الابن الوحيد : أبي ترگني في بطن أمي ومن حقي رؤيته ! 61 سنة مرت علي بدء المأساة.. وحتي الآن لم تنجح الاسرة الحزينة حتي مجرد سماع صوت ابنهم ولو مرة واحدة.. بصعوبة شديدة تكلمت ام اشرف.. حفرت المأساة اثارها فوق ملامحها.. هدها الحزن.. لم يعد في عينيها مكان للدموع بعد ان قارب نظرها علي الضياع من فرط البكاء ليل نهار علي ابنها الذي اختفي في لمح البصر دون مبرر.. قالت أم أشرف وهي تقاوم دموعها: مهما تكلمت لا يمكن اصف عذاب السنين اللي مرت علينا من يوم ما اختفي اشرف وهو عريس جديد وطالب بكلية الاداب.. ابني نموذج للشاب الملتزم وليس له أي مشاكل مع أحد أو أي نشاط سياسي.. إلي هذه الحدود وصل الظلم؟ ضابط شرطة يستغل نفوذه وتحولت حياته وحياتنا للجحيم لمجرد انه رفض ان يشتمه بأمه.. توسلت إليه بكل الوسائل ان يرحم ابني ويعيده لنا او حتي يدلنا علي مكانه.. أبداً.. زوجته انكسرت فرحتها بعريسها بعد ايام من الزفاف.. ترملت عليه وهي تبحث معنا عنه.. ابوه اصيب بشلل من الصدمة لم يتحمل.. ومات.. انا فقدت صحتي ونظري.. تخيلوا حتي ابنه الوحيد »احمد« تركه جنين في بطن امه ولم يره حتي الآن.. واصبح احمد في ثانية ثانوي! البداية كانت ليلة شتاء أستأسد فيها الصقيع وفرض سطوته علي الكون.. لا صوت يتردد في شوارع حي دار السلام سوي صوت القرآن والتواشيح التي تسبق صلاة الفجر بقليل في ليلة رمضانية عام 5991.. تذكر اشرف العريس الشاب الذي لم يكمل شهر العسل مع عروسه انه نسي شراء بعض طعام السحور.. ابلغ عروسه أنه سيغيب عنها دقائق ويعود فوراً! لكن الدقائق مرت بل تجاوزت الساعة.. دب القلق في قلب العروس.. فلم يعد علي صلاة الفجر سوي دقائق.. تحدت البرد واطلت من الشرفة.. لكن لا أثر له! استغاثت بوالدي عريسها اللذين يعيشان معها في نفس المنزل.. نزلت الأسرة تمسح شوارع دار السلام.. سألوا كل من يعرفوه عن اشرف حتي استوقفهم احد معارفهم وقال لهم الخبر الصاعقة: اشرف قبض عليه ضابط شرطة من امام المنزل.. لأن هسأله عن منزل شخص.. فأجابه اشرف بأنه لا يعرفه.. شتمه الضابط لكن اشرف رفض الاهانة فنزل افراد القوة من البوكس ونفذوا امر الضابط وقبضوا عليه وانصرفوا! بدأت الأسرة رحلة البحث عن ابنهم طالب الجامعة وبعد ثلاثة أيام عرفوا مكانه بأحد الجهات الامنية المهمة بالمعادي.. وجاءهم الرد علي ألسنة الوسطاء من أهل الخير ان الضابط الذي قبض عليه رفض اخلاء سبيله أو حتي يدلهم علي مكان حجزه.. وظل يماطلهم عدة أسابيع.. عاشت خلالها الاسرة أياما سوداء وهم يطوفون ابواب أمن القاهرة والسجون بحثا عن كلمة أمل تطمئنهم علي نور عيونهم.. كل ما توصلوا اليه بعد رحلة شاقة محفوفة بالدموع والحزن.. أنه محبوس في أحد سجون طرة.. هرولوا الي هناك وكلهم أمل في زيارته.. ووسط محاولاتهم جاءهم أمين شرطة يعرف احد اقاربهم قال لهم.. ان اشرف تم ترحيله إلي سجن وادي النطرون.. تقدمت الاسرة باستغاثات للمسئولين بوزارة الداخلية لانقاذ ابنهم لعدة سنوات متصلة.. في نفس الوقت لم يكفوا عن البحث عنه بشتي الطرق دون جدوي! تعود الام لدموعها وتقول: - اتوجه بندائي للوزير منصور عيسوي.. استحلفه بالله ان يجعل لعذابنا ودمارنا نهاية ويعيد لنا ابني إذا كان حياً.. أو يعرفنا فين جثته إذا كان مات!.. تسكت أم اشرف رغما عنها تنفيذا للوجع الذي استبد بقلبها فجأة.. ويكمل الابن احمد قائلا: - نفسي أشوف ابويا.. مش قادر اصدق ان ابويا عايش ومن لحظة وصولي للدنيا حتي الآن لم آره ولا مرة واحدة.. نفسي اناديه: يا بابا!