أجمع الخبراء الأمنيون والسياسيون أن مصر ستطرح تجربتها مكتملة الأركان في مكافحة الإرهاب عسكريا وفكريا أمام مؤتمر ميونخ للأمن، وأشاروا إلي أن العالم ينظر إلي مصر باعتبارها تجربة عاقلة نجحت في استعادة الاستقرار السياسي والأمني والمجتمعي في وقت تعاني فيه دول بالمنطقة من توغل التنظيمات الإرهابية داخلها واستمرار الفوضي المجتمعية بها، وأكدوا أن مصر سيكون لها دور في نقل تجربتها الناجحة في مكافحة الإرهاب للعالم للاستفادة منها بعد أن ثبتت وجهة النظر المصرية بأن الإرهاب سيطول العديد من الدول في حالة عدم فرض عقوبات رادعة ضد مموليه. أشار اللواء د. محمد الغباري مدير كلية الدفاع الوطني الأسبق أن الرئيس عبد الفتاح السيسي سيعرض خلال مؤتمر ميونخ للأمن تجربة مصر الناجحة في محاربة الإرهاب باعتبارها نموذجا جادا قامت استراتيجياته علي أساس القضاء علي الإرهاب بجميع مراحله الثلاث، فالتجربة المصرية تعد أصلح نموذج لمحاربة الإرهاب ليس عسكريا فقط وإنما فكريا واجتماعيا واقتصاديا، وقال د.الغباري إن مصر نجحت في البداية في القضاء علي التطرف والعنف وهما يمثلان المرحلة الأولي والثانية من خلال الفكر وبمعالجات اجتماعية واقتصادية صحيحة متمثلة في العديد من الركائز علي رأسها تطوير الخطاب الديني بالفصل بين التشدد والوسطية بعلامات بارزة ومحددة، بالإضافة إلي تطوير المناهج لبناء عقل سليم لا ينحاز إلي العنف من خلال التعديل الفكري القائم علي أساس صحيح، وعقد مؤتمرات للشباب توضح أهمية محاربة الإرهاب بالفكر، مشيرا إلي أن مصر كانت لديها رؤية واضحة وهدف استراتيجي لإحداث تنمية شاملة قائم علي محورين الأول القضاء علي البطالة والتي تعد أحد الأعمدة الرئيسية لتنامي ظاهرة الإرهاب والثاني القضاء علي ظاهرة العشوائيات وتوفير حياة وسكن كريم باعتبار أن ذلك يفرض حالة الاستقرار المجتمعي، وبالنسبة للمرحلة الثالثة أشار د.الغباري إلي أنها تتمثل في تهديد حياة المواطنين، وهي المرحلة التي نجحت مصر وباستخدام القوة الرادعة والقتال في أن تحقق انتصارا ونتائج ملموسة علي أرض الوقع في تجفيف منابع الإرهاب، وأكد مدير كلية الدفاع الوطني الأسبق أن مصر سيكون لها دور في نقل تجربتها الناجحة في مكافحة الإرهاب للعالم من خلال مؤتمر ميونخ وستثبت أنها كانت جادة في حربها علي الإرهاب فيما تقاعست دول أخري عن ذلك بل منها من يمول ويدعم التنظيمات الإرهابية لمصالح ضيقة. ومن جانبه أكد العميد خالد عكاشة مدير المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية أن مصر ستعرض للعالم الانتصار الذي حققته علي الإرهاب، وقال إنه منذ عام 2013 وحتي الآن خاضت مصر حربا حقيقية علي الإرهاب علي مختلف التنظيمات والمستويات سواء جماعة الإخوان الإرهابية أو الخلايا التكفيرية المتطرفة التابعة لتنظيمي داعش والقاعدة، موضحا أن مصر كانت لديها استراتيجية متطورة في محاربة الإرهاب والقضاء عليه وتحركت بمفردها معتمدة علي إمكانياتها الذاتية في حين فشلت تحالفات أخري تضم حوالي 40 دولة في حربها ضد تنظيم داعش الإرهابي وهو ما يؤكد أن الدولة المصرية بجميع مؤسساتها كانت قادرة علي العودة بمصر إلي مرحلة الاستقرار والقضاء علي الإرهاب، وجميع المؤشرات والأرقام منذ عام 2013 وحتي الآن تؤكد وبشكل واضخ غير قابل للشك أن مصر انتصرت في حربها علي الإرهاب سواء بعدد العمليات الناجحة لتجفيف منابعه وكذا قطع الاتصالات بين الجماعات الإرهابية المسلحة والجهات الخارجية التي تمدها بالمال والسلاح بالإضافة إلي استعادة الأمن في