قبل أن يتعافي القلب من أحزانه علي أحداث ماسبيرو المؤلمة وما تشهده الأمة من أوجاع تكاد تقضي علي الأخضر واليابس أتلقي خبر رحيل صديقين عزيزين ارتبطت بهما علي مدي 53 عاماً منذ بداية عملي الصحفي وحتي الآن حيث فقدنا الإعلامي الكبير أحمد الحملي والفنان القدير عمر الحريري. وأحمد الحملي لمن لا يعرفه هو خبير الشئون الإسرائيلية ورئيس الإذاعة العبرية براديو القاهرة ثم وكيل وزارة الإعلام رئيس شبكة الإذاعات الموجهة الذي لعب دوراً كبيراً خلال أحداث حرب أكتوبر 37 وكان لفترة طويلة من الوقت المترجم الخاص للرئيس الراحل أنور السادات في مؤتمراته الصحفية مع القادة الإسرائيليين وهو إلي جانب ذلك صاحب العديد من الدراسات والمؤلفات عن القضية الفلسطينية والصراع العربي الإسرائيلي وقد تم تكريمه بحصوله علي وسام الجمهورية من الطبقة الأولي. وقد أسعدني حظي أن أكون بالقرب من أحمد الحملي طوال فترة عمله وأشهد أنه كان واحداً من فرسان الإعلام المصري وأشهد أنه أسهم ببرامجه في الراديو ومن خلال شاشة التليفزيون في مواجهة قضايا كثيرة ساخنة صبت كلها في صالح الأمن القومي المصري. وعلي الرغم من قسوة المرض الذي تعرض له أحمد الحملي خلال السنوات الماضية الا انه لم يستسلم له وظل مقاتلاً بصوته وقلمه حتي رحل عنا مساء الجمعة 41 أكتوبر الحالي ليموت مثل الأشجار واقفاً يذوب عشقاً في تراب مصر. ويشاء قدري ان يكون يوم الجمعة أيضاً 41 أكتوبر الحالي هو يوم وداعي لآخر مرة بالفنان الكبير عمر الحريري حيث اتصلت به في المساء ليكون ضيفي في باب »علقة تفوت« الذي أقدمه اسبوعياً في ملحق »النهارده أجازة« بأخبار اليوم فإذا به يخبرني بمرضه وبأنه غادر المستشفي منذ عدة ساعات وقال لي انه لو أمد الله في عمره سوف يتحدث معي في الاسبوع المقبل. وفي الساعات الأولي من صباح الاثنين الماضي يرحل صديق عمري القدير عمر الحريري قبل ان يفي بوعده معي ويقدم ذكرياته لباب »علقة تفوت« بملحق »أخبار اليوم« حيث حرمني القدر من فرصة وداعه والاستماع إلي جزء مهم من تاريخه علي المستوي الشخصي خلال سنوات طفولته وشبابه فقد كان إنساناً رقيقاً وفناناً رائعاً صاحب مدرسة خاصة في الأداء لم يصل إليها أحد حتي الآن. رحم الله العملاق عمر الحريري الذي عاش ومات وهو ملء السمع والبصر وترك من وراءه رصيداً من الأعمال الفنية تؤكد علو قدره وقامته الشامخة التي لا تنحني أبداً إلا لله سبحانه وتعالي.