اعترف بأنني لم آخذ استراتيجية 2030 التي أعلنت عنها وزارة التخطيط مأخذ الجد. فكلما بدأت في قراءة مستهدفاتها، وهي وضع الاقتصاد المصري بعد 13 عاما علي قائمة أفضل 30 اقتصادا في العالم من حيث التنمية، والتنافسية، ومكافحة الفساد، والعدالة الإجتماعية. أجدني أغلق جهاز الكمبيوتر، ولا أكمل القراءة. العدالة الإجتماعية كيف؟. والأحوال تسير نحو مزيد من سوء توزيع الدخل وتحاصرني فورا صور الإعلانات عن قصور في الساحل الشمالي، يكفي ثمن شراء واحد منها لإستكمال شبكة صرف صحي لإحدي النجوع في اسيوط، أو يطالعني اعلان آخر عن حفلة لمطرب شهير ينفق يومها مواطن الساحل مايكفي لستر عشرات من الأسر ببناء سقوف لبيوتهم قبل الشتاء، في إحد مراكز سوهاج . ولكن هده المرة ماشجعني علي استكمال قراءة بقية الإستراتيجية، تلك المناقشات الجادة حول المستهدفات في مؤتمر جمع خبراء وزارة التخطيط مع الصحفيين في شعبة المحررين الاقتصاديين. وبالرغم من اقتناعي بعدم منطقية المستهدفات خاصة ما يتعلق ببند العدالة. إلا أن اجتهاد وحماس خبراء الوزارة في وضع مؤشرات كمية ،يمكن القياس عليها، وعدم إخفاء حقيقة الأوضاع الحالية، جعلني اتغلب علي احباطي واستكمل التفاصيل. الإستراتيجية تضع مؤشرا لتخفيض الفجوة الجغرافية في معدل الفقر من 17% حاليا إلي 10% فقط بعد 3 سنوات من الآن. وإلي نصف الرقم الأخير بعد 13 عاما. هذا ماقالته الدكتورة نهال المغربل نائب وزيرة التخطيط . ولكن الذي لم تقله ،دون رغبه في إخفائه، ان معدل الفقر في عام 2015في سوهاج وأسيوط ،أي قبل قرارات التعويم ورفع الأسعارهو66%، بينما معدل الفقر في السويس علي سبيل المثال 6.7% . فكيف تتحسن أوضاع الأسيطة والسوهاجيين لحد يقارب بين القجوات مع نظرائهم في المحافظات الأخري دون أي سياسات جادة لتخفيض الفقر؟. وبالطبع لايمكن التعويل علي برنامج (تكافل وكرامة) الذي لايعدو أن يحافظ علي الفقراء في نفس الخانة بدلا من وقوعهم لما هو أسوأ؟. وكيف نأمل أن تتحسن أحوال أهل الصعيد في الوقت الدي تتوزع فيه الإستثمارات في اتجاه عكس المحافظات الأكثر فقرا، والأكثر بطالة، بينما القاهرة الكبري تستحوذ علي أعلي نسبة من الإستثمارات. طبقا لماتظهره بيانات الدكتور خالد ذكريا مستشار وزيرة التخطيط. . ولكن هل نتوقع أن تتحسن الأحوال وتتقارب الفجوات بينما أعلي نسبة من الاستثمارات تتجه نحو رصف الطرق، والأقل علي الإطلاق يتوجه لاستهداف القري الأكثر فقرا؟ وهل يمكن أن نراهن علي المستقبل بينما المستهدف تحقيقه من نمو اقتصادي في العام الحالي يعتمد بنسبة أكبر علي الأنشطة العقارية بدرجه تفوق الصناعة والزراعة. والأخيرتان هما الأكثر قدرة علي التشغيل؟. أتمني أن يخيب الله ظني وينتصر أصحاب 2030 لإستراتيجيتهم. وتنخفض فجوة الفقر بين مواطني الساحل الشمالي، وكوم أبو حجر بأسيوط بعد 13 عاما من الآن.