لا تصدق من يقل لك أنك لا تستطيع فعل شيء، لانهم في الغالب يقولون لك ما لم يستطيعون تحقيقه، ولا تدعهم يقنعوك بأن "الظروف والحياة..وما باليد حيلة، لان بيدك الكثير.."! هذا ما أثبتته "هيلين كيلير" الفتاة الأمريكية التي ولدت سليمة تماما، تسمع وتتحدث وتري، لكنها عندما وصلت لسن 9 أشهر أصيبت بمرض "إلتهاب السحايا" ولم يكن هناك طب متقدم في تلك الفترة لتدراكة، فتُركت الفتاة لتفقد سمعها وبصرها تحت تأثير المرض.. حاول والدا هيلين احاطتها بكل ما يلزم من حب كي تواصل حياتها بشكل طبيعيي، لكن هذا لم يكن كل ما آرادته، فقد علمت "كيلر" عن فتاة نرويجية حالتها تشبهها كثيرا، لكنها تعلمت الكلام، فأصبحت مصدر إلهام وتشجيع لها لأن تتعلم.. أرسل والد هيلين إلى أحد المعاهد المختصة في رعاية حالات مشابهه لإبنته ، فأرسلوا له معلمة تدعى "آن سوليفان" وقد كان لهذه السيدة التأثير البالغ في حياة "كيلر". في البداية طلبت سوليفان من الوالد أن تعيش بمفردها مع هيلين في غرفة في حديقة المنزل كي تستطيع تدريب هيلين بطريقة صارمة بعيدا عن تدليل أبويها وشفقتهم واستطاعت المعلمة أن تجعل تلميذتها تتقن العديد من العلوم وهي في سن صغيرة، اولها الإحساس بالاشياء من خلال رسمها على كف يدها، وبهذه الطريقة تعلمت حروف الأبجدية، ثم أعطتها بعضا من دروس الجغرافيا والنباتات.. عرضت "سوليفان" حالة تلميذتها "هيلين كيلر" على معلمة أخرى كبيرة صاحبة معهد للصم والبكم، استطاعت تعليمها كيفية إصدار أصوات من حنجرتها مشابهة لأصوات الحروف..،في بداية الأمر لم تكن أصوات "هيلين" مفهومة على الإطلاق، لكنها تحسنت مع الوقت.. ذاع صيت هيلين كيلر بأنها الفتاة "المعجزة" التي لم تدع فقدان 3 حواس يقف عائقا في طريق تحقيق ما تريد، فتعلمت ودخلت إلى الجامعة لتحصل على ليسانس العلوم والآداب قسم الفلسفة، ثم تدرجت أكاديميا حتى وصلت إلى الدكتوراة وكتبت الكثير من المقالات للمجلات الأمريكية التي كانت تنشرها لها بإستمرار.. كذلك تعلمت "كيلر" بجوار اللغة الإنجليزية عدة لغات أخرى، منها الفرنسية والألمانية واليونانية واللاتينية..وألفت العديد من الكتب الشهيرة التي تحدثت فيها عن حياتها مثل "أضواء في ظلامي"، "قصة حياتي"، "العالم الذي أعيش فيه".. وظلت "هيلين" مع معلمتها "آن سوليفان إلى أن ماتت، وقالت عنها في أحد مؤلفاتها: "كم هي قريبة إلىّ لدرجة أني نادراً ما أفكر في نفسي بمعزل عنها، لا أدري فيما إذا كان استمتاعي بجمال الأشياء من حولي يعود في أغلبه إلى أمر فطري لديّ، أو بسبب تأثيرها في، وأشعر أن وجودها لا يمكن فصله عن وجودي..، أفضل ما عندي ينتمي إليها..." ومن أشهر ما قالت هيلين عن الحياة أنه "عندما يُغلق باب السعادة، يُفتح آخر، ولكن في كثير من الأحيان ننظر طويلا إلى الأبواب المغلقة بحيث لا نرى الأبواب التي فُتحت لنا".