تتجه انظار المصريين غدا للإجتماع المزمع عقده في العاصمة السودانية الخرطوم بين وزراء المياه بمصر والسودان وإثيوبيا بشأن سد النهضة الإثيوبى،خاصة وأن قضية مياه النيل باتت من أهم القضايا الإستراتيجية والأمنية ليس فقط لمصر ولكن لمنطقة الشرق الأوسط بأكملها.ولقد نشرت دراسات عديدة حول أزمة مياه النيل منها دراسة للباحث أشرف كشك بعنوان "السياسة المائية المصرية تجاه دول حوض النيل" والتى قدم لها الدكتور محمود ابو زيد وزير الموارد المائية والرى الأسبق، قدمت الدراسة خيارات أربعة لمعالجة الأزمة :الأول الخيار القانونى:ارتكزت السياسة المصرية فى تعاملها مع قضية مياه النيل على الإتفاقيات القانونية التى تحدد نصيبها من المياه والتى تقدر سنويا 55.5 مليار متر مكعب من المياه،وتحديد الأطر التى يجرى من خلالها الوصول الى إتفاق على أى مشاريع مستقبلية بشأن تطوير النهر فى أى من الدول بحيث لا يتم تنفيذ هذه المشاريع دون موافقتها الصريحة.ولقد تشاورت إثيوبيا مع دولتى المصب"مصر والسودان"عام 1996 قبل بناء عدد من السدود الإثيوبية بتمويل البنك الدولى وهو ما اعترضت عليه مصر حينذاك،وفى حالة سد النهضة لم يتم التشاور مع مصر والسودان لذا فمن حق مصر اللجوء الى الخيار القانونى وتدويل القضية ،خاصة وان هناك اتفاقيات ل 300 نهر مشترك فى انحاء العالم عقدت جميعها فى القرنيين التاسع عشر والعشرين ومعظمها تم توقيعة إبان فترات الإستعمار مثلما حدث بالنسبة لنهر النيل.أما الخيار الثانى فهو التعاونى:وهو سلاح ذو حدين بالنسبة لمصر ،فهو يتيح لمصر أن تستفيد من المشاريع المشتركة ،ومن ناحية أخرى تعترف بمطالب الدول الأخرى،وثمة عوامل تجعل من حل الصراع بين دول حوض النيل على المياه أمرا ممكنا بصورة تعاونية منها:إمكانية زيادة إجمالى واردات المياه،الوعى بأهمية الإعتماد المتبادل،تنويع مصادر الطاقة التى يمكن أن توازن بعضها البعض،الإحتكام الى المعايير الدولية التى تنظم صراعات المياه، وتعترف بكافة المطالب الجوهرية لكل الدول المتشاطئة،وهناك خيار ثالث هو البعد عن الإثارة فإن التصعيد ربما يؤدى الى تشدد الطرف الآخر،ويبقى الخيار العسكرى رغم أن حدوث نزاعات مسلحة حول المياه من شأنها أن تعرض الشعوب الى نوع من الظمأ يكون أشد فتكا من الأسلحة التقليدية.وتضيف الدراسة ان سد النهضة الإثيوبى يمثل عملا يمس الأمن القومى المصرى مسا مباشرا ويعرضه للخطر،فانه من ثم فالبديل العسكرى ضرورة وجوده ضمن الخيارات المطروحة، ويقترح الباحث ضرورة تشكيل لجنة عليا لأزمة السد مع التسليم بأهمية مؤسسات صنع وإدارة المياه ،ويشدد على الحاجة الملحة لمؤسسة عليا تضم فى عضويتها خبراء مصر فى مجالات الموارد المائية والرى والسدود والكهرباء والطاقة والتحكيم الدولى الى جانب ممثلين لأجهزة الدولة المعنية بالأزمة بشكل مباشر وهى وزارتا الموارد المائية والخارجية ،ويتطرق الباحث الى ضرورة إيجاد ثقافة مائية فى المجتمع المصرى بهدف المزيد من ترشيد المياه والتأكيد على دخول مصر دائرة الفقر المائى إذا استمرت الأوضاع الراهنة من تزايد الإفراط فى إستخدام المياه،وأن الأمن المائى المصرى بات مهددا بالخطر. ومن النقاط المهمة التى اشار لها البحث ضرورة إعادة النظر فى سياسة مصر الخارجية تجاه الدائرة الإفريقية لتصبح فى مقدمة دوائر السياسة الخارجية المصرية لإرتباطها الوثيق بأمن مصر القومى خاصة بالنسبة لدول حوض النيل،مع ضرورة تفعيل العلاقات الإعلامية والتعليمية والثقافية بين مصر ودول حوض النيل وزيادة عدد المنح للطلاب الأفارقة فى مصر فضلا عن إمكانية انشاء كلية لمياه النيل داخل مصر.ووزارة خاصة بمياه النيل لمتابعة كل مايصدر من دراسات وتقارير حول المشروعات الآنية والمستقبلية لدول حوض النيل على ممر نهر النيل من المنبع حتى المصب ووضع إستراتيجية للوجود المصرى الفعال فى هذه الدول على المستويات الإقتصادية والإعلامية،فلا ننسى تزايد الوجود الإسرائيلى فى دول منابع النيل بهدف تصعيد أزمة المياه لتزيد من مشاكل مصر وتعطيلها ،وسعى إسرائيل المستمر للحصول على جزء من مياه النيل، وأختم بسطور من مذكرات وزير الدفاع الإسرائيلى الأسبق "موشى ديان"وصف خمسينيات القرن الماضى بأنها سنوات سوداء لحصار عبد الناصر لإسرائيل ومنعه من دخولها قارة أفريقيا.