يتمني الآباء رؤية أبنائهم يكبرون يوما بعد يوم، و يسيروا معهم خطوة تلو الأخري حتي يضعوا قدمهم على الطريق الصحيح. ويصبح أحيانا التعقيد من الأمور الملازمة للتربية والخوف على الأبناء دون قصد أو شعور، و عندما يخرج الأبناء عن المعيار الذي يرسمه الآباء ولو في بعض الأشياء و ليس كلها، يشعر الآباء بضياع الأبناء و حينها يبدأ الصراع بينهما، الصراع بين استقلالية الابن وسيطرة الآباء. قامت المعالج السلوكي أمل زكي، بالرد على بعض الأسئلة الخاصة بهذا الموضوع، حيث تمكنت "بوابة أخبار اليوم" من عمل حوار معها جاء فيه: ما الأساسيات التي ينبغي أن يراعيها الآباء في نظرك أثناء وضع خطتهم التربوية لأبنائهم؟ - الأساسيات التي ينبغي أن يراعيها الآباء في وضع خطتهم التربوية لأبنائهم تبدأ منذ الصغر، فأغلب الآباء والأمهات عن دون وعي .يعتقدوا أن الأطفال في الصغر لا يدركوا كل شيء، لكن الحقيقة أن الطفل تتكون شخصيته منذ الشهور الأولى حتى سبع سنوات، وبعدها يكون من الصعب تغيره ونعانى فترة المراهقة بفضل الأخطاء التربوية الفادحة دون أن ندرى ونحصر التربية في المأكل والملبس والتنزه والتعليم .. فعلى الآباء أن يكونوا قدوة صالحة لأبنائهم، فالطفل كما يتعلم اللغة والكلام عن طريق التقليد يتعلم الأخلاقيات والسلوكيات عن طريق التقليد، فعليهم أن يزرعوا في أطفالهم من الصغر الصفات الايجابية كالرحمة بالعطف على الصغار و على الحيوانات، وأن يعلقوا قلوب أبناءهم بالله ليكون دائما رب الكون مرجعهم عن الاحتكاك بالمجتمع والفتن . و كيف يتعامل الآباء مع أبنائهم لكسب ثقتهم و صداقتهم فترة المراهقة؟ - عن طريق زرع ذلك من الصغر، فبدلا من البحث عن العلاج علينا أولا بالوقاية لأنها خير من العلاج، وعلى الآباء زرع ثقة النفس في أبنائهم، والوفاء بالوعد، وعندما يبوح الطفل والمراهق بسر كقصة حب أو علاقة وغيره، نرى في أغلب المشاكل يعطي الأهل الثقة لأبنائهم بالكلام وتدعيمهم، ثم بعد البوح مباشرة يكون رد الفعل عكس الكلام سواء بالضرب أو منع الخروج من المنزل وغيرها من الأشياء التي توصل المراهق لفعل كل ما هو خاطئ في الخفاء بسبب فقدان ثقته في أهله، الذهاب لصديق السوء، السجائر، المخدرات أو العلاقات الخفية، فلنكن مصدر ثقة لأبنائنا من أول موقف .. فالفكرة تترسخ في عقل الطفل أو المراهق مع أول حدوث لها . كيف يساعد الآباء في بناء شخصية أبنائهم بأسلوب سليم؟ - أن يعود الآباء الأبناء على تحمل المسؤولية واتخاذ القرار حتى في أبسط الأشياء، مثل اختيار مكان التنزه، اختيار ملابسه، أو اختيار طعام اليوم، بالإضافة إلى تحمل المسئولية كترتيب غرفته، وتحمل نتيجة قراره مهما كان بسيطا.. كل هذا يجعل الطفل مسؤول منذ الصغر لا ضعيف في الشخصية والتعامل مع المجتمع وغيرها من زرع القيم الايجابية في طفله، وتشجيعه ومدحه على كل عمل ايجابي وعقابه على السلبي بوسائل السلوك الصحيحة وليس الضرب، فالتوازن بين اللين والشدة ينشىء رجالا ونساءا منذ نعومة أظافرهم . ما هي الطريقة الملائمة للتعامل مع الأبناء عند مرورهم بتجربة عاطفية؟ - علينا الإقرار بأن هذا وضع طبيعي يحدث في كل بيت، ولا نأخذ الموقف مأخذ الذهول والكارثة ففترة المراهقة فترة طبيعية لانجذاب كل جنس لعكس نوعه، ولذلك لا تعاقب وتمنع كمنع الموبايل والنت والخروج، ولتعلم أننا في زمن، كل المراهقين إن أرادوا أن يفعلوا شيء سيفعلونه من خلفك لا من أمامك بالإضافة إلى أننا إن منعنا الشيء زادت الرغبة به والتعلق به "فالممنوع مرغوب"، ولابد من تكوين جسر من الصداقة و التعامل بحكمة، كأن نعلم البنت الحفاظ على جسدها وقلبها من أي إنسان يعبث به بالتوعية وضرب الأمثلة الغير مباشرة لتوصيل المعلومة لها . و في نهاية الحوار وجهت "زكي" نصيحة إلى الأهل باحتواء أبنائهم و تدعيهم عاطفيا، وإشباع حاجاتهم معنويا كأن نشعر الابنة بجمالها و نسمعها الكثير من العبارات والكلمات العذبة حتى لا تنجذب لكل من يسمعها بعض الكلام المعسول، فأمر التربية سهل إن اعتمد على الحب و الصداقة و الثقة.