شيخ العمود «إلكتروني».. شرح 60 كتاباً على يد كبار العلماء أسبوعياً بالأزهر    جامعة كولومبيا تعلن فشل المفاوضات مع الطلبة المعتصمين تضامنا مع فلسطين    «صديقة الخباز» فى الصعيد.. رُبع مليار دولار استثمارات صينية    الغانم: العلاقات بين البلدين نموذج يقتدي به    مقتل 45 شخصا على الأقل إثر انهيار سد في الوادي المتصدع بكينيا    جلسة تحفيزية للاعبي الإسماعيلي قبل انطلاق المران    غزل المحلة يفوز علً لاڤيينا ويضع قدمًا في الممتاز    إيرادات الأحد.. فيلم شقو يتصدر شباك التذاكر ب807 آلاف جنيه.. وفاصل من اللحظات اللذيذة ثانيا    برلماني: زيارة أمير الكويت للقاهرة يعزز التعاون بين البلدين    البنوك المصرية تنتهي من تقديم خدمات مصرفية ومنتجات بنكية مجانا.. الثلاثاء    السفير محمد العرابي يتحدث عن عبقرية الدبلوماسية المصرية في تحرير سيناء بجامعة المنوفية    مستشهدا بالقانون وركلة جزاء معلول في الزمالك| المقاولون يطلب رسميا إعادة مباراة سموحة    بالنصب على المواطنين.. كشف قضية غسيل أموال ب 60 مليون بالقليوبية    استعدادًا لامتحانات نهاية العام.. إدارة الصف التعليمية تجتمع مع مديري المرحلة الابتدائية    إصابة شخص في تصادم سيارتين بطريق الفيوم    إخلاء سبيل المتهمين فى قضية تسرب مادة الكلور بنادى الترسانة    لجنة الصلاة الأسقفية تُنظم يومًا للصلاة بمنوف    الأزهر يشارك بجناح خاص في معرض أبوظبي الدولي للكتاب للمرة الثالثة    محمد حفظي: تركيزي في الإنتاج أخذني من الكتابة    ردود أفعال واسعة بعد فوزه بالبوكر العربية.. باسم خندقجي: حين تكسر الكتابة قيود الأسر    فرقة ثقافة المحمودية تقدم عرض بنت القمر بمسرح النادي الاجتماعي    انطلاق القافلة «السَّابعة» لبيت الزكاة والصدقات لإغاثة غزة تحت رعاية شيخ الأزهر    الإصابة قد تظهر بعد سنوات.. طبيب يكشف علاقة كورونا بالقاتل الثاني على مستوى العالم (فيديو)    تأجيل نظر قضية محاكمة 35 متهما بقضية حادث انقلاب قطار طوخ بالقليوبية    تحذير قبل قبض المرتب.. عمليات احتيال شائعة في أجهزة الصراف الآلي    تأجيل محاكمة مضيفة طيران تونسية قتلت ابنتها بالتجمع    تردد قنوات الاطفال 2024.. "توم وجيري وكراميش وطيور الجنة وميكي"    تهديدات بإيقاف النشاط الرياضي في إسبانيا    كرة اليد، جدول مباريات منتخب مصر في أولمبياد باريس    بعد انفجار عبوة بطفل.. حكومة غزة: نحو 10% من القذائف والقنابل التي ألقتها إسرائيل على القطاع لم تنفجر    مايا مرسي: برنامج نورة قطع خطوات كبيرة في تغيير حياة الفتيات    محلية النواب تواصل مناقشة تعديل قانون الجبانات، وانتقادات لوزارة العدل لهذا السبب    زكاة القمح.. اعرف حكمها ومقدار النصاب فيها    لتطوير المترو.. «الوزير» يبحث إنشاء مصنعين في برج العرب    خالد عبد الغفار يناقش مع نظيرته القطرية فرص الاستثمار في المجال الصحي والسياحة العلاجية    طريقة عمل الكيك اليابانى، من الشيف نيفين عباس    الكشف على 1270 حالة في قافلة طبية لجامعة الزقازيق اليوم    تنظيم ندوة عن أحكام قانون العمل ب مطاحن الأصدقاء في أبنوب    النشرة الدينية .. أفضل طريقة لعلاج الكسل عن الصلاة .. "خريجي الأزهر" و"مؤسسة أبو العينين" تكرمان الفائزين في المسابقة القرآنية للوافدين    صحتك تهمنا .. حملة توعية ب جامعة عين شمس    بعد أنباء عن ارتباطها ومصطفى شعبان.. ما لا تعرفه عن هدى الناظر    وزير المالية: نتطلع لقيام بنك ستاندرد تشارترد بجذب المزيد من الاستثمارات إلى مصر    وزير التجارة : خطة لزيادة صادرات قطاع الرخام والجرانيت إلى مليار دولار سنوياً    إيران: وفد كوري شمالي يزور طهران لحضور معرض تجاري    الصين فى طريقها لاستضافة السوبر السعودى    شروط التقديم في رياض الأطفال بالمدارس المصرية اليابانية والأوراق المطلوبة (السن شرط أساسي)    تجليات الفرح والتراث: مظاهر الاحتفال بعيد شم النسيم 2024 في مصر    رئيس الوزراء الإسباني يعلن الاستمرار في منصبه    أمير الكويت يزور مصر غدًا.. والغانم: العلاقات بين البلدين نموذج يحتذي به    «العالمي للفتوى» يحذر من 9 أخطاء تفسد الحج.. أبرزها تجاوز الميقات    بشرى سارة لمرضى سرطان الكبد.. «الصحة» تعلن توافر علاجات جديدة الفترة المقبلة    السيسي عن دعوته لزيارة البوسنة والهرسك: سألبي الدعوة في أقرب وقت    515 دار نشر تشارك في معرض الدوحة الدولى للكتاب 33    إصابة 3 أطفال في حادث انقلاب تروسيكل بأسيوط    رئيس جهاز حدائق العاصمة يتفقد وحدات "سكن لكل المصريين" ومشروعات المرافق    فضل الدعاء وأدعية مستحبة بعد صلاة الفجر    عيار 21 الآن.. سعر الذهب اليوم الاثنين 29-4-2024 بالصاغة بعد الانخفاض    شبانة: لهذه الأسباب.. الزمالك يحتاج للتتويج بالكونفدرالية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



جزيرة القرم .. تقع فريسة بين فكي "الدب الروسي"
نشر في بوابة أخبار اليوم يوم 16 - 03 - 2014

أنظار العالم تتجه نحو جزيرة القرم بأول أيام الاستفتاء
جزيرة القرم .. صراع الاستقلال والتبعية بين روسيا وأوكرانيا
بدأ التصويت في شبه جزيرة القرم الأوكرانية، الأحد 16 مارس، على استفتاء بشأن الانضمام إلى روسيا. وتنظم سلطات القرم المؤيدة لروسيا الاستفتاء بعد وقت قصير من الإعلان عنه.
