متي تتساقط ثمار النمو في حجر الفقراء؟ . سؤال سئمت من البحث عن توقيت حدوثه منذ أن كان جمال مبارك وأقرانه من رجال الأعمال علي منصات صناعة القرار في زمن فات، ومازال السأم يراودني حتي الآن . فقد عاد الحديث ذاته يتصدر الموائد. أول أمس أفتح الأيميل الخاص بي لأجد تذكيرا بأنه يجري علي الهواء تسجيل لجلسة بإحدي قاعات البنك الدولي بواشنطن خلال إجتماعات الربيع لأكبر مؤسستين ماليتين في العالم، (الصندوق والبنك الدوليين) اللذين يحملان في رقبتهما ذنوب الفقراء. الإجتماع يحمل عنوانا شيقا »كيف يساهم النمو في خدمة الفقراء». وأحسست أنني أخيرا سأحظي بالإجابة علي السؤال من »فم حاملي الذنوب» أنصت السمع، وتركت عيناي لتتسع مقلاتها بأقصي ماتستطيعان. تحدث المسئول المكسيكي، ورجل الأعمال الإيطالي، وكبيرة الإقتصاديين في البنك عن إتساع القلاقل الإجتماعية، وعن السندات الخضراء، وعن حق من هم في قاع المجتمع لإمتلاك حسابات بنكية. ولكن لم يملك أحد منهم الإجابة عن الكيفية التي يكون معها النمو عاملا لإخراج الفقراء من فقرهم، أوسندا لظهر من يقفون علي الحافة قبل وقوعهم في ذات الحفرة. وكنت قبل متابعة إجتماعات الربيع عائدة لتوي من معهد التخطيط حيث أطلق أول تقرير عن »حالة التنمية في مصر». ويهدف كما يقول مدير المعهد الدكتور علاء زهران إلي تقييم الأداء التنموي في ضوء رؤية مصر 2030، ويقيس أي من تلك المستهدفات من المتوقع تنفيذها، وتلك التي يصعب تحقيقها. وعند مؤشرات العدالة الإجتماعية كان مايصعب تحقيقه هو الأبرز (وربما هذا يحسب للتقرير) الذي يخرج من جهة بحثية تابعة لوزارة التخطيط صاحبة الإستراتيجية. ولإن الفقر من تلك المؤشرات فكانت الإشارة واجبة من أن نسبة الفقر ارتفعت من 25.2% في 2010/2011 إلي 27.8% بعدها بخمس سنوات تبعا لجهاز الإحصاء. وكان الأمر أكثر صعوبة عندما تم قياس الفقر بمؤشر البنك الدولي وهو الخط الأحدث الذي يحسب عند 5.5 دولار يوميا بالقوي الشرائية للدولار الامريكي في 2011 فتصبح نسبة الفقر 62%. وكانت الفجوة الجغرافية للفقر هي الأخري مؤشرا حيث يتركز الفقر في الوجه القبلي . ولم يتحسن مؤشر العدالة في توزيع الدخل طوال الفترة مابين 2011 و2013. وكان أهل الريف أكثر حظا من المدن من حيث العدالة في توزيع الدخول. وهنا يلفت التقرير النظر إلي أن مستهدف الإقتراب من المساواة في الدخول لن يتحقق العام المقبل كما تطمح الإستراتيجية.وهناك مستهدفات أخري يصعب تحقيقها مثل نسبة التسرب من التعليم ومتوسط عدد التلاميذ في الفصل ومتوسط نصيب الطالب من الإنفاق علي التعليم خاصة مع تراجع نسبة مايحصل عليه التعليم من الانفاق العام . وربما التقرير زاد من سأم السؤال ماذا يستفيد الفقراء من النمو الذي يعتمد بالأساس علي الإتصالات والتشييد والسياحة بينما تتراجع الصناعة والزراعة وهما أساس التنمية.