وسط كل ما ترصده الساحة الدولية من توترات تنذر بصيف مشتعل بالحروب والازمات طرح الرئيس أوباما الاستراتيجية الامريكية للأمن القومي واعاد من خلالها ترتيب الاولويات الامريكية وتتسم استراتيجية الرئيس اوباما التي أعلن عنها اول امس بالتعامل مع جميع التحديات بقدر كبير من الحكمة كما تعتمد علي التعاون مع دول العالم الفاعلة في مواجهة هذه التحديات. وقد وضع الرئيس الامريكي تسوية النزاع العربي الاسرائيلي وقيام دولة فلسطينية الي جانب دولة اسرائيل في مقدمات اولويات هذه الاستراتيجية وفي هذا الاطار اشار الرئيس عرضاً الي اهمية استمرار الشراكة القوية مع اسرائيل ومساندة اندماجها مع دول المنطقة. وورد في نفس الوقت التزام باستمرار التعاون بشأن العلاقات الأمنية في المنطقة مع الدول العربية وفي مقدمتها مصر والاردن والمملكة العربية السعودية ودول الخليج. وطرح الرئيس الامريكي رؤيته بضرورة احياء القوة الاقتصادية والاخلاقية والخلاقة للولايات المتحدة اذا ارادت واشنطن ان تستمر في قيادة العالم. وتوضح هذه الاسترايتجية التي وردت في 25 صفحة ضرورة توجه الولاياتالمتحدة نحو وضع نظام دولي جديد يدعمه نظام من المؤسسات الدولية التي تتفق وواقع القرن الحادي والعشرين. وبعكس استراتيجية الرئيس السابق بوش التي قامت علي اساس الاندفاع الي سلسلة من الحروب الوقائية يري الرئيس اوباما ان علي الولاياتالمتحدة وهي تخوض الحروب المطروحة أمامها ان تري الافق فيما وراء وبعد هذه الحروب. ويجدر بالاشارة أن الاستراتيجية يجب أن تطرح سنوياً من قبل الرئيس وفقاً لقانون صدر عن الكونجرس في عام 6891 الا ان هذا القرار لم يلتزم به الرؤساء الأمريكيون حيث قدم الرئيس بوش بيانه بشأن الاستراتيجية التي يطرحها الرئيس بمثابة خارطة طريق تقوم اجهزة الدولة الرئيسية بوضع سياستها في اطار ما ورد بها من مباديء. وتتناول الاستراتيجية اربعة عناصر اساسية هي: الامن والرفاهية والقيم والنظام الدولي. وركزت الاستراتيجية في تناولها لقضية الامن علي ضرورة التعاون الدولي، وقد اشار الرئيس اوباما الي ذلك في الخطاب الذي ألقاه امام الخريجين بالأكاديمية العسكرية في وست بوينت عندما قال طرحه: ان الولاياتالمتحدة لم تحقق اي نجاح عندما عملت بعيداً عن التعاون الدولي. ولأول مرة تناولت الاستراتيجية الامريكية قضية الارهاب ليس فقط بأنها قضية فرضت من الخارج علي الولاياتالمتحدة بل تعرضت لحوادث الارهاب الداخلي التي يقوم بها مواطنون امريكيون خضعوا لتكتيك جديد وضح من جانب عصابات ارهابية وحددها التقرير اساساً بأنها القاعدة ورفض بصورة واضحة ما يطرح من أن الولاياتالمتحدة في حرب مع الاسلام والمجاهدين وفي الوقت الذي اكدت فيه الاستراتيجية بمكافحة الارهابيين مهما كانوا واينما كانوا اوضحت بأن التعامل مع هذه العناصر يجب ان يتم في اطار من الحكمة وبعيداً عن الاساليب التي تشعل مشاعر التطرف. والتزمت الاستراتيجية مرة اخري باغلاق معسكر جوانتانامو الا انها لم تطرح تفاصيل حول توقيت وكيفية اغلاق المعسكر وقد مد اوباما يده مجدداً من خلال هذه الاستراتيجية للتعاون مع العديد من الدول مشيراً الي التعاون الأوروبي الامريكي كحجر للزاوية ومؤكداً اهمية دعم الشراكة القوية مع القوي الآسيوية مثل اليابان وكوريا الجنوبية كما تعرض لضرورة دعم التعامل مع مراكز النفوذ التي تضم الاتحاد الروسي والصين والهند. وبصفة عامة جاءت هذه الاستراتيجية لتأكيد رغبة واشنطن في التعامل والتعاون مع دول العالم بعيداً عن فرض سياسة السيطرة والغرور.