ويختار المواطنون بالقرم بين الانفصال عن أوكرانيا أو الانضمام إلى روسيا، وهو ما قد يتسبب في أكبر أزمة في العلاقات بين الشرق والغرب منذ الحرب الباردة.
بدأ الاستفتاء
ويتوجه 1.8 مليون ناخب في شبه جزيرة القرم، الواقعة بجنوب أوكرانيا اليوم، إلى مراكز الاقتراع للإدلاء بأصواتهم في استفتاء مثير للجدل بشأن انضمامها إلى روسيا.
وفتحت مراكز الاقتراع أبوابها اليوم في الساعة الثامنة صباحاً بالتوقيت المحلي، ومن المقرر أن تغلق بعد ذلك ب 12 ساعة، وستعلن النتائج المؤقتة في ساعة متأخرة من مساء اليوم، والنتائج النهائية خلال يوم أو يومين.
وذلك في الوقت الذي يصوت فيه مجلس الأمن خلال ساعات، على مشروع قرار أمريكي يدعو لعدم الاعتراف بنتائج الاستفتاء، ويطالب بحماية استقلال وسيادة ووحدة أراضى أوكرانيا.
وقال سيرجى اكسيوتوف رئيس ما يطلق عليه "حكومة القرم"، إنه يتوقع مشاركة نحو 80% من الناخبين في الاستفتاء، الذي سيتولى مراقبة ممثلو الهيئات الدولية من بلدان الكومنولث والدول الغربية، فضلا عن روسيا.
وأشار، إلى أنه لا يستبعد وقوع أعمال استفزازية من جانب بعض القوى الموالية لحكومة كييف.
اتهام بالعمالة لروسيا
وفى تصعيد جديد بين كييف وموسكو، اتهم الرئيس الأوكراني المؤقت أولكسنر تورشينوف من وصفهم ب "عملاء روسيا"، بالتسبب في أعمال العنف في أوكرانيا، التي أسفرت عن مقتل ثلاثة أشخاص خلال الأسبوع الماضي، في أعنف انتقاد إلى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وحذر تورشينوف من غزو روسيا شرق البلاد، بعد احتلالها القرم.
ورفض الزعماء الأوروبيون والرئيس الأمريكي باراك أوباما التصويت باعتباره غير شرعي، وقالوا إنه ينتهك دستور أوكرانيا.
واتهمت أوكرانيا، أمس السبت، روسيا بغزو أراضيها عسكرياً عبر نشر 80 جندياً ومروحيات وآليات مدرعة في قرية تقع في الجانب الآخر من الحدود الإدارية بين شبه جزيرة القرم وباقي أوكرانيا.
وهذا الموقع ليس الأول الذي تحتله القوات الروسية خارج القرم، خصوصاً أن نقطة تشونجار للتفتيش التي تسيطر عليها القوات الروسية والميليشيات الموالية لها تقع أيضاً على بعد حوالي كيلومتر واحد شمال "الحدود" الإدارية بين القرم وأوكرانيا.
مطالب بالانسحاب
وأكدت وزارة الخارجية الأوكرانية، أنه روسيا قامت باجتياح عسكري، مطالبة موسكو "بسحب قواتها العسكرية فوراً من أراضي أوكرانيا".
وشددت على أن أوكرانيا "تحتفظ بحقها في اللجوء إلى كل الوسائل الضرورية لوقف الغزو العسكري الروسي".
القرم فكلا الأحوال روسية
وتعيش أوكرانيا حالياً صراعاً بين فريقين، الأول يتطلع لمستقبل منفتح سياسياً واقتصادياً على الغرب والاتحاد الأوروبي، والثاني متمسك بعلاقته التاريخية والثقافية مع روسيا.
ويبدو أن هذا الصراع سيؤول لصالح الفريق الثاني، في حال تمت الموافقة الدولية على الاستفتاء المعد مسبقاً حول مصير جزيرة القرم، بعد أن اقتصر على سؤالين وهما: "هل تريد للقرم أن تكون جزءاً من روسيا الاتحادية؟ أو هل تريد لها أن تعود إلى استقلالها بناء على دستور 1992؟".
