ما بين عام المولد في 1928 وعام التنحي 2011 ثلاثة وثمانون عاما شهدت أحداثا ومواقف وانتصارات وانكسارات عاشها الرئيس السابق حسني مبارك الذي تربع علي عرش مصر علي مدي ثلاثين عاما، ومابين القصر الجمهوري وقفص الاتهام في محاكمة القرن محطات حياتية بها قليل من الايجابيات وكثير من السلبيات، ولكن جميعها تستحق التسجيل، والتوقف عندها. في الرابع من مايو عام 1928 وُلَد محمد حسني مبارك في قرية " كفر المصيلحة " التابعة لمركز شبين الكوم بمحافظة المنوفية، وفي مدرسة المساعي الثانوية بشبين الكوم أنهي تعليمه الثانوي، ثم التحق بالكلية الحربية، وفي فبراير من عام 1949حصل علي بكالوريوس العلوم العسكرية، وتخرج برتبة ملازم ثان، وعندما أعلنت كلية الطيران عن قبول دفعة جديدة من خريجي الكلية الحربية، تقدم مبارك للالتحاق بها، وفي مارس عام 1950 حصل علي بكالوريوس علوم الطيران، وفي عام 1964 تلقي دراسات عليا بأكاديمية فرونز العسكرية بالاتحاد السوفيتي. وتدرج حسني مبارك في الوظائف العسكرية فور تخرجه حتي أصبح رئيسا لأركان حرب الكلية الجوية. تجربة الأسر وفي عام 1964 عاش حسني مبارك تجربة الأسر في المغرب عندما نزل برفقة ضباط مصريين اضطراريا علي متن مروحية خلال "حرب الرمال" التي نشبت بين المغرب والجزائر، وكان مبارك وقتها قائد سرب في القوات الجوية أرسله جمال عبدالناصر إلي الجزائر ليعرف متطلبات الجيش الجزائري من السلاح في حربه ضد المملكة المغربية، وقد تم أسره برفقة ضباط مصريين وجزائريين في منطقة "عين الشواطر" في الصحراء المغربية، وبسبب ما اعتبره الراحل الحسن الثاني تدخلا مصريا في صراعه مع نظام بن بلة في الجزائر، قام باستدعاء سفير المملكة في مصر وطرد حوالي 350 معلما مصريا ومنع كل ما يمت بصلة لمصر من التداول في المغرب، بما في ذلك الأعمال الفنية المصرية. وعندما حققت المغرب انتصارا كبيرا في "حرب الرمال" تدخلت الجامعة العربية ومنظمة الوحدة الأفريقية لعقد صلح بين الجزائر والمغرب، وتم الاتفاق علي وقف إطلاق النار في باماكو المالية يوم 29 أكتوبر 1963 وعادت المياه إلي مجاريها بين المغرب ومصر، حيث قبِل الراحل الحسن الثاني الدعوة الرسمية التي وُجهَت له لزيارة الجمهورية العربية المتحدة آنذاك، وفي تلك الزيارة أعاد الملك الراحل الحسن الثاني الضباط المصريين الأسري بزيهم العسكري وكان من ضمنهم حسني مبارك. وعندما أعلن السادات تشكيل الحزب الوطني الديمقراطي برئاسته في يوليو 1978، عين حسني مبارك نائبا لرئيس الحزب. رئاسة الجمهورية وفي 14 أكتوبر 1981 تولي مبارك رئاسة جمهورية مصر العربية، بعدما تم الاستفتاء عليه بعد ترشيح مجلس الشعب له في استفتاء شعبي.. وفي 5 أكتوبر 1987 أُعيد الاستفتاء عليه رئيساً للجمهورية لفترة رئاسية ثانية، وفي عام 1993 أُعيد الاستفتاء عليه رئيساً للجمهورية لفترة رئاسية ثالثة، وفي سبتمبر 1999 أُعيد الاستفتاء عليه رئيساً للجمهورية لفترة رئاسية رابعة. كما تم انتخابه لفترة ولاية جديدة عام 2005 في أول انتخابات رئاسية تعددية تشهدها مصر عقب إجراء تعديل دستوري في ظل انتخابات شهدت أعمال عنف واعتقالات لمرشحي المعارضة، ومن بعد هذه الانتخابات بدأت تظهر في الأفق بوادر سيناريو توريث الحكم لنجله جمال. وفي الاعوام العشرة الأخيرة من حكم مبارك تزايدت الاضرابات العمالية وانتشرت ظاهرة التعذيب في مراكز الشرطة، وازداد عدد المعتقلين في السجون، إذ وصل عدد المعتقلين السياسيين إلي ما يقرب من ثمانية عشر ألف معتقل إداري الجسر البري وفي مايو 2007 عارض الرئيس مبارك بشدة مشروعا مقترحا لبناء جسر بري يربط مصر والسعودية عبر جزيرة تيران في خليج العقبة بين رأس حميد في تبوك شمال السعودية، ومنتجع شرم الشيخ المصري لتسيير حركة تنقل الحجاج ونقل البضائع بين البلدين ولكن الرئيس رفض حتي لا يؤثر علي المنتجعات السياحية في مدينة شرم الشيخ. وفي الفترة من عام 2005 وحتي عام 2011 زادت المظاهرات ضد نظام مبارك حتي جاء يوم 25 يناير 2011 وفيه بدأت موجة كبيرة من التظاهرات تحولت فيما بعد إلي ثورة شعبية أسقطت نظام مبارك في 11 فبراير من العام الماضي لتكتب النهاية لنظام استمر 30 عاماً.