ماذا بعد ان قضت محكمة القضاء الاداري بإلزام مجلس الوزراء بحل كل المجالس الشعبية المحلية؟ هل لابد من اجراء انتخابات لاختيار المجالس الجديدة خلال 06 يوما من صدور قرار الحل طبقا لما ينص عليه قانون المحليات الذي لابد من تغييره؟ ام ننتظر ليتم إعداد قانون جديد للمحليات من خلال البرلمان الجديد المنتخب؟ واذا تم ذلك من سيقوم بعمل المجالس المحلية خلال هذه الفترة؟ كل هذه الاسئلة طرحناها علي رجال القضاء واساتذة القانون والادارة.. ووزير التنمية المحلية.. لاشك أن حكم محكمة القضاء الإداري الذي يقضي بإلزام مجلس الوزراء بحل المجالس الشعبية المحلية القائمة علي مستوي الجمهورية في جميع الوحدات الإدارية يرتب آثارا قانونية متعددة. في الوقت الذي يثير عدة اشكالات أخري تتعلق بتنفيذه مع وجود قانون الإدارة المحلية. كيف نحترم الحكم القضائي ونقوم بحل المجالس وفي نفس الوقت نحترم أحكام القانون وننفذها؟ هذا ما يجيب عليه رجال القضاء والخبراء في الإدارة المحلية. بداية يقول مصدر وثيق الصلة بوزارة التنمية المحلية: ليس أمامنا الآن إلا التعامل مع الواقع واحترام الحكم القضائي وتنفيذه وهو ما اعلنه رئيس الوزراء والوزير المختص. ومعني ذلك أن تتم دراسات مستفيضة ضرورية وسريعة لاصدار قرار حل هذه المجالس بعد دراسة جميع الأبعاد المحيطة به وأولها الأبعاد القانونية التي تلزم بتعديل قانون نظام الإدارة المحلية ليتوافق مع العصر الذي نعيشه بعد الثورة من نواحيه السياسية والاقتصادية والاجتماعية. ونطبق اللامركزية بما يحقق خدمة المجتمع مع ضرورة تعديل الباب الذي يتناوله عن المجالس الشعبية المحلية. وهنا علينا أن ننتبه إلي أن القانون أعطي لهذه المجالس دورا رقابيا علي جميع الوحدات المحلية من مستوي القرية إلي المحافظة فعلينا تعيين البديل الذي يتولي هذه الرقابة في الفترة ما بين حل المجالس وإعادة انتخاب اعضائها الجدد. كما أنه لابد أن يتم توضيح ماهية الشروط التي يجب توافرها في أعضاء المجالس الجديدة لتحقق المستقبل المنشود للوحدات بروح ثورة 52 يناير وأيضا لابد من دراسة الأسباب التي ذكرها الحكم لفساد غالبية عناصر هذه المجالس لنتلاشاها في الانتخابات المقبلة ونضمن أن تكون الاختيارات بعيدة عن العصبيات والقبلية والتفاف الأعضاء السابقين ليدخلوا المجالس الجديدة. وعلينا أيضا أن نحدد قطعيا في ظل ظروفنا السياسية متي سيكون تشكيل هذه المجالس قبل الانتخابات البرلمانية أو بعدها. وقبل وضع الدستور أو بعده. قانون جديد المستشار عدلي حسين الذي تولي مناصب محافظ عدة أقاليم يري أن الحكم تغاضي عن مادة قانون الإدارة المحلية التي لا تجيز حل المجالس الشعبية المحلية باجراء شامل، ويري أن حكم القضاء الإداري بحل جميع المجالس في جميع الوحدات المحلية بالجمهورية استند لأمور أخري لم يذكرها القانون كأسباب للحل، واتبع عدة تفسيرات أوصلته للمنطوق الذي فرضه. وطبقا للقانون كما يقول فإن الحل يجب أن يكون من مجلس الوزراء وليس من رئيس