هذا الاستفتاء لا يعطي خياراً لبقاء أهالي القرم كجزء من أوكرانيا والحفاظ على وضعها الحالي، لأن الدستور المذكور في السؤال الثاني يعطي الحكومة المركزية صلاحية تحديد تحالفاتها وسياساتها بعيداً عن كييف.
وفي حال حصول الخيار الثاني على أعلى نسبة تصويت، ستبقى القرم شكليا جزءاً من أوكرانيا لمرحلة انتقالية، لتحدد حكومتها من بعدها مصيرها.
ولا يعطي الاستفتاء خياراً لبقاء أهالي القرم كجزء من أوكرانيا والحفاظ على وضعها الحالي. وفي جميع الأحوال ستصبح القرم إما جمهورية بحكم ذاتي تحت السطوة الروسية، أو جزءاً من روسيا بكل ما للكلمة من معنى.
ودعا هذا الأمر الحكومة الجديدة في كييف لاعتبار الاستفتاء المرتقب "غير قانوني"، بينما استبق وزير الخارجية الأمريكي، جون كيري، نتائجه بالرفض. كما قررت أقلية التتار مقاطعة الاستفتاء. أما الرئاسة الروسية فدافعت عن شرعية الاستفتاء.
وفي ظل تلك الأوضاع، من المرجح أن تتصاعد حدة التوتر في شبه الجزيرة. وتخوف المراقبون من قرار البرلمان الجديد بسلخ بعض الحقوق عن الأوكرانيين من أصول روسية، وإن كان رئيس الحكومة الجديدة في كييف رفض التصديق على مشروع القانون.
هزة اقتصادية
وتعتمد شبه جزيرة القرم بشكل كبير، في الوقت الراهن، على أوكرانيا، مما قد يعرضها لهزة اقتصادية عنيفة إثر نتيجة الاستفتاء.
ويبلغ الناتج المحلي الإجمالي ل "القرم" نحو 4.3 مليار دولار سنويًا، وتشكل الخدمات فيه نحو 60%، والزراعة نحو 10%، بينما تحتل الصناعة نسبة 16%.
وتعد السياحة العمود الفقري للاقتصاد، حيث إنها تستقبل 6 ملايين سائح سنويًا خلال موسم الصيف، يُشكّل الأوكرانيون نحو 70% منهم، بينما الروس 25%، ووفق بعض التوقعات، فستؤثر الأزمة الأوكرانية الدائرة سلبًا على السياحة، والتي من المتوقع أن تنخفض بنسبة 30% العام الجاري.
وتمتلك شبه جزيرة القرم ثروات نفطية وغازًا طبيعيًا في منطقة البحر الأسود، ووفقًا لبعض التقديرات، من المتوقع أن يصل إنتاجها السنوي نحو 7 ملايين طن من النفط.
وكانت شركتا "إكسون موبيل" الأمريكية و"رويال دتش شل" البريطانية الهولندية، أجرتا محادثات سابقة مع أوكرانيا، حول التنقيب عن النفط في المياه العميقة، ولكن تم تعليق المحادثات، وقد قدرت الصفقة حينئذ بنحو مليار دولار.
استغلال موارد النفط
وفي هذا الشأن، قال المتحدث باسم برلمان "القرم"، فلاديمير كونستانتينوف، إنه سنترك مهمة إنتاج الغاز والنفط لروسيا، في إشارة لدور روسي محتمل لاستغلال موارد النفط هناك، عبر شركتها "جازبروم"، في حالة انضمامها لروسيا.
وعلى الرغم من مواردها السياحية وقدراتها الاقتصادية إلا أن "القرم" تعاني من شح الماء والكهرباء، حيث تقوم أوكرانيا بتوفير نحو 82% من احتياجات الكهرباء، و85% من الموارد المائية، للسكان البالغ عددهم 2 مليون نسمة، مما سيضعها في مشكلة كبيرة، في حال انفصالها عن أوكرانيا.
وتضخ أوكرانيا في ميزانية "القرم" نحو 1.1 مليار دولار سنويًا، وبحسب بعض التقديرات، شكلت إعانات أوكرانيا نحو 63% من ميزانية شبه الجزيرة في عام 2013.
وفي نفس السياق، قد أكد وزير الاقتصاد الروسي، أليكسي أوليوكاييف، أن بلاده ستتخذ قرارًا بتخصيص ما بين 80 و90 مليون دولار شهريًا، لدعم ميزانية جمهورية "القرم"، بغض النظر عن نتيجة الاستفتاء، بما سيعوض الدعم الأوكراني.
الانفصال أفضل للاقتصاد
وحول أوضاع اقتصاد شبه الجزيرة، في حال انفصالها عن أوكرانيا، يقول رئيس وزراء "القرم"، سيرجي أكسيونوف، إن الاقتصاد سيصبح أفضل في حالة الانفصال عن أوكرانيا، مستشهدًا بذلك بسنغافورة، عندما انفصلت عن الاتحاد الفيدرالي الماليزي.
وترى بعض الرؤى أن شبه جزيرة القرم قد لا تتبع مسار النجاح نفسه، الذي حققته سنغافورة، ولكن هناك خياراً آخر لتعزيز النمو الاقتصادي، عبر جعل شبه الجزيرة منطقة اقتصادية خاصة، وفرض ضرائب أقل، والتي يمكن أن تحفز النمو و تجذب الاستثمارات الأجنبية.
