يثور التساؤل عن مدي مسئولية كل من قام باستغلال الأطفال في بعض الميادين والتأثير عليهم بقيامهم بحمل أكفانهم بقصد تحقيق أغراض سياسية وتعريض حياتهم للخطر والهلاك. يأتي ذلك خاصة عندما يتم استغلالهم عقب الثورات لتحقيق أغراض سياسية مما يثير مدى انطباق فكرة العدالة الانتقالية ومدى اعتبار ذلك من الجرائم الدولية التي تختص بها المحكمة الجنائية الدولية ؟ تمثل مرحلة الطفولة أهم واخطر المراحل في حياة الإنسان وهم رمز المستقبل وأداة صنعه وأنه على عاتقهم يتواصل العطاء الانسانى وتتقدم مسيرة الحضارة الانسانية وتتأكد رسالة الإنسان على الأرض و من الجدير بالذكر أنه وفقا للمادة الأولى من قانون الطفل رقم 12 لسنة 1996 المعدل بالقانون رقم 126 لسنة 2008 تكفل الدولة حماية الطفولة والأمومة ، وترعى الأطفال ،وتعمل على تهيئة الظروف المناسبة لتنشئتهم التنشئة الصحيحة من كافة النواحي في إطار من الحرية والكرامة الإنسانية كما تكفل الدولة ، كحد أدنى ،حقوق الطفل الواردة باتفاقية حقوق الطفل وغيرها من المواثيق الدولية ذات الصلة النافذة في مصر. وتنص المادة 96 من ذات القانون على أنه: " يعد الطفل معرضا للخطر ، إذا وجد في حالة تهدد سلامة التنشئة الواجب توافرها له ، وذلك في أي من الأحوال الآتية :1- إذا تعرض أمنه أو أخلاقه أو صحته أو حياته للخطر 2- إذا كانت ظروف تربيته في الأسرة أو المدرسة أو مؤسسات الرعاية أو غيرها من شأنها أن تعرضه للخطر أو كان معرضا للإهمال أو للإساءة أو العنف أو الاستغلال أو التشرد، وتنص المادة 99 مكرر على أنه " في حالات الخطر المحدق تقوم الإدارة العامة لنجدة الطفل بالمجلس القومي للطفولة والأمومة أو لجنة حماية أيهما أقرب باتخاذ ما يلزم من إجراءات عاجلة لإخراج الطفل من المكان الذي يتعرض فيه للخطر ونقله إلى مكان آمن بما في ذلك الاستعانة برجال السلطة عند الاقتضاء .ويعتبر خطرا محدقا كل عمل ايجابي أو سلبي يهدد حياة الطفل أو سلامته البدنية أو المعنوية على نحو لا يمكن تلافيه بمرور الوقت. وقد نص قانون الطفل على عقوبات محددة لمرتكبي تلك الجرائم، وأنشأ العديد من الالتزامات القانونية على عاتق الدولة بل والتزامات أدبية على عاتق كل من كان قادرا على إنقاذهم من الناس . و بموجب المادة 98 مكررا فانه على كل من علم بتعرض الطفل للخطر أن يقدم إليه ما في مكنته من المساعدة العاجلة الكفيلة بتوقي الخطر أو زواله عنه. وعلى المستوى الدولي فانه بموجب المادة 19 من الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل 1- تتخذ الدول الأطراف جميع التدابير التشريعية والإدارية والاجتماعية والتعليمية الملائمة لحماية الطفل من كافة أشكال العنف أو الضرر أو الإساءة البدنية أو العقلية أو الإهمال أو المعاملة المنطوية على إهمال أو إساءة المعاملة أو الاستغلال. 2-ينبغي أن تشمل هذه التدابير الوقائية، حسب الاقتضاء، إجراءات فعالة لوضع برامج اجتماعية لتوفير الدعم اللازم للطفل ولأولئك الذين يتعهدون الطفل برعايتهم، وكذلك للأشكال الأخرى من الوقاية، ولتحديد حالات إساءة معاملة الطفل المذكورة حتى الآن والإبلاغ عنها والإحالة بشأنها والتحقيق فيها ومعالجتها ومتابعتها وكذلك لتدخل القضاء حسب الاقتضاء, وما من ريب في أن توقى الخطر المحدق بأرواحهم يستلزم التدخل القضائي وغنى عن البيان, أن الأطفال هم الأكثر عرضة من غيرهم في مجال التأثير عليهم بصدد انتهاكات حقوق الإنسان وذلك لصغر سنهم وربما للحاجة والفقر والظروف الاجتماعية السيئة لبعضهم مما يثير فكرة مسئولية القائم باستخدامهم على المستوى الجنائي الدولي في هذه النزاعات لتحقيق أغراض سياسية وتعريض حياتهم للخطر والهلاك. والحق أنه يجب أن تسرى عليهم آليات العدالة الانتقالية في البحث عن الحقيقة وإصلاح المؤسسات المتصلة بالقيام على خدماتهم ورعايتهم ومعالجة آثار الانتهاكات المرتكبة في حقهم في الجرائم المماثلة. وفى هذا المجال فان الواقع الحديث لنشاط المحكمة الجنائية الدولية يكشف النقاب عن تطور لاحق خلاق في مجال التفسير لاختصاصاتها للتصدي للجرائم الدولية المرتكبة ضد الأطفال وفى فرع منها استخدامهم في تحقيق الأغراض السياسية مع تقديم حياتهم قرابين للسياسيين ومن ثم تعريضهم للقتل والهلاك وهو ما يستلزم من الحكومة المؤقتة دراسته خاصة انه ينطبق على هؤلاء الأطفال الذين لا يدركون الدوافع المغرضة لأهداف السياسة التي تتعارض مع الطهارة والبراءة التي تتميز بها أرواح الأطفال، لتفقد مصر رصيدها من الظلال الممدودة والطاقات المحشودة والآمال المنشودة