مرت الأعوام وجاءت الاحتفالات بيوم افريقيا2010 شديدة الاختلاف فقد اختفت الجماهير المتحمسة للحرية والاستقلال ولحركات التحرر وانزوي الأمل بكافة دول القارة, وظهرت البطالة وقد احاطت بأفارقة يعلو الغضب ووهن الفقر وجوههم وهم يهتفون محتجين علي الأوضاع المعيشية والسياسية في بلادهم.. انهم في حاجة لفرصة عمل آمنة تكفل لهم الحياة وتقيهم البطالة والتسول والموت فقرا. فمن شوارع ابوجا ولاجوس واكرا وكمبالا واديس ابابا ولواندا ونيروبي توحدت مطالب الجماهير.. فرصة عمل ملائمة من اجل حياة افضل. فكل افريقي يدرك ان العثور علي فرصة العمل الكريمة الملائمة الدائمة اصبحت صعبة المنال ان لم تكن ضمن المستحيلات مثل الفيل الأبيض والقرد المتكلم. فعندما ينزل الأفريقي كل صباح الي الشارع فإنه يسير وسط شباب تتراوح اعمارهم بين15 و24 عاما والذين اصبحوا يمثلون6 افراد من بين كل10 يمكن ان يقابلهم في اي مكان بالقارة.وعلي غير المتوقع فإن تلك القوة الشبابية تعاني من البطالة والإحباط. فبالشمال الأفريقي يمكن ان يجد بين كل4 من الشباب القادر علي العمل شابا عاطلا ويختلف الأمر في جنوب القارة حيث تجد شابا عاطلا واحدا بين كل عشرة.ولكن الواقع يقول بأن الأرقام المتفائلة مكانها الأوراق فقط اما الوضع الفعلي فهو شديد الإختلاف. ففي ظل تفشي ظاهرة فرص العمل غير المضمونة وغير الملائمة هناك7 من شباب القارة بين كل10 يعيشون علي اقل من دولارين في اليوم وفق ما اعلنه البنك الدولي ويحصل3 افراد فقط علي راتب او اجر ثابت بين كل10 افراد ممن قهروا الصعاب وحصلوا علي فرصة عمل! وتشير إحصائيات منظمة العمل الدولية الي ان8 علي الأقل من بين كل10 سيدات عاملات يتضررن من فرص العمل غير المضمونة وغير الملائمة حيث لايحصل سوي ربع العاملين فقط علي وظيفة بمرتب او اجر ثابت. وهنا يبرز سؤال رئيسي.. ماهي الطريقة المثلي للتخلص من البطالة وفرص العمل غير الملائمة..وتأتي الإجابة متضمنة في التقرير الإقتصادي عن افريقيا2010 الصادر عن اللجنة الاقتصادية لأفريقيا التابعة للأمم المتحدة ايكا بالتعاون مع الاتحاد الأفريقي. وقد ورد بالتقرير الذي حمل عنوان: تعزيز مستوي مرتفع من النمو المستدام لخفض البطالة في افريقيا ان عناصر استراتيجية توفير فرص العمل علي المدي الطويل في القارة الأفريقية تتطلب تحديد الأهداف من عملية التوظف مع سهولة في القياس والمتابعة وتوفير البيانات عن حالة التوظف بالقدر الذي ييسر من عمليات القياس والمتابعة ووضع الإستراتيجيات وخطط التوظف الناجحة. ونصح التقرير بان توفر الدولة سياسات مفصلة علي مستوي الاقتصاد الجزئي والمستوي القطاعي بهدف التأثير علي حركة العرض والطلب في سوق فرص العمل من خلال تعزيز معدلات النمو المرتفعة والمستدامة وادخال اصلاحات علي سوق العمل. وينادي التقرير بعودة القطاع العام في افريقيا لموقع القيادة وبتبني خطط طويلة الأمد لتنمية وتنويع الاقتصاد استنادا الي توفير فرص كثيفة العمالة.وتشجيع الاستثمار في القطاع الخاص وتنميته واضفاء التنوع عليه خاصة في قطاع التصنيع. ولتوفير المزيد من فرص العمل ذات الأجر المرتفع بالقطاع الإقتصادي الرسمي نصح واضعوالتقرير بزيادة معدلات الاستثمار في القطاعات التي تتسم بالدينامية والإبتعاد عن قطاع الصناعات الإستخراجية والزراعية. وفي محاولة لمساعدة الفقراء نصح الخبراء بتدخل الحكومات لمساعدة الفئات المستهدفة علي تحسين تعليمهم واكتساب مهارات لازمة لسوق العمل بالإضافة للمساعدة في تمكين تلك الفئات من الحصول علي رأس مال واصول انتاجية تتيح لهم فرص عمل ملائمة.بالإضافة لتوفير برامج تعليمية وتدريبية يتم اعدادها لتقدم للمتدربين ما يحتاجه سوق العمل فعليا وهو ما يمكن ان يتم عبر التنسيق مع الشركات والجهات التي ترغب في استيعاب عمالة جديدة. اما فيما يتعلق بالسياسات المالية.. فللتخلص من تراجع الدخل والانتاج والوظائف نصح الخبراء بأن ترفع الحكومات من مستوي الطلب العام بالمزيد من الإنفاق.ويأتي المال اللازم للإنفاق عبر التوسع في برامج التشييد والصيانة التي يتبناها القطاع العام والذي يقدم المال للعاملين المشاركين في مشروعاته الجديدة مما يرفع بدوره من مستوي الإنفاق( فالشركات تنفق علي العاملين وهم بدورهم ينفقون في شراء سلع من الأسواق) فيتحقق نمو الناتج المحلي الإجمالي ليصل الي المستوي الذي كان عليه قبل اندلاع الأزمة.. وهنا يكون الهدف من التوظيف هو منع زيادة مستوي الفقر. وقد ضرب التقرير مثلا بالسياسات المصرية بوصفها احدي الدول الرائدة التي نجحت في الإفلات من الأزمة المالية العالمية حتي اليوم. لقد تحولت البطالة المقرونة بالفقر الي استعمار يحلم الأفارقة بالتخلص منه.. فهم يحلمون باليوم الذي يخرجون فيه الي الشوارع وقد خلت قلوبهم من الخوف والهم.. فقد أشرقت الشمس عليهم وهم يتناولون طعام الإفطار مع اسرهم في منازلهم النظيفة قبل ان يتوجهوا الي اعمالهم بلاخوف من البطالة والفقر.