وترجح آراء أخرى أنه في حال انضمامها إلى روسيا، لن تكون "القرم" قادرة على تعويض الموارد على المدى القصير، بسبب انعدام البنية التحتية بين روسيا وشبه الجزيرة، وعلى الرغم من ذلك، ربما يعوضها استثمارات روسية متوقعة بنحو 5 مليارات دولار، على مدار الخمسة أعوام القادمة.
رفض التتار
وبرز التتار كأشد الرافضين لاستفتاء تقرير المصير المثير للجدل، ويصر التتار على انتمائهم لأوكرانيا وتبعية الإقليم لسلطات كييف، ويرفضون الانتماء لروسيا التي عرقلت مساعي أي حلول لقضاياهم كأقلية اضطهدت وهجرت قسرا عام 1944، كما يقول مسؤولون في مجلس شعب تتار القرم، الذي يعتبر أبرز مؤسسة تتارية ذات طابع سياسي.
ورفض التتار للاستفتاء ينبع من إدراكهم لحقيقة أن الأمور تسير حتى الآن نحو فصل القرم عن أوكرانيا وضمه لروسيا، وفق مسؤولين في المجلس، بدءا من رفع العلم الروسي على المباني الحكومية وتعيين حكومة قرمية متشددة موالية لروسيا، ومرورا بمحاصرة المطارات والقواعد العسكرية الأوكرانية، وانتهاء بحملات دعائية وضعت السكان أمام خيار التبعية لروسيا أو "للفاشيين" دون وجود حملات مضادة.
وقالت الصحفية التتارية "إلزارا يونوسوفا"، في تصريحات سابقة، إن التتار متخوفون من اضطهاد وتهجير قد يتعرضون له بعد الاستفتاء، لأنهم أقلية تعتبر أن مشاكلها ومشاكل أوكرانيا مرتبطة بهيمنة روسيا على مقدرات البلاد.
وشهدت الأيام الماضية مساعي لاستمالة التتار، الذين يشكلون نسبة لا تتعدى 20% من إجمالي عدد سكان القرم البالغ نحو 2.5 مليون نسمة، للعدول عن موقفهم الرافض للانضمام لروسيا.
وأجرى النائب البرلماني والزعيم السابق للمجلس التتاري مصطفى جميلوف مكالمة هاتفية مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، استمرت لنحو نصف ساعة، أكد الأخير من خلالها على أنه يثمن موقف جميلوف كشخص يحب وطنه، ولكن "مستقبل القرم خيار أبنائه".
وأوضح رئيس قسم العلاقات الخارجية في المجلس التتاري علي حمزين، أن موقف التتار من الاستفتاء يستند إلى "حقيقة أن التتار أوكرانيون، لا يقبلون تغيير الوطن أو تسليمه لدولة أخرى، بغض النظر عن العروض التي تمنح لهم".
مقاطعة الاستفتاء
وأكد حمزين، أن التتار سيقاطعون الاستفتاء، لكنهم لن يمنعوه خشية أن يتطور ذلك إلى توتر يدخل القرم في مواجهة بين أبنائه.
ويعتبر التتار، أن ما يحدث في القرم حراك مصطنع توجهه روسيا لاحتلال القرم أو فصله عن أوكرانيا، ويستند إلى ذرائع واهية تتعلق بحماية الأقليات الروسية "نحو 50:60% وفق إحصائيات مختلفة" ورغبتها في الانضمام إلى روسيا.
من جانبه، أكد رئيس مجلس شعب تتار القرم رفعت تشوباروف، في تصريح سابق، أن الأمور محسومة فيما يتعلق بنتائج الاستفتاء، وكل ما يحدث الآن بالقرم يتم بإدارة وتوجيه مباشر من قبل موسكو.
وأضاف تشوباروف، أن توجه القرم نحو الانفصال بات واقعا، وإن لم يتم ذلك فلن يعود الوضع إلى سابق عهده في أفضل الأحوال، في إشارة إلى تعاظم الوجود العسكري الروسي، وسيطرة الموالين لموسكو على الحكم فيه.
ودعا ألكسندر تورتشينوف، القائم بأعمال الرئيس الأوكراني، شعب جمهورية القرم ذاتية الحكم التابعة لأوكرانيا، مقاطعة الاستفتاء، على انضمام الجمهورية المستقلة لروسيا.
ودعا "تورتشينوف"، في تصريحات نشرها الموقع الإلكتروني للرئاسة الأوكرانية، شعب المنطقة إلى مقاطعة ذلك الاستفتاء المزعوم الذي سينظم من قبل "الإدارة الألعوبة" التي تحكم القرم، التي قال إنها تخضع لسيطرة الكرملين الروسي.
عدم شرعية الاستفتاء
وأضاف المسؤول الأوكراني، أن ذلك الاستفتاء، يعد انتهاكا للدستور الأوكراني، ودستور جمهورية القرم، لافتا إلى أن نتائجه لن تعبر عن الرغبة الكاملة لشعب القرم.
وجدد "تورتشينوف"، قوله بعدم شرعية الاستفتاء، وأنه يخالف كافة القوانين التي أقرها البرلمان الأوكراني، والمحكمة الدستورية، وبيان فيينا، لافتا إلى أن الكرملين أعد نتائج الاستفتاء مسبقا من أجل أن يبدأ حربا واجتياحا عسكريا لهذه الأراضي ليلحق هزيمة بحياة المواطنين، والمستقبل الاقتصادي للقرم.
