لأن مصر اصبحت كيانا فريدا بحضارتها اصبح من الضروري حمايتها من البدائيين، سواء كانوا سكان الصحراء المحيطة بها من كل جانب أو شعوب البحر التي بدأت مهاجمة مصر منذ عصور الرعامسة «رمسيس الثاني علي وجه التحديد». في معبد هابو الذي وصل الينا بحالة جيدة وقامت بعثة جامعة شيكاجو في بداية القرن الماضي وكان من علمائها جيمس هنري برستد الذي اكتشف فضل مصر علي البشرية في كتابه الرائع »فجر الضمير« وسوف أتحدث عنه مطولا، في مدينة هابو لوحة رهيبة للحرب الضروس بين الجيش المصري وشعوب البحر »الاوربيون« التي كانت تريد غزو مصر، وقد اطلقت عليها »الجرفيكا المصرية« بالقياس إلي »الجرفيكا« لبيكاسو التي استوحاها من الحرب الاهلية الاسبانية غير ان الجرفيكا المصرية اقوي معمارا وأعمق في الدلالة علي بشاعة الحرب. نتيجة تفرد مصر وحضارتها وتعدد الاخطار. كان لابد من تعيين الحدود بدقة متناهية. اصبحت الحدود مقدسة. من هنا كانت حمايتها ضرورية لاستمرار حياة المصريين ودورهم في صناعة الحضارة والاستمرار بها. كان المعبد هو الاساس، لانه لم يكن مكانا للنقوش فقط انما للعلم. وهذا مفهوم انتقل إلي العالم من مصر. اكسفورد والسوربون وجامعة شيكاجو وبولونيا لها سمت ديني، توحي عمارتها وقبابها بذلك، والازهر هو الاعرق، انه مسجد وساحة علم. وتعبير »استاذ كرسي« منقول عن الازهر. فلكل شيخ عالم كرسي يستند إلي أحد أعمدة المسجد يتحلق حوله الطلبة ومن شاء، العلم طبقا للنظام الازهري التقليدي متاح للجميع وقد ادركته في طفولتي واعتبره من عناصر تكويني خاصة درس الشيخ صالح الجعفري بعد العصر وهو الانسان الوحيد الذي تابعت تحوله إلي ولي من أولياء الله الصالحين ولي حديث مفصل عنه فيما بعد. مصر كانت خزانة العلم وهزيمة الحضارة المصرية القديمة موضوع في حاجة إلي بحث طويل خاصة في مواجهة العبرانيين وهم رعاة من البدو استوطنوا مصر وطردوا منها ولاتزال هذه الحقبة من التاريخ يحيطها الغموض، يقول الدكتور جمال حمدان بعبقرية المكان، لا أنقض ذلك بل أؤيده لكنني من خلال تأملاتي في التاريخ الطويل أقول ان المكان بقدر عبقريته بقدر مأساويته، مصر قلب العالم كما قال نابليون، وهذا جعلها مطمعا لكل من هب ودب من هنا كثرت الغزوات وفترات الاحتلال. صحيح ان قوة مصر الثقافية اكسبتها قوة الامتصاص والهضم، لا أثر فيها الآن للهكسوس، الفرس، للرومان، للجراكسة، للاتراك، لقد ذاب هؤلاء تماما في مصر، في الأردن وجدت الجراكسة بثقافتهم ولغتهم وجمال نسائهم الفريد، حكموا مصر قرنين من الزمان وتلاشوا كالملح في الطعام أو السكر في الشاي. لو أن مصر في ركن قصي مثل الصين واليابان، لكن يعلمنا الوجود أن »لو« لا تجوز بالنسبة للزمان والمكان، رغم كل التحولات واختراق الحدود، والاستيطان لمئات السنين ظلت مصر في جوهرها نقية كما صاغها الأجداد وهذا ما تجلي في ثورة يونيو وهذا ما جعل لجيشها وضعاً فريداً في الكون المعمور، وهذا ما لم يفهمه العالم بشرقه وغربه، وكثير من المصريين، وسكان مصر الأغراب الذي نطلق عليهم الإخوان، استثني الفقراء ثقافيا وحضاريا المخدوعين بهم. فهم مصر حضاريا، أهم مدخل لفهم ما يجري فيها، ومازلت أقف عند إطارها، عند الحدود. لأن