كعب الغزال يا متحني ..ع الرملة ..عراباوي ..أوعوا تحلوا المراكب..تحت الشجر يا وهيبة.. وطاير يا هوى..تلك الأغنيات التي عاشت وستظل بيننا لصاحب الصوت المميز المطرب الشعبي الفنان محمد رشدي، الذي رحل في 2 مايو 2005، بعد صراع طويل مع المرض. ولد محمد رشدي – صاحب ملحمة "أدهم الشرقاوي" - بمدينة دسوق بمحافظة كفر الشيخ في يوم 20 يوليو عام 1928 لأسرة فقيرة وحفظ القرآن الكريم في كتاب القرية، وأثناء الدراسة الابتدائية بدأ عشقه للغناء وهو طفل في الوقت ذاته كان يغني بمولد سيدي إبراهيم الدسوقي وأشادت بصوته كوكب الشرق أم كلثوم عندما سمعته أثناء زيارتها لمنزل الوفدي فريد زغلول، وقالت له جملتها الشهيرة "روح يا بني أنت مطرب"وطلبت من فريد زغلول مساعدته . جاء رشدي إلى القاهرة للالتحاق بمعهد الموسيقى وسكن في "لوكاندة الفردوس" بحي الحسين ثم انتقل بسبب الأزمة المالية التي كان يعانى منها إلى حجرة بباب الشعرية مع صديقة أحمد المنشاوي الذي كان يعمل ساعيا بمكتب محمد عبد الوهاب. طلب رشدي من صديقه رؤية مكتب عبد الوهاب فوافق وعندما دخل رشدي المكتب كان سعيدا لدرجة أنه وجد في سلة المهملات ورقا ممزقا لكلمات أغنية لم تنل إعجاب عبد الوهاب فأعجب بها رشدي ولحنها وكانت "سامع وساكت ليه " هى أول أغنية له. وظل رشدي يطوق لسماع عبد الوهاب مع صديقه ويتابع تجهيزاته لألحانه حتى أعجبته أغنية "أنت.. أنت " فغناها سنة 1948، وعندما غناها عبد الوهاب ترددت عبارات كثيرة بين جمهور المستمعين بأن المطرب الكبير قد غنى أغنية مطرب ناشئ واكتشف عبد الوهاب الأمر، فمنعه من دخول مكتبه. بدأ رشدي في التألق عندما التحق بفرقة بديعة مصابني، ثم تقابل مع فايق زغلول رقيب الموسيقيين الذي قدمه للإذاعة بأغنيته الأولى" سامع وساكت ليه "وحظيت على إعجاب الكثير ليصبح رشدي مطربا معتمدا بالإذاعة يغنى كل نصف شهر، وغنى في الدورة الثانية 3 أغنيات هى "ع الجبين مكتوب " و "حبيب مين " و "يا محيرين النوم". كانت نقطة انطلاق رشدي هى أغنية "قولوا لمأذون البلد" حيث تصادف إذاعتها في الراديو ليلة ثورة يوليو 1952 ومن هنا أصبح يطلق على رشدي "مطرب الثورة"، ثم سجل بعدها للإذاعة ملحمة "أدهم الشرقاوي" التي كانت السبب في إشعال الأزمة بين رشدي وعبد الحليم حافظ، حيث انتقد الكثيرون عبد الحليم عندما غنى ملحمة "أدهم الشرقاوي" واتهموه وقتها بأنه يتعدى على لون رشدي الغنائي، خاصة بعد أن بدأ حليم في غناء اللون الشعبي مثل "على حسب وداد " و التوبة وعاد حليم للأغاني الرومانسية وتألق رشدي " بعطشان يا صابايا " و "عدوية" ثم رد عليه حليم بأغنية " سواح "وظلت هذه المنافسة الشريفة بينهما حتى رحل عبد الحليم في مارس 1977 وشعر رشدي بعدها بالحزن الشديد لفقده منافس شريف. كانت الفترة الذهبية لمحمد شدي هي تلك التي التقى فيها بالفنان الكبير بليغ حمدي والشاعر الكبير عبد الرحمن الأبنودي ليكوّنا ثلاثيا فنياً عظيماً وكان هذا السبب لبداية انتشار الأغنية الشعبية، حيث غنى "وهيبة" من كلمات الأبنودي، ثم تعاون مع بليغ حمدي في "تغريبة " و "يا أم الطرحة معطرة" " و"القمر قمرين " و" م العين". ورغم اللون الذي تخصص فيه رشدي وهو الأغنية الشعبية إلا أنه قدم الأغاني الوطنية التي تغنت بانتصار الجيش المصري في حرب أكتوبر كما قدم أغنيات لتترات بعض المسلسلات منها مسلسل "لا إله إلا الله" و"ابن ماجة". شارك رشدي في العديد من الأفلام السينمائية ومنها فيلم "فرقة المرح" وفيلم "السيرك" مع حسن يوسف وسميرة أحمد ونبيلة عبيد ومحمد عوض وغنى فيه عددا من أجمل أغنياته. وشارك الفنان الراحل في أفلام سينمائية بلغت 6 أفلام منها "المارد" عام 1964 و"حارة السقايين" مع شريفة فاضل عام 1965، وشارك في بطولة فيلم "عدوية" مع ناهد شريف ونعمة مختار و"6 بنات وعريس" والسيرك مع حسن يوسف وسميرة أحمد في عام 1971 قدم "ورد وشوك" مع ناهد شريف ونوال أبو الفتوح ونجوى فؤاد وكان آخر الأعمال التي قدمها للسينما وقرر بعدها التفرغ فقط للغناء. اشتهر رشدي بمجموعة من الأغنيات فرصيده يصل إلى 500 أغنية منها "عرباوي" التي لحنها له الموسيقار حلمي بكر وغناها في فيلم "الزوج العازب" الذي قام ببطولته الفنان فريد شوقي والفنانة هند رستم وقدم أيضا أغنيات "كعب الغزال" و"عدوية". حصد المطرب الراحل العديد من شهادات التكريم والجوائز داخل مصر وخارجها إلا أنه يعتز بجائزة الدولة التقديرية بشكل خاص والتي حصل عليها نتيجة مجهوده الكبير ونشاطه الذي تجاوز النصف قرن من الزمان وكان آخر تكريم له بمهرجان الأغنية بالمغرب عام 2003 . كانت آخر أعمال رشدي التي صورها وحققت نجاحا كبيرا أغنية " دامت لمين" ضمن ألبوم حمل نفس الاسم وهى أغنية ما قبل الرحيل ويبدو أن كاتبه مصطفى كامل كتبها خصيصا له ليغنيها رشدي " قبل انسحابه من الحياة "، وقد حصل هذا الألبوم علي أكبر نسبة توزيع في المنطقة العربية كلها و تعاون فيه مع ملحنين وكتاب من أجيال مختلفة بما فيها الجيل الجديد. وفي يوم الاثنين الموافق 2 مايو عام 2005 توفي الفنان الكبير عن عمر يناهز ال 77 عاما بعد صراع طويل مع المرض، وكان قد دخل المستشفى بالتهاب رئوي حاد بالإضافة إلى إصابته بالفشل الكلوي الذي سبب له بعض المضاعفات الأخرى. وقال المطرب الشعبي الشهير وقتها ومن غرفته رقم 507 بمستشفى السلام الدولي إنه "مستسلم لأمر الله تعالى لأنها إرادته"