مسلمو القرم
وتعتبر الأزمة الأوكرانية والتدخل الروسي في جزيرة القرم محط أنظار العالم خصوصا بعد المعارك الدائرة بين الروس والأوكرانيين، خصوصا مسلمي القرم الذين خرجوا في احتجاجات على الوجود الروسي بجزيرتهم بل قاموا باشتباكات مع الجيش الروسي المتواجد على أراضيهم.
ولعل الخلفية التاريخية هي ما دفعهم لذلك، ولذا كانت مقولة "الأضعف يدفع الثمن وحده" هكذا تؤكد كل قواعد الاستراتيجيات، فالعنصر الأضعف هو من يتكبد عناء الخسارة وهو الذي تكون كل التسويات على حسابه، لاسيما في معركة يتصارع فيها طرفا نزاع كبار، هكذا هو مستقبل مسلمي القرم، الذين يبلغ تعدادهم في شبة جزيرة القرم، وفقا لإحصائيات السكان الأوكرانية الأخيرة 12%.
وعندما ترددت الأنباء بأن الرئيس الأوكراني هرب إلى إقليم القرم أحد معاقل الروس في أوكرانيا، الذي يمثل الروس فيه أكبر كتلة سكانية يليهم الأوكرانيون ثم مسلمون التتار، توالت أخبار أن هناك محاولات لضم الإقليم لروسيا.
وظهرت قوات مظلية روسية مسلحة ترتدي ملابس مدنية بالسيطرة على مبني البرلمان والحكومة القرم في مدينة سيمفروبول "عاصمة الإقليم" بطرد الحراس ورفع الإعلام الروسية تمهيدا لانفصال الإقليم عن أوكرانيا، وقام أكثر من 10 آلاف تتري بالاحتجاج أمام البرلمان في الجزيرة لمنعه من عقد جلسته الاستثنائية، الأربعاء الماضي، ودخلوا في مواجهة مع المؤيّدين للروس، وتحوّلَت المواجهة لعنف قتل فيها شخص واحد.
وفي مشهد آخر أوضح فيديو نشرته وكالة "أوكرانيا برس" مسلمي شبة الجزيرة يقومون بتوزيع الطعام على الجنود الأوكرانيين المحاصرين داخل قواعدهم ب"القرم" متعاطفين معهم ورافضين تواجد القوات الروسية بالإقليم.
حملات التطهير العرقي
ويبدو أن مسلمي القرم بأوكرانيا لن ينسوا حملات التطهير العرقي على يد الاحتلال الروسي في عهد الاتحاد السوفيتي السابق، ما أدى لتقلص عددهم حتى أصبحوا خمس سكان القرم بعد أن كانوا يحكمون تلك الجزيرة في عهد الدولة العثمانية.
ومسلمو القرم بالجنوب، ومسلمو الدنباس بالشرق الذين يبلغ عددهم نحو مليوني نسمة، يخشون الآن من أن تفضي الأحداث الجارية إلى وقوعهم تحت احتلال روسي، فهم لديهم خبرة طويلة معه؛ ربما تذكروا مجازر "جوزيف ستالين" الذي قام بطرد مسلمي القرم إلى آسيا الوسطى بحجة التّعاون مع النازية، وإعدام 3500 مسلم تتري وذلك عندما احتج المسلمون على إنشاء كيان يهودي في القرم عام 1928م، كما تكفل ستالين بتجنيد نحو 60 ألف تتري لمحاربة النازيين.
أنظار العالم تتجه نحو جزيرة القرم بأول أيام الاستفتاء
جزيرة القرم .. صراع الاستقلال والتبعية بين روسيا وأوكرانيا
بدأ التصويت في شبه جزيرة القرم الأوكرانية، الأحد 16 مارس، على استفتاء بشأن الانضمام إلى روسيا. وتنظم سلطات القرم المؤيدة لروسيا الاستفتاء بعد وقت قصير من الإعلان عنه.
ويختار المواطنون بالقرم بين الانفصال عن أوكرانيا أو الانضمام إلى روسيا، وهو ما قد يتسبب في أكبر أزمة في العلاقات بين الشرق والغرب منذ الحرب الباردة.
بدأ الاستفتاء
ويتوجه 1.8 مليون ناخب في شبه جزيرة القرم، الواقعة بجنوب أوكرانيا اليوم، إلى مراكز الاقتراع للإدلاء بأصواتهم في استفتاء مثير للجدل بشأن انضمامها إلى روسيا.
وفتحت مراكز الاقتراع أبوابها اليوم في الساعة الثامنة صباحاً بالتوقيت المحلي، ومن المقرر أن تغلق بعد ذلك ب 12 ساعة، وستعلن النتائج المؤقتة في ساعة متأخرة من مساء اليوم، والنتائج النهائية خلال يوم أو يومين.
وذلك في الوقت الذي يصوت فيه مجلس الأمن خلال ساعات، على مشروع قرار أمريكي يدعو لعدم الاعتراف بنتائج الاستفتاء، ويطالب بحماية استقلال وسيادة ووحدة أراضى أوكرانيا.
وقال سيرجى اكسيوتوف رئيس ما يطلق عليه "حكومة القرم"، إنه يتوقع مشاركة نحو 80% من الناخبين في الاستفتاء، الذي سيتولى مراقبة ممثلو الهيئات الدولية من بلدان الكومنولث والدول الغربية، فضلا عن روسيا.
وأشار، إلى أنه لا يستبعد وقوع أعمال استفزازية من جانب بعض القوى الموالية لحكومة كييف.
