نعم سعدت جدا لحكم محكمة القضاء الإداري بحل المجالس المحلية التي كانت تضم مايقرب من 60 الف عضو علي مستوي الجمهورية لأنها فقدت شرعيتها بعد ثورة 25 يناير، ولم تكن معبرة في يوم ما عن إرادة الناس في الشارع بقدر ماكانت تمثل حلقة هامة من حلقات الفساد السياسي بالمحافظات ، وكان 99٪ من أعضائها من الحزب الوطني المنحل ، وغلب علي عملها لغة المصالح ، وكان إختيار الأعضاء فيها أشبه مايكون بالتعيين وليس بالإنتخاب ، لقد أحرق هذا الحكم الورقة الأخيرة التي كانت قيادات الحزب الوطني المنحل تلعب بها للإستمرار في الحياة السياسية والحزبية دون رغبة من الشعب ، ولوكانوا قد إستمروا في أماكنهم لقاموا بكل السبل بتزوير إنتخابات مجلسي الشعب والشوري المقبلة لصالح مصالحهم. وهذا ما أكد عليه أيضا منطوق حكم القضاء لكن هذا الحكم قد يستغله البعض ليدخلنا في دائرة مفرغة مثل دائرة الجدل التي تدور الآن حول هل يكون الدستور الدائم أولا أم الإنتخابات البرلمانية أولا ؟ مع أن التعديلات الدستورية قد حسمتها وإستفتي عليها الشعب وأقر بأن تكون الإنتخابات أولا لكن البعض كما أقول قد يخرج علينا ويقول: إذا كانت هذه المجالس المحلية كلها بهذا السوء فلماذا سكتت عليها الحكومة حتي الآن ولم تقم بحلها بعد قيام الثورة وحل الحزب الوطني ؟ كما سيقول آخر : إن قانون المحليات الحالي ينص علي ضرورة إجراء إنتخابات جديدة للمجالس المحلية خلال 60 يوما من تاريخ حل المجالس السابقة فهل أنتم مستعدون لذلك الآن00 ومتي يكون ذلك خاصة وأن الإنتخابات البرلمانية علي الأبواب ؟ وكيف سيتم إجراء هذه الإنتخابات قبل أن يتم تعديل قانون المحليات الحالي؟ ومن الذي سيعدله؟ ومتي يمكنه أن يفعل ذلك؟ البعض الآخر يقول أن الأفضل هو أن تمتنع الحكومة عن تنفيذ الحكم حتي يتم الطعن عليه؟. أما وزير التنمية المحلية اللواء محسن النعماني فيؤكد هو الآخر من جانبه أن حل المجالس المحلية دون وجود بديل سريع سيؤدي إلي حدوث شلل تام في جميع الخدمات المقدمة للمواطنين ، لكن أساتذة القانون وفي مقدمتهم د. أنور رسلان عميد حقوق القاهرة الأسبق يرون أن حل المجالس المحلية بعد صدور حكم القضاء أصبح ضرورة لأن من سيمتنع عن تنفيذ الحكم سيعرض نفسه للحبس لمدة سته أشهر والعزل من الوظيفة وليس أمام الحكومة أو المجلس العسكري حل آخر. وعلي المتضرر أن يلجأ للطعن أمام القضاء وإن كان لن يحصل علي شيء من طعنه لأن كل ماتم هو أن الحكومة إلتزمت بتنفيذ الحكم القضائي بحل المجالس المحلية.. ولأننا في حالة ضرورة وفي حالة ثورة يمكن للمجلس العسكري الأعلي للقوات المسلحة أن يعدل المادة التي تنص في قانون المحليات رقم 43لسنة 1979 علي ضرورة إجراء الإنتخابات خلال ستين يوما من تاريخ الحل للمجالس القديمة لأنه يستحيل إجراؤها حاليا حيث سيكون عندنا خلال الشهور القليلة القادمة " مولد " إنتخابات من نوع خاص منها إنتخابات مجلسي الشعب والشوري في شهر سبتمبر القادم ثم تشكيل لجنة تأسيسية لوضع دستور دائم ثم إستفتاء علي الدستور ثم إنتخابات رئيس الجمهورية. ولهذا لسنا في حل من تأجيل إنتخابات المجالس المحلية حتي يعد لها البرلمان الجديد المنتخب قانونا جديدا يتمشي مع مستقبل مصر الثورة في السنوات القادمة ، وإلا سنفاجأ في حالة العجلة بمجالس محلية أسوأ من التي تم حلها بحكم القضاء.