بعد غد الاثنين، تبدأ الدراسة في أحدث وأول مدرسة من نوعها بالعاصمة الفرنسية باريس والتي يلتحق بها فقط من يرغبون في العمل بوظيفة »بواب«!! أول سؤال يتبادر إلي الذهن .. هل يحتاج البواب لمدرسة يتعلم فيها الجلوس علي الدكة أمام العقار أو شراء بعض احتياجات السكان من السوق أو تحيتهم عند الدخول أو الخروج وهي المهام التي يقوم بها أي بواب في البلاد النامية ولا أقول المتخلفة؟! الفرنسيون لهم رأي آخر.. فأول شروط الالتحاق »بمدرسة البوابين« أن يكون الطالب خاليا من الأمراض العضوية أو النفسية، ومدة الدراسة 004 ساعة يتم تقسيمها علي محاضرات نظرية وعملية وتشمل العديد من العلوم والمعارف التي لا يتصور أحد ضرورة توافرها في البواب، علي الأقل من وجهة نظرنا.. يدرس الطلبة والطالبات في هذه المدرسة منهجا مكثفا في التمريض والاسعافات الاولية وصيانة الأدوات الصحية والكهرباء والمصاعد وكاميرات المراقبة.. وبالإضافة إلي ذلك يتلقي بواب المستقبل دورات في الكمبيوتر والإنترنت وإحدي اللغات الأجنبية، ومباديء علم النفس ودراسات تمهيدية في القانون خاصة ما يتعلق بقوانين الإسكان في فرنسا.. وبعد أن ينجح الطالب في كل هذه المواد يتم الحاقه بدورات عملية في عمارات سكنية أو منشآت عامة بجانب أحد البوابين المحترفين ليقوم بتطبيق المهارات والمناهج النظرية التي تعلمها في المدرسة. وبعد ذلك يحصل الطالب علي شهادة رسمية بصلاحيته للعمل كبواب.. مدارس البوابين يتم تمويلها من المؤسسات الرسمية الفرنسية. وتلتزم المدرسة بأن تجد عملا لخريجيها في المنشآت الحكومية أو المباني السكنية كما تلتزم بتوفير مسكن ملائم للخريج البواب في المبني الذي يتم إلحاق للعمل به.. أن إنشاء مدارس متخصصة للبوابين كان نتيجة مباشرة لتقرير حكومي صدر قبل عامين يؤكد ضرورة تطوير مهنة البواب وتحسين ظروف العمل بها باعتبار البواب من العناصر المهمة في الحياة الآمنة للسكان والمواطنين.. حكاية مدرسة البوابين في فرنسا ترجع أهميتها إلي انها تعكس اهتمام الحكومة بالسلبيات التي يواجهها المجتمع .. فالمهمة الأولي للحكومة في هذه الدول الديمقراطية هي حل مشكلات المجتمع مهما كانت تبدو صغيرة. ومقارنة بسيطة تكشف مدي الاستهتار أو اللامبالاة التي تبديها السلطات في بلادنا تجاه العديد من الحرف والمهن والأنشطة المرتبطة بحياة المواطنين وما يتعرض له الناس من معاناة وربما كوارث بسبب افتقاد اصحاب الحرف المختلفة لابسط المقومات والمؤهلات بينما الحكومة مشغولة بما يسمي القضايا الاستراتيجية ! أيها السادة.. نحن في حاجة لقدر من الاهتمام بمشاكلنا الحقيقة التي تراها الحكومة تافهة، بدلا من تجاهلها كما يحدث الآن.. الخطوة الأولي في هذا الاتجاه ربما تكون هي الغاء كلمة الفهلوة من قاموس حياتنا ونسيان الكثير من شعارات المصريين مثل »احنا خرمنا التعريفة« و»احنا اللي دهنا الهوا دوكو«!