اتهام بالعمالة لروسيا
وفى تصعيد جديد بين كييف وموسكو، اتهم الرئيس الأوكراني المؤقت أولكسنر تورشينوف من وصفهم ب "عملاء روسيا"، بالتسبب في أعمال العنف في أوكرانيا، التي أسفرت عن مقتل ثلاثة أشخاص خلال الأسبوع الماضي، في أعنف انتقاد إلى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وحذر تورشينوف من غزو روسيا شرق البلاد، بعد احتلالها القرم.
ورفض الزعماء الأوروبيون والرئيس الأمريكي باراك أوباما التصويت باعتباره غير شرعي، وقالوا إنه ينتهك دستور أوكرانيا.
واتهمت أوكرانيا، أمس السبت، روسيا بغزو أراضيها عسكرياً عبر نشر 80 جندياً ومروحيات وآليات مدرعة في قرية تقع في الجانب الآخر من الحدود الإدارية بين شبه جزيرة القرم وباقي أوكرانيا.
وهذا الموقع ليس الأول الذي تحتله القوات الروسية خارج القرم، خصوصاً أن نقطة تشونجار للتفتيش التي تسيطر عليها القوات الروسية والميليشيات الموالية لها تقع أيضاً على بعد حوالي كيلومتر واحد شمال "الحدود" الإدارية بين القرم وأوكرانيا.
مطالب بالانسحاب
وأكدت وزارة الخارجية الأوكرانية، أنه روسيا قامت باجتياح عسكري، مطالبة موسكو "بسحب قواتها العسكرية فوراً من أراضي أوكرانيا".
وشددت على أن أوكرانيا "تحتفظ بحقها في اللجوء إلى كل الوسائل الضرورية لوقف الغزو العسكري الروسي".
القرم فكلا الأحوال روسية
وتعيش أوكرانيا حالياً صراعاً بين فريقين، الأول يتطلع لمستقبل منفتح سياسياً واقتصادياً على الغرب والاتحاد الأوروبي، والثاني متمسك بعلاقته التاريخية والثقافية مع روسيا.
ويبدو أن هذا الصراع سيؤول لصالح الفريق الثاني، في حال تمت الموافقة الدولية على الاستفتاء المعد مسبقاً حول مصير جزيرة القرم، بعد أن اقتصر على سؤالين وهما: "هل تريد للقرم أن تكون جزءاً من روسيا الاتحادية؟ أو هل تريد لها أن تعود إلى استقلالها بناء على دستور 1992؟".
هذا الاستفتاء لا يعطي خياراً لبقاء أهالي القرم كجزء من أوكرانيا والحفاظ على وضعها الحالي، لأن الدستور المذكور في السؤال الثاني يعطي الحكومة المركزية صلاحية تحديد تحالفاتها وسياساتها بعيداً عن كييف.
وفي حال حصول الخيار الثاني على أعلى نسبة تصويت، ستبقى القرم شكليا جزءاً من أوكرانيا لمرحلة انتقالية، لتحدد حكومتها من بعدها مصيرها.
ولا يعطي الاستفتاء خياراً لبقاء أهالي القرم كجزء من أوكرانيا والحفاظ على وضعها الحالي. وفي جميع الأحوال ستصبح القرم إما جمهورية بحكم ذاتي تحت السطوة الروسية، أو جزءاً من روسيا بكل ما للكلمة من معنى.
ودعا هذا الأمر الحكومة الجديدة في كييف لاعتبار الاستفتاء المرتقب "غير قانوني"، بينما استبق وزير الخارجية الأمريكي، جون كيري، نتائجه بالرفض. كما قررت أقلية التتار مقاطعة الاستفتاء. أما الرئاسة الروسية فدافعت عن شرعية الاستفتاء.
وفي ظل تلك الأوضاع، من المرجح أن تتصاعد حدة التوتر في شبه الجزيرة. وتخوف المراقبون من قرار البرلمان الجديد بسلخ بعض الحقوق عن الأوكرانيين من أصول روسية، وإن كان رئيس الحكومة الجديدة في كييف رفض التصديق على مشروع القانون.
هزة اقتصادية
وتعتمد شبه جزيرة القرم بشكل كبير، في الوقت الراهن، على أوكرانيا، مما قد يعرضها لهزة اقتصادية عنيفة إثر نتيجة الاستفتاء.
ويبلغ الناتج المحلي الإجمالي ل "القرم" نحو 4.3 مليار دولار سنويًا، وتشكل الخدمات فيه نحو 60%، والزراعة نحو 10%، بينما تحتل الصناعة نسبة 16%.
وتعد السياحة العمود الفقري للاقتصاد، حيث إنها تستقبل 6 ملايين سائح سنويًا خلال موسم الصيف، يُشكّل الأوكرانيون نحو 70% منهم، بينما الروس 25%، ووفق بعض التوقعات، فستؤثر الأزمة الأوكرانية الدائرة سلبًا على السياحة، والتي من المتوقع أن تنخفض بنسبة 30% العام الجاري.
وتمتلك شبه جزيرة القرم ثروات نفطية وغازًا طبيعيًا في منطقة البحر الأسود، ووفقًا لبعض التقديرات، من المتوقع أن يصل إنتاجها السنوي نحو 7 ملايين طن من النفط.
وكانت شركتا "إكسون موبيل" الأمريكية و"رويال دتش شل" البريطانية الهولندية، أجرتا محادثات سابقة مع أوكرانيا، حول التنقيب عن النفط في المياه العميقة، ولكن تم تعليق المحادثات، وقد قدرت الصفقة حينئذ بنحو مليار دولار.
