"مطلوب حيا أو ميتا"...."الشرطة تطارد روبن هود شيكاغو" ...."المافيا تساعد الشرطة في القبض عليه" كلها لوحات تصدرت شوارع ولاية "شيكاغو" تتحدث عن لص خطير عرف في وقت كساد عاشته الولاياتالمتحدة. إنه "جون ديلينجر" أشهر لص مصارف في تاريخ الولاياتالمتحدةالأمريكية و لعل شخصيته المثيرة للجدل جعلت الكثيرين يستوحون منها قصص و سيناريوهات فنية. يكاد يكون "جون" اللص الوحيد الذي له محبين و أشخاص يرون أنه لا يستحق أبدا النهاية التي ألمت به فهو اللص ذو القلب الطيب الذي كان يساعد الفقراء من خلال السرقة متشبها في ذلك بشخصية "روبن هود"، في حين يرى آخرون أنه لص استغل الظروف الصعبة التي مرت بها بلده ليستبيح أموال الآخرين. ولد "جون هيربيرت ديلينجر" في يونيو عام 1903 في "انديانا" لقب ب"الأرنب" لحركاته الرشيقة و قدرته على الهروب من الشرطة في كل مرة يقوم فيها بالسرقة دون أن يتمكن أحد من ملاحقته. كانت طفولة "ديلينجر" مرحة كان طفلا محبوبا ،كان والده يمتلك محل بقالة صغيرا ،توفت والدته و هو لازال طفلا صغيرا عمره ثلاث سنوات و عاش تحت رعاية شقيقته الكبرى. أراد والده أن يربيه تربية سليمة فكان تارة قاسيا معه و تارة أخرى حنونا. لم يستكمل "ديلينجر" تعليمه فخرج من المدرسة في سن ال16 و كان السبب في ذلك رغبته في العمل و جمع مال وفير،وعلى الرغم أن ذلك القرار لم يوافق عليه الأب إلا أن "ديلينجر" كان مصمما و نفذ ما أراد. انضم للقوات البحرية إلا أنه تم طرده من الخدمة العسكرية بعد خمسة شهور فقط حيث أنه لم يكن من نوعية الفتيان الذين يخضعون للأوامر. و على الرغم من عدم حصوله على فرصة عمل جيدة إلا انه تزوج و انتقل مع زوجته ليعيشا في منزل والديها و هناك استطاع أن يحصل على وظيفة في متجر للمفروشات. و بعدها بفترة قصيرة ارتكب أول سرقة له و عاونه شريك له يكبره في السن و كانت العملية عبارة عن مهاجمة محل بقالة وفشلت العملية و القي القبض عليه و حكم عليه بالسجن من 10 إلى 15 سنة. و من خلال عشرته لرفقاء السجن تعلم منهم طرق سرقة البنوك و كيف يهرب من الشرطة ببراعة ،و بعد سجنه بفترة بسيطة استطاع "ديلينجر" الهرب ببساطة و خرج يتنقل من ولاية إلى ولاية و يتفنن في سرقة البنوك دون أن يشعر أحد به أو بشركائه و ازداد تعلق الناس به و حبهم له لقيامه بتوزيع ما يسرق و إعطائه للفقراء حتى أن البعض لقبه ب"روبن هود الحقيقي" الذي كان يسرق ليعطي الفقراء. و على الرغم من انشغاله بعمله إلا أن ذلك لم يمنعه من الاهتمام بحياته الخاصة فأثناء وجوده في السجن انفصل عن زوجته و كان ذلك بناء على رغبتها و بعد سطوع نجمه في عالم السرقة وقع في حب "إيفلين بيلي فريشيت" على الرغم من كثرة الفتيات من حوله و كان يثق فيها ثقة عمياء. في عام 1934 قتل ضابط شرطة على يد "ديلينجر" أثناء فراره بعد سرقته لبنك شرقي شيكاغو ، و بعد مرور عشرة أيام ألقي القبض على رجال "ديلينجر" و قام هو بعدها بتسليم نفسه بتهمة قتل ضابط شرطة و لكن بالتنسيق مع محاميه استطاع الهرب بعد فترة قصيرة من وجوده داخل السجن و خرج ليستكمل سرقاته مع استمرار حيرة رجال الشرطة. وذات قام رجال المباحث الفيدرالية بمداهمة منزله و فتحت لهم عشيقته "فريشيت" التي طلبت منهم الانتظار للحظات ثم دخلت لتهرب مع "ديلينجر"من إحدى نوافذ المنزل. و لكن تمت ملاحقتها فيما بعد و ألقي القبض عليها. و بعد هروبه مجددا من الشرطة و استمراره في سلسلة سرقات البنوك أطلقت المباحث الفيدرالية علية لقب "عدو الشعب الأول" و قررت منح من يرشد الشرطة عنه مبلغ عشرة ألاف دولار. انتقل بعد ذلك للاختباء في منزل إحدى صديقاته "أنا ساج" ، التي خدعته و قامت بعمل صفقة مع "ميلفن بورفيس" –وكيل مكتب التحقيقات بالمباحث الفيدرالية- على تسليم "ديلينجر". و كانت النهاية يوم 22 يوليو 1934 حيث دعا "ديلينجر" صديقتين له من بينهما "ساج" ليشاهدا فيلما في السينما و أثناء وجودهما بالداخل كان ينتظرهم "بورفيس" و باقي رجال المباحث في الخارج و أثناء خروجهم رآهم "ديلينجر" فحاول الفرار إلا أن المباحث أخذت تطارده و تبادلا إطلاق النار حتى أردوه قتيلا. أشاد الجميع بالمجهود الذي بذله وكيل تحقيقات المباحث الفيدرالية حتى أوقع ب"ديلينجر" و ساهمت تلك القضية في رفع شأنه إلا أن نهايته كانت مأساوية حيث أطلق النار على نفسه من نفس السلاح الذي قتل به "ديلينجر" بعد معاناته مع مرض السرطان. و يحيي بعض محبي "جون ديلينجر" ذكراه في ال 22 يوليو حيث يروه بطلا و لصا شريفا أراد مساعدة الفقراء و أسطورة حيرت رجال المباحث.