن بعض الطرق فقط ممهدة مرصوفة والباقي طرق ترابية، ودفع ذلك المياه إلى أن تتجمع لتكون بركا في المناطق المنخفضة.
توقف العمل بشكل تام في الشركات السبعة المكلفة بأعمال الإنشاءات والتركيبات داخل المحطة، أمام ذلك المشهد الفوضوي، أما بالنسبة للعمال أنفسهم فظلوا محاصرين بالمياه، وبات من الصعوبة بمكان أن تدخل أي سيارة إلى المحطة، أما السيارات التي بالداخل فكانت المياه كفيلة بإغراقها، واستدعت ذاكرة العاملين بالمشروع صورا من إعصار "تسونامي" الذي ضرب أندونسيا وجزر جنوب شرق أسيا.
وبقت السيارة الوحيدة القادرة على التحرك هي سيارة الإطفاء بالموقع، فاستغلها العمال عمال الوردية الليلية للخروج من الموقع، بعد أن صعدوا على سلم السيارة.
والرغم من صعوبة المشهد، وما يتناقله العمال عن ساعات عايشوها كانوا فيها اقرب إلى الموت من الحياة، تصر شركة شرق الدلتا والإدارة المشرفة على العمل بالمشروع علي دخول العمال والمهندسين والكيميائيين في الوضع الحالي، بدعوي استمرار العمل، وتهددهم بتوقيع جزاءات والتحقيق معهم في حالة الاستجابة، بالرغم من توقف جميع الوحدات باستثناء وحدة اتصال بالشبكة الرئيسية للكهرباء، وشيوع الظلام بالموقع ليلا.
وبذلك ضربت الشركة شروط السلامة والصحة المهنية، وشروط العمل بعرض الحائط، فابسط بنود اشتراطات السلامة المهنية أن تتوافر سيارة إطفاء داخل الموقع الذي من المعرض أن تشب النار فيه مع تشغيل أول معدة أغرقتها مياه السيل.
من جانبهم قال عدد من العمال الذين رفضوا ذكر أسماءهم إن المياه بدأت تجف في بعض المناطق، لكنها تركت طبقة هشة من الطين على الأرض بفعل الطمي، ولان كل الطرق ليست مرصوفة، وارض الموقع ليست على مستوى واحد، يصعب تحرك المركبات والسيارات، ويستحيل أن يتنقل العمال مترجلين حاملين المعدات على أكتافهم داخل الموقع.
أما عن الخسائر والتلفيات التي خلفها السيل فالحديث مفتوح، فبعض المنشآت والمباني داخل المحطة أصبحت محاصرة بالطين، أبرزها على سبيل المثال لا الحصر "مبني الكيمياء" الذي يضم المعمل وغرفة الكنترول، ووحدات الكيمياء ولا يمكن دخولها إلا بعد الطبقة الرخوة التي تركتها المياه "الروبة".
ونتيجة لذلك فان مياه الشرب التي تنتجها محطة التحلية، لا يمكن استخدامها، فمعمل الكيمياء الذي توقف هو المنوط به تحليل المياه ومدي صلاحيتها للشرب أو الاستخدام بالنسبة لعمال الموقع.
كما تسببت مياه السيل في توقف جميع الوحدات والأقسام بالمشروع عن العمل، باستثناء وحدة، "جي أي أس" المتصلة بالكهرباء، وهي الوحدة المسئولة عن ربط المحطة بشبكة التحكم القومي، سواء لدي المحطة بالكهرباء، آو استقبال إنتاجها من الكهرباء وهي في الوقت الحالي تستهلك فقط، ولا احد يعلم متى تنتهي أعمال الإنشاءات بوحدتي إنتاج الكهرباء بالمحطة.
"رب ضارة نافعة" فقد كشفت السيول عن أخطاء وفساد بموقع المحطة، وخطأ بالغا في إدارة الأزمات، فقد استخدم المشرفون على المشروع كميات من الردم والتراب لوضعها فوق برك المياه، فتحولت المناطق المنخفضة من أحواض مياه إلى برك للطين، دون أي فحص أو اخذ عينات للتربة ومدى تشبعها بالماء.
واستكمالا لسلسة الإهمال، فلم يجر أي فحص للوحدات، أو لكابلات الكهرباء والوصلات الأرضية التي غرقت بالكامل وتشبعت بالماء، فقد وصلت المياه في بعض المنشآت مثل مبني الكيمياء لغرفة التحكم، بالإضافة إلى وصول المياه لغرفة " P.L.« " وهي تضم أجهزة لقياس درجة حرارة الوحدة تحويلها إلى إشارات تترجم لتظهر مدىي كفاءة العمل بوحدات إنتاج الكهرباء والتوربينات والغلايات.
الخسائر السابقة والأخطاء الجسيمة في إدارة الأزمة تدفعنا إلى العودة للوراء أكثر من ست سنوات، بالتحديد قبل أنشاء المحطة واختيار مكانها، فسلسلة الأخطاء الفنية والإنشائية بدأت باختيار الموقع، فللوهلة الأولى يدرك خبراء التربة أن تلك المنطقة تشهد ارتفاعا في مستوى المياه الجوفية، لكونها منحصرة بين جبل الحلال وخليج السويس، وبمستوى منخفض عنهما.
الأمر لا يتوقف على ذلك فحسب، فمن المتبع عند التفكير في اختيار الموقع، أن تجري دراسات البيئة على الموقع بناء الموقع من خليج السويس ومسافة المد وارتفاع الموج، مع دراسات التربة، ومجري السيل، والتيارات الهوائية وسرعة الريح وعواصف رميلية.
ومع افتراض حسن النية لدى الذين اختاروا موقع المحطة، فمن المعروف مناخيا أن تلك المنطقة تشهد سيولا بحكم قربها من جبل شديد الانحدار، ودون الحاجة إلى دراسات، لم يكن الأمر يحتاج أكثر من زيارة لمحطة كهرباء خليج السويس "الفرنسية سابقا" والمجاورة لموقع محطة العين السخنة، ليروا بأعينهم أن الشركة التي نفذت المشروع صنعت مجرى سيل بالرغم من بنائها عام 1998، أي قبل محطة العين السخنة بعشر سنوات.
الأمر متروك للمسئولين، لسنا جهة تحقيق وإنما نعرض ما كشف عنه السيل من أخطاء في التنفيذ وفساد، ربما يتم تدارك الأمر قبل أن يلقي بظلاله مستقبلا على المحطة بعد تشغيلها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.