أهم نكتة تناقلها المواطنون المصريون بمناسبة انطلاق الحملة الانتخابية لرئاسة الجمهورية أنه صدر قرار بتوقيع غرامة مالية كبيرة علي من لم يرشح نفسه في هذه الانتخابات !! حيث من المتوقع أن ترشح أغلبية الشعب المصري نفسها، أما من لم يرشح نفسه فسوف يعاقب بالغرامة . العدد الكبير الذي رشح للرئاسة يعني أن كثيرا منهم لا يفهم قيمة وحجم ومكانة المنصب وأعباءه وبعضهم رشح نفسه لعمل " شو " إعلامي وسياسي قد يفيده في أمور مستقبلية ويكفيه الحصول علي مرشح سابق لرئاسة الجمهورية . الهزل في مسألة الترشيح جزء من الهزل العام، فسباق الانتخابات يشهد ظواهر غير مألوفة لدي الشعب المصري، كما أن تلك الحملات تعد ساذجة بالمقارنة بالحملات الرئاسية في الدول الغربية أو حتي الشرقية وآخرها حملة الرئيس الروسي بوتين الذي أعجبني أداؤه وخططه وفوزه . المرشحون في مصر وكما أشرت في مقالي الأسبوع الماضي يتعاملون حتي الآن بنظرية الفطير المشلتت، فهم يحرصون علي النشر والبث والإذاعة لجولاتهم أكثر مما يحرصون علي نشر برامجهم وقد تعطل نشر البرامج حتي الآن لدرجة أن البعض اعتقد أن المرشحين " مدكنين " علي البرامج حتي آخر لحظة ! علي اعتبار أن البرامج من الأسرار التي لا يجب أن يطلع عليها أحد حتي الناخبين أنفسهم .تعامل المرشحون مع المواطنين علي أساس منحهم ما يعجبهم من كلام أو وعود فإذا كان المرشح يخاطب الشباب فهو يعدهم بترشيح شاب نائبا له يكون عمره أقل من 45 سنة، هذا ما قاله بالفعل أحد أبرز المرشحين، ولا أعرف لماذا 45 سنة وليس 40 أو 35 سنة وهل ترتبط الكفاءة بعمر معين وهل وجود شاب معين وليس منتخبا في مثل هذا المنصب يكون لمصلحة الدولة أو سيكون ضد هذه المصلحة ؟ . الخلاصة أن بعض المرشحين يطلق الوعود بدون دراسة أو رؤية منطقية، المهم أن يرضي أكبر عدد ممكن من المواطنين . وبمناسبة الوعود، لم نسمع رأي المرشحين في معاهدة السلام مع إسرائيل، ولم نسمع رأيهم في توازن القوي الإقليمي بين مصر وإيران وتركيا والسعودية والدور المصري وكيفية استعادته، ولم نسمع عن توجه مصر النووي وهل ستقيم مصر مفاعلات نووية سلمية وهل ستكون تلك المفاعلات في الضبعة وهل يمكن لمرشح أن يعد بأن يخرج أهالي مطروح الذين احتلوا الضبعة بالقوة، وهل ستسعي مصر إلي امتلاك السلاح النووي في مواجهة التقلبات الحادثة في العالم وفي المنطقة، وهل ستحرص مصر علي تدعيم علاقاتها مع قوي كبري أخري بخلاف الولاياتالمتحدة مثل الصين وروسيا وغيرها . لم نسمع من مرشح خطة تفصيلية أو حتي إطار عام عن كيفية علاج الأزمة الاقتصادية والوضع المتأزم ومشاكل البطالة والصحة والعلاج والتعليم والإسكان ومشكلة أطفال الشوارع ومشكلة الأمن، لم نسمع عن كيفية تعظيم وتدعيم العلاقات مع الدول الشقيقة العربية والتي لا يمكن لمصر أن تنفصل عنها . لم نسمع عن خطة مرشح لمواجهة الفساد والمحسوبية . لم نعرف رأي المرشحين في مسألة المركزية أو اللامركزية وهل تبقي الإدارة المحلية أم تلغي والموقف من تعيين أو انتخاب المحافظين وهل يستمر العمل بنظام الانتخاب الحالي أو نستبدله. لم يعلن مرشح عن موقفه بالنسبة لتعيين أبناء ضباط الشرطة في الشرطة وتعيين أبناء القضاة في القضاء وتعيين أبناء أساتذة الجامعة في هيئات تدريس الجامعات وعمل أبناء المذيعين كمذيعين وأبناء الممثلين كممثلين ..إلخ . لم نسمع من مرشح أنه قدم إقرار الذمة المالية له ولأبنائه وأقاربه علي الأقل حتي الدرجة الثانية كل ما نسمعه كلام تافه مثل : لن أسمح لزوجتي بأن تطلق علي نفسها السيدة الأولي . سأجعل زوجتي تلازم المنزل ولا تفعل مثلما فعلت سوزان مبارك . أيها المرشح للرئاسة، المسألة ليست لعبة، اعلن عن برنامجك حتي تنال الاحترام.