المستشار زغلول البلشى فجأة.. توقف الكلام في الشارع المصري ووسائل الإعلام المختلفة عن الأحداث الجارية في البلاد.. الكل نسي محاكمة مبارك وأعوانه وقضية بورسعيد وأزمة البوتاجاز.. وتحول الجميع إلي الحديث عن موضوع واحد فقط وهو قضية التمويل الأجنبي. ومنذ أن خرجت علينا هيلاري كلينتون وزير الخارجية الأمريكية يوم الأربعاء بتصريح تؤكد منه قرب انتهاء مشكلة المتهمين الأمريكيين في مصر ثم تلا ذلك انسحاب رئيس محكمة جنايات القاهرة من القضية بحجة استشعار الحرج ثم المفاجأة بالسماح للأمريكيين الأربعة عشر بالسفر خارج البلاد بعد سداد 23 مليون جنيه كفالات. المستشار عبدالمعز إبراهيم اوضح ان قاضي التظلمات سمح بسفر المتهمين والتهم الموجهة إليهم عبارة عن مخالفات لن يزيد الحكم عليهم فيها بغرامة مالية.. بعض أصحاب الأغراض قالوا إن القضية بهذه قد هدمت من الأصل.. البعض الآخر قال إن وراء ما حدث اتفاق سياسي بين مصر وأمريكا حول هذه القضية وقد نجحت مصر في توجيه رسالة إلي أمريكا. وبعيدا عن الأقوال والمواقف المتباينة »أخبار اليوم« سألت رجال القانون عن الوضع القانوني للمتهمين في هذه القضية. يقول المستشار زغلول البلشي نائب رئيس محكمة النقض ان المتهمين الأمريكان الذين غادروا البلاد سوف تتم محاكمتهم غيابيا إذا لم يحضروا عندما يتم تحديد جلسة اخري. وفي حالة عدم حضورهم الي البلاد ... الاتفاقات الدولية لن تعطي مصر الحق في مطالبة أمريكا بتسليم مواطنيها الي السلطات المصرية ... وان تلك القوانين نصت فقط علي تسليم المصريين ! اما بالنسبة لتكييف القضية و وضعها القانوني حاليا فلا أحد يملك الآن ان يتحدث عن تكييف القضية والوضع القانوني الا المحكمة التي ستنظر وقائع الدعوي والتي ستقرأ أوراقها اما مايقال من تبريرات في وسائل الاعلام عن كواليس التنحي وقرار السفر فهذا مجرد تبريرات ولن تتضح الحقيقه الا عندما يقوم المستشار محمد شكري والمستشار عبد المعز ابراهيم بتقديم مذكراتهما يشرحون فيها ماحدث . ويؤكد المستشار البلشي ان هناك مثلا فرنسيا يقول " أعطني وقائع ... وانا أعطيك القانون الذي يحكمها " وللأسف تلك القضية مايحدث فيها الآن من الحديث عن التدخل في القضاء والتأثير علي هيئة المحكمة سيؤثر بدوره علي الهيئة الجديده التي ستنظر القضية لأن وضعها سيكون حساسا. وفي نهاية حديثه يؤكد المستشار زغلول البلشي ان تكييف الوقائع من حق المحكمة التي تفصل في الدعوي ولا أحد يملك فرض تكييف معين علي المحكمة. ويقول المستشار اشرف ندا الرئيس بمحكمة إستئناف القاهرة اذا احيلت الدعوي الي محكمة الجنايات سواء كانت جنحة او جناية أو الاثنين معا فمحكمة الجنايات تختص بها. ويؤكد المستشار أشرف ندا انه بعد تنحي المستشار محمد شكري سوف تقوم محكمة الاستئناف بتحديد دائرة اخري وذلك بالقيد والوصف الذي أقرته النيابه في أوراقها. لكن في المرة الثانية سوف تتم محاكمة المتهمين وتصدر عليهم أحكام اذا ثبت ادانتهم غيابيا وبعدها سيكون الاجراء لهؤلاء المتهمين عمل ترقب و وصول للقبض عليهم في اي لحظة يصلون فيها الي مصر . ويقول بهاء أبو شقة محامي بالنقض انه ما دام قام قاضي التحقيق بوصف القضية بوصف معين فالاجراء المتبع قانونا والذي يتفق مع صحيح القانون وفقا لممارسته قانون الاجراءات الجنائية هو تحويل القضية بنفس القيد والوصف إلي المحكمة المختصة. ان من حق القاضي إذا إستشعر الحرج ان يتنحي عن نظر الدعوي أو القضية دون إبداء أي أسباب لان المسألة تتعلق بضمير القاضي وتتعلق بمبدأ قانوني وهو مبدأ حياد القاضي وهو ان يكون خالي الذهن ولا ان يكون هناك مؤثرات خارجية تؤثر في عقيدته ولا ينظر القضية الا من خلال الاوراق المطروحه أمامه وان القانون لايلزم القاضي بإبداء أسباب إستشعاره الحرج ... وبعدها تقوم محكمة الاستئناف بتحديد دائرة أخري وتنظر الدائرة الجديدة القضية وإذا المحكمة رأت تعديل القيد والوصف فهي تفعل ذلك طبقا لمواد القانون 307 و308 من قانون الاجراءات الجنائية. اما بالنسبة للمتهمين الذي صدر قرار بحظرهم من السفر فهؤلاء ستتم محاكمتهم غيابيا وليس من حقهم أن يحضرونا مدافعا ليدافع عنهم في حالة عدم حضورهم أمام المحكمة. ويؤكد نجيب جبرائيل رئيس منظمة الاتحاد المصري لحقوق الانسان ان موضوع قضية التمويل الاجنبي أثار جدلا شديدا وذلك لوقوع تلك القضية في خطأين احدهما قانوني وهو ان الواقعه من الاساس تشكل جنحة وليس جناية وبالتالي فإن المحكمة التي وافقت علي سفر المتهمين رأت ذلك وان العقوبة لاتتعدي الحبس أو الغرامة اما الامر الثاني فهو يختص بالعلاقات الدبلوماسية بين البلدين وحساسية تلك القضية ... وللاسف هذا الامر جعل البعض يشكك في نزاهة القضاء المصري والذي لايقبله أحد بأي شكل من الاشكال وذلك لان القضية الآن مازالت مطروحة امام القضاء ولعلاج تلك الاخطاء لابد من تشكيل لجنة للتحقيق فيها وللوصول الي الحقيقه.