استغلال موارد النفط
وفي هذا الشأن، قال المتحدث باسم برلمان "القرم"، فلاديمير كونستانتينوف، إنه سنترك مهمة إنتاج الغاز والنفط لروسيا، في إشارة لدور روسي محتمل لاستغلال موارد النفط هناك، عبر شركتها "جازبروم"، في حالة انضمامها لروسيا.
وعلى الرغم من مواردها السياحية وقدراتها الاقتصادية إلا أن "القرم" تعاني من شح الماء والكهرباء، حيث تقوم أوكرانيا بتوفير نحو 82% من احتياجات الكهرباء، و85% من الموارد المائية، للسكان البالغ عددهم 2 مليون نسمة، مما سيضعها في مشكلة كبيرة، في حال انفصالها عن أوكرانيا.
وتضخ أوكرانيا في ميزانية "القرم" نحو 1.1 مليار دولار سنويًا، وبحسب بعض التقديرات، شكلت إعانات أوكرانيا نحو 63% من ميزانية شبه الجزيرة في عام 2013.
وفي نفس السياق، قد أكد وزير الاقتصاد الروسي، أليكسي أوليوكاييف، أن بلاده ستتخذ قرارًا بتخصيص ما بين 80 و90 مليون دولار شهريًا، لدعم ميزانية جمهورية "القرم"، بغض النظر عن نتيجة الاستفتاء، بما سيعوض الدعم الأوكراني.
الانفصال أفضل للاقتصاد
وحول أوضاع اقتصاد شبه الجزيرة، في حال انفصالها عن أوكرانيا، يقول رئيس وزراء "القرم"، سيرجي أكسيونوف، إن الاقتصاد سيصبح أفضل في حالة الانفصال عن أوكرانيا، مستشهدًا بذلك بسنغافورة، عندما انفصلت عن الاتحاد الفيدرالي الماليزي.
وترى بعض الرؤى أن شبه جزيرة القرم قد لا تتبع مسار النجاح نفسه، الذي حققته سنغافورة، ولكن هناك خياراً آخر لتعزيز النمو الاقتصادي، عبر جعل شبه الجزيرة منطقة اقتصادية خاصة، وفرض ضرائب أقل، والتي يمكن أن تحفز النمو و تجذب الاستثمارات الأجنبية.
وترجح آراء أخرى أنه في حال انضمامها إلى روسيا، لن تكون "القرم" قادرة على تعويض الموارد على المدى القصير، بسبب انعدام البنية التحتية بين روسيا وشبه الجزيرة، وعلى الرغم من ذلك، ربما يعوضها استثمارات روسية متوقعة بنحو 5 مليارات دولار، على مدار الخمسة أعوام القادمة.
رفض التتار
وبرز التتار كأشد الرافضين لاستفتاء تقرير المصير المثير للجدل، ويصر التتار على انتمائهم لأوكرانيا وتبعية الإقليم لسلطات كييف، ويرفضون الانتماء لروسيا التي عرقلت مساعي أي حلول لقضاياهم كأقلية اضطهدت وهجرت قسرا عام 1944، كما يقول مسؤولون في مجلس شعب تتار القرم، الذي يعتبر أبرز مؤسسة تتارية ذات طابع سياسي.
ورفض التتار للاستفتاء ينبع من إدراكهم لحقيقة أن الأمور تسير حتى الآن نحو فصل القرم عن أوكرانيا وضمه لروسيا، وفق مسؤولين في المجلس، بدءا من رفع العلم الروسي على المباني الحكومية وتعيين حكومة قرمية متشددة موالية لروسيا، ومرورا بمحاصرة المطارات والقواعد العسكرية الأوكرانية، وانتهاء بحملات دعائية وضعت السكان أمام خيار التبعية لروسيا أو "للفاشيين" دون وجود حملات مضادة.
وقالت الصحفية التتارية "إلزارا يونوسوفا"، في تصريحات سابقة، إن التتار متخوفون من اضطهاد وتهجير قد يتعرضون له بعد الاستفتاء، لأنهم أقلية تعتبر أن مشاكلها ومشاكل أوكرانيا مرتبطة بهيمنة روسيا على مقدرات البلاد.
وشهدت الأيام الماضية مساعي لاستمالة التتار، الذين يشكلون نسبة لا تتعدى 20% من إجمالي عدد سكان القرم البالغ نحو 2.5 مليون نسمة، للعدول عن موقفهم الرافض للانضمام لروسيا.
وأجرى النائب البرلماني والزعيم السابق للمجلس التتاري مصطفى جميلوف مكالمة هاتفية مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، استمرت لنحو نصف ساعة، أكد الأخير من خلالها على أنه يثمن موقف جميلوف كشخص يحب وطنه، ولكن "مستقبل القرم خيار أبنائه".
وأوضح رئيس قسم العلاقات الخارجية في المجلس التتاري علي حمزين، أن موقف التتار من الاستفتاء يستند إلى "حقيقة أن التتار أوكرانيون، لا يقبلون تغيير الوطن أو تسليمه لدولة أخرى، بغض النظر عن العروض التي تمنح لهم".
مقاطعة الاستفتاء
وأكد حمزين، أن التتار سيقاطعون الاستفتاء، لكنهم لن يمنعوه خشية أن يتطور ذلك إلى توتر يدخل القرم في مواجهة بين أبنائه.
ويعتبر التتار، أن ما يحدث في القرم حراك مصطنع توجهه روسيا لاحتلال القرم أو فصله عن أوكرانيا، ويستند إلى ذرائع واهية تتعلق بحماية الأقليات الروسية "نحو 50:60% وفق إحصائيات مختلفة" ورغبتها في الانضمام إلى روسيا.
