محىى الدىن اللاذقانى مفكر سورى هل نجح السناريو الخليجي لليمن حتي تفكر الجامعة العربية بامكانية إعادة تطبيقه في سوريا؟ من مؤشرات سرعة التفاؤل العربي بهذا السيناريو أن المجلس الوزاري العربي اقترح تطبيقه في سوريا يوم خروج علي عبد الله صالح من صنعاء الي مسقط قبل ان يغادرها الي الولاياتالمتحدة، أو ربما لم يجد المحرجون في الجامعة العربية غيره مع وصول المبادرة العربية الي طريق مسدود لكن هل تأكد أحد قبل استيراد السيناريو اليمني لاقطار اخري يتشبث حكامها بكراسيهم مهما كلف الثمن أنه سيناريو يحقق الغرض الذي وضع من اجله وهو إعادة الاستقرار والهدوء للبلاد بعد ثورات عاصفة يراد وأدها؟ ان خروج الرئيس للعلاج وتركه لابنه علي رأس الحرس الجمهوري ولابن أخيه علي رأس القوة الجوية ولثلاث وأربعين من أقاربه اللصيقين في قيادة مفاصل ومؤسسات حيوية في الدولة لا يعني أنه فقد السلطة، فرجاله ما يزالون فيها ويستطيع باسندوة رئيس الحكومة الجديد ان يبكي ما شاء له البكاء كما بكي يوم التصويت علي قرار منح الحصانة لمن يعرف ومتأكد أنه مرتكب جرائم. وعلي ذكر الحصانات لابد من الاشارة هنا الي أن العرب الذين عاشوا في ظل ديكتاتوريات هتكت كل القوانين بدأوا يخلقون نتيجة تهربهم من استحقاقات العدالة الانتقالية محليا مشكلة علي صعيد العدالة الدولية فالمبدأ المعمول به حاليا ان القانون الدولي له أولوية في التنفيذ علي أي قانون محلي، وبالتالي فان اي حصانة تمنح لاي ديكتاتور هي قابلة للنقض وغير معترف بها كما جاء علي لسان نافي بيلاي مفوضة حقوق الانسان في الأممالمتحدة التي تشتغل علي ملفي بشار وصالح معا وتستعجل ايصالهما لمحكمة الجنايات الدولية. لقد ترك الرئيس اليمني خلفه غير الاقارب الذين يسيطرون علي مفاصل الدولة صراعا قبليا وانشقاقات داخل الجيش والشرطة، ونزاعات انفصالية في الجنوب وعند الحوثيين وبالتالي فان الحديث عن استقرار البلاد بخروج شخص واحد دون ايجاد علاج لهذه المشاكل المتفجرة والمتراكمة لا يعني الكثير، فاذا أضفت الي المشاكل الموجودة »الشماعة الدائمة« تنظيم القاعدة وقدرته علي التحرك بفاعلية في عدة محافظات تدرك أن الرئيس الذي استمات ليحصل علي لقب الرئيس السابق بدلا من الرئيس المخلوع ما كان يعمل علي ايجاد حلول بقدر ما كان يخلق مشاكل ليستفيد منها في البقاء رئيسا ابديا ولو كره الكارهون. وعلي هذا الصعيد فان القاعدة شكلت له وللقذافي من بعده ولبشار الأسد بعدهما ورقة مناسبة لتهديد الغرب نظريا، ولقمع أي تمرد داخلي عمليا بالادعاء أن كلا منهما يحارب أرهابيين مزعومين وعناصر خطيرة من تنظيم القاعدة. في سوريا علي سبيل المثال السلاح الوحيد الموجود خارج الجيش والامن هو سلاح الجيش الحر الذي يدافع عن المتظاهرين السلميين باسلحة خفيفة لكن النظام يصور الأمر دائما وكأن جيشه ومخابراته في حرب دائمة مع ارهابيين وسلفيين مدججين بكل انواع الاسلحة بل ويذهب به وباعلامه الامر الي حد تأليف إمارات اسلامية متخيلة، وامراء متطرفين ليسهل الدفاع عن الرواية الرسمية للديكتاتوريات العربية التي استفادت من القاعدة استفادات كبري ويعز عليها أن تغيبها عن المشهد الاعلامي - كما عز علي بوش تغيب زعيها - مع معرفة الجميع بأن ذلك التنظيم أنهك وافلس وتشظي بعد رحيل اسامة بن لادن ولم يعد له وجود مجسم الا في الاعلام الرسمي للديكتاتوريات العربية. وقد حسم النظام السوري أمر السيناريو اليمني برفضه، وبذا يكون قد فتح باب التدويل علي مصراعيه بقرار آخر ينقصه الذكاء يضاف الي قراراته الأخري التي تدل علي ارتباك واحساس عميق بالعزلة عن المحيطين العربي والاقليمي فالعراق صار يصوت علي قرارات ضده في الجامعة والسودان لم يعد عنده ما يقدمه له بعد تزويده بالدابي الذي قدم له خدمات جليلة ربما كان أثرها سيكون افضل واكثر فاعلية في بداية الثورة لا في نهاياتها، وبعد ان تراكمت الاكاذيب وبلغ الدم الركب. وعند هذا المفترق الصعب لم يبق عند الاسد الا موسكو وطهران، ومواقفهما ليست مضمونة باستمرار، فايران بعد الحظر النفطي لا تستطيع ان تمده بالمليارات كما كانت تفعل، وموسكو علي أبواب انتخابات رئاسية حاسمة تعيد بوتين للكرملين، وهذا أذكي من أن يقامر بالاستمرار في دعم سفاح لفظة شعبه وتم رسميا رفع الغطاء العربي عنه بمبادرة ملغومة عنوانها المضلل: نقل الصلاحيات الي النائب.