منذ ثلاثة أسابيع وأنا أعيش صباح كل يوم مع ملاك صغير لايتعدي عمره ثلاثين يوما له وجه مثل القمر ليلة اكتماله وعيون سوداء لامعة صغيرة مثله تماما ونظرة مازالت بريئة ونقية لم ير بها بعد ما يكدره أو يحزنه أو حتي يفرحه من هذه الحياة، بشرته ناعمة تخشي الشفاه خدشها عند تقبيلها لشدة رقتها، يبكي عند شعوره بثلاثة أشياء فقط الجوع، المغص، البلل فيم عدا هذه الاشياء الثلاثة لا يبكي! وفي هذه الحالة إما أن يكون نائما أو مستيقظا أو محلقا بنظراته غير الواعية إلي السماء، وفي احدي لحظات سكونه النادرة، أخذته إلي حضني وهمست في أذنه وسألته: فماذا تفكر يا حفيدي الجميل حتي ترتسم علي وجهك هذه الابتسامة الصافية؟ نظر إلي بعينه الصغيرتين ولم يجب وعرفت انه سعيد بوجوده في حضني الدافئ فازددت ضمه إلي صدري فبكي ونظر لي متوسلا: أن اخفف قبضة يداي من حوله وأخذت أهدهده وأتمتم له بأغنية لأمي كانت تغنيها بصوتها الحنون لامه عندما كانت في مثل عمره. رغم اني لدي حفيد آخر من ابنتي الكبري عمره ثلاث سنوات أشاهد معه أفلام الكرتون والسوبرمان إلا إنني افضل الكلام في السياسة مع حفيدي الجديد من ابنتي الاخري لأنه لن يقاطعني فيما أقوله.. سألته: كيف تري أحوالنا من عندك؟ هز رجليه الصغيرتين معترضا علي السؤال لأنه لم ير شيئا واضحا، فقلت له: إذا كانت الرؤية غير و اضحة قل لي ماذا تريد في الرئيس القادم؟.. نظر لي بعيونه الحلوين وابتسامة صافية ملأت وجه الصغير تفاؤلا فتخيلته يقول: نفسي في رئيس لديه القدرة علي سياسة البشر وشحذ هممهم وإطلاق الطاقات الكامنة لديهم بدافع من حبه وتقديره واحترامه لهم، ولديه الكفاءة لانتشالهم من مشاعر الهزيمة إلي آفاق النصر ومن هوة اليأس إلي ذروة الأمل، ومن حالة البلادة والسلبية واللامبالاة إلي حالة الدافعية العالية والفاعلية والحماس والانجاز وأن يكون لديه رؤية استراتيجية وآفاق واسعة للتفكير والتخطيط والعمل علي المدي الطويل مع معرفة عميقة بالأولويات والمسارات الرئيسية للعمل.. وقاطعت حفيدي بسؤال مباغت: يا تري فيمن تتوفر هذه الصفات في الشخصيات التي رشحت نفسها لرياسة مصر؟ لم يجبني الصغير وأخذ يبكي فأيقنت انه إما جائعا أو أنه يعاني من المغص أو قد أصابه البلل!