من جانبه، أكد رئيس مجلس شعب تتار القرم رفعت تشوباروف، في تصريح سابق، أن الأمور محسومة فيما يتعلق بنتائج الاستفتاء، وكل ما يحدث الآن بالقرم يتم بإدارة وتوجيه مباشر من قبل موسكو.
وأضاف تشوباروف، أن توجه القرم نحو الانفصال بات واقعا، وإن لم يتم ذلك فلن يعود الوضع إلى سابق عهده في أفضل الأحوال، في إشارة إلى تعاظم الوجود العسكري الروسي، وسيطرة الموالين لموسكو على الحكم فيه.
ودعا ألكسندر تورتشينوف، القائم بأعمال الرئيس الأوكراني، شعب جمهورية القرم ذاتية الحكم التابعة لأوكرانيا، مقاطعة الاستفتاء، على انضمام الجمهورية المستقلة لروسيا.
ودعا "تورتشينوف"، في تصريحات نشرها الموقع الإلكتروني للرئاسة الأوكرانية، شعب المنطقة إلى مقاطعة ذلك الاستفتاء المزعوم الذي سينظم من قبل "الإدارة الألعوبة" التي تحكم القرم، التي قال إنها تخضع لسيطرة الكرملين الروسي.
عدم شرعية الاستفتاء
وأضاف المسؤول الأوكراني، أن ذلك الاستفتاء، يعد انتهاكا للدستور الأوكراني، ودستور جمهورية القرم، لافتا إلى أن نتائجه لن تعبر عن الرغبة الكاملة لشعب القرم.
وجدد "تورتشينوف"، قوله بعدم شرعية الاستفتاء، وأنه يخالف كافة القوانين التي أقرها البرلمان الأوكراني، والمحكمة الدستورية، وبيان فيينا، لافتا إلى أن الكرملين أعد نتائج الاستفتاء مسبقا من أجل أن يبدأ حربا واجتياحا عسكريا لهذه الأراضي ليلحق هزيمة بحياة المواطنين، والمستقبل الاقتصادي للقرم.
مسلمو القرم
وتعتبر الأزمة الأوكرانية والتدخل الروسي في جزيرة القرم محط أنظار العالم خصوصا بعد المعارك الدائرة بين الروس والأوكرانيين، خصوصا مسلمي القرم الذين خرجوا في احتجاجات على الوجود الروسي بجزيرتهم بل قاموا باشتباكات مع الجيش الروسي المتواجد على أراضيهم.
ولعل الخلفية التاريخية هي ما دفعهم لذلك، ولذا كانت مقولة "الأضعف يدفع الثمن وحده" هكذا تؤكد كل قواعد الاستراتيجيات، فالعنصر الأضعف هو من يتكبد عناء الخسارة وهو الذي تكون كل التسويات على حسابه، لاسيما في معركة يتصارع فيها طرفا نزاع كبار، هكذا هو مستقبل مسلمي القرم، الذين يبلغ تعدادهم في شبة جزيرة القرم، وفقا لإحصائيات السكان الأوكرانية الأخيرة 12%.
وعندما ترددت الأنباء بأن الرئيس الأوكراني هرب إلى إقليم القرم أحد معاقل الروس في أوكرانيا، الذي يمثل الروس فيه أكبر كتلة سكانية يليهم الأوكرانيون ثم مسلمون التتار، توالت أخبار أن هناك محاولات لضم الإقليم لروسيا.
وظهرت قوات مظلية روسية مسلحة ترتدي ملابس مدنية بالسيطرة على مبني البرلمان والحكومة القرم في مدينة سيمفروبول "عاصمة الإقليم" بطرد الحراس ورفع الإعلام الروسية تمهيدا لانفصال الإقليم عن أوكرانيا، وقام أكثر من 10 آلاف تتري بالاحتجاج أمام البرلمان في الجزيرة لمنعه من عقد جلسته الاستثنائية، الأربعاء الماضي، ودخلوا في مواجهة مع المؤيّدين للروس، وتحوّلَت المواجهة لعنف قتل فيها شخص واحد.
وفي مشهد آخر أوضح فيديو نشرته وكالة "أوكرانيا برس" مسلمي شبة الجزيرة يقومون بتوزيع الطعام على الجنود الأوكرانيين المحاصرين داخل قواعدهم ب"القرم" متعاطفين معهم ورافضين تواجد القوات الروسية بالإقليم.
حملات التطهير العرقي
ويبدو أن مسلمي القرم بأوكرانيا لن ينسوا حملات التطهير العرقي على يد الاحتلال الروسي في عهد الاتحاد السوفيتي السابق، ما أدى لتقلص عددهم حتى أصبحوا خمس سكان القرم بعد أن كانوا يحكمون تلك الجزيرة في عهد الدولة العثمانية.
ومسلمو القرم بالجنوب، ومسلمو الدنباس بالشرق الذين يبلغ عددهم نحو مليوني نسمة، يخشون الآن من أن تفضي الأحداث الجارية إلى وقوعهم تحت احتلال روسي، فهم لديهم خبرة طويلة معه؛ ربما تذكروا مجازر "جوزيف ستالين" الذي قام بطرد مسلمي القرم إلى آسيا الوسطى بحجة التّعاون مع النازية، وإعدام 3500 مسلم تتري وذلك عندما احتج المسلمون على إنشاء كيان يهودي في القرم عام 1928م، كما تكفل ستالين بتجنيد نحو 60 ألف تتري لمحاربة النازيين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.