صدر حديثًا عن دار العين للنشر والتوزيع رواية "الشاهدات رأساً على عقب" للكاتب راهيم الحساوي. وتقول راهيم في روايتها:"وقفتُ أنظر في هذه الجموع فشعرتُ أني الوحيد الذي يفكر بوجوده وأن هؤلاء الناس مجرد حركة في اختبارِ عينيَّ، لكني بذات الوقت كنتُ مدركاً أن كل فرد من هؤلاء الناس يشعر بذات الشعور الذي أشعر به, وهكذا يصبح الشعور بالوجود موزعاً في ذات كل فرد منا دون أن يعلم هذا الفرد حقيقة هذا التوزيع". كانت قاعة الانتظار بكراسيها المرتبة والثابتة بالأرض تشبه صالة مسرح لممثلين لم تُوزَّع عليهم الأدوار بعد، وكل واحد منهم راح يظن في نفسه أن دوره سيكون كما يشتهي. جلستُ على كرسي ونظرتُ في ساعة الجدار الكبيرة منتظراً لحظة الإقلاع, ونظرتُ في وجه موظف في المحطة وهو يجلس على كرسي خلف زجاج شفاف بفتحتين دائريتين، واحدة بمستوى وجه الموظف تتيح له التحدث مع المسافر، والأخرى في الأسفل تتيح مرور الأشياء. وتساءلتُ في نفسي:- ما الجدوى من الفتحة العليا طالما أن الموظف والمسافر يعرفان ما يترتب عليهما؟