المناطق التي كانت تشكل تهديدا للأمن سواء في شمال سيناء أو الظهير الصحراوي بالصعيد، وبرز نجاح مصر في مكافحة الإرهاب من خلال العملية الشاملة »سيناء 2018» وتوج هذا النجاح بتراجع مستوي التهديد إلي مستوي آمن، وأشار »عكاشة» إلي أن وجهة نظر مصر كانت صحيحة بالنسبة للتهديد الذي سيشكله الإرهاب للعديد من دول العالم وطرحت تلك الرؤية علي مدار عامين في مجلس الأمن والأمم المتحدة والعديد من المحافل الدولية كان آخرها القمة الإفريقية وأكدت بصراحة ووضوح علي ضرورة فرض حصار دولي ومحاسبة الدول التي تأوي الجماعات الإرهابية وتمدها بالتمويلات لأن بدون ذلك سيظل التهديد مستمر لفترات مقبلة، فالتنظيمات الإرهابية ليست جماعات تطلق النيران وتهدد الأمن فقط بل أن وراءها تقف دول واستخبارات مما يؤكد صحة الرؤية المصرية في ضرورة وجود تكاتف دولي لتجفيف المنابع الداعمة للإرهاب. وشدد اللواء ضياء عبد الهادي خبير الأمن الجنائي علي ضرورة أن تتكاتف جميع الدول وعلي رأسها تلك التي أضيرت من الإرهاب لتبني إصدار قرار أو تشريع يلزم أي دولة تأوي الإرهابيين بتسليم المحكومين عليهم في جرائم إرهابية لدولهم، ومصادرة جميع أموال المدرجين علي قوائم الإرهاب لدي البنوك ومنع انشطتهم التجارية، وإغلاق المنابر الإعلامية التي يبث الإرهابيين منها سمومهم، موضحا أن ذلك القرار إذا نجحت الدول في التوافق عليه سيحقق نتائج ملموسة للقضاء علي الإرهاب الدولي خلال 4 سنوات، وقال عبد الهادي إن مصر حذرت الدول من أن يطالها الإرهاب فالأسباب التي تؤدي لتنامي ظاهرة الإرهاب سواء الفقر والجهل تغيرت بدليل أن الدول المتقدمة والتي تمتلك اقتصاديات قوية طالتها العمليات الإرهابية بصورة كبيرة مؤخرا لذا فمن الضروري أن يلتفت المجتمع الدولي وأن تتحد الدول وتعرض امكانيتها في مكافحة الإرهاب لوضع خطوط دفاعية للتصدي لتلك الظاهرة وإيقاف تناميها. وقال إبراهيم الشهابي مدير مركز الجيل للدراسات السياسية إن العالم ينظر لمصر باعتبارها نموذجا قائدا في محاربة الإرهاب لتحقيقها الاستقرار رغم تواجدها في إقليم يسيطر عليه قدر هائل من الفوضي، موضحا أن مصر لديها رؤية واضحة في كيفية مكافحة الإرهاب ونجحت في تطبيقها وعرضتها في العديد من المحافل الدولية، تلك الرؤية قامت علي إعادة بناء مؤسسات الدولة التي انهارت نتيجة الفوضي، وإقامة نظاما ديمقراطيا سليما يضمن تمثيل لكل الطوائف داخل المجتمع، مع وضع استراتيجيات للمواجهة الفكرية للتنظيمات الإرهابية، فضلا عن النجاح الذي حققته مصر في مواجهة الميليشيات المسلحة بأقل خسائر وأنهي قدرات تلك الجماعات علي النمو والتغلغل خاصة أن المجتمع المصري لم يشكل بيئة حاضنة للإرهاب بقيمة قبول الآخر ورفض الفكر التكفيري، لذا فالعالم ينظر إلي تماسك هذا المجتمع أمام كل المحاولات التي تمت لتفكيكه وزعزعة الاستقرار المجتمعي، فمصر الدولة الوحيدة التي خرجت سريعا من حالة الفوضي التي تعيشها المنطقة، وقال الشهابي إن مصر بالنسبة للعالم تمثل النموذج العاقل لمواجهة الإرهاب وقد ثبت صحة تحذيرات مصر السابقة من خطورة الإرهاب علي المجتمعات ومحاربة الدول ضرب استقرارها للحصول علي نفوذ جيوسياسي فالإرهاب حاليا يطارد دولا كانت تنظر له بعدم اهتمام باعتبار أنه لن يطولها، فضلا عن ثبوت عدم صحة وجهات النظر الأمنية في أوروبا والقائمة علي أن الميليشيات ستدمر نفسها في منطقة بعيدة إلا أن تلك النظرية لم تتحقق بدليل امتداد تأثير الجماعات الإرهابية داخل أوروبا حتي في أكثر الدول التي تتباهي بقدراتها الأمنية.