الوزراء منفردا. وفي هذه الحالة فهو يري أن هذا المجلس عليه إعداد مشروع قانون يعرضه علي المجلس الأعلي للقوات المسلحة الذي يتولي إدارة البلاد لاعتماده واصداره. ويتضمن مواد هذا القانون الموافقة علي تنفيذ حكم الحل، وتحديد موعد الانتخابات التي ستأتي بمجالس محلية شعبية جديدة حتي لا نكون ملزمين بالنص في القانون الحالي بمدة 06 يوما.. ومن الاوفق أن يكون موعد هذه الانتخابات المحلية بعد صدور الدستور الدائم الجديد لنعرف نصوصه الخاصة بالمحليات، كما أنها يجب أن تكون بعد الانتخابات البرلمانية والرئاسية حتي لا يحدث تعارض وأيضا لكي يكون الشباب قد أعدوا عدتهم لخوض هذه الانتخابات. ويقول إن مواد القانون المقترح عليها أيضا ان تعدل المواد المتعلقة بحل المجالس المحلية وموعد الانتخابات الجديدة في القانون الحالي ليكتب هذا الحل المذكور شرعية قانونية ولا يكون هناك مجال للطعن علي الحكم ونتلافي شبهة بطلانه. لأن الحكومة التزمت بتنفيذ الحكم باعتبارها حكومة الثورة أما أعضاء المجالس الشعبية المحكوم بحلها فيمكن لأي منهم الطعن كصاحب مصلحة مباشرة وإذا حدث ذلك فستكون هناك ارتباكات قانونية وعراقيل قد تؤدي إلي اجهاض نتائج هذا الحكم. وأخيرا يري المستشار عدلي حسين أن مواد القانون المقترح عليها أن تحدد لجنة شعبية تكون بجوار المحافظ أو رئيس الوحدة المحلية كبديل في الرقابة للمجلس الشعبي المحلي خلال الفترة الانتقالية ويمكن الاسترشاد بنص مادة قانون الإدارة المحلية الحالي الذي ينص علي تعيين مجلس مؤقت ويمكن في الوقت الراهن أن يعينه وزير التنمية المحلية باقتراح من المحافظ المختص. شرعية الثورة أما الفقيه القانوني المستشار د.محمد عطية النائب الأول لرئيس مجلس الدولة فيقول إنه بمطالعة حيثيات الحكم نجد أنه ذكر عدم جواز الاحتجاج بمادة قانون الإدارة المحلية التي تحظر حل المجالس الشعبية المحلية باجراء شامل أي الحل الجماعي لجميع هذه المجالس وهو ما تم بهذا الحكم الذي يستند في أسبابه علي شرعية ثورة 52 يناير التي اسقطت النظام السابق وانهارت بقيامها أدواته ورموزه. ومن هنا فإن هذه المادة لا تؤثر علي الحكم لانها تقصد أن هذا الحظر مقصود به الظروف العادية التي يجوز فيها الحل ولا ينطبق علي الظروف والأحوال الاستثنائية التي تمر بها البلاد الآن. ولذلك فإن الحل الذي تم بهذا الحكم غير منصوص عليه في القانون الذي نعرف فقها أنه يعالج أوضاعا عادية دون التطرق إلي ظروف استثنائية، ومن هنا فإن موعد انتخابات مجالس شعبية جديدة يكون مرتبطا بصدور قرار الحل من مجلس الوزراء تنفيذا للحكم الذي يجب أن يحدد موعد هذه الانتخابات. ونحن نري أن مجلس الوزراء عليه أن يحدد هذا الموعد علي حسب ظروف الوطن وأوضاعه دون التقيد بموعد الستين يوما. وعليه أن يختار الموعد الذي يكون مريحا للجميع وغير مضغوط بانتخابات أخري ونري أنه يكون مناسبا بعد اصدار الدستور الدائم الذي سينص علي نظم سلطات الدولة وسيتناول بالطبع السلطات الشعبية المنتخبة.