نوال مصطفى إذا أحسست برغبة في الكلام والبوح.. أو شعرت بحاجة إلي صديق مخلص تودعه أدق أسرارك. إذا كنت تبحث عن حل لمشكلة تؤرقك..فاكتب إلينا.. وستجدنا دائما في انتظار رسائلك الخاصة جدًا ماذا يمكن أن يفعل الإنسان إذا وجد نفسه وحيداً رغم وجوده الي جانب أصدقائه؟ غريباً في بيت وكنف والديه؟ انطوائياً بين عشرات ممن يطلبون الاقتراب منه وتكوين صداقات حقيقية معه؟ أنا فتاة أبلغ من العمر 91 عاماً أنهيت الآن مرحلتي الثانوية ولظروف عائلية خاصة بعمل أبي فإنني قد ولدت في إحدي الدول العربية وعشت هناك فترة طفولتي الاولي ثم أتيت الي مصر مع أبي وأمي لأشعر بوحشة غريبة ها هنا لماذا؟ لأنني سيدتي ليس لي أشقاء بل لي أخ وأخت من أبي والدتهم متوفية، وهما يبكراني بمراحل ويعيشان في بلد والدتهم ومتزوجان من هناك، وحتي عندما كانا يعيشان معنا في البيت كانت جسور التواصل بيننا منقطعة تماماً بسبب الفارق الكبير في السن. هذا من ناحية، ومن ناحية أخري، فإنني ليس لدي أقارب ممن هم في مثل سني، وبالتالي فلا أمتلك صداقات من داخل العائلة، وقد أدي ذلك الي نشأتي بطباع انطوائية للغاية، وعندما أتيت الي مصر وبدأت أحتك بالمجتمع المحيط لم أتمكن من الذوبان فيه سواء في المدرسة أو في الشارع أو حتي في البيت لأن أبي يبلغ من العمر 56 عاماً، ولا أشعر بقربه مني إلا نادراً، كما أنه أصبح أكثر عصبية منذ أتينا الي مصر وشعرنا بالفارق الكبير بين الحياة هنا وهناك من جميع النواحي. أنا لا أحن الي المكان الذي عشت فيه طفولتي بقدر حنيني الي الصداقات التي كونتها في صغري وكنت أخطط لأن تكون هي صداقاتي الأبدية، لكن القدر أتي ليجهض أحلامي البريئة وأنا طفلة، ويربك حساباتي بما لم أكن أتمني، وأريد أن أوضح لك سيدتي أنني أعيش هنا في مصر شبه وحيدة حتي وأنا محاطة بالكثير من زميلاتي في الدراسة، حتي أوقات الراحة أحبس نفسي حتي لا أختلط بأحد وقررت هذا العام أن التحق بالجامعة إنتساب حتي أمنع نفسي من الحرج الذي أتعرض له. في الفترة الأخيرة زاد وزني بشكل ملحوظ، وهو ما زاد الطين بلة لدي، وأضاف الي آلامي النفسية آلاماً أخري، ولجأت الي الإنترنت لأبحث عن أصدقاء إفتراضيين بعد ان فشلت في تكوين صداقات حقيقية من لحم ودم. أريد أن أكتسب القوة والإرادة والثقة بالنفس.. أريد ان أنضم الي مجتمعي بشكل طبيعي كما أري كل من حولي يفعلون.. أريد أن أرتقي بحالتي النفسية لكي أواجه هذا التيار من الوحدة والانطوائية الذي يعزلني عن الناس.. بالله عليك دليني.. ماذا أفعل؟! المعذبة »ش« الكاتبة: آلمتني كثيراً رسالتك فليس هناك شعور أقسي من الغربة وأنت صغيرتي تشعرين بالغربة والاغتراب معاً الغربة في مصر حيث ولدت ونشأت في فيينا وهناك نمت صداقاتك وتكونت علاقتك بالعالم لكنك فجأة ولظروف عائلية خاصة انتقلت للعيش في مصر وهنا بدأت مشكلة الاغتراب أي أنك تشعرين أنك غريبة في وطنك، ورغم أنك بين أهلك وزملائك! مشكلة رهيبة اسمها عدم القدرة التكيف أو التأقلم مع الحياة، وهي التي دفعتك الي الانطواء والإنزواء، الإستسلام للسمنة وهذا نتيجة لليأس المطبق علي حياتك. وهنا أهمس بالعتاب علي الوالدين اللذين يتخذان قراراتهما المصيرية بمعزل عن دراسة أثر تلك القرارات علي حياة ابنائهم ثم يفاجأون بمشكلات صعبة ومآس أليمة نتيجة لتلك القرارات التي لم يؤخذ فيها الإعتبار الواجب لمصلحة الأولاد. أياً كان السبب فالنتيجة الآن أنك تواجهين حالة نفسية صعبة نتيجة عدم قدرتك علي التأقلم في المناخ الجديد وإذا تم إهمال ذلك أيضاً فسوف تقعين فريسة الاكتئاب وهذا مالا نريده ولا نتمناه. رجائي أن تلجأي الي طبيب أو طبيبة نفسية لمواجهة هذه الحالة وأرجو أن تخبري والديك بما تشعرين وتطلبين منهما مساعدتك علي اجتياز هذه الأزمة باللجوء الي إخصائي نفسي أرجو ألا تتأخري في ذلك حتي لا يزداد شعورك بالاغتراب والإنطواء.