مصر اصبحت كيانا فريدا بحضارتها اصبح من الضروري حمايتها من البدائيين، سواء كانوا سكان الصحراء المحيطة بها من كل جانب أو شعوب البحر التي بدأت مهاجمة مصر منذ عصور الرعامسة «رمسيس الثاني علي وجه التحديد». في معبد هابو الذي وصل الينا بحالة جيدة وقامت بعثة جامعة شيكاجو في بداية القرن الماضي وكان من علمائها جيمس هنري برستد الذي اكتشف فضل مصر علي البشرية في كتابه الرائع »فجر الضمير« وسوف أتحدث عنه مطولا، في مدينة هابو لوحة رهيبة للحرب الضروس بين الجيش المصري وشعوب البحر »الاوربيون« التي كانت تريد غزو مصر، وقد اطلقت عليها »الجرفيكا المصرية« بالقياس إلي »الجرفيكا« لبيكاسو التي استوحاها من الحرب الاهلية الاسبانية غير ان الجرفيكا المصرية اقوي معمارا وأعمق في الدلالة علي بشاعة الحرب. نتيجة تفرد مصر وحضارتها وتعدد الاخطار. كان لابد من تعيين الحدود بدقة متناهية. اصبحت الحدود مقدسة. من هنا كانت حمايتها ضرورية لاستمرار حياة المصريين ودورهم في صناعة الحضارة والاستمرار بها. كان المعبد هو الاساس، لانه لم يكن مكانا للنقوش فقط انما للعلم. وهذا مفهوم انتقل إلي العالم من مصر. اكسفورد والسوربون وجامعة شيكاجو وبولونيا لها سمت ديني، توحي عمارتها وقبابها بذلك، والازهر هو الاعرق، انه مسجد وساحة علم. وتعبير »استاذ كرسي« منقول عن الازهر. فلكل شيخ عالم كرسي يستند إلي أحد أعمدة المسجد يتحلق حوله الطلبة ومن شاء، العلم طبقا للنظام الازهري التقليدي متاح للجميع وقد ادركته في طفولتي واعتبره من عناصر تكويني خاصة درس الشيخ صالح الجعفري بعد العصر وهو الانسان الوحيد الذي تابعت تحوله إلي ولي من أولياء الله الصالحين ولي حديث مفصل عنه فيما بعد. مصر كانت خزانة العلم وهزيمة الحضارة المصرية القديمة موضوع في حاجة إلي بحث طويل خاصة في مواجهة العبرانيين وهم رعاة من البدو استوطنوا مصر وطردوا منها ولاتزال هذه الحقبة من التاريخ يحيطها الغموض، يقول الدكتور جمال حمدان بعبقرية المكان، لا أنقض ذلك بل أؤيده لكنني من خلال تأملاتي في التاريخ الطويل أقول ان المكان بقدر عبقريته بقدر مأساويته، مصر قلب العالم كما قال نابليون، وهذا جعلها مطمعا لكل من هب ودب من هنا كثرت الغزوات وفترات الاحتلال. صحيح ان قوة مصر الثقافية اكسبتها قوة الامتصاص والهضم، لا أثر فيها الآن للهكسوس، الفرس، للرومان، للجراكسة، للاتراك، لقد ذاب هؤلاء تماما في مصر، في الأردن وجدت الجراكسة بثقافتهم ولغتهم وجمال نسائهم الفريد، حكموا مصر قرنين من الزمان وتلاشوا كالملح في الطعام أو السكر في الشاي. لو أن مصر في ركن قصي مثل الصين واليابان، لكن يعلمنا الوجود أن »لو« لا تجوز بالنسبة للزمان والمكان، رغم كل التحولات واختراق الحدود، والاستيطان لمئات السنين ظلت مصر في جوهرها نقية كما صاغها الأجداد وهذا ما تجلي في ثورة يونيو وهذا ما جعل لجيشها وضعاً فريداً في الكون المعمور، وهذا ما لم يفهمه العالم بشرقه وغربه، وكثير من المصريين، وسكان مصر الأغراب الذي نطلق عليهم الإخوان، استثني الفقراء ثقافيا وحضاريا المخدوعين بهم. فهم مصر حضاريا، أهم مدخل لفهم ما يجري فيها، ومازلت أقف عند إطارها، عند الحدود.