الرئيس المصري محمد مرسي ووزير الخارجية الأمريكي كيري قالت وكالة أنباء الأناضول التركية أن رد الخارجية الأمريكية على نظيرتها المصرية بشأن إدانة واشنطن للملاحقات القضائية لعدد من الإعلاميين في مصر، لا يتخطى كونه "مجرد رسائل عتاب" متبادلة للتعبير عن مواقف محددة تجاه قضايا بعينها. وأوضحت أنه "ما زال حبل الود موصولا بينهما"، وفقا لخبراء سياسيين تطابقت آرائهم في تصريحات لمراسلة "الأناضول". بداية هذه الرسائل من الجانب المصري كانت مع رفض حزب "الحرية والعدالة" الحاكم، تصريحات أدلت بها المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية فيكتوريا نولاند، بشأن أوامر ضبط وإحضار بحق إعلاميين مصريين، والتي رأتها نولاند "دليلا على اتجاه نحو تقييد أكبر لحرية التعبير". وهو ما اعتبره الحزب الحاكم في مصر "تدخلا سافرا من الولاياتالمتحدة في الشأن الداخلي المصري"، بعدها دخلت الخارجية المصرية على خط الرسائل المتبادلة، إذ قال المتحدث باسمها في بيان إن "حرية التعبير في وسائل الإعلام المصرية تعد أحد أهم مكتسبات الثورة التي كفلها الدستور". وأكد المتحدث على "استقلالية القضاء المصري والتزام الحكومة المصرية بعدم التدخل في القضايا المنظورة أمامه أو التعليق عليها". ومعلقة على إدانة "الحرية والعدالة" لتصريحاتها، قالت نولاند إنها لا تعبر عن آراءها الشخصية، وإنما آراء الإدارة الأمريكية. وأوضحت أن محور تصريحاتها كان "ضرورة تطبيق سيادة القانون بالشكل المناسب في جميع الظروف". ومضت قائلة إن "الولاياتالمتحدة تركز على هذا المحور مع أي بلد آخر"، خاتمة بأن بلادها "ترفض فكرة أنها تتدخل في الشئون المصرية". ما حدث بين واشنطنوالقاهرة، اعتبره أستاذ العلاقات الدولية في الجامعة الأمريكيةبواشنطن، إدموند غريب، "رسائل متبادلة بين الإدارة الأمريكية والنظام الحالي في مصر". وتابع: "من جهة هناك قلق لدى الإدارة الأمريكية بشأن القضايا التي تتعلق بدعم منظمات المجتمع المدني وحرية التعبير بالنسبة للإعلاميين وقمع المعارضة، ومن جهة أخرى هناك قلق لدى حكومة الرئيس المصري محمد مرسي بشأن التدخل في الشؤون المصرية". ورأى إدموند أن "الإدارة الأمريكية ما تزال تدعم النظام الحالي في مصر، غير أن قلقها دفعها إلى توجيه رسائل خاصة لا تخاطب بها النظام الحاكم فقط، وتختص بالحريات التي لطالما دافعت عنها واشنطن.. وقد دفعت رسائل واشنطن مؤسسة الرئاسة في القاهرة إلى إصدار بيان رسمي يحمل رسالة إلى الولاياتالمتحدة مفادها: لا نقود حملة ضد الإعلاميين". وهو نفسه ما تحدث عنه الناطق باسم النيابة العامة في مصر مصطفى دويدار، لمراسلة الأناضول، حيث قال إن "جميع البلاغات المقدمة ضد إعلاميين لم تتقدم بها مؤسسة الرئاسة، بل محامين ومنظمات حقوقية مصرية". ووفقا لتقارير إعلامية مصرية، فإن محاميي جماعة الإخوان المسلمين تقدموا بأربعة بلاغات، فيما تقدم عصام العريان نائب رئيس حزب الحرية والعدالة ببلاغ، إضافة إلى ثمانية بلاغات من محاميين ينتمون لتيارات إسلامية، بينهم ممدوح إسماعيل. أحدث هذه البلاغات كان ضد الإعلامي الساخر باسم يوسف؛ بتهمة ازدراء الإسلام وإهانة الرئيس وتكدير السلم العام، فضلا عن إنذار هيئة الاستثمار والمناطق الحرة لقناة "سي بي سي" التليفزيونية، التي يذاع عليها برنامج يوسف، بأن أحد البرامج الذي يذاع على شاشتها ارتكب مخالفات لشروط الترخيص التي ألزمت القناة نفسها بها". وعلى حد قول نائب رئيس هيئة الاستثمار عبد المنعم الألفي فإن "هذا البرنامج (يردد نشطاء أنه يقصد برنامج باسم يوسف) يستخدم ألفاظا خارجة وخادشة للحياء". وبحسب إدموند فإن "تقدم هؤلاء المحاميين ببلاغات يثير الأسئلة حول تطوعهم للدفاع عن الرئيس، خاصة مع انتمائهم للتيار الإسلامي". ويتهم أحد البلاغات الإعلامي المصري جابر القرموطي، مقدم برنامج "منشيت" على إحدى القنوات التليفزيونية الخاصة، بتكدير السلم العام وإهانة الرئيس. وبحسب الأكاديمي والخبير الإعلامي المصري، ياسر عبد العزيز، فإن "الولاياتالمتحدة تساند جماعة الإخوان المسلمين بشكل واضح في القضايا الاقليمية". قبل أن يستدرك قائلا: "لكن فيما يخص الإعلام ومسائل حقوق الإنسان والمرأة فمن الصعب ان تبتلع الإدارة الأمريكية الأخطاء الكبيرة.. ورغم كل شئ فإن حبل الود يظل موصولا بين واشنطنوالقاهرة، ولا يتخطى الأمر كونه رسائل من وإلى". ورأى عبد العزيز أن "جماعة الإخوان أصبح لديها قناعة بأن تخفيف الانتقاد الشعبي والشعور العارم بالغضب تجاه مستوى أداء السلطتين التنفيذية والتشريعية لن يأتي إلا بقمع الإعلام وتقييده من خلال تقديم البلاغات". وهي البلاغات التي انتقدها نشطاء سياسيون على مواقع للتواصل الاجتماعي، ولا سيما "فيس بوك" و"تويتر"، منددين باستخدام القانون ضد ما يعتبرونها "حرية تعبير عن الرأي". واستشهد هؤلاء ببرامج إعلامية غربية، على رأسها برنامج "ذا دايلي شو" The Daily Show" لمقدم البرامج الأمريكي الساخر، جون ستيوارت. ووفقا لأستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية في القاهرة، طارق فهمي، فإن "الثقافة المصرية لم تعتد توجيه النقد للرؤساء بهذه الطريقة، قائلاً:"الرئيس محمد أنور السادات كان يتعامل بمنطق الرئيس الملهم، ومرسي يتعامل بمنطق أنه خطيب وأستاذ جامعة، لذلك لا يجب أن يطاله النقد بهذا الشكل".